هل للعبد الضعيف أن يقول للشيء كن فيكون ؟ ::: استشكال من مجموع الفتاوى لابن تيمية
يا شيخ أحسن الله إليك
قرأت في مجموع فتاوى شيخ الإسلام رحمه الله ما أبهم علي فهمه:
{ وَرُبَّ أَشْعَثَ أَغْبَرَ مَدْفُوعٍ بِالْأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ } وَهَذَا عَامٌّ فِي كُلِّ الْأَشْيَاءِ وَجَاءَ تَفْسِيرُ ذَلِكَ فِي آثَارٍ : إنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُزِيلَ جَبَلًا أَوْ الْجِبَالَ عَنْ أَمَاكِنِهَا لَأَزَالَهَا وَأَنْ لَا يُقِيمَ الْقِيَامَةَ لَمَا أَقَامَهَا وَهَذَا مُبَالَغَةٌ . وَلَا يُقَالُ : إنَّ ذَلِكَ يُفَضَّلُ بِقُوَّةِ خُلِقَتْ فِيهِ وَهَذَا بِدَعْوَةِ يَدْعُوهَا لِأَنَّهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ يُؤَوَّلَانِ إلَى وَاحِدٍ هُوَ مَقْصُودُ الْقُدْرَةِ وَمَطْلُوبُ الْقُوَّةِ وَمَا مِنْأَجْلِهِ يُفَضَّلُ الْقَوِيُّ عَلَى الضَّعِيفِ . ثُمَّ هَبْ أَنَّ هَذَا فِي الدُّنْيَا فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ فِي الْآخِرَةِ ؟ وَقَدْ جَاءَ فِي الْأَثَرِ : " { يَا عَبْدِي أَنَا أَقُولُ لِلشَّيْءِ كُنْ فَيَكُونُ أَطِعْنِي أَجْعَلْك تَقُولُ لِلشَّيْءِ كُنْ فَيَكُونُ يَا عَبْدِي أَنَا الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ أَطِعْنِي أَجْعَلْك حَيًّا لَا تَمُوتُ } " وَفِي أَثَرٍ : " { إنَّ الْمُؤْمِنَ تَأْتِيهِ التُّحَفُ مِنْ اللَّهِ : مَنْ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ إلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ } " فَهَذِهِ غَايَةٌ لَيْسَ وَرَاءَهَا مَرْمَى كَيْفَ لَا وَهُوَ بِاَللَّهِ يَسْمَعُ وَبِهِ يُبْصِرُ وَبِهِ يَبْطِشُ وَبِهِ يَمْشِي ؟ فَلَا يَقُومُ لِقُوَّتِهِ قُوَّةٌ . وَأَمَّا الطَّهَارَةُ وَالنَّزَاهَةُ وَالتَّقْدِيسُ وَالْبَرَاءَةُ عَنْ النَّقَائِصِ والمعائب وَالطَّاعَةُ التَّامَّةُ الْخَاصَّةُ لِلَّهِ الَّتِي لَيْسَ مَعَهَا مَعْصِيَةٌ وَلَا سَهْوٌ وَلَا غَفْلَةٌ وَإِنَّمَا أَفْعَالُهُمْ وَأَقْوَالُهُمْ عَلَى وَفْقِ الْأَمْرِ فَقَدْ قَالَ قَائِلٌ مِنْ أَيْنَ لِلْبَشَرِ هَذِهِ الصِّفَاتِ ؟
فهل يصح هذا الأثر فظاهر المعنى أنه شرك بالله فكيف للعبد الضعيف أن يقول للشيء كن فيكون وهذا إنما يكون لله وحده وقد أنزل الله على نبيه عليه السلام: { قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا } وما توجيه استدلال شيخ الإسلام به وقد عرف عن شيخ الإسلام التحقيق والتدقيق في الآثار بارك الله فيكم.
|