|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() القول بإباحة تحديد النسل مخالف للشريعة والفطرة ومصالح الأمة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه، أما بعد: فقد نشرت بعض الصحف المحلية منذ أمد قريب خبراً مفاده أن فضيلة المفتي العام في الأردن قد أفتى بإباحة تحديد النسل، وأن الحكومة إذا قررته لزم العمل به، واشتهر هذا الخبر بين الناس وصار حديث المجالس لاستغرابه واستنكار المسلمين له، ومن أجل ذلك كثر السؤال عن حكم هذه المسألة وهل هذه الفتوى صواب أم خطأ؟ فرأيت أن من الواجب على أمثالي بيان ما يدل عليه شرع الله عز وجل في هذه المسألة فأقول:
اعلم أيها القارئ وفقني الله وإياك لإصابة الحق أني اطلعت على الفتوى المذكورة، وتأملت ما اعتمد عليه فضيلة المفتي العام في الأردن في إصداره هذه الفتوى المشتملة على القول بإباحة تحديد النسل، وأن الحكومة إذا قررته كان العمل به لازماً، فألفيته قد ركز فتواه على قوله عز وجل: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ[1]،وعلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء))، وعلى الأحاديث الدالة على إباحة العزل هذه أدلة المفتي التي اعتمد عليها في هذه الفتوى العظيمة. وهناك أمر آخر مهد به الفتوى وهو قوله بالحرف الواحد في أول الفتوى: (لقد عظمت مخاوف العالم من تزايد السكان في كل مكان، وصار الخبراء يعدون ذلك منذراً له بالويل والثبور وعظائم الأمور)، ثم قال في آخر الفتوى ما نصه: (إذا قررت الحكومة هذا فإن العمل به يكون لازماً؛ لأن من المتفق عليه أن ولي الأمر إذا أخذ بقول ضعيف يكون حتماً) انتهى المقصود من كلام المفتي. وكل من تأمل ما اعتمده المفتي في هذه الفتوى من ذوي العلم والبصيرة يعلم أنه أبعد النجعة وخالف الصواب، ورمى في غير مرمى، وتحقق بأن ما ذكره من الأدلة لا يدل على ما ذهب إليه بوجهٍ من الوجوه، بل هي في جانب والفتوى في جانب آخر كما قال الشاعر: سارت مشرقةً وسرت مغرباً شتان بين مشرق ومغربِ قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير هاتين الآيتين ما نصه: (هذا أمر بالتزويج وقد ذهب طائفة من العلماء إلى وجوبه على كل من قدر، واحتجوا بظاهر قوله عليه الصلاة والسلام: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)) أخرجاه في الصحيحين من حديث ابن مسعود وقد جاء في السنن من غير وجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تزوجوا الولود تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة))،وفي رواية: ((حتى بالسقط))،والأيامى جمع أيم، ويقال ذلك للمرأة التي لا زوج لها، وللرجل الذي لا زوجة له، وسواء كان قد تزوج ثم فارق أو لم يتزوج واحد منهما حكاه الجوهري عن أهل اللغة، يقال: رجل أيم وامرأة أيم، وقوله تعالى: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ..[5]الآية، قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما رغبهم الله في التزويج وأمر به الأحرار والعبيد ووعدهم عليه الغنى، فقال: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ[6]،وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا محمود بن خالد الأزرق حدثنا عمر بن عبد الواحد عن سعيد يعني ابن عبد العزيز قال بلغني أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: (أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى)،قال تعالى: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ رواه ابن جرير وذكر البغوي عن عمر نحوه. وعن الليث عن محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ثلاثة حق على الله عونهم: الناكح يريد العفاف، والمكاتب يريد الأداء، والغازي في سبيل الله)) رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه. وقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل الذي لم يجد عليه إلا إزاره ولم يقدر على خاتم من حديد، ومع هذا فزوجه بتلك المرأة وجعل صداقها على أن يعلمها ما معه من القرآن، والمعهود من كرم الله تعالى ولطفه أن يرزقه ما فيه كفاية لها وله، وأما ما يورده كثير من الناس على أنه حديث: (تزوجوا فقراء يغنكم الله) فلا أصل له ولم أره بإسناد قوي ولا ضعيف إلى الآن، وفي القرآن غنية عنه وكذا هذه الأحاديث التي أوردناها ولله الحمد والمنة. |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|