|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
[خطبة] أخلاق الطبيب المسلم- خطبة لسماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ
أخلاق الطبيب المسلم - خطبة لسماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ أما بعد: فيا أيها الناسُ، اتقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى. عبادَ الله، من المعلوم عند الجميع شرفُ مهنة الطبِّ ونُبلُها، وأنّ الطبيبَ مؤتمنٌ على النفوس البشرية، كما هو مؤتمنٌ على أسرارِ المريض وأعراضِها؛ فإذا تصوَّرَ الطبيبُ المسلمُ وعرف قدرَ مهنته، وعظيمَ شرفِها، تصرَّفَ بما يليقُ بهذا العلم ومكانته، واتصف بكلِّ خُلُقٍ حميد، يتفقُ مع الشرفِ الرفيعِ لهذه المهنة، ونأى بنفسه عن كلِّ خُلُقٍ سيِّءٍ، وإذا كان دينُ الإسلام يدعو المسلمَ إلى الأخلاقِ الكريمةِ، وإتقانِ العملِ فلا شك أنّ الطبيبَ المسلمَ مطالبٌ بهذا قبل غيره. أيُّها المسلمُون، وعندما يتأملُ المسلمُ كتابَ الله تعالى، وسنةَ نبيه، يجدُ أنّ هذه المهنةَ ألشريفةَ، قد اعتنى بها الشرعُ أيَّمـَا اعتناء، ورغَّبَ فيها أيَّمـَا ترغيب، ولكن على الطبيب المسلم أن يتصف بالأخلاق الكريمة التي تدلُّ على إخلاصه وصدقه في عمله. فأوّلاً وقبلَ كلِّ شيء: الإخلاص لله في العمل؛ فإنّ المسلمَ من مميزاته إخلاصه لله في أعماله إذ الإخلاص يدلُّه على كلِّ خير، ويعينه على كل خير؛ فيستشعرُ عبوديتَه لله، (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ)، ويقول : "إنما الأعمال بنيات وإنما لكل أمريء ما نوى"، ويستحضرُ مراقبةَ اللهِ له، في كلِّ صغيرة وكبيرة، عندما يتصِّفُ المسلمُ بالإخلاص في أعماله؛ فإن ذلك دليلٌ بتوفيق من الله على نجاحه في عمله وييسِّرُ اللهُ له أمرَه، ويجعلُ على يديه الخيرَ الكثيرَ. ولا بد للطبيب المسلم أن يكونَ مؤهلاً علميًّا؛ فلا يُزاوِلُ هذه المهنةَ جاهلاً بها، وغيرَ عالم بها، بل لابُدَّ أن يكونَ مؤهلا علميا بشهادات معتبرةٍ من جهاتٍ معينة لها اختصاصٌ بهذا الشأن. أجمع فقهاءُ المسلمين على منع الطبيبِ الجاهلِ، الذي لا علمَ عنده به، وأن تَطَـبُّبَه خطأُ وخطرٌ، على الفرد والجماعة، قال الإمام أحمد بن حنبل –رحمه الله- من تتطببَّ وهو لا يَحذِقُ الطبَّ؛ فإنّ تصرُّفَه حرامٌ وعمله حرامٌ ومكسبُه حرامٌ لأنه تتطببا وهو لا يحسن، و يُؤدِّي ذلك إلى ضرر الأنفس وإتلافها. وقد قال فقهاء المسلين إن من تَطَـبَّبَ بلا علم يضمن الضَّرَرَ والتَّلَفَ، وفي حديث عنه صلى الله عليه وسلم: "من تطبب ولم يعلم منه طبٌّ قبل ذلك؛ فهو ضامن". ولابد للطبيب المسلم أن يكون ملتزما بأصول الطبِّ، التي دَرَسَها وعَرَفَها ووعاها، فلا ينحرفُ عنها لمصالحَ ماديةٍ، ولكن يثبتُ على موقفِه الذي هو مقتنع به والذي تلقاه ومارسه، حتى يكون صادقا في مهنته، ولابد له أيضا من التزام الصدقِ في أحواله كلِّها؛ فالصدقُ خلقُ المسلمِ دائما (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)، والنبيُّ يقول: "عليكم بالصدق فإنّ الصدقً يهدي إلى البِرِّ وإن البِرَّ يهدي إلى الجنة، ولا يَزالُ الرجلُ يصدُقُ، ويَتَحَرَّى الصدقَ، حتى يُكتَبَ عند الله صِدِّيقا". صدقُ الطبيبِ المسلمِ، ليس بمجرَّدَ كلامٍ، ولكنْ صدقٌ في نيته، وصدقٌ في تَعَلُّمِه، وصدق في ممارسة لمهنته، وصدقٌ في بحوثه التي يُعِدُّها، وصدقٌ في تعامله مع المرضى؛ فإن التعاملَ مع المرضى يحتاج إلى شجاعةٍ كبيرةٍ، ويحتاج إلى نزاهةٍ عالية، فكم من طبيبٍ لا يصدقُ المريضَ في أموره، تجدُه يطلبُ منه فحوصاتٍ إضافية، قد يكونُ غيرَ محتاج إليها، ولكن لأجل الطمعِ المادِّي، يقنعُ المريضَ الذي يطيعُه فيما يقولُ فيُقنِعُه بفحوصاتٍ إضافيةٍ غيرَ الماضية؛ لأجل الاكتسابِ المادِّي، أو ربمَّا عَرَضَ عليه علاج ذا تكلفةٍ لمرض أقل من ذلك، لكن لأجل المصالح المادية، وهذا ينافي الصدقَ في العمل؛ فإن الصدقَ خُلُقُ المسلم أين كان؛ فعلى المسلم أن يتصف به دائما، وعلى الطبيب المسلمِ أن يكونَ ذا أمانةٍ؛ فالأمانةُ من أخلاق المسلمين، "ولا دينَ لمن لا أمانةَ له"، والله -جل وعلا- يُرَغِبُّنا في الأمانة فيقولُ: (وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)، فالمؤمنون مراعون لأماناتهم، حقَّ الرعاية، ويقول صلى الله عليه وسلم: "أدِّ الأمانةَ إلى من اِئْتَمَنَك، ولا تَـخُن مَنْ خَانَكَ"؛ فإذا نُهِينا عن خيانة من خاننا؛ فكيف بخيانة من اِئْتَمَنَنَا؟ فالطبيبُ المسلمُ، إن استُشيرَ في أمر، أشارَ بما يعلمُ براءةَ ذِمَّتِه به، وإن صدَّقَه الآتي إليه، عاملَه بالصدق؛ فلن تكن أقواله مخالفة لأعماله، فيكونُ مؤتـَمَنا على صحة المريض، وأسرار مرضه، فيكون مؤتمنا على تشخيص المرض، مؤتمنا على تقديم العلاج، الذي يراه مناسبا؛ فلا يُحَمِّلُ المريضَ ما لا طاقةَ له به. ولابد للطبيب المسلم أن يكون ذا تواضع لربه، ثم لعباده، فالتواضعُ خلقُ المسلم، يمكن من خلال هذا التواضع تفاهم المرضى معه، على اختلافِ طبقاتِهم؛ فلا يكون متعالِيًا عليهم، و لا ينظرُ إلى البعض بالنظرةً الدنيئةً، وإنما ينظرُ إلى الجميع بنظرةٍ واحدةٍ، تواضعا منه، تواضعٌ للكلِّ، على اختلاف منازلهم، وطبقاتهم الاجتماعيةِ، والعلميةِ، والماديَّةِ، فإن نظرَهُ للفقير المُعْوِزِ، واعتناءَه به، واهتمامَه به، دليلٌ على صدقه، وتواضعِه، والنبيُّ يقول: "لا يدخلُ الجنةَ من في قلبه مثقالُ ذرَّةٍ من كبر" ، ويقول صلى الله عليه وسلم: "بحسب امرئٍ من الشرِّ أن يحقرَ أخاه المسلمَ"؛ فالطبيبُ المسلمُ ذا تواضع مع المرضى، على اختلاف أحوالهم المادية، والاجتماعية، والعلمية، بل يحملُ روحَ التواضع، التي يستطيعُ المريض من خلالها، أن يتفاهمَ معه، وأن يسمعَ قولَه، فتواضُعه يجعلُه يسمع ما لدى المريض تفَهُّمًا طيِّبا؛ فيكون هذا دليلا على الصدق والتواضع الحق. أيُّها المسلمُون، ولابدّ للطبيب المسلم من أن يكونَ مُتَخَلِّقًا بالصبر في أحواله كلِّها، فإنّ من يُباشرُ حالَ الناسِ، وخدماتِ الناس؛ لابدَّ أن يواجهَ أمورًا، قد لا يكون يشعرُ بها، أو لا يدركُها، أو لا يظن أنها تقع؛ فربما واجه من فيه عجلةٍ في أموره كلِّها غيرَ صبور، ولابد أن يواجه سريعَ الغضبِ، ولابد أن يواجهَ أيضا من لا يتحمَّلُ المرضَ، أو لا يتحمل الانتظار؛ ف يعاملَ الجميعَ بالصبر، ولا يَحملُه ما يَسمعُه من بعض المتأثرين بالأَمراض، من كلماتٍ، قد يقولها لعدم صبر، أو لِضَجَرٍ، أن يقابلَه بالمثل؛ فيُقصِّرَ في علاجه، أو لا يعالجه، بل عليه أن يصبر ويَتلَقَّى ذالك بصدرٍ رَحْب، وفي الحديث: "من يّتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ"، فالصبر في هذه المواقف، دليلٌ على التواضع والصدق والإخلاص. ولابد لهذا الطبيب المسلم، من أن يكونَ متخلِّقا بالرفقِ، والعطفِ، والرحمةِ على المرضى، و مخاطبته بكل خطاب سيء، لا يتقزَّزَ من حالة المرض ولا مما يرى عليه من بعض آثار المرض، بل يعامله برفقِ وعطف، ولين، وإذا أتاه مريضٌ ولو في آخر مواعيد العمل، لم يردَّهُ خائبا، بل صبر معه حتى يحقِّقَ له المقصودَ؛ هذا هو المطلوبُ من الطبيب المسلمِ، الذي يخافُ اللهَ ويتقِّيه. ولابد من إنصاف وعدل، والعدل والإنصاف أخلاقٌ يحبها الإسلام؛ فلا إفراطَ ولا تفريطَ، (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً)، فينظرُ إلى المرضى نظرا واحدا، ولا يقدم ذا على ذا، وإنما ينظر إليهم نظرةَ المحِّبِ لنفعهم، الساعي في علاجهم، ويقدرهم جميعا، ولا يقدم أحدا دون أحد، إلا بحقٍّ يعلمه، ولا يكون هناك هوى، ولا تصرفاتٍ سيئةٍ. ولابد للطبيب المسلم أن يترفعَ عن الدَنَايَا في المعاملات، والأقوال؛ فيكونَ عفيفَ في لسانه غاضا لبصره، بعيدا عن كل شبهة، وبعيدا عن كل ما يسيء إلى أخلاقه ودينه، مترفعا عن الرذائل حريصا على الأمانة، حافظا لعرضه، صائنا لبصره، كافا لفرجه، هكذا الطبيب المسلم الذي ربما يَمُرُّ به أنواع من الأمراض والأشخاص؛ فيكون ذا عفة في القول والعمل، لا يتكلم بقول فارغ، ولا يقول قولا سيئا، ولا يخدع من ينظر إليه، بل هو مترفع بشرف علمه، عن كل هذه الرذائل. ولابد أن يكون أيضا ملتزما بالوعود التي يعطيها للمراجعين، حتى يكون صادقا في وعده؛ لأن إخلافَ الوعد ليس من أخلاق المسلمين، إخلاف الوعد من أخلاق المنافقين، والوفاء بالعهود من أخلاق المسلمين، ولابد أن يكون الطبيب المسلم كاتما لأسرار المرضى، وغير ناشرِ لأمورهم؛ فكم من مريض، لا يحب أن يطًّلِعَ على سرِّه، ولا على أحواله إلا الطبيبُ لأجل الحاجةِ؛ فكشف أسرارهم لا يليقُ بالطبيب المسلم، إلا إذا دعت حاجةٌ ماسةٌ إلى ذلك. فالطبيب المسلم كلَّما تَخَلَّقَ بهذه الأخلاقِ الكريمةِ واتقي اللهَ في أموره؛ فإن ذلك شرفٌ له في الدنيا والآخرة، إن كلَّ علم ينفع الأمةَ، ويعود عليهم بالمنفعة في حاضرهم ومستقبلهم؛ فالإسلامُ يدعو إليه، ويرَغِّبُ فيه، ويَحُثُّ عليه، ويدعو المسلم إلى أن يكون عضوا صالحا في مجتمعه بأي علم من العلوم النافعة، لاسيما إن اقترن بها إخلاصٌ لله، وقصد للخير وإرادة للخير؛ فالمسلم مثابٌ على كلِّ أعماله التي يقصدُ بها وجهَ الله والداَر الآخرةَ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً). بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، واستغفر الله العظيم الجليل، لي ولكم، ولسائر المسلمين، من كل ذنب؛ فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية: الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله؛ فلا مضل له، ومن يضلل؛ فلا هادي له، وأِشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا، إلى يوم الدين. أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى. عبادَ الله، مهنةُ الطب مهنةٌ شريفةٌ، ومهنة ٌلها شرفُها وفضلُها، ومكانتُها، ولكن للأسف الشديد، إذا تحَوَّلَت تلك المهنةُ إلى مهنةٍ تجاريةٍ، وإلى مزايداتٍ تجاريةِ؛ فَقَدَت أهميتها، وفقدت شأنَها الكبير، إننا ننظرُ الآن، أن هذه الأعمالَ الطِبِيَّةَ تَتَحَوَّلُ إلى مراكزَ تجاريةٍ محضةٍ، المقصودُ بها الثراءُ ممن يقيمُ تلك المراكزَ والمستشفياتِ، المقصودُ منها الربحُ الزائدُ، والثروةُ الزائدةُ، على حساب فقير، ومستحقٍ وعانسٍ، ترى هذه المراكزَ التجاريةَ التنافسُ بينها يُفقدها أهميَّتَها، من ذلك رُبَّما جُلِبَ أطباءُ مدَّعون الطبَّ وليس بأهل لذالك، شهاداتٌ مزوَّرةٌ وخِبراتٌ غيرُ واقعةٍ، والنتيجةُ أن يتضرَّرَ هذا، ويفشلَ هذا في طبِّه. نجدُ كثيرا من هذه المراكز، التي شُيِّدت ببناء راقٍ جدَّا، ما المراد منها؟ يشيِّدُها شخصٌ، ويستثمرُها آخرون، فيفرضون على المرضى نسبةً ماليةً رفيعةً، نتيجةً إلى هذا الاستئجار الغالي؛ فتكونُ هذه المراكزُ الطِبِيَّةُ غاليةَ الثمنِ والتكلفةِ، على حسابِ فقدِ الكوادرِ النافعةِ، والمراكزِ البحثيةِ المفيدةِ، ولكنه يحملُ تَبِعَاتِها الفقيرُ الذي لا يستطيع. إنهم يُغرُون بهذه البنايات، وهذه المناظرِ البهيةِ يغرون بذلك المرضى، فيَؤُمُّونَ هذه المراكزَ والمستشفياتِ، والمستوصفات؛ فيجدون فيها الغلاءَ الفاحشَ، ويجدون فيها التكلفةَ الزائدةَ، ويجدون تعاونا بين بعض المراكز وبين بعض الصيدليات الأخرى أن يخصصوهم بإحالة العلاج إليهم دون غيرهم، حتى يتحكموا في ذلك الإنسان، فما كانت قيمته قد يكون في هذه المراكزِ المخصصةِ والصيدليات المخصصةِ يبلغ أربعمائة أو خمسمائة؛ فيُضطَرُّ إليها لأن الطبيب أقنعه أن العلاج موجود في هذا المكان الخاص، في هذه الصيدلية الخاصة، وفي هذه المصحات الخاصة، وربما ضاعفوا عليه التكلفةَ نظرًا لأنهم استأ جروا أماكنَ كبيرةً ومُشَيَّدَةً على الطراز الحديث القوي، بمنظر بهيجٍ، ولكن ما حظُّ هذا المريضِ الذي أُخِذَ منه مالٌ كثيرٌ، وحُـمِّلَ نفقاتٍ طائلةً؟ حُسِبَ عليه السريرُ والغرفةُ والفحوصاتُ الطبيةُ، وحُسِب وحُسِبَ، وحُسِبَ، وجُبِيَت عليه فواتيرُ لا يستطيع تَـحَمُّلَها؛ فلا رحمةَ لديهم، ولا أحسانَ لديهم، ولكن امتصاصٌ لأموال فقير وعاجز. إن هذه المراكزَ الطبيةَ الأهليةَ، لابد لها من نظام يحميها، لابد من نظام يأخذ على أيدي المُستَبِّدِ، وعلى أيدي من لا يرحمُ الفقيرَ والمسكينَ، إنه لابد لها من انضباط في أمورها كلِّها، إن هذا المستثمرَ، لهذه المباني والمستشفيات والمستوصفات الأهلية، ليس طبيبا ولا يعلمُ؛ فيُسَلِّمُها لمستثمرِ آخرَ، هذا المستثمرُ سَيُحَمِّلُ المريضَ غلاءَ الأجور، ويـُحَمِّلُه كلَّ شيء، حتى يكون الأمر فاشلا في كثير منها، فتجدُ الكوادرَ الطبيةَ، والبحوثَ العلميةَ ضعيفةً أو معدومةً؛ لأن المقصودَ الاستغلالَ المحضَ، لا المقصودُ النفعَ والعلاجَ. فالطبيبُ المسلمُ المُخلِصُ لله، يَربَأُ بنفسه عن هذه المزايدات، ويربأُ بنفسه أن يُستَغَلَّ لهذه المراكز، بل يكونُ عنده من الإخلاصِ، والإيمانِ، والرغبةِ، فيما عند الله وان ما قدمه من عمل؛ فإنه سيجد ثوابَه عند الله (وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً). إن الطبيبَ المسلمَ يؤدي عملَه، ويقتضي مصلحةً ولاشك في ذالك، لكن لِيَكُنْ هناك توازنٌ، ولِيَكُنْ هناك اعتدالٌ، وليكن هناك رحمةٌ، وليكن هناك إحسانٌ وليكن هناك رأفةٌ بالفقير، وليكن هناك توازنٌ في الأمور، أما أن تجُعلَ هذه المراكز الأهلية تتنافسُ في هذه الأمور، والضحيةُ الفقيرُ العاجزُ؛ فهذا أمرٌ لا يليق بالطبيب المسلم، الذي شرفه اللهُ بالعلم، أن يرضى بذلك أو يوافقَ على ذلك، بل نفسُه تَأبَى أن يرضى أن يرى ظلما على فقير عاجز، أن يرضى بهذا الظلم عليه، بل يحاول بكل مُستَطاعه أن يُعَدِّلَ هذه الأمورَ، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً)، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً)، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً)، والبركةُ فيما أنزل الله، لا بمجرد الجشعِ والطمعِ، والتكليفاتِ الزائدةِ أسألُ اللهَ للجميع التوفيقَ والسدادَ، وأن يشفيَ مرضى المسلمين، ويُعافِيَنَا وإيّاكم من كلِّ مكروهٍ، إنه على كلِّ شيء قدير. واعلموا رحمكم اللهُ أن أحسنَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ ، وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يدَ الله على الجماعة؛ ومن شَذَّ شَذّ في النار، وصلوا رحمكم الله، على عبد الله ورسولِه، محمدٍ كما أمركم بذلك ربُّكُم قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)، اللهم صلِّ وسلِّم، وبارِك على عبدك ورسولك محمدٍ، وارضَ اللَّهُمّ عن خلفائِه الراشدين، الأئمةِ المهديين، أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ، وعن سائر أصحابِ نبيِّكَ أجمعين، وعن التابعين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوِك وكرمِك وجُودِك وإحسانِك يا أرحمَ الراحمين، اللَّهُمَّ أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمشركين، ودمِّرْ أعداءَ الدين، وانصُر عبادَك الموحدين، واجعلْ اللَّهُمَّ هذا البلدَ آمنا مُطمئنًا، وسائرَ بلادِ المسلمين، يا ربَّ العالمين، اللَّهُمَّ آمِنَّا في أوطاننا، وأصْلِحْ أئمَّتَنَا وولاةَ أمرِنا، اللَّهُمَّ وَفّقْهُم لما فيه صلاحُ الإسلام والمسلمين، اللَّهُمَّ وفِّقْ إمامَنا إمامَ المسلمين عبدَ الله بنَ عبدِ العزيزِ لكلِّ خيرٍ، اللَّهُمَّ أَمِدَّهُ بعونِك وتوفيقِك وتأييدِك، اللَّهُمَّ كُنْ له ناصراً ومؤيدا، اللَّهُمَّ أَرِهِ الحقَّ حقاً، وارْزُقْهُ اِتِّباعَه، وأَرِهِ الباطلَ باطلاً، وارزُقْهُ اِجْتِنابَه ودُلَّهُ على كلِّ عملٍ تـُحِبُّهُ وترضاهُ، اللَّهُمَّ شُدَّ عَضُدَهُ بوليِّ عهدِه سلطانَ بنِ عبدِ العزيز، وبارك له في عمرِه، وعملِه، وأَمِدَّهُ بصحةٍ وسلامةٍ وعافيةٍ، اللَّهُمَّ وَوَفِّقْ النائبَ الثاني لكلِّ خيرٍ، واجعلهم جميعا دعاةَ خيرٍ وأئمةَ هدًى؛ إنك على كلِّ شيءٍ قديرٌ، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غل للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلته قوة لنا على طاعتك وبلاغ إلى حين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعنا من القانطين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثتنا، اللهم أغثنا، اللهم سقيا رحمة لا سقيا بلاء ولا هدم ولا غرق، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. عباد الله، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على عموم نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
__________________
عن ابن سيرين قال : لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم الخير كل الخير في اتباع من سلف والشر كل الشر في ابتداع من خلف أبو محمد أحمد بوشيحه الليبي ahmad32az@yahoo.com |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|