|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]()
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل المرسلين أما بعد :
اعلم – رحمني الله وإياك – أنه قد تضافرت الأدلة على أن الدعاء يدفع البلاء ، ويرد القدر ، فهو من القدر الذي لا شيء أنفع منه في دفع الضر ، أو جلب النفع؛ وقد شاع على ألسن كثير من الناس في هذا الزمان إمامهم ومأمومهم هذا الدعاء ! ولا شك أن هذا الدعاء خطأ محض ، واعتداء في الدعاء ، وكيف لا يكون كذلك ؟! ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : [ لا يرد القضاء إلا الدعاء]. رواه الترمذي وغيره وقال : حسن غريب وحسنه الألباني في صحيح الجامع. ويقول عليه الصلاة والسلام : [ لا يغني حذر من قدر ، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل ، وإن البلاء لينزل فيلقاه الدعاء، فيعتلجان إلى يوم القيامة ]. رواه الحاكم وصححه ، وحسنه الألباني. وقال النبي صلى الله عليه وسلم : [ لن ينفع حذر من قدر ، ولكن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء]. رواه أحمد وغيره والحديث حسن بشواهده وقد حسنه الألباني في صحيح الجامع. ولا شك أن الدعاء من القدر ، فهو كسائر الأسباب المقدرة التي حث الشرع فيها العباد على تحصيلها والسعي في تحقيقها ، ومما يدلك على ذلك : ما رواه الترمذي في جامعه بسنده عن أبي خزامة عن أبيه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله : أرأيت رقى نسترقيها ، ودواء نتداوى به ، وتقاة نتقيها هل ترد من قدر الله شيئا؟ قال : " هي من قدر الله ". قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح . وضعفه الألباني. لكن الأحاديث السابقة شاهدةٌ بهذا المعنى. قال الشوكاني – رحمه الله تعالى – تعليقا على حديث " لا يرد القضاء إلا الدعاء" : فيه دليل على أنه سبحانه يدفع بالدعاء ما قد قضاه على العبد ... إلى أن قال : والحاصل أن الدعاء من قدر الله عز وجل ، فقد يقضي بشيء على عبده قضاء مقيدا بأن لا يدعوه ، فإذا دعاه اندفع عنه. وقال ابن القيم – رحمه الله تعالى- كما في " الجواب الكافي " : [ والدعاء من أنفع الأدوية ، وهو عدو البلاء ، يدافعه ويعالجه ،ويمنع نزوله ، أو يخففه إذا نزل ، وهو سلاح المؤمن ، كما روى الحاكم في صحيحه من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الدعاء سلاح المؤمن ، وعماد الدين ، ونور السماوات والأرض ". وله مع البلاء ثلاثة مقامات: أحدها : أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه. الثاني : أن يكون أضعف من البلاء ، فيقوى عليه البلاء ، فيصاب به العبد ، ولكن قد يخففه وإن كان ضعيفا. الثالث : أن يتقاوما ، ويمنع كل منهما صاحبه. انتهى كلامه – رحمه الله تعالى - . وقد ذهب أقوام إلى أن الدعاء لا معنى له ، لأن الأقدار سابقة ، والأقضية متقدمة ، والدعاء لا يزيد فيها ، وتركه لا ينقص منها شيئا ، ولهذا فلا فائدة من الدعاء والمسألة !! ، واحتجوا بعموم أحاديث القدر ، ولكنهم محجوجون ، لأن الله تعالى أمر بالدعاء في عدة آيات وأحاديث : قال تعالى : { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم }، وقال تعالى : { قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم } ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : [ الدعاء هو العبادة ]. رواه الترمذي وصححه الألباني. وقال عليه الصلاة والسلام : [ من لم يسأل الله يغضب عليه ]. رواه البخاري في الأدب المفرد وحسنه الألباني. وقد أورد الإمام الخطابي قول هؤلاء في " شأن الدعاء " ورده فقال : [ فأما من ذهب إلى إبطال الدعاء فمذهبه فاسد ، وذلك أن الله سبحانه وتعالي أمر بالدعاء ، وحض عليه .... ومَن أبطل الدعاء ، فقد أنكر القرآن ورده ، ولا خفاء بفساد قوله ، وسقوط مذهبه ]. انتهى كلامه – رحمه الله تعالى-. ولا شك أن هذه العبارة : "...لا أسألك رد القضاء..." ظاهرها مؤداه إلى هذا المذهب الردي. وقد سئل الشيخ العلامة ابن عثيمين – رحمه الله تعالى – عن هذه العبارة كما في " نور على الدرب " . السؤال: كثير من الناس يقولون: اللهم إننا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه. فما الحكم في ذلك جزاكم الله خيرا؟ الجواب : [لا نرى الدعاء هذا ، بل نرى أنه محرم ، وأنه أعظم من قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت) ، وذلك لأن الدعاء مما يرد الله به القضاء ، كما جاء في الحديث : ( لا يرد القضاء إلا الدعاء). والله عز وجل يقضي الشيء ، ثم يجعل له موانع فيكون قاضيا بالشي ، وقاضيا بأن هذا الرجل يدعو فيرد القضاء، والذي يرد القضاء هو الله عز وجل، فمثلا الإنسان المريض، هل يقول اللهم إني لا أسألك الشفاء ولكني أسألك أن تهون المرض؟!! لا ، بل يقول: اللهم إنا نسألك الشفاء فيجزم بطلب المحبوب إليه دون أن يقول : يا رب أبق ما أكره لكن الطف بي فيه ، خطأ، هل الله عز وجل إلا أكرم الأكرمين وأجود الأجودين ، وهو القادر على أن يرد عنك ما كان أراده أوّلا بسبب دعائك، فلهذا نحن نرى أن هذه العبارة محرمة، وأن الواجب أن يقول : اللهم إني أسألك أن تعافيني ، أن تشفيني ، أن ترد علي غائبي وما أشبه ذلك ]. انتهى كلامه – رحمه الله تعالى - . و قال أيضا - رحمه الله- في شرح الأربعين النووية : [وفي هذا المقام يُنكَرُ على من يقولون: (اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه) ، فهذا دعاء بدعي باطل ، فإذا قال: (اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه) ، معناه أنه مستغن ، أي افعل ما شئت ولكن خفف ، وهذا غلط ، فالإنسان يسأل الله عزّ وجل رفع البلاء نهائياً فيقول مثلاً : اللهم عافني ، اللهم ارزقني ، وما أشبه ذلك. وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمُ اللَّهَمَّ اِغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ " . فقولك: (لا أسألك رد القضاء،ولكن أسألك اللّطف فيه) أشد. واعلم أن الدعاء قد يرد القضاء،كما جاء في الحديث: " لاً يَرُدُّ القَدَرَ إِلاَّ الدُّعَاءُ " . وكم من إنسانٍ افتقر غاية الافتقار حتى كاد يهلك ، فإذا دعا أجاب الله دعاءه ، وكم من إنسان مرض حتى أيس من الحياة ، فيدعو فيستجيب الله دعاءه. قال الله تعالى:{ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } (الأنبياء:83) . فذكر حاله يريدُ أنّ اللهَ يكشفُ عنهُ الضُّرَّ ، قال الله : { فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ } (الأنبياء: الآية84]]. انتهى من شرح الأربعين النووية لــ ابن عُثيمين رحمه الله. ____________________
النفس تبكي على الدنيا وقد علمت *** أن السلامة فيها ترك مـافيها لا دار للمرء بعد الموت يسكنها *** إلا التي كان قبل الموت يبنيها فإن بناها بخير طاب مسكنه *** وإن بناها بشر خاب بانيها |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|