|
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | تقييم الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
بيان معنى وضع الأحاديث والعلامات التي يعرف بها الموضوع
وقد ذهبت الكرامية والطائفة المبتدعة إلى جواز وضع الحديث في الترغيب والترهيب وقد صنف ابن الجوزي في الموضوعات مجلدات قال ابن الصلاح أودع فيها كثيرا من الأحاديث الضعيفة مما لا دليل على وضعه وحقها أن تذكر في الأحاديث الضعيفة وللشيخ حسن بن محمد الصغاني الدر الملتقط في تبيين الغلط انتهى ملخصا ثم الحديث لوضعه وكذب راوية علامات شتى تعرف بها منها ما ذكره المولى عبد العزيز الدهلوي في العجالة النافعة ما نصه بالعربية الأول كون الرواية خلاف التاريخ كما قالوا إن عبد الله بن مسعود قال في حرب صفين كذا مع أنه رضي الله عنه توفي في خلافة عثمان وهذا القسم يعرف بأدنى تأمل وأقل تتبع الثاني كون الراوي رافضيا يروي الحديث في مطاعن الصحابة أو ناصبيا يرويه في مطاعن أهل البيت وعلى هذا القياس وحينئذ ينظر إن كان الراوي منفردا بذلك الحديث فحديثه ينكر وإن رواه الآخرون أيضا يقبل ثم يتفكر في تأويله وتوجيهه الثالث أن يروي حديثا يجب معرفته والعمل به على كافة المكلفين وينفرد بروايته فهي قرينة قوية على كذبه ووضعه الرابع أن يكون حاله والوقت الذي فيه رواه قرينة على كذبه كما اتفق لغياث بن ميمون في مجلس الخليفة العباسي المهدي فإنه حضر عنده وكان هو مشغولا بإطارة الحمائم فروى له هذا الحديث لا سبق إلا في خلف أو نصل أو جناح فزاد لفظ الجناح من عنده لتطييب نفس المهدي انتهى قلت وتفصيل هذه القصة في حياة الحيوان الكبرى للدميري رح وهو أن هارون الرشيد كان يعجبه الحمام واللعب به فأهدى له حمام وعنده أبو البختري وهب القاضي فروى له بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال لا سبق إلا في خف أو حافر أو جناح فزاد أو جناح وهي لفظة وضعها للرشيد فأعطاه جائزة سنية فلما خرج قال الرشيد تالله لقد علمت أنه كذب على رسول الله {صلى الله عليه وسلم} وأمر بالحمام فذبح فقيل وما ذنب الحمام قال من أجله كذب على رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فترك العلماء حديث أبي البختري لذلك وغيره من موضوعاته فلم يكتبوا حديثه قال ابن أبي خيثمة والشيخ تقي الدين القشيري في الاقتراح واضع حديث الحمام غياث بن ابراهيم وضعه للمهدي لا للرشيد انتهى ملخصا الخامس كون الحديث مخالفا لمقتضى العقل والشرع بحيث تكذبه القواعد الشرعية كقضاء العمر ونحوه كحديث لا تأكلوا البطيخ حتى تذبحوه السادس أن تكون في الحديث قصة تتعلق بأمر حسي واقع بحيث لو فرض تحققه بالحقيقة لنقله ألوف من الناس كما يروى مثلا أنهم قتلوا فلان الخطيب يوم الجمعة على المنبر وسلخوا جلده ولم يروه غيره وهو منفرد به السابع ركاكة اللفظ والمعنى جميعا حيث يروي ألفاظا لا تنطبق على القواعد العربية أو معاني لا تناسب شأن النبوة ووقار الرسالة أو بالوقوف على غلط قال السيد الشريف كما وقع لثابت بن موسى الزاهد في حديث من كثرت ضلالته بالليل حسن وجهه بالنهار قيل كان شيخ يحدث في جماعة فدخل رجل حسن الوجه فقال الشيخ في أثناء حديثه من كثرت الخ فوقع لثابت أنه من الحديث فرواه انتهى الثامن الإفراط في الوعيد الشديد على الجناح الصغير أو على الوعد العظيم على العمل القليل نحو من صلى ركعتين فله سبعون ألف دار في كل دار سبعون ألف بيت في كل بيت سبعون ألف سرير على كل سرير سبعون ألف جارية بل أحاديث هذا النسق كلها تعد موضوعة سواء كانت في باب الثواب أو باب العقاب التاسع ذكر ثواب الحج والعمرة على العمل القليل العاشر أن يجعل عاملا من العاملين بالخير موعودا بثواب الأنبياء والمرسلين كما يقول ثواب سبعين نبيا وأمثال ذلك الحادي عشر بإقرار واضعه كما اتفق لنوح بن عصمة فإنه وضع في فضائل القرآن سورة فسورة أحاديث وروجها وشهرها كما ذكرت في تفسير البيضاوي في آخر كل سورة ولما أخذوه وسألوه عن تصحيح سندها ومن أين له هذه اعترف بوضعه لها وقال إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد ابن إسحاق فوضعت هذه الأحاديث حسبة انتهى قال السيد الشريف وقد أخطأ المفسرون في إيداعها في تفاسيرهم إلا من عصمه الله ومما أودعوا فيها أنه قال {صلى الله عليه وسلم} حين قرأ ) ومناة الثالثة الأخرى ( تلك الغرانيق العلى وأن شفاعتهن لترتجى ولقد أشبعنا القول في إبطاله في باب سجدة التلاوة انتهى قال مسلم في صحيحه مع أن الأخبار الصحاح من رواية الثقات وأهل القناعة أكثر من أن يضطر إلى نقل من ليس بثقة ولا مقنع ولا أحسب كثيرا ممن يعرج من الناس على ما وصفنا من هذه الأحاديث الضعاف والأسانيد المجهولة ويعتد بروايتها بعد معرفته بما فيها من التوهن والضعف إلا أن الذي يحمله على روايتها والاعتداد بها إرادة التكثير بذلك عند العوام ولأن يقال ما أكثر ما جمع فلان من الحديث وألف من العدد ومن ذهب في العلم هذا المذهب وسلك هذا الطريق فلا نصيب له فيه وكان بأن يسمى جاهلا أولى من أن ينسب إلى العلم انتهى ثم قال المولى عبد العزيز وكذلك وضعوا أحاديث كثيرة في التنباك والقليان والقهوة تشهد بوضعها ركاكة ألفاظها ومعانيها قلت ولنعم ما قال الربيع بن خيثم التابعي الكبير إن للحديث ضوءا كضوء النهار يعرف وظلمة كظلمة الليل تنكر انتهى والوضاعون للحديث كثيرون وأغراضهم في الوضع متنوعة متكثرة منهم الزنادقة وغرضهم منها إبطال الشرائع والأحكام والتهكم والتمسخر بدين الإسلام كابن الراوندي الواضع لحديث الباذنجان لما أكل له فإنه عرض بهذا إلى حديث القرآن لما قريء له وماء زمزم لما شرب له وهذا تهكم بالشريعة واستهزاء بها قيل اشتهرت أربعة عشر آلاف حديث من وضع الزنادقة قلت ومنها ما أورده الأصوليون من قوله إذا روي عني حديث فأعرضوه على كتاب الله فإن وافقه فاقبلوه وإن خالفه فردوه قال الخطابي وضعته الزنادقة ويدفعه قوله {صلى الله عليه وسلم} إني قد أوتيت الكتاب وما يعدله ويروى أوتيت الكتاب ومثله معه انتهى ثم الروافض والنواصب والكرامية من بين أهل البدع والأهواء المرتكبين لهذا الوضع نصرة لمذاهبهم الباطلة وطعنا في مذاهب مخالفيهم سابقون في هذا الأمر على الفرق الضالة الزائغة كلها ولم تبلغهم الخوارج والمعتزلة في هذا الباب وفرقة أخرى لم يكن لهم علم الحديث ورأوا المحدثين معظمين في الناس موقرين في أعينهم فدخلوا في عدادهم تكلفا وتمحلا واختاروا هذه الصنعة الشنيعة لأنفسهم طمعا منهم في جاه أهل الحديث وعزهم كأبي البختري ووهب بن وهب القاضي وسليمان بن عمرو النخعي وحسين بن علوان وإسحاق بن نجيح وكان غالب شغلهم التذكير والوعظ فرقة أخرى من أهل الزهد والعبادة والديانة سمعت في المنام والمعاملة شيئا من النبي {صلى الله عليه وسلم} أو الأئمة الأطهار ورووه معتمدين على جزم منامهم وصحة معاملتهم مبهما وظنه الناس حديثا بالغا إليهم من طريق الظاهر واقعا في نفس الأمر كائنا في الحقيقة واتهم بهذه العلة أبو عبد الرحمن السلمي وغيره من المتصوفة الذين لم يكونوا عارفين بمذاق الحديث وأسقطت رواياتهم عن حيز الاعتبار في القديم والحديث فرقة أخرى وضعت الأحاديث من غير تعمد وقصد منهم أي سمعوا كلاما من صاحب تجربة أو صوفي أو حكيم من الحكماء السابقين ونسبوه غفلة وتوهما إلى سيد المرسلين ظنا منهم أن مثل هذا الكلام المشحون بالحكمة لا يصدر إلا من معدن النبوة والرسالة ولا نهاية لهذه الطائفة وقد ابتلى به أكثر العوام والله الموفق والعاصم انتهى قلت وفي الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة بحث ثالث في ذكر الوضاعين المشهورين المكثرين من الكذب على رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال ابن الجوزي الوضاعون خلق كثير ومن كبارهم وهب بن وهب يعني القاضي أبو البختري قاضي الرشيد ومحمد بن السائب الكلبي ومحمد بن سعيد الشامي المصلوب وأبو دؤاد النخعي وإسحاق بن نجيح السلطي وغياث بن ابراهيم والمغيرة بن سعيد الكوفي وأحمد ابن عبدالله الجويباري ومأمون أحمد الهروي ومحمد بن عكاشة الكرماني ومحمد بن القاسم الطالقاني ومحمد بن زياد اليشكري انتهى وقال النسائي والكذابون المعروفون بالوضع أربعة ابن أبي يحيى بالمدينة والواقدي ببغداد ومقاتل بن سليمان بخراسان ومحمد بن سعيد المصلوب بالشام قيل وضع الجويباري وابن عكاشة ومحمد بن تميم الفاريابي أكثر من عشرة آلاف حديث فخلق الله علماء يذبون ويوضحون الصحيح ويفضحون القبيح فهم حراس الأرض وفرسان الدين كثرهم الله تعالى إلى يوم القيامة قال ابن الجوزي إن من وقع في حديثه الموضوع والكذب والقلب أنواع من غلب عليهم الزهد فغفلوا عن الحفظ ومنهم من ضاعت كتبه فحدث من حفظه فغلط ومنهم قوم ثقات لكن اختلطت عقولهم في أواخر أعمارهم ومنهم من روى الخطأ سهوا فلما تبين له الصواب لم يرجع إليه أنفة من أن ينسب إلى الغلط ومنهم زنادقة وضعوا لقصد إفساد الشريعة وإيقاع الشك والتلاعب بالدين قال حماد بن زيد وضعت الزنادقة أربعة آلاف حديث ولما أخذ ابن أبي العوجاء ليضرب عنقه قال وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أحرم فيها الحلال وأحل الحرام ومنهم من يضع نصرة لمذهبه تاب رجل من المبتدعة فجعل يقول انظروا عمن تأخذون هذا الحديث فإنا كنا إذا هوينا أمرا صيرناه حديثا ومنهم من يضع حسبة ترغيبا وترهيبا ومضمون فعلهم أن الشريعة ناقصة تحتاج إلى تتمة ومنهم من أجاز وضع الأسانيد لكلام حسن ومنهم من قصد التقرب إلى السلطان ومنهم القصاص لأنهم يروون أحاديث ترقق وتنفق وفي الصحاح نقل مثل ذلك ثم إن الحفظ شق عليهم وتنفق عدم الدين ويحضرهم جهال وما أكثر ما تعرض علي أحاديث في مجلس الوعظ قد ذكرها قصاص الزمان فأردها فيحقدون علي انتهى ومن أسباب الوضع ما يقع ممن لا دين له عند المناظرة في المجامع من الاستدلال على ما يقوله كما يطابق هواه تنفيقا لجلاله وتقويما لمقاله واستطالة على خصمه ومجيبه للغلب وطلبا للرئاسة وفرارا من الفضيحة إذا ظهر عليه من المناظرة ومن أسبابه تنفيق المدعي للعلم لنفسه على من يتكلم عنده إذا عرض البحث عن حديث ووقع السؤال عن كونه صحيحا أو ضعيفا أو موضوعا فيقول من كان في دينه رقه وفي علمه دغل هذا الحديث أخرجه فلان وصححه فلان وينسب ذلك إلى مؤلفات يقل وجودها يظهر للأمة بأنه قد اطلع على ما لم يطلعها عليه وعرف مالم يعرفوه وربما لم يكن قد قرع سمعه ذلك اللفظ المسؤول عنه قبل هذه المرة فإن هذا نوع من أنواع الوضع وشعبة من شعب الكذب وقد يسمعه من لم يقف على حقيقة حاله فيعتقد صحة ذلك وينسب ذلك الكلام إلى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} ويقول رواه فلان وصححه فلان كما قال ذلك المخذول انتهى
قال السيد الشريف والواضعون للحديث أصناف وأعظمهم ضررا من انتسب إلى الزهد فوضع احتسابا ووضعت الزنادقة أيضا جملا ثم نهضت جهابذة الحديث بكشف عوارها ومحو عارها ولله الحمد انتهى قال مسلم في صحيحه قال يحيى بن سعيد لم نر الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث وفي رواية لم نر أهل الخير في شيء أكذب منهم في الحديث قال مسلم يقول يجري الكذب على لسانهم ولا يتعمدون الكذب انتهى قلت والكتب المصنفة في ضبط الأحاديث الموضوعة كثيرة وأجمعها وأحسنها الفوائد المجموعة للإمام تاج الإسلام محمد بن علي الشوكاني قال فيه فمن كان عنده هذا الكتاب فقد كان عنده جميع مصنفات المصنفين في الموضوعات مع زيادات وقفت عليها في كتب الجرح والتعديل وتراجم رجال الرواية وتخريجات المخرجين وتصنيفات المحققين انتهى من "الحطة فى ذكر الصحاح الستة" لأبي الطيب السيد صديق حسن القنوجي |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|