#1
|
|||
|
|||
الصدق
الصدق
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم اما بعد : كتبت هذا الموضوع لاني رايت بحاجة ان نكون صادقين مع الله جل وعلا وتعلمون اخوتي في الله الذي يحقق مرتبة الصدق لابد ان يسبقه تقوى الله جل وعلا حتى يكون من الصادقين لان بدات الفتن تظهر يوما بعد يوما هذا حصل بسبب عدم الصدق مع الله لان الصدق ليس سهلا لانه يحتاج الى جهاد حتى يحقق المراد فامر الله تعالى المؤمنين ان يتقوا الله وان يكونوا مع الصادقين لا مع الكاذبين واليكم اخواني اقوال اهل العلم في الصدق قال الله تعالي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (التوبة:119) ، وقال تعالي: 0 وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَات)(الأحزاب: من الآية35) وقال تعالي: ( فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ)(محمد: من الآية21). الشرح …قال المؤلف رحمه الله تعالي: باب الصدق. …الصدق: معناه مطابقة الخبر للواقع، هذا في الأصل. …ويكون في الإخبار ، فإذا أخبرت بشيء وكان خبرك مطابقاً للواقع قيل: إنه صدق، مثل أن تقول عن هذا اليوم: اليوم يوم الأحد، فهذا خبر صدق؛ لأن اليوم يوم الأحد. وإذا قلت : اليوم يوم الاثنين ، فهذا خبر كذب. …فالخبر إن طابق الواقع فهو صدق، وإن خالف الواقع فهو كذب.…وكما يكون الصدق في الأقوال يكون أيضاً في الأفعال. …فالصدق في الأفعال : هو أن يكون الإنسان باطنه موافقاً لظاهره، بحيث إذا عمل عملاً يكون موافقاً لما في قلبه. …فالمرائي مثلا ليس بصادق؛ لأنه يظهر للناس أنه من العابدين وليس كذلك. …والمشرك مع الله ليس بصادق؛ لأنه يظهر أنه موحد وليس كذلك. …والمنافق ليس بصادق، لأنه يظهر الإيمان وليس بمؤمن. …والمبتدع ليس بصادق، لأنه يظهر الاتباع للرسول- عليه الصلاة والسلام- وليس بمتبع. …المهم أن الصدق مطابقة الخبر للواقع، وهو من سمات المؤمنين وعكسه الكذب، وهو من سمات المنافقين، نعوذ بالله.ذكره ابن عثيمين في كتابه رياض الصالحين …ثم ذكر آيات في ذلك: …فقال: وقول الله تعالي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (التوبة:119) . …هذه الآية نزلت بعد ذكر قصة الثلاثة الذين خلفوا ، وقد تخلفوا عن غزوة تبوك، ومنهم : كعب بن مالك، وقد تقدم حديثه. قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين، معرِّفَهم سبيل النجاة من عقابه، والخلاصِ من أليم عذابه:(يا أيها الذين آمنوا)، بالله ورسوله =(اتقوا الله)، وراقبوه بأداء فرائضه، وتجنب حدوده =(وكونوا)، في الدنيا، من أهل ولاية الله وطاعته، تكونوا في الآخرة =(مع الصادقين)، في الجنة. يعني: مع من صَدَق اللهَ الإيمانَ به، فحقَّق قوله بفعله، ولم يكن من أهل النفاق فيه، الذين يكذِّب قيلَهم فعلُهم. وإنما معنى الكلام: وكونوا مع الصادقين في الآخرة باتقاء الله في الدنيا، كما قال جل ثناؤه:( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ) [سورة النساء: 69]. * * * وإنما قلنا ذلك معنى الكلام، لأن كون المنافق مع المؤمنين غيرُ نافعه بأيّ وجوه الكون كان معهم، إن لم يكن عاملا عملهم. وإذا عمل عملهم فهو منهم، وإذا كان منهم، كان وجْهُ الكلام أن يقال:(اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)، (1) ولتوجيه الكلام إلى ما وجَّهنا من تأويله، فسَّر ذلك من فسَّره من أهل التأويل بأن قال: معناه: وكونوا مع أبي بكر وعمر، أو: مع النبي صلى الله عليه وسلم، والمهاجرين رحمة الله عليهم. { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } قال نافع: مع محمد وأصحابه. وقال سعيد بن جبير: مع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. وقال ابن جريج: مع المهاجرين، لقوله تعالى: " للفقراء المهاجرين " إلى قوله " أولئك هم الصادقون " (الحشر -8). وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: مع الذين صدقت نياتهم واستقامت قلوبهم وأعمالهم وخرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك بإخلاص نية. وقيل: مع الذين صدقوا في الاعتراف بالذنب ولم يعتذروا بالأعذار الكاذبة. وكان ابن مسعود يقرأ: { وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } وقال ابن مسعود: إن الكذب لا يصلح في جِدٍّ ولا هزل، ولا أن يعد أحدكم صبيه شيئا ثم لا ينجز له، اقرؤوا إن شئتم وقرأ هذه الآية . ذكره البغوي في تفسيره . وقال الحسن البصري: إن أردت أن تكون مع الصادقين، فعليك بالزهد في الدنيا، والكف عن أهل الملة. عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : (( إن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا ، وإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا ))(165) ( متفق عليه ) . قوله [ 1971 ] ( عليكم بالصدق ) أي الزموا الصدق وهو الاخبار على وفق ما في الواقع ( فإن الصدق ) أي على وجه ملازمته ومداومته ( يهدي ) أي صاحبه ( إلى البر ) بكسر الموحدة أصله التوسع في فعل الخير وهو اسم جامع للخيرات من اكتساب الحسنات واجتناب السيئات ويطلق على العمل الخالص الدائم المستمر معه إلى الموت وإن البر يهدي إلى الجنة قال بن بطال مصداقه في كتاب الله تعالى إن الأبرار لفي نعيم ( وما يزال الرجل يصدق ) أي في قوله وفعله ( ويتحرى الصدق ) أي يبالغ ويجتهد فيه ( حتى يكتب ) أي يثبت ( عند الله صديقا ) بكسر الصاد وتشديد الدال أي مبالغا في الصدق ففي القاموس الصديق من يتكرر منه الصدق حتى يستحق اسم المبالغة في الصدق. ذكره صاحب كتاب تحفة الاحوذي قال النووي قال العلماء في هذا الحديث حث على تحري الصدق والاعتناء به وعلى التحذير من الكذب والتساهل فيه فإنه إذا تساهل فيه كثر منه فيعرف به قال النبي صلي الله عليه وسلم : (( فإن الصدق طمأنينة )) وهذا وجه الشاهد من هذا الحديث لهذا الباب ( باب الصدق ) . …فالصدق طمأنينة ، لا يندم صاحبه أبدا ، ولا يقول : ليتني وليتني ؛ لأن الصدق منجاة ، والصادقون ينجيهم الله بصدقهم ، وتجد الصادق دائما مطمئنا ؛ لأنه لا يتأسف على شيء حصل أو شيء يحصل في المستقبل ؛ لأنه قد صدق ، و (( من صدق نجا )) . …أما الكذب ، فبين النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه ريبة ، ولهذا تجد أول من يرتاب في الكاذب نفسه ، فيرتاب الكاذب : هل يصدقه الناس أو لا يصدقونه ؟ …ولهذا تجد الكاذب إذا أخبرك بالخبر قام يحلف بالله أنه صدق ؛ لئلا يرتاب في خبره ، مع أنه محل ريبة . …تجد المنافقين مثلا يحلفون بالله ما قالوا : ولكنهم في ريبة ، قال الله تعالى( وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا )(التوبة: 74 ) . فالكذب لا شك أنه ريبة وقلق للإنسان ، ويرتاب الإنسان : هل علم الناس بكذبه أم لم يعلموا ؟ فلا يزال في شك واضطراب . عن أبي سفيان صخر بن حرب ـ رضي الله عنه ـ في حديثه الطويل في قصة هرقل ، قال هرقل : فماذا يأمركم ـ يعني النبي صلي الله عليه وسلم ـ قال أبو سفيان : قلت : يقول : (( اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا ، واتركوا ما يقول آباؤكم ، ويأمرنا بالصلاة والصدق ، والعفاف ، والصلة ))(172) ( متفق عليه ) وقوله : (( وكان يأمرنا بالصدق )) وهذا هو الشاهد من الحديث ، كان النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ يأمر أمته بالصدق ، وهذا كقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (التوبة:119) . …والصدق خلق فاضل ، ينقسم إلى قسمين : …صدق مع الله ، وصدق مع عباد الله ، وكلاهما من الأخلاق الفاضلة . وضد الصدق الكذب ، وهو الإخبار بخلاف الواقع ، والكذب ذميم من أخلاق المنافقين ، كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام : (( آية المنافق ثلاث )) وذكر منها : (( إذا حدث كذب )) وبعض الناس ـ والعياذ بالله ـ مبتلى بهذا المرض ، فلا يستأنس ولا ينشرح صدره إلا بالكذب ، يكذب دائما ، إن حدثك بحديث إذا هو كاذب ، إن جلس في المجلس جعل يفتعل الأفاعيل ليضحك بها الناس ، وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم (( ويل لمن حدث فكذب ليضحك بها القوم . . . ويل له ، ثم ويل له ، ثم ويل له )) ثلاث مرات .ذكرهما شيخ ابن عثيمين رحمه الله في كتابه رياض الصالحين. الصدق والإخلاص يحققان الإيمان والإسلام وَالصِّدْقُ وَالْإِخْلَاصُ هُمَا فِي الْحَقِيقَةِ تَحْقِيقُ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ فَإِنَّ الْمُظْهِرِينَ لِلْإِسْلَامِ يَنْقَسِمُونَ إلَى مُؤْمِنٍ وَمُنَافِقٍ وَالْفَارِقُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْمُنَافِقِ هُوَ الصِّدْقُ فَإِنَّ أَسَاسَ النِّفَاقِ الَّذِي يُبْنَى عَلَيْهِ هُوَ الْكَذِبُ ؛ وَلِهَذَا إذَا ذَكَرَ اللَّهُ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ نَعَتَهُ بِالصِّدْقِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا } إلَى قَوْلِهِ : { إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } . وَقَالَ تَعَالَى : { لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } . فَأَخْبَرَ أَنَّ الصَّادِقِينَ فِي دَعْوَى الْإِيمَانِ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ لَمْ يَتَعَقَّبْ إيمَانَهُمْ رِيبَةٌ وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا هُوَ الْعَهْدُ الْمَأْخُوذُ عَلَى الْأَوَّلِينَ والآخرين كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ } قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إلَّا أُخِذَ عَلَيْهِ الْمِيثَاقُ لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ حَيٌّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ وَلَيَنْصُرَنَّهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمِيثَاقَ عَلَى أُمَّتِهِ لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ وَهُمْ أَحْيَاءٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَيَنْصُرُنَّهُ . وَقَالَ تَعَالَى : { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْيَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } فَذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُ أَنْزَلَ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ وَأَنَّهُ أَنْزَلَ الْحَدِيدَ لِأَجْلِ الْقِيَامِ بِالْقِسْطِ ؛ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ وَلِهَذَا كَانَ قِوَامُ الدِّينِ بِكِتَابِ يَهْدِي وَسَيْفٍ يَنْصُرُ وَكَفَى بِرَبِّك هَادِيًا وَنَصِيرًا . وَالْكِتَابُ وَالْحَدِيدُ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الْإِنْزَالِ فَلَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا نَزَلَ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَنْزِلْ الْآخَرُ . حَيْثُ نَزَلَ الْكِتَابُ مِنْ اللَّهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ } وَقَالَ تَعَالَى : { الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ } وَالْحَدِيدُ أُنْزِلَ مِنْ الْجِبَالِ الَّتِي خُلِقَ فِيهَا . وَكَذَلِكَ وَصَفَ الصَّادِقِينَ فِي دَعْوَى الْبِرِّ الَّذِي هُوَ جِمَاعُ الدِّينِ فِي قَوْله تَعَالَى { لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ } إلَى قَوْلِهِ { أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } وَأَمَّا الْمُنَافِقُونَ فَوَصَفَهُمْ سُبْحَانَهُ بِالْكَذِبِ فِي آيَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ } قَوْله تَعَالَى { إذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ } . قَوْله تَعَالَى { فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ } وَنَحْوُ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ . وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ الصِّدْقَ وَالتَّصْدِيقَ يَكُونُ فِي الْأَقْوَالِ وَفِيالْأَعْمَالِ كَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : { كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظُّهُ مِنْ الزِّنَا فَهُوَ مُدْرِكٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ فَالْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا النَّظَرُ وَالْأُذُنَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا السَّمْعُ وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا الْبَطْشُ وَالرِّجْلَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا الْمَشْيُ وَالْقَلْبُ يَتَمَنَّى وَيَشْتَهِي وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ } . وَيُقَالُ حَمَلُوا عَلَى الْعَدُوِّ حَمْلَةً صَادِقَةً إذَا كَانَتْ إرَادَتُهُمْ لِلْقِتَالِ ثَابِتَةً جَازِمَةً وَيُقَالُ فُلَانٌ صَادِقُ الْحُبِّ وَالْمَوَدَّةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ . وَلِهَذَا يُرِيدُونَ بِالصَّادِقِ ؛ الصَّادِقُ فِي إرَادَتِهِ وَقَصْدِهِ وَطَلَبِهِ وَهُوَ الصَّادِقُ فِي عَمَلِهِ وَيُرِيدُونَ الصَّادِقَ فِي خَبَرِهِ وَكَلَامِهِ وَالْمُنَافِقُ ضِدُّ الْمُؤْمِنِ الصَّادِقِ وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ كَاذِبًا فِي خَبَرِهِ . أَوْ كَاذِبًا فِي عَمَلِهِ كَالْمُرَائِي فِي عَمَلِهِ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { إنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ } الْآيَتَيْنِ . وَأَمَّا الْإِخْلَاصُ فَهُوَ حَقِيقَةُ الْإِسْلَامِ إذْ " الْإِسْلَامُ " هُوَ الِاسْتِسْلَامُ لِلَّهِ لَا لِغَيْرِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ } الْآيَةَ . فَمَنْ لَمْ يَسْتَسْلِمْ لِلَّهِ فَقَدْ اسْتَكْبَرَ وَمَنْ اسْتَسْلَمَ لِلَّهِ وَلِغَيْرِهِ فَقَدْ أَشْرَكَ وَكُلٌّ مِنْ الْكِبْرِ وَالشِّرْكِ ضِدُّ الْإِسْلَامِ وَالْإِسْلَامُ ضِدُّ الشِّرْكِ وَالْكِبْرِ . وَيُسْتَعْمَلُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا كَمَا قَالَ تَعَالَى : { إذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } وَقَالَ تَعَالَى : { بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } وَأَمْثَالُ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ .ذكره شيخ الاسلام في مجموع الفتاوى عظمة الصدق ومنها : عظم مقدار الصدق وتعليق سعادة الدنيا والآخرة والنجاة من شرهما به فما أنجى الله من أنجاه إلا بالصدق ولا أهلك من أهلكه إلا بالكذب وقد أمر الله سبحانه عباده المؤمنين أن يكونوا مع الصادقين فقال : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } ( التوبة : 119 ) وقد قسم سبحانه الخلق إلى قسمين : سعداء وأشقياء فجعل السعداء هم أهل الصدق والتصديق والأشقياء هم أهل الكذب والتكذيب وهو تقسيم حاصر مطرد منعكس فالسعادة دائرة مع الصدق والتصديق والشقاوة دائرة مع الكذب والتكذيب وأخبر سبحانه وتعالى : أنه لا ينفع العباد يوم القيامة إلا صدقهم وجعل علم المنافقين الذي تميزوا به هو الكذب في أقوالهم وأفعالهم فجميع ما نعاه عليهم أصله الكذب في القول والفعل فالصدق بريد الإيمان ودليله ومركبه وسائقه وقائده وحليته ولباسه بل هو لبه وروحه والكذب : بريد الكفر والنفاق ودليله ومركبه وسائقه وقائده وحليته ولباسه ولبه فمضادة الكذب للإيمان كمضادة الشرك للتوحيد فلا يجتمع الكذب والإيمان إلا ويطرد أحدهما صاحبه ويستقر موضعه والله سبحانه أنجى الثلاثة بصدقهم وأهلك غيرهم من المخلفين بكذبهم فما أنعم الله على عبد بعد الإسلام بنعمة أفضل من الصدق الذي هو غذاء الإسلام وحياته ولا ابتلاه ببلية أعظم من الكذب الذي هو مرض الإسلام وفساده والله المستعان ذكره ابن القيم في كتابه زاد المعاد. سؤال : هل حققنا الصدق مع الله ومع الناس ؟ واسئل الله ان يجعلنا واياكم من الصادقين . |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|