النص العام إذا عمل السلف ببعض أفراده وتركوا الأفراد الأخرى معطلة عن العمل
*ذكر الشاطبي ،وابن القيم رحمهما الله تعالى:
أن النص العام إذا عمل السلف ببعض أفراده وتركوا الأفراد الأخرى معطلة عن العمل فالعمل بها بدعة وضلالة
وعليه فلابد من النظر إلى عمل السلف بأفراد ذلك العام ومالم يعملوا به يبقى العمل به بدعة كقول النبي صلى الله عليه وسلم :"صلاة الرجلين أزكى من صلاة الرجل" فهذا عام يشمل كل صلاة ولكن هناك أفرادا من هذا العام لم يعمل بها السلف كأداء السنن والرواتب جماعة فهذا العمل به بدعة
* قال بن القيم في حاشية سنن أبي داود عند تعليقه على حديث 'عمرة في رمضان تعدل حجة ' وأنهم أخذوا بظاهر هذا الحديث العام فصاروا يكررون العمرة في رمضان من غير النظر إلى عمل السلف المفسر لذلك العام فما فهموا ذلك ولذلك لم يكرروا العمرة في رمضان فلا يصلح الإحتجاج بظاهر هذا الحديث على تكرار العمرة في رمضان :
فقال رحمه الله : وَهَذَا مَوْضِع يَغْلَط فِيهِ كَثِير مِنْ قَاصِرِي الْعِلْم , يَحْتَجُّونَ بِعُمُومِ نَصٍّ عَلَى حُكْمٍ ,وَيَغْفُلُونَ عَنْ عَمَل صَاحِب الشَّرِيعَة وَعَمَل أَصْحَابه الَّذِي يُبَيِّن مُرَاده , وَمَنْ تَدَبَّرَ هَذَا عَلِمَ بِهِ مُرَاد النُّصُوص , وَفَهِمَ مَعَانِيهَا .
وَكَانَ يَدُور بَيْنِي وَبَيْن الْمَكِّيِّينَ كَلَامٌ فِي الِاعْتِمَار مِنْ مَكَّة فِي رَمَضَان وَغَيْره . فَأَقُول لَهُمْ : كَثْرَة الطَّوَاف أَفْضَل مِنْهَا , فَيَذْكُرُونَ قَوْله : " عُمْرَةٌ فِي رَمَضَان تَعْدِل حَجَّة " ,فَقُلْت لَهُمْ فِي أَثْنَاء ذَلِكَ : مُحَال أَنْ يَكُون مُرَاد صَاحِب الشَّرْع الْعُمْرَة الَّتِي يُخْرَج إِلَيْهَا مِنْ مَكَّة إِلَى أدْنَى الْحِلّ , وَأَنَّهَا تَعْدِل حَجَّة , ثُمَّ لَا يَفْعَلهَا هُوَ مُدَّة مَقَامه بِمَكَّة أَصْلًا , لَا قَبْل الْفَتْح وَلَا بَعْده , وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابه , مَعَ أَنَّهُمْ كَانُوا أَحْرَص الْأُمَّة عَلَى الْخَيْر , وَأَعْلَمهُمْ بِمُرَادِ الرَّسُول , وَأَقْدِرهُمْ عَلَى الْعَمَل بِهِ . ثُمَّ مَعَ ذَلِكَ يَرْغَبُونَ عَنْ هَذَا الْعَمَل الْيَسِير وَالْأَجْر الْعَظِيم ؟ يَقْدِر أَنْ يَحُجَّ أَحَدهمْ فِي رَمَضَان ثَلَاثِينَ حَجَّة أَوْ أَكْثَر , ثُمَّ لَا يَأْتِي مِنْهَا بِحَجَّةٍ وَاحِدَةٍ , وَتَخْتَصُّونَ أَنْتُمْ عَنْهُمْ بِهَذَا الْفَضْل وَالثَّوَاب , حَتَّى يَحْصُل لِأَحَدِكُمْ سِتُّونَ حَجَّة أَوْ أَكْثَر ؟ هَذَا مَا لَا يَظُنُّهُ مَنْ لَهُ مَسْكَة عَقْلٍ . وَإِنَّمَا خَرَجَ كَلَامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْعُمْرَة الْمُعْتَادَة الَّتِي فَعَلَهَا هُوَ وَأَصْحَابه , وَهِيَ الَّتِي أَنْشَئُوا السَّفَر لَهَا مِنْ أَوْطَانِهِمْ , وَبِهَا أَمَرَ أُمّ مَعْقِل , وَقَالَ لَهَا : " عُمْرَة فِي رَمَضَان تَعْدِل حَجَّة " وَلَمْ يَقُلْ لِأَهْلِ مَكَّة :اُخْرُجُوا إِلَى أَدْنَى الْحِلّ فَأَكْثِرُوا مِنْ الِاعْتِمَار , فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَان تَعْدِل حَجَّة . وَلَا فَهِمَ هَذَا أَحَد مِنْهُمْ .
|