#1
|
|||
|
|||
![]() الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين .. أما بعد :
فصاحبة اليد البيضاء امرأة .. ليست كالنساء .. آثرت شغف العيش على رغده .. و اختارت طريق التعب و العناء ، و سبيل النصب و الشقاء .. تارة تمسح عبرة ، و أخرى تمحو مرارة و حسرة .. إنها ذات العطف الكبير ، و القلب الرحيم .. تراها بين المرضى .. طبيبة .. تقدم - بإذن الله العلاج الناجح .. أو ممرضة .. تعين مرضاها على دائهم الواجع .. و تراها في المختبر و الصيدلية ترعى مصالح المرضى ، و تسعى في حاجات ذوي البلوى .. موفقة أينما هلت .. مباركة أينما حلت .. أختاه .. هذه وصايا نابعة من قلب مشفق و لسان ناصح ، يرجو لك السعادة في الدنيا و الآخرة ، أرعي لها سمعك ، و افتحي لها قلبك .. أسأل الله تعالى أن يرزقك محبة منه تقر بها عينك .. الأولى : تقوى الله و مراقبته : فهي جماع كل خير ، و منبع كل فضل .. و هي وصية الله للأولين و الآخرين ، و طريق النجاة يوم الدين ، قال تعالى : { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ } [ النساء:131] . و لما سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ ، قال : ( تقوى الله و حسن الخلق ) رواه أحمد و الترمذي و ابن ماجة . و تقوى الله : أن يجعل العبد بينه و بين عذاب الله وقاية ، و ذلك بإتباع أوامره و اجتناب نواهيه ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ } [آل عمران:102] . الثانية : تحقيق غاية الخلق : فالله جل و علا خلقك و أوجدك لهدف جليل و غاية سامية : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات:56] . فلا تنسك متاعب الدنيا و همومها ، و زينتها و غرورها ، هدفك الأساس و غايتك العظمى .. فأنت مسلمة قبل أن تكوني موظفة . فاحرصي - رعاك الله - على تعلم أمور دينك ، و ابذلي جهدك و وقتك لرضى ربك و إنقاذ نفسك .. و تداركي عمرك قبل فواته ، و أجلك قبل نفاذه ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( اغتنم خمساً قبل خمس ، حياتك قبل موتك ، و صحتك قبل سقمك ، و فراغك قبل شغلك ، و شبابك قبل هرمك ، و غناك قبل فقرك ) رواه الحاكم و البيهقي في الشعب . بل لتكن همتك علياء ، و عزيمتك شاهقة بارتفاع هامات السماء .. و ليكن الوصول إلى رضا ربك هدفاً لا مناص من تحقيقه ، و غاية لا سبيل للركون عنها ، و ليكن ميزانك للأمور ، و ترتيبك للأولويات موافقاً لتعاليم دينك ..فحق الله تعالى مقدم على حق كل أحد فانتبه يا رعاك الله . الثالثة : التفكر في نعم الله و شكرها : فأنت تتقلبين بين مكروب فقدَ صحته ، أو محزون أهمه أمر مصيبته .. و أنت سالمة معافاة ، أنعم الله عليك بنعم جليلة ، حيث أسبغ عليك لباس الصحة و العافية و السلامة من البلاء ، و قبل ذلك اختيارك لأن تكوني من حملة دينه . نعم .. إنها النعمة العظمى ، فكم ممن ترينهم قد ضل دربه ، و أضل طريقه ، و صدق الله : { يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } . [ الحجرات:17] . فلله تعالى الحمد و المنة . الرابعة : حسن النية و احتساب الأجر : قال صلى الله عليه و سلم : ( إنما الإعمال بالنيات ) متفق عليه . فالعمل متى أحسن العبد فيه النية أُجر عليه - بإذن الله - و إن كان ظاهره عملاً دنيوياً و من احتساب الأجر في عملك .. تخفيف الألم عن المرضى و تفريج كربهم و مواساة المنكوبين .. و منه أيضاً : احتساب أجر عيادة المرضى ، و هو مما غفلت عنه كثير من الأخوات .. عن ثوبان رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( من عاد مريضاً لم يزل في خرفة الجنة ) ، قيل : يا رسول الله ، و ما خرفة الجنة ؟ قال : ( جناها ) رواه مسلم . الخامسة : الإخلاص في العمل و إتقانه : و هو من سمات المؤمنين الصادقين الذين وهبوا دنياهم لأخراهم ، و الذين استشعروا مراقبة الله لهم و إطلاعه على أعمالهم .. و لذلك يحسن بك - حفظك الله - إتقان عملك ، و الحرص على أدائه على أكمل وجه .. السادسة : الدعوة إلى الله : الوظيفة العظمى و المهمة الكبرى .. وظيفة الأنبياء و الرسل عليهم الصلاة و السلام .. هداية الناس و إرادة الخير لهم .. و ليكن لك حظ وافر و نصيب كبير منها . السابعة : الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر : فهو واجب على كل مسلم و مسلمة بقدر طاقته و حسب حاله و قدرته ، و لا يختص بفئة كما يظن البعض ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من رأى منكم منكراً فلغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، و ذلك أضعف الإيمان ) رواه أبو داود و النسائي و الترمذي . الثامنة : الالتزام بالحجاب الشرعي ، و غض البصر ، و العفاف : إن الإلتزام بالحجاب طاعة لله و امتثالاً لأمره حين قال : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا }[الأحزاب:59]. و حجابك الشرعي من أعظم القربات ، فهو عزك و حصنك ، و وقايةٌ لك من تطفل المتطفلين و جرأة العاصين . و احرصي - وفقك الله لطاعته - على غض بصرك عمّا حرم الله ، و مجاهدة نفسك على ذلك ، قال تعالى : { وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } [النور:31] و لئن يصبر المرء على مرارة الحرمان طاعة لله ، خير له من أن ينزلق وراء لذة عابرة تهوي به في النار . التاسعة : الحذر من التبرج و الخلوة و الإختلاط : تجنبي - رعاك الله - الإختلاط بالرجال و الخلوة بهم لقوله صلى الله عليه و سلم : ( لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم ) متفق عليه . و إياك و الخضوع بالقول أو المزاح و الضحك معهم لقوله تعالى : { فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا } [الأحزاب:32]. و احذري من التبرج و إظهار الزينة أو التطيب عند المرور بالرجال ففي الحديث : ( أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على القوم ليجدوا ريحها فهي زانية ) رواه أحمد . ثم لا تكوني ممن يعتذرون بالواقع و ينساقون وراءه ، بل كوني ممن يصنعون الواقع و يصيغونه .. العاشرة : الدعاء : الأصل في عمل المرأة القيام بشئون بيتها و القرار فيه : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ } [الأحزاب:33]. و حين تتقربين إلى الله عز و جل بعملك عليك لا تنسي أنك في مكان تصوب لك فيه من السهام ، وتنحدر عليك الفتن من كل جانب ، فالزمي جانب الدعاء و احرصي عليه و تمسكي بقول الله تعالى و قول رسوله صلى الله عليه و سلم و احذري أن تردي قولهما و أنت لا تشعري .. و لا تنسي أختي دعاء نبي الأمة و خير من وطأت قدمه الثرى يدعو ربه الثبات على هذا الدين : ( اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ) رواه الترمذي ، و كان من دعائه صلى الله عليه و سلم : ( اللهم إني أسألك الهدى و التقى و العفاف و الغنى ) رواه مسلم . الحادية عشر : التوبة و الإستغفار : اجعليها شعارك في كل حين ، و على كل حال .. فهي وصية النبي صلى الله عليه و سلم لك ، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله عليه و سلم قال : ( يا معشر النساء تصدقن و أكثرن الإستغفار ، فإني رأيتكن أكثر أهل النار ...) الحديث رواه مسلم . و أخيراً .. سدد الله خطاك ، و بارك مسعاك ، و رزقك السعادة في دينك و دنياك .. |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | تقييم هذا الموضوع |
|
|