عرض مشاركة واحدة
  #21  
قديم 10-01-2015, 02:53PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم



الملخص في شرح كتاب التوحيد
لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان
-حفظه الله ورعاه-


ص -168- باب ما جاء من التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عبده

في الصحيح عن عائشة: أن أم سلمة ذكرت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- كنيسة
رأتها بأرض الحبشة وما فيها من الصور، فقال: "أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو
العبد الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوّروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله"
"1".
فهؤلاء جمعوا بين الفتنتين، فتنة القبور، وفتنة التماثيل.


مناسبة الباب لكتاب التوحيد:
هي بيان أن عبادة الله عند القبر وسيلةٌ إلى الشرك المنافي للتوحيد.
ترجمة أم سلمة: هي أم المؤمنين هند بنت أمية المخزومية القرشية ماتت سنة 62هـ
رضي الله عنها.

ذكرتْ للنبي –صلى الله عليه وسلم-: أي: في مرض موته.
كنيسة: بفتح الكاف وكسر النون: معبد النصارى.


"1" أخرجه البخاري برقم "427" ومسلم برقم "528" وأحمد "6/51".

ص -169-
أولئك؛ بفتح الكاف وكسرها.
الرجل الصالح أو العبد الصالح: هذا –والله أعلم- شكٌّ من الراوي.
تلك الصور: أي: التي ذكرتْ أم سلمة.
فهؤلاء... إلخ: هذا من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، ذكره المصنف كالتوضيح
لمعنى الحديث.


المعنى الإجمالي للحديث:
أن أمّ سلمة وصفت عند النبي –صلى الله عليه وسلم- وهو في مرض الموت –ما شاهدته
في معبد النصارى من صور الآدميّين. فبين –صلى الله عليه وسلم- السبب الذي من أجله
اتخذوا هذه الصور؛ وهو الغلو في تعظيم الصالحين؛ مما أدى بهم إلى بناء المساجد على
قبورهم ونصب صورهم فيها، ثم بيّن حكم من فعل ذلك بأنهم شرار الناس؛ لأنهم جمعوا
بين محذورين في هذا الصنيع هما: فتنة القبور باتخاذها مساجد، وفتنة تعظيم التماثيل مما
يؤدي إلى الشرك.


مناسبة الحديث للباب:
أن فيه الدلالة الواضحة على المنع من عبادة الله عند قبور الصالحين واتخاذها مساجد؛ لأن
ذلك من فعل النصارى ومن فَعَله فهو من شرار الخلق.


ما يستفاد من الحديث:
1- المنع من عبادة الله عند قبور الصالحين؛ لأنه وسيلة إلى الشرك وهو من فعل النصارى.
2- التحدث عما يفعله الكفار –ليحذره المسلمون.
3- التحذير من التصوير ونصب الصور؛ لأن ذلك وسيلةٌ إلى الشرك.
4- أن من بنى مسجداً عند قبر رجل صالح فهو من شرار الخلق وإن حسنت نيته.

ص -170- ولهما عنها قالت: "لما نُزل برسول الله - صلى الله عليه وسلم- طفق يطرح
خميصة له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها، فقال وهو كذلك: "لعنة الله على اليهود
والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" يحذِّر ما صنعوا، ولولا ذلك أُبرز قبره، غير أنه
خُشي أن يُتخذ مسجداً
"1". أخرجاه.

ولهما: أي: البخاري ومسلم، وهو يغني عن قوله في آخره: أخرجاه، فلعله سبق قلم.
عنها: أي: عائشة –رضي الله عنها-.
لما نُزل: بضم النون وكسر الزاي أي: نزل به ملك الموت.
طفق: بكسر الفاء وفتحها أي: جعل.
خميصة: كساءٌ له أعلام أي: خطوط.
اغتم بها: أي: غمّته فاحتبس نفسُه عن الخروج.
كشفها: أي: أزالها عن وجهه الشريف.
فقال وهو كذلك: أي: في هذه الحالة الحرجة يقاسي شدة النزع.
يحذّر ما صنعوا: أي: لعنهم تحذيراً لأمته أن تصنع ما صنعوا.
ولولا ذلك: أي: لولا تحذير النبي –صلى الله عليه وسلم- مما صنعوا ولعنُه من فعَله.
لأُبرز قبرُه: أي: لدُفن خارج بيته.
خَشي: يُروى بفتح الخاء بالبناء للفاعل فيكون المعنى: أنّ


"1" أخرجه البخاري برقم "435" ومسلم برقم "531".

ص -171- الرسول –صلى الله عليه وسلم- هو الذي أمرهم بعدم إبراز قبره. ويُروى
بضم الخاء بالبناء للمفعول فيكون المعنى: أن الصحابة هم الذين خشوا ذلك فلم يُبرزوا قبره.


المعنى الإجمالي للحديث:
أن النبي –صلى الله عليه وسلم- حرصاً منه على حماية التوحيد وتجنيب الأمة ما وقعت
فيه الأمم الضالة من الغلو في قبور أنبيائهم حتى آل ذلك بهم إلى الشرك جعل –صلى
الله عليه وسلم- وهو في سياق الموت ومقاساة شدة النزع- يحذر أمته أن لا يغلو في قبره
فيتخذوه مسجداً يصلون عنده؛ كما فعلت اليهود والنصارى ذلك مع قبور أنبيائهم،
فصلى الله عليه لقد بلّغ البلاغ المبين.


مناسبة الحديث للباب:
أن فيه المنع من عبادة الله عند قبور الأنبياء واتخاذها مساجد؛ لأنه يُفضي إلى الشرك بالله.


ما يستفاد من الحديث:
1- المنع من اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد يُصلى فيها لله، لأن ذلك وسيلة إلى الشرك.
2- شدة اهتمام الرسول –صلى الله عليه وسلم- واعتنائه بالتوحيد وخوفِه أن يعظّم قبره،
لأن ذلك يفضي إلى الشرك.
3- جواز لعن اليهود والنصارى ومن فعل مثل فعلهم من البناء على القبور واتخاذها مساجد.
4- بيان الحكمة من دفن النبي –صلى الله عليه وسلم- في بيته، وأن ذلك لمنع الافتتان به.
5- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- بشرٌ يَجري عليه ما يجري على البشر من الموت وشدة النزع.

ص -172- ولمسلم عن جندب بن عبد الله قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم-
قبل أن يموت بخمسٍ وهو يقول: "إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله قد
اتخذني خليلاً، كما اتخذ إبراهيم خليلاً. ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا
بكر خليلاً. ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا
القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك"
"1".

التراجم:
1- جندب هو: جندب بن عبد الله بن سفيان البجلي صحابيٌّ مشهور، مات بعد الستين
–رضي الله عنه-.

2- أبا بكر هو؛ أبو بكرٍ الصديق: عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب التيمي
خليفة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأفضل الصحابة بالإجماع، مات سنة 13 وله
63 سنة رضي الله عنه.
بخمس: أي: خمس ليال. وقيل: خمس سنين.
إني أبرأ: أي: أمتنع وأنكر.
خليلاً؛ الخليل هو: المحبوب غاية الحب.
ألا: حرف استفتاح وتنبيه.
من كان قبلكم: يعني: اليهود والنصارى.
يتخذون قبور أنبيائهم مساجد: بالصلاة عندها وإليها، وبناءِ

"1" أخرجه مسلم برقم "532".

ص -173- المساجد والقباب عليها.


المعنى الإجمالي للحديث:
يتحدث –صلى الله عليه وسلم- قبيل وفاته إلى أمته بحديث مهمّ، فيخبر عن مكانته عند الله،
وأنها بلغت أعلى درجات المحبة؛ كما نالها إبراهيم عليه السلام، ولذلك نفى أن يكون له خليلٌ
غير الله؛ لأن قلبه امتلأ من محبته وتعظيمه ومعرفته؛ فلا يتسع لأحد. ولو كان له خليلٌ
من الخلق لكان أبا بكر الصديق، وهو إشارةٌ إلى فضل أبي بكر واستخلافه من بعده. ثم أخبر
عن غلو اليهود والنصارى في قبور أنبيائهم حتى صيّروها متعبدات شركية، ونهى أمته
أن يفعلوا مثل فعلهم.


مناسبة الحديث للباب:
أن فيه النهي عن اتخاذ القبور أمكنة للعبادة؛ لأنه وسيلة إلى الشرك. كما تفعل اليهود
والنصارى وغيرهم من أهل البدع.


ما يستفاد من الحديث:
1- النهي عن اتخاذ القبور أمكنة للعبادة يُصلى عندها أو إليها ويُبنى عليها مساجد أو قبابٌ،
حذراً من الوقوع في الشرك بسبب ذلك.
2- سد الذرائع المفضية إلى الشرك.
3- إثبات المحبة لله سبحانه على ما يليق بجلاله.
4- فضل الخليلين: محمد وإبراهيم عليهما السلام.
5- فضل أبي بكر الصديق، وأنه أفضل الأمة على الإطلاق.
6- أنه دليل على خلافة أبي بكر الصديق.

ص -174- فقد نهى عنه وهو في آخر حياته، ثم إنه لعن وهو في السياق مَن فَعَلَه. والصلاة
عندها من ذلك وإن لم يُبْنَ مسجد. وهو معنى قولِها: خشي أن يتخذ مسجداً.
فإن الصحابة لم يكونوا ليبنوا حول قبره مسجداً.
وكل موضع قصدت الصلاة فيه فقد اتخذ مسجداً، بل كل موضع يصلى فيه يسمى مسجداً،
كما قال - صلى الله عليه وسلم-: "جُعِلت لي الأرض مسجداً وطهوراً""1".

هذا من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، يوضح به ما تدل عليه الأحاديث
السابقة في الباب.


توضيح كلام ابن تيمية:
فقوله: "فقد نهى عنه في آخر حياته": كما في حديث جندب.
وقوله: "ثم إنه لعن وهو في السياق من فعله": كما في حديث عائشة.
وقوله: "والصلاة عندها من ذلك" أي: من اتخاذها مساجد.
وقوله: "وإن لم يُبن مسجدٌ" أي: الصلاة عند القبور من اتخاذها مساجد الملعون
من فعله ولو بدون بناء مساجد.
وقوله: "وهو معنى قولِها: خَشي أن يُتخذ مسجداً" أي: معنى قول عائشة في تعليل دفن
النبي –صلى الله عليه وسلم- في بيته وعدم إبراز قبره.
وقوله: "فإن الصحابة لم يكونوا ليبنوا حول قبره مسجداً" أي:

"1" أخرجه البخاري برقم "335" ومسلم برقم "521".

ص -175- لما علموا من تشديده –صلى الله عليه وسلم- في ذلك وتغليظه ولعنِ من
فعله فيكون المقصود النهي عن الصلاة عندها.
وقوله: "وكل موضع قُصدت الصلاة فيه فقد اتُخذ مسجداً"؛ لكونه أُعد للصلاة
وإن لم يُبن.
وقوله: "بل كل موضع يُصلى فيه يسمى مسجداً" أي: وإن لم يقصد بذلك بخصوصه، بل
أوقعت فيه الصلاة عرضاً لما حان وقتها فيه.
وقوله: كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: "جُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً" أراد به
الاستدلال للجملة التي قبله، حيث سمى –صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث الأرض
مسجداً، تجوز الصلاة في كل بقعة منها إلا ما استثناه الدليل.

ص -176- ولأحمد بسند جيد عن ابن مسعود –رضي الله عنه- مرفوعاً: "إن من شرار الناس
من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد"
"1" ورواه أبو حاتم في صحيحه.

شرار الناس: بكسر الشين جمع شرّ، أفعل تفضيل.
من تدركهم الساعة: أي: مقدماتها: كخروج الدابة، وطلوع الشمس من مغربها.
يتخذون القبور مساجد: أي: بالصلاة عندها وإليها.


المعنى الإجمالي للحديث:
يخبر –صلى الله عليه وسلم- عمن تقوم الساعة عليهم وهم أحياءٌ أنهم شرار الناس، ومنهم
الذين يصلون عند القبور وإليها ويبنون عليها القباب، وهذا تحذيرٌ لأمته أن تفعل مع
قبور نبيهم وصالحيهم مثل فعل هؤلاء الأشرار.


مناسبة الحديث للباب:
أن فيه التحذير من اتخاذ القبور مساجد، يُصلى في ساحتها ويُتبرك بها؛ لأنه ذريعةٌ إلى الشرك.


ما يستفاد من الحديث:
1- التحذير عن الصلاة عند القبور، لأنه وسيلةٌ إلى الشرك.
2- أن من اتخذ قبور الصالحين مساجد للصلاة فيها فهو من شرار الخلق، وإن كان
قصده التقرب إلى الله.
3- أن الساعة تقوم على شرار الناس.


"1" أخرجه أحمد في مسنده "1/435"، وصححه ابن حبان في صحيحه برقم "340".

ص -177- 4- التحذير عن الشرك ووسائله وما يقرب إليه، مهما كان قصد صاحب تلك الوسائل.




المصدر :


http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf







رد مع اقتباس