عرض مشاركة واحدة
  #20  
قديم 10-01-2015, 03:53AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




الملخص في شرح كتاب التوحيد
لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان
-حفظه الله ورعاه-





ص -158- باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو
الغلو في الصالحين

وقول الله عز وجل: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ} [النساء: 171].




مناسبة الباب لكتاب التوحيد:
أن المصنف رحمه الله لما بين بعض ما يفعله عبّاد القبور مع الأموات من الشرك المضاد
للتوحيد أراد في هذا الباب أن يبين السبب في ذلك ليحذر ويجتنب وهو الغلو في الصالحين.

ما جاء: أي: من الأدلة.
تركهم: بالجر عطفاً على المضاف إليه "كفر".
الغلو: هو: مجاوزة الحد والإفراط في التعظيم بالقول والاعتقاد وتعدي ما أمر الله تعالى به.
في الصالحين: من الأنبياء والأولياء وغيرهم.
أهل الكتاب: هم اليهود والنصارى.
لا تغلوا في دينكم: لا تتعدوا ما حدد الله لكم، فغلا النصارى في المسيح وغلا اليهود
في عزيز.



المعنى الإجمالي للآية:
ينهى الله اليهود والنصارى عن تعدّي ما حدد الله لهم بأن لا يرفعوا المخلوق فوق منزلته
التي أنزله الله وينزلوه

ص -159- المنزلة التي لا تنبغي إلا لله.


مناسبة الآية للباب:
أن فيها النهي عن الغلو مطلقاً، فيشمل الغلو في الصالحين، والخطاب وإن كان لأهل الكتاب
فإنه عام يتناول جميع الأمة تحذيراً لهم أن يفعلوا في نبيهم وصالحيهم فعل النصارى في
المسيح واليهود في عزيز.


ما يستفاد من الآية:
1- تحريم الغلو في الأشخاص والأعمال وغير ذلك.
2- الرد على اليهود والنصارى ومن شابههم في غلوهم في الأشخاص والأعمال وغير ذلك.
3- الحث على لزوم الاعتدال في الدين وجميع الأمور بين جانبي الأفراط والتفريط.
4- التحذير من الشرك وأسبابه ووسائله.

ص -160- وفي الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله تعالى: {وَقَالُوا لَا
تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا}
[نوح: 23].

قال: "هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم: أن
انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسموها بأسمائهم، ففعلوا، ولم تعبد،
حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم عبدت""1".

وقال ابن القيم: قال غير واحد من السلف: لما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم
ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم.


ترجمة ابن القيم: هو الإمام العلامة محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي الدمشقي تلميذ
شيخ الإسلام ابن تيمية، مات سنة 751هـ رحمه الله. وله مؤلفات مفيدة مشهورة.

لا تذرن آلهتكم: لا تتركوا عبادتها.
ولا تذرون وداً... إلخ: أي: ولا تتركوا هؤلاء خصوصاً.
فلما هلكوا: أي: مات أولئك الصالحون وحزن عليهم قومهم حزناً شديداً.

"1" أخرجه البخاري برقم "4920".


ص -161- أوحى الشيطان إلى قومهم: أي: وسوس وألقى إليهم.
انصبوا: بكسر الصاد.
أنصاباً: أي: أصناماً مصورة على صورهم.
حتى إذا هلك أولئك: أي: الذين نصبوها ليتذكروا برؤيتها أفعال أصحابها فينشطوا على العبادة.
ونُسي العلم: أي: زالت المعرفة وغلب الجهال الذين لا يميزون بين الشرك والتوحيد.
عُبدت: أي: تلك الأصنام لما قال لهم الشيطان: إن آباءكم كانوا يعبدونها.


ج- المعنى الإجمالي للأثر:
يفسر ابن عباس –رضي الله عنهما- هذه الآية الكريمة بأن هذه الآلهة التي ذكر الله أن
قوم نوح تواصوا بالاستمرار على عبادتها بعدما نهاهم نبيهم نوح –عليه السلام- عن الشرك بالله
–أنها في الأصل أسماء رجال صالحين منهم، غلوا فيهم بتسويل الشيطان لهم حتى نصبوا
صورهم، فآل الأمر بهذه الصور إلى أن صارت أصناماً تعبد من دون الله.

وما ذكره ابن القيم هو بمعنى ما ذكره البخاري إلا أنه ذكر أن عكوفهم على قبورهم كان
قبل تصويرهم، فهو يضيف إلى ما سبق أن العكوف على القبور سببٌ لعبادتها أيضاً.


مناسبة الأثر للباب:
أنه يدل على أن الغلو في الصالحين سببٌ لعبادتهم من دون الله.


ما يستفاد من الأثر:
1- أن الغلو في الصالحين سببٌ لعبادتهم من دون الله وترك الدين


ص -162- بالكلية.
2- التحذير من التصوير وتعليق الصور، لا سيما صور العظماء.
3- التحذير من مكر الشيطان وعرضه الباطل في صورة الحق.
4- التحذير من البدع والمحدثات ولو حسُن قصد فاعلها.
5- أن هذه وسائل إلى الشرك فيجب الحذر منها.
6- معرفة قدر وجود العلم ومضرة فقده.
7- أن سبب فقد العلم هو موت العلماء.
8- التحذير من التقليد، وأنه قد يؤول بأهله إلى المروق من الإسلام.


ص -163- وعن عمر –رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال:
"لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله
" أخرجاه"1".



ترجمة عمر رضي الله عنه: هو عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي أمير المؤمنين وأفضل
الصحابة بعد الصديق استشهد في ذي الحجة سنة 23هـ.

لا تطروني: الإطراء؛ مجاوزة الحد في المدح، والكذب فيه.
كما أطرت النصارى ابن مريم: أي: كما غلت النصارى في عيسى –عليه السلام-
حتى ادَّعوا فيه الألوهية.

فقولوا عبد الله ورسوله: أي: صفوني بذلك كما وصفني به ربي.


معنى الحديث إجمالاً:
يقول –صلى الله عليه وسلم-: لا تمدحوني فتغلوا في مدحي كما غلت النصارى في
عيسى عليه السلام فادعوا فيه الألوهية. إني لا أعدو أن أكون عبداً لله ورسولاً منه فصفوني
بذلك ولا ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله.



مناسبة الحديث للباب:
أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- نهى عن الغلو في حقه بإعطائه شيئاً من خصائص الربوبية،
مما يدل على تحريم الغلو، وأنه يفضي إلى الشرك كما أفضى بالنصارى في حق عيسى.


"1" أخرجه البخاري برقم "3445". والحديث ليس موجوداً في صحيح مسلم كما
قال المصنف رحمه الله.
والحديث أخرجه أحمد "1/23، 24، 47، 55".

ص -164- ما يستفاد من الحديث:
1- تحريم مجاوزة الحد في مدح النبي –صلى الله عليه وسلم- وإخراجه من دائرة العبودية،
لأن ذلك هو الشرك بالله.
2- شدة نصحه –صلى الله عليه وسلم- لأمته.
3- أن الغلو في الصالحين سببٌ للوقوع في الشرك.
4- التحذير من التشبه بالكفار.


ص -165- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إياكم والغلو، فإنما أهلك من
كان قبلكم الغلو""
1".

راوي الحديث: هذا الحديث ذكره المصنف رحمه الله دون ذكر روايه. وقد رواه الإمام
أحمد والترمذي وابن ماجه من حديث ابن عباس.

إياكم: كلمة تحذير.
والغلو: منصوب على التحذير بفعل مقدر، وهو مجاوزة الحد.
من كان قبلكم: من الأمم.


معنى الحديث إجمالاً:
يحذر النبي –صلى الله عليه وسلم- أمته من الزيادة في الدين على الحد المشروع، وهو
عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقادات والأعمال، ومن ذلك الغلو في تعظيم الصالحين مما
يكون سبباً في هلاك الأمم السابقة؛ وذلك يقتضي مجانبة هديهم في هذا إبعاداً عن الوقوع
فيما هلكوا به؛ لأن المشارك لهم في بعض هديهم يُخاف عليه من الهلاك مثلهم.


مناسبة الحديث للباب:
أن فيه النهي عن الغلو مطلقاً، وبيان أنه سببٌ للهلاك في الدنيا والآخرة، فيدخل فيه
النهي عن الغلو في


"1" أخرجه أحمد في المسند "1/215، 347"، وابن ماجه برقم "3029"، وابن خزيمة برقم
"2867"، والحاكم "1/466"، وصححه ووافقه الذهبي.


ص -166- الصالحين من باب أولى؛ لأنه سبب للشرك.


ما يستفاد من الحديث:
1- النهي عن الغلو وبيان سوء عاقبته.

2- الاعتبار بمن سبقنا من الأمم لتجنب ما وقعوا فيه من الأخطاء.
3- حرصه –صلى الله عليه وسلم- على نجاة أمته من الشرك ووسائله وابتعادهم عنه.
4- الحث على الاعتدال في العبادة وغيرها بين جانبيّ الإفراط والتفريط.
5- أن الغلو في الصالحين سببٌ للوقوع في الشرك.
6- شدة خوفه –صلى الله عليه وسلم- من الشرك والتحذير عنه.


ص -167- ولمسلم عن ابن مسعود أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال:
"هلك المتنطعون" قالها ثلاثاً
"1".

المتنطعون: المتعمقون في الشيء من كلامٍ وعبادةٍ وغيرها.
ثلاثاً: أي: قال هذه الكلمة ثلاث مرات مبالغة في الإبلاغ والتعليم.


المعنى الإجمالي للحديث:
يوضح النبي –صلى الله عليه وسلم- أن التعمق في الأشياء والغلو فيها يكون سبباً للهلاك،
ومراده –صلى الله عليه وسلم- النهي عن ذلك.


مناسبة الحديث للباب:
أن التنطع من الغلو المنهي عنه، ويدخل في ذلك التنطع في تعظيم الصالحين إلى الحد
الذي يفضي إلى الشرك.



ما يستفاد من الحديث:
1- الحث على اجتناب التنطع في كل شيء؛ لا سيما في العبادات وتقدير الصالحين.

2- الحث على الاعتدال في كل شيء.
3- شدة حرصه على نجاة أمته، واجتهاده في الإبلاغ –صلى الله عليه وسلم-.

"1" أخرجه مسلم برقم "2670"، وأبو داود برقم "4608" وأحمد "1/386".



المصدر :


http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf







التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 10-01-2015 الساعة 02:37PM
رد مع اقتباس