عرض مشاركة واحدة
  #38  
قديم 31-01-2015, 09:21PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





القول المفيد على كتاب التوحيد

باب ما جاء في الرياء

ج / 2 ص -124- باب ما جاء في الرياء:


المؤلف رحمه الله تعالى أطلق الترجمة; فلم يفصح بحكمه لأجل أن يحكم الإنسان بنفسه على الرياء على ما جاء فيه.
تعريف الرياء: مصدر راءى يرائي; أي: عمل عملا ليراه الناس، ويقال مراءاة كما يقال: جاهد جهادا ومجاهدة، ويدخل في ذلك من عمل العمل ليسمعه الناس ويقال له مسمع، وفي الحديث عن النبي ( أنه قال: ( من راءى راءى الله به، ومن سمع سمع الله به ( (1)
والرياء خلق ذميم، وهو من صفات المنافقين، قال تعالى: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً}، [النساء: من الآية142].



والرياء يبحث في مقامين:
المقام الأول: في حكمه.
فنقول: الرياء من الشرك الأصغر; لأن الإنسان قصد بعبادته غير الله، وقد يصل إلى الأكبر، وقد مثل ابن القيم للشرك الأصغر; فقال: "مثل يسير الرياء"، وهذا يدل على أن الرياء الكثير قد يصل إلى الأكبر.



(1) أخرجه البخاري في (الرقاق, باب الرياء والسمع/4/191), ومسلم في (الزهد, باب تحريم الرياء/4/2289). حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

ج / 2 ص -125-


المقام الثاني: في حكم العبادة إذا خالطها الرياء، وهو على ثلاثة أوجه:
الأول: أن يكون الباعث على العبادة مراءاة الناس من الأصل، كمن قام يصلي من أجل مراءاة الناس ولم يقصد وجه الله; فهذا شرك والعبادة باطلة.
الثاني: أن يكون مشاركا للعبادة في أثنائها، بمعنى أن يكون الحامل له في أول أمره الإخلاص لله ثم يطرأ الرياء في أثناء العبادة.
فإن كانت العبادة لا ينبني آخرها على أولها; فأولها صحيح بكل حال، والباطل آخرها. مثال ذلك: رجل عنده مئة ريال قد أعدها للصدقة فتصدق بخمسين مخلصا وراءى في الخمسين الباقية; فالأولى حكمها صحيح، والثانية باطلة.


أما إذا كانت العبادة ينبني آخرها على أولها; فهي على حالين:
أ- أن يدافع الرياء ولا يسكن إليه، بل يعرض عنه ويكرهه; فإنه لا يؤثر عليه شيئا; لقول النبي ( ( إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم((1)، مثال ذلك: رجل قام يصلي ركعتين مخلصا لله، وفي الركعة الثانية أحس بالرياء، فصار يدافعه; فإن ذلك لا يضره ولا يؤثر على صلاته شيئا.
ب- أن يطمئن إلى هذا الرياء ولا يدافعه; فحينئذ تبطل جميع


(1) أخرجه: البخاري في (الأيمان, باب إذا حنث ناسيا, 4/ 222), ومسلم في (الإيمان, باب تجاوز الله عن حديث النفس, 1/ 116); من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

ج / 2 ص -126- وقول الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}، [الكهف: من الآية110]، الآية.


العبادة; لأن آخرها مبني على أولها ومرتبط به. مثال ذلك: رجل قام يصلي ركعتين مخلصا لله، وفي الركعة الثانية طرأ عليه الرياء لإحساسه بشخص ينظر إليه، فاطمأن لذلك ونزع إليه; فتبطل صلاته كلها لارتباط بعضها ببعض.
الثالث: ما يطرأ بعد انتهاء العبادة; فإنه لا يؤثر عليها شيئا، اللهم إلا أن يكون فيه عدوان; كالمن والأذى بالصدقة، فإن هذا العدوان يكون إثمه مقابلا لأجر الصدقة فيبطلها; لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى}، [البقرة: من الآية264].
وليس من الرياء أن يفرح الإنسان بعلم الناس بعبادته; لأن هذا إنما طرأ بعد الفراغ من العبادة.


وليس من الرياء أيضا أن يفرح الإنسان بفعل الطاعة في نفسه، بل ذلك دليل على إيمانه، قال النبي (: ( من سرته حسناته وساءته سيئاته; فذلك المؤمن((1)، وقد سئل النبي ( عن ذلك; فقال: ( تلك عاجل بشرى المؤمن((2).
قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ}؛ يأمر الله نبيه أن يقول للناس: إنما أنا بشر مثلكم، وهو قصر النبي ( على البشرية، وأنـه ليس



(1) أخرجه أحمد (1/18, 26) , والترمذي في (الفتن , باب ما جاء في لزوم الجماعة/6/333)- وقال: "حسن, صحيح, غريب"-; من حديث عمر رضي الله عنه.
(2) أخرجه مسلم في (البر والصلة, باب إذا أثنى على الصالح/4/2034).

ج / 2 ص -127-


ربا ولا ملكا، وأكد هذه البشرية بقوله: "مثلكم"، فذكر المثل من باب تحقيق البشرية.
قوله: ( يُوحَى إِلَيَّ ( الوحي في اللغة: الإعلام بسرعة وخفاء، ومنه قوله تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً}، [مريم:11].
وفي الشرع: إعلام الله بالشرع.
والوحي: هو الفرق بيننا وبينه ( فهو متميز بالوحي كغيره من الأنبياء والرسل.
قوله: {أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِد}: هذه الجملة في تأويل مصدر نائب فاعل "يوحى"، وفيها حصر طريقه " أنما"; فيكون معناها: ما إلهكم إلا إله واحد، وهو الله، فإذا ثبت ذلك; فإنه لا يليق بك أن تشرك معه غيره في العبادة التي هي خالص حقه، ولذلك قال تعالى بعد هذا: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً}، [الكهف: من الآية110].
فقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ}، المراد بالرجاء: الطلب والأمل; أي: من كان يؤمل أن يلقى ربه، والمراد باللقيا هنا الملاقاة الخاصة;

لأن اللقيا على نوعين:
الأول: عامة لكل إنسان، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ}؛ [الانشقاق:6]، ولذلك قال مفرعا على ذلك: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِه، فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً}، {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ}، [الانشقاق:7-10]، الآية.
الثاني: الخاصة بالمؤمنــين، وهو لقاء الرضا والنعيم كما في هذه

ج / 2 ص -128-


الآية، وتتضمن رؤيته تبارك وتعالى، كما ذكر ذلك بعض أهل العلم.
فقوله: {فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً}: الفاء رابطة لجواب الشرط، والأمر للإرشاد; أي: من كان يريد أن يلقى الله على الوجه الذي يرضاه سبحانه; فليعمل عملا صالحا.
والعمل الصالح: ما كان خالصا صوابا، وهذا وجه الشاهد من الآية.
فالخالص: ما قصد به وجه الله، والدليل على ذلك قوله (: ( إنما الأعمال بالنيات((1).
والصواب: ما كان على شريعة الله، والدليل على ذلك قوله (: ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا; فهو رد((2).
ولهذا قال العلماء: هذان الحديثان ميزان الأعمال; فالأول: ميزان الأعمال الباطنة. والثاني: ميزان الأعمال الظاهرة.
قوله:" وَلَا يُشْرِكْ": لا: ناهية، والمراد بالنهي الإرشاد.


قوله:" بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا": خص العبادة لأنها خالص حق الله، ولذلك أتى بكلمة "رب" إشارة إلى العلة، فكما أن ربك خلقك ولا يشاركه أحد في خلقك; فيجب أن تكون العبادة له وحده، ولذلك لم يقل: ( لا يشرك بعبادة الله)، فذكر الرب من باب التعليل; كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}، [البقرة: من الآية21].



(1) أخرجه البخاري (1), ومسلم (3/ 1515).
(2) أخرجه البخاري معلقا بصيغة الجزم في (البيوع, باب النجش/3/100) ومسلم موصولا في (الأقضية, باب نقض الأحكام, 3/ 1343).

ج / 2 ص -129- وعن أبي هريرة مرفوعا: قال الله تعالى: ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك معي فيه غيري .....


وقوله: "أحدا" نكرة في سياق النهي; فتكون عامة لكل أحد.
والشاهد من الآية: أن الرياء من الشرك، فيكون داخلا في النهي عنه.
وفي هذه الآية دليل على ملاقاة الله تعالى، وقد استدل بها بعض أهل العلم على ثبوت رؤية الله; لأن الملاقاة معناها المواجهة.
وفيها دليل على أن الرسول ( بشر لا يستحق أن يعبد; لأنه حصر حاله بالبشرية، كما حصر الألوهية بالله.
قوله في حديث أبي هريرة: " قال الله تعالى": هذا الحديث يرويه النبي ( عن ربه، ويسمى هذا النوع بالحديث القدسي.
قوله: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك".
قوله: " أغنى": اسم تفضيل، وليست فعلا ماضيا، ولهذا أضيفت إلى الشركاء. يعني: إذا كان بعض الشركاء يستغني عن شركته مع غيره; فالله أغنى الشركاء عن المشاركة
فالله لا يقبل عملا له فيه شرك أبدا، ولا يقبل إلا العمل الخالص له وحده، فكما أنه الخالق وحده; فكيف تصرف شيئا من حقه إلى غيره؟!
فهذا ليس عدلا، ولهذا قال الله عن لقمان: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}، [لقمان: من الآية13]، فالله الذي خلقك وأعدك إعدادا كاملا بكل مصالحك وأمدك بما تحتاج إليه، ثم تذهب وتصرف شيئا من حقه إلى غيره؟! فلا شك أن هذا من أظلم الظلم.

ج / 2 ص -130- تركته وشركه) رواه مسلم(1).



قوله: "عملا": نكرة في سياق الشرط; فتعم أي عمل من صلاة، أو صيام، أو حج، أو جهاد، أو غيره.
قوله: "تركته وشركه": أي: لم أثبه على عمله الذي أشرك فيه.
وقد يصل هذا الشرك إلى حد الكفر، فيترك الله جميع أعماله; لأن الشرك يحبط الأعمال إذا مات عليه.
والمراد بشركه: عمله الذي أشرك فيه، وليس المراد شريكه; لأن الشريك الذي أشرك به مع الله قد لا يتركه، كمن أشرك نبيا أو وليا; فإن الله لا يترك ذلك النبي والولي.


ويستفاد من هذا الحديث:

1- بيان غنى الله تعالى; لقوله: ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك.
2- بيان عظم حق الله، وأنه لا يجوز لأحد أن يشرك أحدا مع الله في حقه.
3- بطلان العمل الذي صاحبه الرياء; لقوله: "تركته وشركه".
4- تحريم الرياء; لأن ترك الإنسان وعمله، وعدم قبوله، يدل على الغضب، وما أوجب الغضب; فهو محرم.
5- أن صفات الأفعال لا حصر لها; لأنها متعلقة بفعل الله، ولم يزل الله ولا يزال فعَّالا.



(1) أخرجه مسلم في (الزهد, باب من أشرك في عمله غير الله/4/2289).

ج / 2 ص -131- وعن أبي سعيد مرفوعا: ( ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ .....


قوله في حديث أبي سعيد: " ألا": أداة عرض، والغرض منها تنبيه المخاطب; فهو أبلغ من عدم الإتيان بها.
قوله: " بما هو": ما: اسم موصول بمعنى الذي.
قوله: " أخوف عليكم عندي": أي عند الرسول ( لأنه ( من رحمته بالمؤمنين يخاف عليهم كل الفتن، وأعظم فتنة في الأرض هي فتنة المسيح الدجال، لكن خوف النبي ( من فتنة هذا الشرك الخفي أشد من خوفه من فتنة المسيح الدجال، وإنما كان كذلك; لأن التخلص منه صعب جدا، ولذلك قال بعض السلف: (ما جاهدت نفسي على شيء مجاهدتها على الإخلاص( وقال النبي (: ( أسعد الناس بشفاعتي من قال: لا إله إلا الله خالصا من قلبه( (1) ولا يكفي مجرد اللفظ بها، بل لا بد من إخلاص وأعمال يتعبد بها الإنسان لله .
قوله: " المسيح الدجال": المسيح; أي: ممسوح العين اليمنى،


فذكر النبي عيبين في الدجال:
أحدهما: حسي، وهو أن الدجال أعور العين اليمنى; كما قال النبي ( ( إن الله لا يخفى عليكم، إنه ليس بأعور وإن الدجال أعور العين اليمنى((2).
والثاني: معنوي، وهو الدجال; فهو صيغة مبالغة، أو يقال بأنه نسبة إلى وصفه المـلازم له، وهو الدجل والكذب والتمويه، وهو رجل من بني آدم،


ـ
(1) أخرجه البخاري في (العلم, باب الحرص على الحديث/1/52) من حديث أبي هريرة.
(2) أخرجه البخاري في (الأنبياء, باب واذكر في الكتاب مريم/2/488), ومسلم في (الفتن, باب ذكر الدجال/4/2247); من حديث ابن عمر.

ج / 2 ص -132- قالوا: بلى. قال: الشرك الخفي،


ولكن الله- سبحانه وتعالى- بحكمته يخرجه ليفتن الناس به، وفتنته عظيمة; إذ ما في الدنيا منذ خلق آدم إلى أن تقوم الساعة فتنة أشد من فتنة الدجال.
والمسيح الدجال ثبتت به الأحاديث واشتهرت حتى كان من المعلوم بالضرورة; لأن النبي ( أمر أمته أن يتعوذوا بالله منه في كل صلاة.
وقد حاول بعض الناس إنكاره وقالوا: ما ورد من صفته متناقض ولا يمكن أن يصدق به، لكن هؤلاء يقيسون الأحاديث بعقولهم وأهوائهم، وقدرة الله بقدرتهم، ويقولون: كيف يكون اليوم الواحد عن سنة والشمس لها نظام لا تتعداه؟
وهذا لا شك جهل منهم بالله; فالذي جعل هذا النظام هو الله، وهو القادر على أن يغيره متى شاء; فيوم القيامة تكور الشمس، وتتكدر النجوم، وتكشط السماء، كل ذلك بكلمة "كن".


ورد هذه الأحاديث بمثل هذه التعاليل دليل على ضعف الإيمان وعدم تقدير الله حق قدره، قال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}، [الأنعام: من الآية91].
فالذي نؤمن به أنه سيخرج في آخر الزمان، ويحصل منه كل ما ثبت عن رسول الله (.
ونؤمن أن الله على كل شيء قدير، وأنه قادر على أن يبعث على الناس من يفتنهم عن دينهم; ليتميز المؤمن من الكافر والخبيث من الطيب، مثل ما ابتلى الله بني إسرائيل بالحيتان يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم، ومثل ما ابتلى الله المؤمنين بأن أرسل عليهم الصيد وهم حرم، تناله أيديهم ورماحهم ليعلم الله من يخافه بالغيب، وقد يبتلي الله أفراد الناس بأشياء يمتحنهم بها، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ}، [الحج: من الآية11].
قوله: "الشرك الخفي": الشرك قسمان خفي وجلي.

ج / 2 ص -133- يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل إليه(، رواه أحمد(1).


فالَجِليّ: ما كان بالقول مثل: الحلف بغير الله أو قول ما شاء الله وشئت، أو بالفعل مثل: الانحناء لغير الله تعظيما.
والخفي: ما كان في القلب، مثل الرياء; لأنه لا يبين; إذ لا يعلم ما في القلوب إلا الله، ويسمى أيضا "شرك السرائر"، وهذا هو الذي بينه الله بقوله: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ}، [الطارق:9]؛ لأن الحساب يوم القيامة على السرائر، قال تعالى: {أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ، وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ}، [العاديات:9-10].


وفي الحديث الصحيح فيمن كان يأمر بالمعروف ولا يفعله وينهى عن المنكر ويفعله: أنه " يلقى في النار حتى تندلق أقتاب بطنه، فيدور عليها كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع عليه أهل النار، فيسألونه، فيخبرهم أنه كان يأمر بالمعروف ولا يفعله، وينهى عن المنكر ويفعله(2) ".
قوله: "يقوم الرجل، فيصلي، فيزين صلاته": يتساوى في ذلك الرجل والمرأة، والتخصيص هنا يسمى مفهوم اللقب، أي أن الحكم يعلق بما هو أشرف، لا لقصد التخصيص، ولكن لضرب المثل.
وقوله: " فيزين صلاته": أي: يحسنها بالطمأنينة، ورفع اليدين عند التكبير، ونحو ذلك.


قوله: " لما يرى من نظر رجل إليه": " ما" موصـولة، وحذف العائد;


(1) أخرجه أحمد (3/30), وابن ماجه في (الزهد, باب الرياء والسمعة/2/1406),- وقال في "الزوائد": "إسناده حسن, وكثير بن زيد وربيح بن عبد الرحمن مختلف فيهما"-, وأخرجه الحاكم (4/329) وصححه.
(2) أخرجه البخاري في (بدء الخلق, باب صفة النار/2/436), ومسلم في (الزهد, باب عقوبة من يأمر بمعروف ولا يفعله/4/2290).



ج / 2 ص -134- فيه مسائل:
الأولى:
تفسير آية الكهف.
الثانية: الأمر العظيم في رد العمل الصالح إذا دخله شيء لغير الله.
الثالثة: ذكر السبب الموجب لذلك، وهو كمال الغنى.
الرابعة: أن من الأسباب أنه تعالى خير الشركاء.
الخامسة: خوف النبي ( على أصحابه من الرياء.


أي: للذي يراه من نظر رجل، وهذه هي العلة لتحسين الصلاة; فقد زين صلاته ليراه هذا الرجل فيمدحه بلسانه أو يعظمه بقلبه، وهذا شرك.


فيه مسائل:

الأولى:
تفسير آية الكهف: وسبق الكلام عليها.
الثانية: الأمر العظيم في رد العمل الصالح إذا دخله شيء لغير الله:
وذلك لقوله: "تركته وشركه"، وصار عظيما; لأنه ضاع على العامل خسارا، وفحوى الحديث تدل على غضب الله ( من ذلك.
الثالثة: ذكر السبب الموجب لذلك، وهو كمال الغنى: يعني: الموجب للرد؛ هو كمال غنى الله ( عن كل عمل فيه شرك، وهو غني عن كل عمل، لكن العمل الصالح يقبله ويثيب عليه.
الرابعة: أن من الأسباب أنه تعالى خير الشركاء: أي: من أسباب رد العمل إذا أشرك فيه العامل مع الله أحدا أن الله خير الشركاء، فلا ينازع من جعل شريكا له فيه.
الخامسة: خوف النبي ( على أصحابه من الرياء: وذلك

ج / 2 ص -135- السادسة: أنه فسر ذلك بأن المرء يصلي لله، لكن يزينها لما يرى من نظر رجل إليه.

ـ
( لقوله (: ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال(، وإذا كان يخاف ذلك على أصحابه; فالخوف على من بعدهم من ذلك من باب أولى.
السادسة: أنه فسر ذلك بأن المرء يصلي لله، لكن يزينها لما يرى من نظر رجل إليه: وهذا التفسير ينطبق تماما على الرياء; فيكون أخوف علينا عند رسول الله ( من المسيح الدجال.
ولم يذكر المؤلف مسألة خوف النبي ( على أمته من المسيح الدجال; لأن المقام في الرياء لا فيما يخافه النبي ( على أمته.




المصدر :

كتاب
القول المفيد على كتاب التوحيد

رابط التحميل المباشر


http://waqfeya.com/book.php?bid=1979




رد مع اقتباس