عرض مشاركة واحدة
  #32  
قديم 31-01-2015, 10:32AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





القول المفيد على كتاب التوحيد

باب: ما جاء في الاستسقاء بالأنواء

ج / 2 ص -18- باب: ما جاء في الاستسقاء بالأنواء


الاستسقاء: طلب السقيا; كالاستغفار: طلب المغفرة، والاستعانة: طلب المعونة، والاستعاذة: طلب العوذ، والاستهداء: طلب الهداية; لأن مادة استفعل في الغالب تدل على الطلب، وقد لا تدل على الطلب، بل تدل على المبالغة في الفعل، مثل: استكبر; أي: بلغ في الكبر غايته، وليس المعنى طلب الكبر، والاستسقاء بالأنواء; أي: أن تطلب منها أن تسقيك.


والاستسقاء بالأنواء ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: شرك أكبر، وله صورتان:
الأولى: أن يدعو الأنواء بالسقيا، كأن يقول: يا نوء كذا! اسقنا أو أغثنا، وما أشبه ذلك; فهذا شرك أكبر; لأنه دعا غير الله، ودعاء غير الله من الشرك الأكبر، قال تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}، [المؤمنون:117]، وقال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً}، [الجن:18]، وقال تعالى: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ}، [يونس:106].
إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة الدالة على النهي عن دعاء غير الله، وأنه من الشرك الأكبر.

ج / 2 ص -19- وقول الله تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ}، [الواقعة:82].


الثانية: أن ينسب حصول الأمطار إلى هذه الأنواء على أنها هي الفاعلة بنفسها دون الله ولو لم يدعها; فهذا شرك أكبر في الربوبية، والأول في العبادة; لأن الدعاء من العبادة، وهو متضمن للشرك في الربوبية; لأنه لم يدعها إلا وهو يعتقد أنها تفعل وتقضي الحاجة.

القسم الثاني: شرك أصغر، وهو أن يجعل هذه الأنواء سببا، مع اعتقاده أن الله هو الخالق الفاعل; لأن كل من جعل سببا لم يجعله الله سببا، لا بوحيه ولا بقدره; فهو مشرك شركا أصغر.
قوله تعالى: "وتجعلون": أي: تصيرون، وهي تنصب مفعولين: الأول: (رزق)، والثاني: (أن)، وما دخلت عليه في تأويل مصدر مفعول ثان، والتقدير: وتجعلون رزقكم كونكم تكذبون أو تكذيبكم.
والمعنى: تكذبون أنه من عند الله، حيث تضيفون حصوله إلى غيره.


قوله: "رزقكم": الرزق هو العطاء، والمراد به هنا: ما هو أعم من المطر; فيشمل معنيين:
الأول: أن المراد به رزق العلم; لأن الله قال: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ، وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ، إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ، فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ، لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ، تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ، وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ}، [الواقعة:75-82]، أي: تخافونهم فتداهنونهم، وتجعلون شكر ما رزقكم الله به من العلم والوحي أنكم تكذبون به، وهذا هو ظاهر سياق الآية.

ج / 2 ص -20-


الثاني: أن المراد بالرزق المطر، وقد روي في ذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لكنه ضعيف1 إلا أنه صح عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الآية: أن المراد بالرزق المطر، وأن التكذيب به نسبته إلى الأنواء2، وعليه يكون ما ساق المؤلف الآية من أجله مناسبا للباب تماما.
والقاعدة في التفسير: أن الآية إذا كانت تحتمل المعنيين جميعا بدون منافاة تحمل عليهما جميعا، وإن حصل بينهما منافاة طلب المرجح.
ومعنى الآية: أن الله يوبخ هؤلاء الذين يجعلون شكر الرزق التكذيب والاستكبار والبعد لأن شكر الرزق يكون بالتصديق والقبول والعمل بطاعة المنعم، والفطرة كذلك لا تقبل أن تكفر بمن ينعم عليها; فالفطرة والعقل والشرع كل منها يوجب أن تشكر من ينعم عليك، سواء قلنا: المراد بالرزق المطر الذي به حياة الأرض، أو قلنا: إن المراد به القرآن الذي به حياة القلوب; فإن هذا من أعظم الرزق; فكيف يليق بالإنسان أن يقابل هذه النعمة بالتكذيب؟!


واعلم أن التكذيب نوعان:
أحدهما: التكذيب بلسان المقال، بأن يقول: هذا كذب، أو المطر من النوء، ونحو ذلك.



1 أخرجه الإمام أحمد (1/89, 108), والترمذي في (التفسير, ومن سورة الواقعة/9/ 35), وقال: "حسن غريب, لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث إسرائيل, وروى سفيان عن عبد الأعلى هذا الحديث بهذا الإسناد ولم يرفعه". وأخرجه أيضا: ابن جرير (27/662), وابن أبي حاتم; كما في "تفسير ابن كثير" (4/300). وأورده في "الدر المنثور" (6/163), وعزاه لابن منيع، وابن المنذر، وابن مردويه، وغيرهم، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
2 يأتي (ص30).

ج / 2 ص -21- وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية......


والثاني: التكذيب بلسان الحال، بأن يعظم الأنواء والنجوم معتقدا أنها السبب، ولهذا وعظ عمر بن عبد العزيز الناس يوما; فقال: "أيها الناس! إن كنتم مصدقين; فأنتم حمقى، وإن كنتم مكذبين; فأنتم هلكى"، وهذا صحيح; فالذي يصدق ولا يعمل أحمق، والمكذب هالك; فكل إنسان عاص نقول له الآن: أنت بين أمرين: إما أنك مصدق بما رتب على هذه المعصية، أو مكذب، فإن كنت مصدقا; فأنت أحمق، كيف لا تخاف فتستقيم؟! وإن كنت غير مصدق; فالبلاء أكبر، فأنت هالك كافر.
قوله: في حديث أبي مالك: "أربع في أمتي".


الفائدة من قوله: "أربع" ليس الحصر; لأن هناك أشياء تشاركها في المعنى، وإنما يقول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك من باب حصر العلوم وجمعها بالتقسيم والعدد; لأنه يقرب الفهم، ويثبت الحفظ.
قوله: "أمتي": أي: أمة الإجابة.
قوله: "من أمر الجاهلية": أمر هنا بمعنى شأن; أي: من شأن الجاهلية وهو واحد الأمور، وليس واحد الأوامر; لأن واحد الأوامر طلب الفعل على وجه الاستعلاء.
وقوله: "من أمر الجاهلية": إضافتها إلى الجاهلية الغرض منها التقبيح والتنفير; لأن كل إنسان يقال له: فعلك فعل الجاهلية لا شك أنه يغضب، إذ إنه لا أحد يرضى أن يوصف بالجهل، ولا بأن فعله من أفعال الجاهلية; فالغرض من الإضافة هنا أمران:

ج / 2 ص -22-


1- التنفير.
2- بيان أن هذه الأمور كلها جهل وحمق بالإنسان; إذ ليست أهلا بأن يراعيها الإنسان أو يعتني بها; فالذي يعتني بها جاهل.
والمراد بالجاهلية هنا: ما قبل البعثة; لأنهم كانوا على جهل وضلال عظيم حتى إن العرب كانوا أجهل خلق الله، ولهذا يسمون بالأميين، والأمي هو الذي لا يقرأ ولا يكتب; نسبة إلى الأم، كأن أمه ولدته الآن.
لكن لما بعث فيهم هذا النبي الكريم; قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ}، [آل عمران:164]، فهذه منة عظيمة؛ أن بعث فيهم النبي عليه الصلاة والسلام لهذه الأمور السامية:
1- يتلو عليهم آيات الله.
2- ويزكيهم; فيطهر أخلاقهم وعبادتهم وينميها.
3- ويعلمهم الكتاب.
4- والحكمة.


هذه فوائد أربع عظيمة لو وزنت الدنيا بواحدة منها لوزنتها عند من يعرف قدرها، ثم بين الحال من قبل فقال: {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ}، [آل عمران: من الآية164]، و"إن" هذه ليست نافية، بل مؤكدة; فهي مخففة من الثقيلة، يعني: وإنهم كانوا من قبل لفي ضلال مبين.
إذن المراد بالجاهلية ما قبل البعثة; لأن الناس كانوا فيها على جهل عظيم، فجهلهم شامل للجهل في حقوق الله، وحقوق عباده، فمن جهلهم

ج / 2 ص -23- لا يتركونهن: الفخر بالأحساب،..


أنهم ينصبون النصب ويعبدونها من دون الله، ويقتل أحدهم ابنته لكي لا يعير بها، ويقتل أولاده من ذكور وإناث خشية الفقر.
قوله: "لا يتركونهن": المراد: لا يتركون كل واحد منها باعتبار المجموع بالمجموع، بأن يكون كل واحد منها عند جماعة، والثاني عند آخرين، والثالث عند آخرين، والرابع عند آخرين، وقد تجتمع هذه الأقسام في قبيلة، وقد تخلو بعض القبائل منها جميعا، إنما الأمة كمجموع لا بد أن يوجد فيها شيء من ذلك; لأن هذا خبر من الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، والمراد بهذا الخبر التنفير; لأنه صلى الله عليه وسلم قد يخبر بأشياء تقع، وليس غرضه أن يؤخذ بها; كما قال صلى الله عليه وسلم: "لتركبن سنن من كان قبلكم"1، أي: فاحذروا، وأخبر صلى الله عليه وسلم: "أن الظعينة تخرج من صنعاء إلى حضرموت لا تخشى إلا الله"2، أي: بلا محرم، وهذا خبر عن أمر واقع، وليس إقرارا له شرعا.


قوله: " الفخر بالأحساب": الفخر: التعالي والتعاظم، والباء للسببية; أي: يفخر بسبب الحسب الذي هو عليه.
والحسب: ما يحتسبه الإنسان من شرف وسؤدد، كأن يكون من بني هاشم فيفتخر بذلك، أو من آباء وأجداد مشهورين بالشجاعة، فيفتخر بذلك، وهذا من أمر الجاهلية; لأن الفخر في الحقيقة يكون بتقوى الله الذي يمنع الإنسان من التعالي والتعاظم، والمتقي حقيقة هو الذي كلما



1 سبق (1/202).
2 أخرجه البخاري في (المناقب, باب علامات النبوة/2/531). ولفظه: "حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله". وأخرج البخاري من حديث عدي بن حاتم في الموضع السابق (2/527): "فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا إلا الله".

ج / 2 ص -24- والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة".


ازدادت نعم الله عليه ازداد تواضعا للحق وللخلق. وإذا كان الفخر بالحسب من فعل الجاهلية; فلا يجوز لنا أن نفعله، ولهذا قال تعالى لنساء نبيه صلى الله عليه وسلم: {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى}، [الأحزاب: من الآية33]، واعلم أن كل ما ينسب إلى الجاهلية; فهو مذموم ومنهي عنه.
قوله: "الطعن في الأنساب": الطعن: العيب; لأنه وخز معنوي كوخز الطاعون في الجسد، ولهذا سمي العيب طعنا.
والأنساب: جمع نسب، وهو أصل الإنسان وقرابته، فيطعن في نسبه كأن يقول: أنت ابن الدبَّاغ، أو أنت ابن مقطعة البظور- وهي شيء في فرج المرأة يقطع عند ختان النساء-.


قوله: "والاستسقاء بالنجوم": أي: نسبة المطر إلى النجوم، مع اعتقاد أن الفاعل هو الله عز وجل أما إن اعتقد أن النجوم هي التي تخلق المطر والسحاب أو دعاها من دون الله لتنزل المطر; فهذا شرك أكبر مخرج عن الملة.
قوله: "والنياحة على الميت": هذا هو الرابع، والنياحة: هي رفع الصوت بالبكاء على الميت قصدا، وينبغي أن يضاف إليه على سبيل النوح; كنوح الحمام.
والندب: تعداد محاسن الميت.


والنياحة من أمر الجاهلية، ولا بد أن تكون في هذه الأمة، وإنما كانت من أمر الجاهلية؛ إما من الجهل الذي هو ضد العلم. أو من الجهالة التي هي السفه، وهي ضد الحكمة.

وإنما كانت كذلك لأمور، هي:

ج / 2 ص -25- وقال: "النائحة إذا لم تتب قبل موتها; تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب". رواه مسلم1.


1- أنها لا تزيد النائح إلا شدة، وحزنا، وعذابا.
2- أنها تسخط من قضاء الله وقدره، واعتراض عليه.
3- أنها تهيج أحزان غيره.
وقد ذكر عن ابن عقيل رحمه الله - وهو من علمائنا الحنابلة- أنه خرج في جنازة ابنه عقيل وكان أكبر أولاده وطالب علم، فلما كانوا في المقبرة صرخ رجل وقال: {يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}، [يوسف: من الآية78]، فقال له ابن عقيل رحمه الله: إن القرآن إنما نزل لتسكين الأحزان، وليس لتهييج الأحزان.
4- أنه مع هذه المفاسد لا يرد القضاء، ولا يرفع ما نزل.

والنياحة تشمل ما إذا كانت من رجل أو امرأة، لكن الغالب وقوعها من النساء، ولهذا قال: "النائحة إذا لم تتب قبل موتها" أي: إن تابت قبل الموت; تاب الله عليها، وظاهر الحديث أن هذا الذنب لا تكفره إلا التوبة، وأن الحسنات لا تمحوه; لأنه من كبائر الذنوب، والكبائر لا تمحى بالحسنات; فلا يمحوها إلا التوبة.
قوله: "تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران"2، أي: تقام من قبرها، والسربال: الثوب السابغ كالدرع، والقطران معروف، ويسمى "الزفت"، وقيل: إنه النحاس المذاب.


قوله: "ودرع من جرب": الجرب: مرض معروف يكون في



1 أخرجه: مسلم في (الجنائز, باب التشديد في النياحة, 2/644).
2 مسلم: الجنائز (934) , وأحمد (5/342 ,5/343 ,5/344).

ج / 2 ص -26-


الجلد، يؤرق الإنسان، وربما يقتل الحيوان، والمعنى: إن كل جلدها يكون جربا بمنزلة الدرع، وإذا اجتمع قطران وجرب زاد البلاء; لأن الجرب أي شيء يمسه يتأثر به; فكيف ومعه قطران؟!
والحكمة أنها لما لم تغط المصيبة بالصبر غطيت بهذا الغطاء سربال من قطران ودرع من جرب; فكانت العقوبة من جنس العمل.


ويستفاد من الحديث:
1- ثبوت رسالته صلى الله عليه وسلم لأنه أخبر عن أمر من أمور الغيب فوقع كما أخبر.
2- التنفير من هذه الأشياء الأربعة: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة على الميت.
3- أن النياحة من كبائر الذنوب لوجود الوعيد عليها في الآخرة، وكل ذنب عليه الوعيد في الآخرة; فهو من الكبائر.
4- أن كبائر الذنوب لا تكفر بالعمل الصالح; لقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا لم تتب قبل موتها".
5- أن من شروط التوبة أن تكون قبل الموت; لقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا لم تتب قبل موتها"، ولقوله تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآن}، [النساء: من الآية18].
6- أن الشرك الأصغر لا يخرج من الملة:
فمن أهل العلم من قال: إنه داخل تحت المشيئة؛ إن شاء الله عذبه، وإن شاء غفر له.


ومن أهل العلم من قال: إنه ليس بداخل تحت المشيئة، وإنه لا بد

ج / 2 ص -27- ولهما عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: "صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية.....


أن يعاقب، وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لإطلاق قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}، [النساء: من الآية48]، فقال: والشرك لا يغفره الله ولو كان أصغر1.
وبهذا نعرف عظم سيئة الشرك، قال ابن مسعود رضي الله عنه: "لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا"2؛ لأن الحلف بغير الله من الشرك، والحلف بالله كاذبا من كبائر الذنوب، وسيئة الشرك أعظم من سيئة الذنب.
7- ثبوت الجزاء والبعث.
8- أن الجزاء من جنس العمل.


قوله في حديث زيد بن خالد: "صلى لنا": أي: إماما; لأن الإمام يصلي لنفسه ولغيره، ولهذا يتبعه المأموم، وقيل: إن اللام بمعنى الباء، وهذا قريب، وقيل: إن اللام للتعليل; أي: صلى لأجلنا.
قوله: "صلاة الصبح بالحديبية": أي: صلاة الفجر. والحديبية فيها لغتان: التخفيف، وهو أكثر، والتشديد، وهي اسم بئر سمي بها المكان،



1"الرد على البكري" (تلخيص "كتاب الاستغاثة") (ص 146). وانظر أيضا: "جامع الرسائل" (2/254).
2 أخرجه عبد الرزاق (8/469), والطبراني في "الكبير" (8902). قال المنذري في "الترغيب" (3/607) والهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/177): "ورواته رواة الصحيح".

ج / 2 ص -28- على إثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف; أقبل على الناس، فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟


وقيل: إن أصلها شجرة حدباء تسمى حديبية، والأكثر على أنها اسم بئر، وهذا المكان قريب من مكة بعضه في الحل وبعضه في الحرم، نزل به الرسول صلى الله عليه وسلم في السنة السادسة من الهجرة لما قدم معتمرا، فصده المشركون عن البيت، وما كانوا أولياءه، إن أولياؤه إلا المتقون، ويسمى الآن الشميسي.
قوله: "على إثر سماء كانت من الليل": الإثر معناه العقب، والأثر: ما ينتج عن السير.
قوله: "سماء": المراد به المطر.


قوله: "كانت من الليل": "من" لابتداء الغاية، هذا هو الظاهر- والله أعلم-، ويحتمل أن تكون بمعنى " في" للظرفية.
قوله: "فلما انصرف": أي: من صلاته، وليس من مكانه بدليل قوله: "أقبل على الناس".
قوله: "هل تدرون ماذا قال ربكم؟": الاستفهام يراد به التنبيه والتشويق لما سيلقى عليهم، وإلا; فالرسول صلى الله عليه وسلم يعلم أنهم لا يعلمون ماذا قال الله; لأن الوحي لا ينزل عليهم.
ومعنى قوله: "هل تدرون": أي: هل تعلمون.
والمراد بالربوبية هنا الربوبية الخاصة; لأن ربوبية الله للمؤمن خاصة كما أن عبودية المؤمن له خاصة، ولكن الخاصة لا تنافي العامة; لأن العامة تشمل هذا وهذا، والخاصة تختص بالمؤمن.

ج / 2 ص -29- قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر،.......


قوله: "قالوا: الله ورسوله أعلم": فيه إشكال نحوي; لأن "أعلم" خبر عن اثنين، وهي مفرد؛ فيقال: إن اسم التفضيل إذا نوي به معنى "من"، وكان مجردا من أل والإضافة؛ لزم فيه الإفراد والتذكير.
وفيه أيضا إشكال معنوي، وهو أنه جمع بين الله ورسوله بالواو، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما قال له الرجل: "ما شاء الله وشئت. قال: أجعلتني لله ندا؟!"1.
فيقال: إن هذا أمر شرعي، وقد نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم. وأما إنكاره على من قال: ما شاء الله وشئت; فلأنه أمر كوني، والرسول صلى الله عليه وسلم ليس له شأن في الأمور الكونية.
والمراد بقولهم: "الله ورسوله أعلم" تفويض العلم إلى الله ورسوله، وأنهم لا يعلمون.
قوله: "أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر".


"مؤمن": صفة لموصوف محذوف; أي: عبد مؤمن، وعبد كافر.
و"أصبح": من أخوات كان، واسمها: "مؤمن"، وخبرها: "من عبادي".
ويجوز أن يكون "أصبح" فعلا ماضيا ناقصا، واسمها ضمير



1 أخرجه أحمد (1/214, 224, 283, 247), والبخاري في "الأدب المفرد" (783), والنسائي في "عمل اليوم والليلة"; كما في "تحفة الأشراف" (5/269), وابن ماجه بنحوه في (الكفارات, باب النهي أن يقال: ما شاء الله وشئت/2117), وابن السني في "عمل اليوم والليلة, 672), والطحاوي في "المشكل" (1/90), والطبراني في "الكبير" (13005, 13006) وأبو نعيم في "الحلية" (4/99), والبيهقي (3/217). وقال البوصيري في "الزوائد": "في إسناده الأجلح بن عبد الله مختلف فيه, ضعفه الإمام أحمد وأبو حاتم والنسائي وأبو داود وابن سعد, ووثقه ابن معين ويعقوب بن سفيان والعجلي, وباقي الإسناد ثقات". وقال الشيخ سليمان في "التيسير" (1/120): "فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له رجل..." الحديث.

ج / 2 ص -30- فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته; فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا; فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب"1.


الشأن، أي: أصبح الشأن، ف "من عبادي" خبر مقدم، و "مؤمن": مبتدأ مؤخر، أي: أصبح شأن الناس منهم مؤمن ومنهم كافر.
قوله: "فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته"، أي: قال بلسانه وقلبه، والباء للسببية، والفضل: العطاء والزيادة.
والرحمة: صفة من صفات الله، يكون بها الإنعام والإحسان إلى الخلق.
وقوله: " فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب": لأنه نسب المطر إلى الله، ولم ينسبه إلى الكوكب، ولم ير له تأثيرا في نزوله، بل نزل بفضل الله.
قوله: "وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا"، الباء للسببية.
" فذلك كافر بي، مؤمن بالكوكب": وصار كافرا بالله; لأنه أنكر نعمة الله ونسبها إلى سبب لم يجعله الله سببا; فتعلقت نفسه بهذا السبب، ونسي نعمة الله، وهذا الكفر لا يخرج من الملة; لأن المراد نسبة المطر إلى النوء على أنه سبب وليس إلى النوء على أنه فاعل.


لأنه قال: " مطرنا بنوء كذا"، ولم يقل: أنزل علينا المطر نوء كذا; لأنه لو قال ذلك; لكان نسبة المطر إلى النوء نسبة إيجاد، وبه نعرف خطأ من قال: إن المراد بقوله: "مطرنا بنوء كذا" نسبة المطر إلى النوء نسبة إيجاد; لأنه لو كان هذا هو المراد; لقال: أنزل علينا المطر نوء كذا، ولم



1 أخرجه البخاري (846), ومسلم (71).

ج / 2 ص -31-


يقل: مطرنا به. فعلم أن المراد: أن من أقر بأن الذي خلق المطر وأنزله هو الله، لكن النوء هو السبب; فهو كافر، وعليه يكون من باب الكفر الأصغر الذي لا يخرج من الملة.
والمراد بالكوكب: النجم، وكانوا ينسبون المطر إليه، ويقولون: إذا سقط النجم الفلاني جاء المطر، وإذا طلع النجم الفلاني جاء المطر، وليسوا ينسبونه إلى هذا نسبة وقت، وإنما نسبة سبب; فنسبة المطر إلى النوء

تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
1- نسبة إيجاد، وهذه شرك أكبر.
2- نسبة سبب، وهذه شرك أصغر.

3- نسبة وقت، وهذه جائزة، بأن يريد بقوله: مطرنا بنوء كذا; أي: جاءنا المطر في هذا النوء، أي في وقته.
ولهذا قال العلماء: يحرم أن يقول: مطرنا بنوء كذا، ويجوز مطرنا في نوء كذا، وفرقوا بينهما أن الباء للسببية، وفي للظرفية، ومن ثم قال أهل العلم: إنه إذا قال: مطرنا بنوء كذا وجعل الباء للظرفية فهذا جائز، وهذا وإن كان له وجه من حيث المعنى، لكن لا وجه له من حيث اللفظ; لأن لفظ الحديث: " من قال: مطرنا بنوء كذا "، والباء للسببية أظهر منها للظرفية، وهي وإن جاءت للظرفية، كما في قوله تعالى: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ، وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ}، [الصافات:137-138]، لكن كونها للسببية أظهر، والعكس بالعكس; ف "في" للظرفية أظهر منها للسببية وإن جاءت للسببية; كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "دخلت امرأة النار في هرة"1.



1 أخرجه البخاري (2365)، ومسلم (2242).

ج / 2 ص -32- ولهما من حديث ابن عباس معناه، وفيه: "قال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا فأنزل الله هذه الآيات1:{فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ، وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ، إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ، فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ، لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ، تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ، وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ}، [الواقعة:75-82].


والحاصل أن الأقرب المنع ولو قصد الظرفية، لكن إذا كان المتكلم لا يعرف من الباء إلا الظرفية مطلقا، ولا يظن أنها تأتي سببية; فهذا جائز، ومع ذلك; فالأولى أن يقال لهم: قولوا: في نوء كذا.
قوله: "ولهما": الظاهر أنه سبق قلم، وإلا; فالحديث في "مسلم" وليس في "الصحيحين2 ".


ومعنى الحديث: أنه لما نزل المطر نسبه بعضهم إلى رحمة الله وبعضهم قال: لقد صدق نوء كذا وكذا; فكأنه جعل النوء هو الذي أنزل المطر أو نزل بسببه.
ومنه ما يذكر في بعض كتب التوقيت: "وقلَّ أن يخلف نوؤُه"، أو: "هذا نوؤه صادق"، وهذا لا يجوز، وهو الذي أنكره الله عز وجل على عباده، وهذا شرك أصغر، ولو قال بإذن الله فإنه لا يجوز لأن كل الأسباب من الله، والنوء لم يجعله الله سببا.



1 أخرجه مسلم في (الإيمان, باب بيان كفر من قال مطرنا بالنوء/1/84).
2 وأشار إليه الشيخ سليمان رحمه الله في "التيسير" (ص461).

ج / 2 ص -33-


قوله: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ}، اختلف في "لا":
فقيل: نافية، والمنفي محذوف، والتقدير: لا صحة لما تزعمون من أن القرآن كذب أو سحر وشعر وكهانة، أقسم بمواقع النجوم إنه لقرآن كريم، ف" أقسم" لا علاقة لها ب "لا" إطلاقا، وهذا له بعض الوجه.
وقيل: إن المنفي القسم; فهي داخلة على أقسم، أي: لا أقسم، ولن أقسم على أن القرآن قرآن كريم; لأن الأمر أبين من أن يحتاج إلى قسم، وهذا ضعيف جدا.


وقيل: إن "لا" للتنبيه، والجملة بعدها مثبتة; لأن " لا " بمعنى انتبه، أقسم بمواقع النجوم...، وهذا هو الصحيح.
فإن قيل: ما الفائدة من إقسامه سبحانه، مع أنه صادق بلا قسم; لأن القسم إن كان لقوم يؤمنون به ويصدقون كلامه، فلا حاجة إليه، وإن كان لقوم لا يؤمنون به; فلا فائدة منه، قال تعالى: {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ}، [البقرة: من الآية145]؟
أجيب:

بأن فائدة القسم من وجوه:
الأول: أن هذا أسلوب عربي لتأكيد الأشياء بالقسم، وإن كانت معلومة عند الجميع، أو كانت منكرة عند المخاطب، والقرآن نزل بلسان عربي مبين.
الثاني: أن المؤمن يزداد يقينا من ذلك، ولا مانع من زيادة المؤكدات التي تزيد في يقين العبد، قال تعالى عن إبراهيم: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}، [البقرة: من الآية260].
الثالث: أن الله يقسم بأمور عظيمة، دالة على كمال قدرته، وعظمته،

ج / 2 ص -34-


وعلمه; فكأنه يقيم في هذا المقسم به البراهين على صحة ما أقسم عليه بواسطة عظم ما أقسم به.
الرابع: التنويه بحال المقسم به; لأنه لا يقسم إلا بشيء عظيم، وهذان الوجهان لا يعودان إلى تصديق الخبر، بل إلى ذكر الآيات التي أقسم بها تنويها له بها وتنبيها على عظمها.
الخامس: الاهتمام بالمقسم عليه، وأنه جدير بالعناية والإثبات.
وقوله: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ}، الله سبحانه - يتحدث عن نفسه بضمير المفرد; لأنه يدل على الانفراد والتوحيد; فهو سبحانه واحد لا شريك له، ويتحدث عين نفسه بضمير الجمع; لأنه يدلي على العظمة; كقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}، [الحجر:9]، وقوله: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ}، [يّس: من الآية12] الآية، ولا يتحدث عن نفسه بالمثني; لأن المثنى محصور باثنين.
و" الباء": حرف قسم، والمواقع جمع موقع.


واختلف في النجوم:
فقيل: إنها النجوم المعروفة، فيكون المراد بمواقعها؛ مطالعها ومغاربها.
وأقسم الله بها; لما فيها من الدلالة على كمال القدرة، في هذا الانتظام البديع، وما فيها من مناسبة المقسم به، والمقسم عليه، وهو القرآن المحفوظ بواسطة الشهب; فإن السماء عند نزول الوحي ملئت حرسا شديدا وشهبا.
وقيل: إن المراد آجال نزول القرآن، ومنه قولهم: "نزل القرآن منجما"، وقول الفقهاء: يجب أن يكون دين المكاتب مؤجلا بنجمين فأكثر; فيكون الله أقسم بمواقع نزول القرآن، وقد سبقت لنا قاعدة مفيدة، وهي: أنه إذا كان المعنيان لا يتنافيان؛ تحمل الآية على كل منهما، وإلا طلب المرجح.

ج / 2 ص -35-


قوله: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ}، [الواقعة:76]، "قسم": خبر إن، وهذا القسم أكد الله عظمته بإن واللام؛ تنويها بالمقسم عليه، وتعظيمه.
وقوله: "لو تعلمون": مؤكد ثالث، كأنه قال: ينبغي أن تعلموا هذا الأمر ولا تجهلوه; فهو أعظم من أن يكون مجهولا; فإنه يحتاج إلى علم وانتباه، فلو تعلمون حق العلم لعرفتم عظمته; فانتبهوا.
قوله: "لقرآن": مصدر مثل الغفران، والشكران، بمعنى اسم فاعل، وبمعنى اسم المفعول; فعلى الأول يكون المراد أنه جامع للمعاني التي تضمنتها الكتب السابقة، من المصالح والمنافع، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ}، [المائدة: من الآية48]، وعلى الثاني يكون بمعنى المجموع; لأنه مجموع مكتوب.
قوله:" كريم ": يطلق على كثير العطاء، وهذا كمال في العطاء متعد للغير، ويطلق على الشيء البهي الحسن، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إياك وكرائم أموالهم"1 أي: البهي منها والحسن، وهذا كمال في الذات، وهذان المعنيان موجودان في القرآن; فالقرآن لا أحسن منه بذاته، قال تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً}، [الأنعام: من الآية115].


والقرآن يعطي أهله من الخيرات الدينية والدنيوية والجسمية والقلبية، قال تعالى: {فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً}، [الفرقان:52].
فهو سلاح لمن تمسك به، ولكن يحتاج إلى أن نتمسك به بالقول والعمل والعقيدة، فلا بد أن يصدق العقيدة العمل، قال صلى الله عليه وسلم: "ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي



1 أخرجه البخاري في (الإيمان/1/126- فتح), ومسلم في (المساقاة/3/1219).

ج / 2 ص -36-


القلب"1. ووصف الله القرآن في آية أخرى بأنه مجيد، والمجد صفة العظمة والعزة والقوة، والقرآن جامع بين الأمرين: فيه قوة وعظمة، وكذا خيرات كثيرة وإحسان لمن تمسك به.
قوله: {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ}، كتاب فعال بمعنى مفعول، مثل: فراش بمعنى مفروش، وغراس بمعنى مغروس، وكتاب بمعنى مكتوب.
والمكنون: المحفوظ، قال تعالى: {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ}، [الصافات:49].
واختلف المفسرون في هذا الكتاب على قولين:
الأول: أنه اللوح المحفوظ الذي كتب الله فيه كل شيء.
الثاني- وإليه ذهب ابن القيم-: أنه الصحف التي في أيدي الملائكة2.
قال تعالى: {كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ، فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ، فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ، مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ، بِأَيْدِي سَفَرَةٍ}، [عبس:11-15].
فقوله: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ}، [عبس:15] يرجح أن المراد الكتب التي في أيدي الملائكة; لأن قوله: {لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ}، [الواقعة:79]، أي: الملائكة، يوازن قوله: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ}، وعلى هذا يكون المراد بالكتاب الجنس لا الواحد.


قوله: {لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ}، الضمير يعود إلى الكتاب المكنون; لأنه أقرب شيء، وهو بالرفع {لاَ يَمَسُّهُ} باتفاق القراء.
وإنما نبهنا على ذلك; لدفع قول من يقول: إنه خبر بمعنى النهي، والضمير يعود على القرآن; أي: نهى أن يمس القرآن إلا طاهر، والآية ليس فيها ما



1 أخرجه البخاري في (الإيمان, باب فضل من استبرأ لدينه/1/34), ومسلم في (المساقاة, باب أخذ الحلال/3/1219); من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما.
2 انظر: "إعلام الموقعين" (1/225-226).

ج / 2 ص -37-


يدل على ذلك، بل هي ظاهرة في أن المراد به اللوح المحفوظ; لأنه أقرب مذكور، ولأنه خبر، والأصل في الخبر أن يبقى على ظاهره خبرا لا أمرا ولا نهيا حتى يقوم الدليل على خلاف ذلك، ولم يرد ما يدل على خلاف ذلك، بل الدليل على أنه لا يراد به إلا ذلك، وأنه يعود إلى الكتاب المكنون، ولهذا قال الله: {إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} باسم المفعول، ولم يقل: إلا المطهِّرون، ولو كان المراد المطهرين لقال ذلك، أو قال: إلا المتطهرون; كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}، [البقرة: من الآية222]، والمطهرون: هم الذين طهرهم الله تعالى، وهم الملائكة، طهروا من الذنوب وأدناسها، قال تعالى: {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ}، [التحريم: من الآية6]، وقال تعالى: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ}، [الأنبياء:20]، وقال تعالى: {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ، لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ}، [الأنبياء: من الآية26-27]، وفرق بين المطهر الذي يريد أن يفعل الكمال بنفسه، وبين المطهر الذي كمله غيره وهم الملائكة، وهذا مما يؤيد ما ذهب إليه ابن القيم أن المراد بالكتاب الكتب التي في أيدي الملائكة، وفي الآية إشارة على أن من طهر قلبه من المعاصي كان أفهم للقرآن، وأن من تنجس قلبه بالمعاصي كان أبعد فهما عن القرآن، لأنه إذا كانت الصحف التي في أيدي الملائكة لم يمكن الله من مسها إلا هؤلاء المطهرين; فكذلك معاني القرآن.


فاستنبط شيخ الإسلام من هذه الآية: أن المعاصي سبب لعدم فهم القرآن; كما قال تعالى: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}، [المطففين:14]، وهم الذين قال الله فيهم: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ}، [المطففين:13]، فهم لا يصلون إلى معانيها وأسرارها; لأنه ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون.

ج / 2 ص -38-


وقد ذكر بعض أهل العلم: أنه ينبغي لمن استفتي أن يقدم بين يدي الفتوى الاستغفار لمحو أثر الذنب من قلبه حتى يتبين له الحق، واستنبطه من قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً، وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً}، [النساء:105-106].
قوله: {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، [الواقعة:80]، خبر ثان لقوله: "وإنه"، وهو كقوله: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، [الشعراء:192]، وكقوله: {تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ}، [فصلت:2-3]، فهو خبر مكرر مع قوله: "لقرآن".


وتنزيل; أي: منزل، فهي مصدر بمعنى اسم المفعول، منزل من رب العالمين، أنزله الله على قلب النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه محل الوعي والحفظ بواسطة جبريل، قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ، عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ}، [الشعراء:192-194].
وقوله: {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أي: خالقهم.


ويستفاد من الآية ما يلي:

1- أن القرآن نازل لجميع الخلق; ففيه دليل على عموم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم.
2- أنه نازل من ربهم، وإذا كان كذلك; فهو الحكم بينهم الحاكم عليهم.
3- أن نزول القرآن من كمال ربوبية الله، فإذا أضيف إلى هذه الآية قوله تعالى: {تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ}، [فصلت:2-3]، علم أن القرآن رحمة للعباد أيضا، وربوبية الله مبنية على الرحمة، قال تعالى:

ج / 2 ص -39-


{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، [الفاتحة:2-3]، وكل ما أمر الله به عباده أو نهاهم عنه; فهو رحمة بهم.
4- أن القرآن كلام الله; لأنه إذا كان الله أنزله; فهو كلامه لا كلام غيره كما قاله السلف رحمهم الله، وهو غير مخلوق; لأن جميع صفات الله حتى الصفات الفعلية ليست مخلوقة.
والقرآن كلام الله منزل غير مخلوق.
فإن قيل: هل كل منزل غير مخلوق؟
قلنا: لا، لكن كل منزل يكون وصفا مضافا إلى الله; فهو غير مخلوق; كالكلام، وإلا; فإن الله أنزل من السماء ماء وهو مخلوق، وقال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ}، [الحديد: من الآية25]، وهو مخلوق، وقال تعالى: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاج}، [الزمر: من الآية6]، والأنعام مخلوقة، فإذا كان المنزل من عند الله صفة لا تقوم بذاتها; وإنما تقوم بغيرها; لزم أن يكون غير مخلوق; لأنه من صفات الله.


قوله: {أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ}، [الواقعة:81]، الاستفهام للإنكار والتوبيخ، والحديث: القرآن، والمدهن: الخائف من غيره الذي يحابيه بقوله وفعله. والمعنى: أتدهنون بهذا الحديث وتخافون وتستخفون؟! لا ينبغي لكم هذا، بل ينبغي لمن معه القرآن أن يصدع به وأن يبينه ويجاهد به، قال تعالى: {وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً}، [الفرقان: من الآية52].


قوله: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ}، [الواقعة:82]:
أكثر المفسرين على أنه على حذف مضاف; أي: أتجعلون شكر رزقكم; أي: ما أعطاكم الله من أي شيء؛ من المطر، ومن إنزال القرآن.
أي: تجعلون شكر هذه النعمة العظيمة؛ أن تكذبوا بها، والنبي صلى الله عليه وسلم وإن كان ذكرها في المطر، فإنها تشمل المطر وغيره.

ج / 2 ص -40- فيه مسائل:
الأولى:
تفسير آية الواقعة.
الثانية: ذكر الأربع التي من أمر الجاهلية.


وقيل: إنه ليس في الآية حذف، والمعنى: تجعلون شكركم تكذيبا، وقال: إن الشكر رزق، وهذا هو الصحيح، بل هو من أكبر الأرزاق، قال الشاعر:
إذا كان شكري نعمةَ الله نعمةً علي له في مثلها يجب الشكر
فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله وإن طالت الأيام واتصل العمر
فالنعمة تحتاج إلى شكر، ثم إذا شكرتها; فهي نعمة أخرى تحتاج إلى شكر ثان، وإن شكرت في الثانية; فهي نعمة تحتاج إلى شكر ثالث، وهكذا أبدا، قال تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا}، [إبراهيم: من الآية34].
قوله: {أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ}، [الواقعة: من الآية82]: "أن" وما دخلت عليه؛ في تأويل مصدر: مفعول " تجعلون" الثاني. أي: تصيرون شكركم تكذيبا، ولا شك أن هذا من السفه أن يقابل الإنسان نعمة ربه بالتكذيب، إن كانت وحيا كذب خبره ولم يمتثل أمره ولم يجتنب نهيه، وإن كانت عطاء تنمو به الأجسام نسبه إلى غير الله، قال: هذا من النوء أو هذا من عملي; كما قال قارون: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي}، [القصص: من الآية78].


فيه مسائل:

الأولى: تفسير آية الواقعة: وهي قوله تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ}، [الواقعة:82]، وقد مر تفسيرها.
الثانية: ذكر الأربع التي من أمر الجاهلية: وهي الطعن في الأنساب،

ج / 2 ص -41- الثالثة: ذكر الكفر في بعضها.
الرابعة: أن من الكفر ما لا يخرج من الملة.
الخامسة: قوله: "أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر"؛ بسبب نزول النعمة.


والفخر بالأحساب، والاستسقاء بالأنواء، والنياحة على الميت.
الثالثة: ذكر الكفر في بعضها: وهي الاستسقاء بالأنواء، وكذلك الطعن في النسب، والنياحة على الميت; كما في حديث: "اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت"1.
الرابعة: أن من الكفر ما لا يخرج من الملة؛ وهي أن الاستسقاء بالأنواء بعضه كفر مخرج عن الملة، وبعضه كفر دون ذلك، وقد سبق بيان ذلك.
الخامسة: قوله: "أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر"2، بسبب نزول النعمة، أي: إن الناس ينقسمون عند نزول النعمة إلى مؤمن بالله وكافر به، وقد سبق بيان حكم إضافة نزول المطر إلى النوء، والواجب على الإنسان إذا جاءته النعمة أن لا يضيفها إلى أسبابها مجردة عن الله، بل يعتقد أن هذا سبب محض إن كان هذا سببا، مثال ذلك: رجل غرق في ماء، وكان عنده رجل قوي، فنزلت وأنقذه; فإنه يجب على هذا الذي نجا أن يعرف نعمة الله عليه، ولولا أن الله أمر أمرا قدريا، وأمرا شرعيا أن ينقذك هذا الرجل ما حصل إنقاذ، فأنت تعتقد أن هذا سبب محض.
أما إن غرق ويسر الله له، فخرج، فقال: إن الولي الفلاني أنقذني; فهذا شرك أكبر; لأنه سبب غير صحيح، ثم إن إضافته إليه لا يظهر منها أنه يريد



1 رواه مسلم (67).
2 البخاري: الجمعة (1038), ومسلم: الإيمان (71), والنسائي: الاستسقاء (1525), وأبو داود: الطب (3906), وأحمد (4/117), ومالك: النداء للصلاة (451).

ج / 2 ص -42- السادسة: التفطن للإيمان في هذا الموضع.
السابعة: التفطن للكفر في هذا الموضع.
الثامنة: التفطن لقوله: " لقد صدق نوء كذا وكذا".
التاسعة: إخراج العالم للمتعلم المسألة بالاستفهام عنها; لقوله: "أتدرون ماذا قال ربكم؟".


أنه سبب، بل يريد أنه منقذ بنفسه; لأن اعتقاد أنه سبب وهو في قبره غير وارد، ولذلك كان أصحاب الأولياء إذا نزلت بهم شدة يسألون الأولياء دون الله تعالى; فيقعون في الشرك الأكبر من حيث لا يعلمون أو من حيث يعلمون، ثم قد يفتنون; فيحصل لهم ما يريدون عند دعاء الأولياء لا به; لأننا نعلم أن هؤلاء الأولياء لا يستجيبون لهم; لقوله تعالى: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ}، [فاطر: من الآية14]، وقوله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}، [الأحقاف: من الآية5].
السادسة: التفطن للإيمان في هذا الموضع: وهو نسبة المطر إلى فضل الله ورحمته.
السابعة: التفطن للكفر في هذا الموضع: وهو نسبة المطر إلى النوء; فيقال هذا بسبب النوء الفلاني، وما أشبه ذلك.
الثامنة: التفطن لقوله: "لقد صدق نوء كذا وكذا": وهذا قريب من قوله: "مطرنا بنوء كذا"; لأن الثناء بالصدق على النوء مقتضاه أن هذا المطر بوعده، ثم بتنفيذ وعده.


التاسعة: إخراج العالم للمتعلم المسألة بالاستفهام عنها:
لقوله صلى الله عليه وسلم: "أتدرون ماذا قال ربكم":

ج / 2 ص -43- العاشرة: وعيد النائحة.


وذالك أن يلقي العالم على المتعلم السؤال؛ لأجل أن ينتبه له، وإلا فالرسول يعلم أن الصحابة لا يعلمون ماذا قال الله، لكن أراد أن ينبههم لهذا الأمر; فقال : "أتدرون ماذا قال ربكم"، وهذا يوجب استحضار قلوبهم.
العاشرة: وعيد النائحة: وذلك بقوله : إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب(1)، وهذا وعيد عظيم.

ــــ

(1) مسلم: الجنائز (934), وابن ماجه: ما جاء في الجنائز (1581), وأحمد (5/342-344).




المصدر :

كتاب
القول المفيد على كتاب التوحيد

رابط التحميل المباشر


http://waqfeya.com/book.php?bid=1979



رد مع اقتباس