عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 25-01-2010, 09:55PM
أبو محمد أحمد بوشيحه أبو محمد أحمد بوشيحه غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: لـيــبــيـا
المشاركات: 277
إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى أبو محمد أحمد بوشيحه إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى أبو محمد أحمد بوشيحه
maqal

منقول بتصرف باختيار ( أبو محمد أحمد بوشيحه الليبي )

أقوال أهل العلم في حكم ( جر الثوب خيلاء "تقصير اللباس إلى نصف الساق " )-

الدورات العلمية شرح بلوغ المرام (الجزء الثامن) شرح الشيخ عبد المحسن بن عبد الله الزامل

جر الثوب خيلاء

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

أما بعد:

قال المؤلف رحمه الله تعالى:

وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء متفق عليه .

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين، حديث ابن عمر رضي الله عنهما فيه وعيد شديد لمن جر ثوبه خيلاء.

والثوب في اللغة يشمل كل ملبوس، من قميص، وسراويل، وإزار، ورداء، ومشلح، وعمامة، كل ما يلبس، وقبا، وما أشبه ذلك، والبرانس، كل ما يلبس فإنه ثوب. فهو وصف عام لكل ما يجعل على البدن، سواء على البدن كله كالبرانس، أو على أسفل البدن كالسراويل، أو على مثل الفنايل، أو على أسفله مثل الإزار والسراويل، أو يكون على الكتفين فأسفل مثل القميص.

فمن جر شيئا منها، من هذه الثياب كما في هذا الوعيد، من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه -سبحانه وتعالى- هذا فيه هنا قال: لا ينظر الله إليه. وحديث أبي هريرة: من جر ثوبه خيلاء لا ينظر الله إليه والمعنى واحد.

وكذلك ثبت المعنى هذا من حديث أبي هريرة في الصحيحين من حديث ابن عمر أيضا في الصحيحين بلفظ آخر وهو أنه -عليه الصلاة والسلام- أخبر عن رجل بينما هو يمشي في حلة يتبختر إذ خسف الله به الأرض فهو يتجلجل إلى يوم القيامة.

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة في النهي عن الإسبال والأمر برفع الثياب، وكذلك قوله -عليه الصلاة والسلام-: ثلاث لا ينظر الله إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم؛ المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب وهذا المعنى ثبت في عدة أخبار عنه -عليه الصلاة والسلام- من حديث أبي هريرة كما تقدم، وحديث ابن عمر.

وأحاديث في هذا الباب كثيرة في النهي عن الإسبال، وأن الواجب هو تشميرها ورفعها، ولهذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يرفع ثيابه، وفي حديث ابن عمر أنه مر وفي ثوبه استرخاء، فأمره النبي -عليه الصلاة والسلام- فرفع إزاره، فقيل له إلى أين؟ فقال: إلى أنصاف الساقين. فكان ابن عمر يتحراها رضي الله عنه.

وهذا دليل على تحريم الإسبال، وإذا كان بخيلاء فإنه تحريم آخر منضم إليه لعموم الأدلة في تحريم الإسبال وأنه محرم، وإطلاق الأدلة، والأدلة جاءت بأن الخيلاء محرمة، وكذلك جاءت أن الإسبال محرم.

لكن لما كان الإسبال في الغالب لا يكون إلا مع خيلاء خاصة حينما يرخي ثيابه في هذه الحال يشتد الإثم، ولهذا في حديث ابن عمر هذا زيادة عند الترمذي والنسائي بإسناد جيد أن أم سلمة -رضي الله عنها - قالت: يا رسول الله فكيف يصنع النساء بذيولهن، قال: يرخينه شبرا، قالت: إذا تنكشف أقدامهن، قال: يرخينه ذراعا لا يزدن عليه .

فهمت أم سلمة -رضي الله عنها - العموم، ولو كان الإسبال جائزا بلا خيلاء لم تسأل أم سلمة، لأنها قالت لما سمعت من النبي -عليه الصلاة والسلام- كيف يصنع النساء بذيولهن؟ ومعلوم أنها تسأل عن إسبال الإزار أو إسبال ثيابهن، في جرها وسحبها لأن النساء قد علم أنهن يسحبن ويجررن ثيابهن ولم ينهين قبل ذلك؛ لأن الخيلاء محرمة، فسألت عن مجرد جر الإزار، وإلا لو كانت فهمت، وأقرها النبي -عليه الصلاة والسلام- أن المراد جره بخيلاء لم تسأل عن ذلك؛ لأنه يعني نهي عن جر الإزار من أجل الخيلاء فلا حاجة أن تسأل لأنهن إذا كن يجررن ذيولهن بلا خيلاء فهذا لا بأس به، إنما سألت عن مجرد جر الإزار؛ لأنها فهمت أن جره محرم والنبي -عليه الصلاة والسلام- لم يقل لها: إنكن لا تصنعن ذلك خيلاء أو إنما نهيت عمن يجره خيلاء، أو ما أشبه ذلك.

كذلك أيضا ما يدل على ذلك أن هذه الهيئة وهذه اللبسة، وهي جر الذيول وسحب الثياب، من صفات لباس النساء، وقد علم أن الرجل لا يجوز له التشبه بالنساء لما رواه البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: لعن الله المخنثين من الرجال وفي اللفظ الآخر: لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء .

فنهى عن صفة التخنث بلعن المخنثين من الرجال، واللعن يدل على أنه أمر محرم، أمر محرم، ولهذا شدد فيه -عليه الصلاة والسلام- وقال ما قال، والرجل لا يتشبه بالنساء، ومما يدل عليه أيضا أنه -عليه الصلاة والسلام- كما روى أبو داود من حديث أبي هريرة بسند جيد: لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل فلا يجوز للمرأة أن تلبس لبس الرجال، ولا يجوز للرجل أن يلبس لبس النساء.

وهذا هو الواجب خلاف ما ابتلي به المسلمون اليوم من رجالهم ونسائهم، حيث انعكست الآية، صار الرجال يجرون ذيولهم، وصار النساء يرفعن ثيابهن، وهذا من المصائب والبلايا، ويجعل النساء رفع الثياب، أو يجعلون تجعل إطالة الثوب وكونه ينزل تجعله عيبا في اللباس. وهذا لا شك من الجهل وقلة العلم، وكثرة المصائب التي تبتلى بها الأمة، كذلك الرجال هم في لباسهم على هذا الوصف كما تقدم.

وفي حديث عائشة -رضي الله عنها- عند أبي داود أيضا أنه ذكر لها أن امرأة تلبس النعل فقالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: لعن الله الرجلة من النساء التي تتشبه بالرجال.

فلهذا عموم النصوص والمعنى يدل على هذا المعنى، وأنه لا يجوز التشبه بالنساء في لباسهم، وكذلك لا يجوز تشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء.

وما ينبه أيضا أن هذا الرفع للثياب عام في جميع الثياب، وجميع القمص، وأن الإزرة كما جاء في حديث حذيفة -رضي الله عنه- جاء فيه أن إزرة المؤمن أنصاف ساقيه، وهذه الإزرة على الصحيح شاملة لجميع الثياب، خلاف ما ذكره بعض أهل العلم أنه خاص بالإزار، وأنه في الثياب يكون إلى الكعبين، أما الإزار فإنه تكون الإزرة إلى نصف الساق لورود الحديث بذلك.

وهذا يظهر، والله أعلم، أنه حصل نتيجة عدم تتبع الأخبار والنظر فيها، وقد تأملت الأخبار في هذا الباب وجدتها لا تدل إلا على هذا القول، وهو عمومها وأنه ما جاء في الإزار فهو في القميص والسراويل، كما قال ابن عمر، أولا كما قال ابن عمر -رضي الله عنه- كما روى عنه أبو داود بإسناد صحيح: أنه قال -رضي الله عنه- قال: ما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الإزار فهو في القميص والسراويل. هذا كلام ابن عمر.

وهذا يغنينا عن أي اجتهاد؛ لأنه قول صحابي حكاه عن فهمه ونظره للنصوص وهو أعلم، بل هو روى هذه الأخبار، ولا شك أن تفسير الصحابي أولى وأفضل وأتم من غيره عموما، فكيف إذا كان هذا التفسير لنصوص رواها هو.

أيضا أمر آخر قول النبي -عليه الصلاة والسلام- فيما رواه أبو داود والترمذي من حديث ابن عمر: الإسبال في الإزار والقميص والعمامة أخبر أن الإسبال في الإزار والقميص والعمامة، وأنها يشملها الإسبال.

ونقول: إذا كان الإسبال يشمل القميص والعمامة والإزار وأن التي نهي عن إسبالها يشمل جميع الثياب، كذلك الثياب التي أمر بتشميرها ورفعها شامل لها، ولو كان هنالك تخصيص لنوع من الثياب، نوع يحرم إسباله عموم الثياب، ونوع من الثياب يكون رفعها فوق الكعب، حسب، ونوع آخر السنة أن ترفع إلى نصف الساق، لكان بيان هذا من أهم المهمات؛ لأنه مما يخفى وطلب استنباطه يكون فيه تكلف في هذه الحال.

دليل آخر أيضا أنه قد تقرر عند أهل العلم أن ما خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، من قواعد أهل العلم في المفاهيم في دلالات الألفاظ، يذكرون أنهم يقولون: ما خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له. وهذا يكاد يكون متفقا عليه، ولا شك أن قوله: إزرة المؤمن أنصاف ساقيه. أنه خرج مخرج الغالب؛ لأن الغالب على العرب كما قال ابن جرير -رحمه الله- أنهم يلبسون الأزر ويكثرون من لبسها لأنها أيسر لهم.

فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لما نص على الإزار؛ لأنه هو المعتاد وهو الأكثر وهو الغالب، فغير الإزار في حكمه، أو من باب أولى.

أيضا دليل رابع: قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه علقه بوصف مدحٍ وهو أنه قال: إزرة المؤمن وهذا تعليق بوصف مدح، وإذا كان تعليق بوصف مدح، دل على أنه أمر مطلوب، وقد علم عند أهل العلم، أن القميص أفضل من الإزار؛ لأنه أبلغ من الستر، وإذا كان هذا الوصف للإزار، وأن إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه، فلا شك أنه في القميص من باب أولى، لفضل القميص على الإزار، ولما في الحديث من حديث أسماء أو من حديث أم سلمة أحدهما رضي الله عنهما، أنه -عليه الصلاة والسلام- كان أحب الثياب إليه القميص. لأنه أبلغ في الستر، فهذا واضح وظاهر.

فإذا كان لبس الإزار على هذا الوصف يكون وصف مدحٍ وهو أنه من لباس أهل الإيمان، ففي القميص من باب أولى.

وجه خامس أيضا يظهر بالتأمل: أنه -عليه الصلاة والسلام- كما في حديث حذيفة رواه النسائي وغيره بإسناد صحيح وجاء عن غير حذيفة، أخذ بعضلة ساقه، وفي لفظ بنصف ساقه، فقال: إزرة المؤمن إلى هذا، فإن أبيت فإلى هنا، فإن أبيت فلا حق للكعبين في الإزار .

وقد علم أنه لا حق للكعبين لا في الإزار ولا في القميص ولا في السراويل ولا في المشالح، كلها لا حق لها فيها، وهذا يدل على أنه أراد عموم الثياب، إذ لو قلنا: إن المراد به الإزار وحده لكان إسبال الثياب تحت الكعب جائز؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: لا حق للكعبين في الإزار لو أخذنا بظاهر هذا اللفظ بقوله: إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه لجادل مجادل وقال: كذلك أيضا الإسبال المحرم هو إسبال الإزار وحده؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- قال: لا حق للكعبين في الإزار فغيره كذلك.

أيضا وجه خامس أو سادس: ما رواه الترمذي في الشمائل، والنسائي في حديث عبيد بن خالد -رضي الله عنه- أنه كان يمشي وعليه بردة ملحاء، يعني تميل إلى البياض غير الناصع أو البياض الذي فيه سواد، قال: فناداني رجل فإذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ارفع إزارك إلى أنصاف الساقين- أو نحو ذلك- أو قال: ارفع إزارك، قال: فقلت: يا رسول الله إني كذا أو قال: إني حمش الساقين، فقال: أما لك فيّ أسوة. وكان قال: ارفع ارفع ثوبك - وكلمة الثوب كما قد علم تشمل جميع أنواع الثياب- قال: والتفت فإذا إزاره إلى أنصاف ساقيه فدل على أن وصف المدح شامل لجميع أنواع الثياب، كما تقدم.

وأيضا ربما بالتأمل يظهر وجوه أخر يظهر بالتأمل وجوه أخر في هذه المسألة، وبالجملة هذا هو الأصل، هذا هو الأصل فيما يأتي من النصوص في هذا الباب، لكن مثل ما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- في حديث حذيفة وما جاء في معناه، كذلك في حديث أبي جريج جابر بن سليم، لما قال: ارفع إزارك، ارفع إزارك، وأمره بأن يتزر هذه الإزرة، هذا هو وصف مدح.

وإذا كان المكلف أو اللابس راعى أحيانا بعض الأمور وبعض المصالح الشرعية، فكثير من أهل العلم يرون أن مراعاة أحوال الناس لتحصيل المصلحة على وجه لا يترتب عليه أمر محرم، ويحصل مصلحة شرعية؛ فإن هذا لا بأس به إذا كان لم يقع في محرم، وترخص برخصة شرعية وقصد مقصدا صالحا حسنا.

والقول الضعيف فضلا عن القول الذي ليس بضعيف ربما كان العمل به حسنا بما يعرض بشرط أن لا يكون ضعفه شديدا، فمن باب أولى إذا كان هذا في أمر فيه سعة من السنة، لكن قصد تقرير أن النصوص على عمومها من جهة المعنى، ثم أيضا كما تقدم من قول: إزرة المؤمن أيضا مفهوم لقب في الحقيقة، مفهوم لقب، يعني هو مفهوم غالب من جهة، ومفهوم لقب من جهة أخرى.

من جهة ذكر الثوب مفهوم لقب، مثل ما تقول: جاء محمد، وجاء أحمد لا يفهم منه أنه لم يأت غيرهما، ومفهوم اللقب لا يعتبر مفهومه بل يعمل به فيما دل عليه من المعنى، الذي فهم من مفهوم آخر وهو مفهوم الغالب كما تقدم، فهذه الأوجه أمامنا تدل على هذا المعنى وبالجملة الإسبال بكل شيء بحسبه، بالثياب بحسبها، وبالعمائم بحسبها.



فإطالة كل شيء بحسبه، وإسبال الثياب والقميص والسراويل هو أن تنزل عن الكعبين، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ما أسفل الكعبين من الإزار ففي النار وهذا أيضا عام يدل عمومه أنه شامل لكل ثوب يلبس، سواء كان اقترن بالكبر أو لم يقترن، وإذا اقترن بالكبر كان محرما آخر، كما تقدم، نعم.

__________________


عن ابن سيرين قال : لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم

الخير كل الخير في اتباع من سلف والشر كل الشر في ابتداع من خلف

أبو محمد أحمد بوشيحه الليبي
ahmad32az@yahoo.com
رد مع اقتباس