عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 19-07-2015, 01:53AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





أقسام الناس بفرحة العيد


الخطبة الأولى:
الحمد لله ذي الفضل والإنعام أكمل لنا شهر رمضان وأعقبه بأشهر الحج إلى بيته الحرام، فله الفضل والمنة ما زال يوالي علينا جزيل الفضل والإنعام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد:


أيها الناس، اتقوا الله تعالى، وحمدوه وشكروه على نعمة الإسلام وعلى نعمة الأمن والإيمان، أشكروه على أن أحل عليكم شهر رمضان ومكنكم فيه من الأعمال الصالحة والتقرب إليه، وأتمه عليكم كاملا بما فيه من الخير والأجور، وما فيه من الدرجات عند الله لمن وفق في استعمال هذا الشهر فيما خصه الله تعالى به من الطاعة، وفريضة الصيام وسنة القيام إنها نعم عظيمة وتلاوة القرآن في هذا الشهر لها مزيدة على غيره من الشهور لأنه شهر القرآن: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) كل هذه النعم مرة بكم ولله الحمد.


ففكروا يا عباد الله، بماذا قابلتم هذا الشهر واستقبلتموه؟ وبماذا أنهيتموه؟ فمن كان محسنا فيه فليبشر بما وعد الله سبحانه وتعالى من الأجر والغنيمة، ورفعة الدرجات، رؤيا أن ثلاثة صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن ثلاثة ممن كانوا قبلنا مجتهدين في العبادة، متسابقين فيها، فاستشهد منهم اثنان في سبيل الله وبقي الثالث ومات بعدهما على فراشه، فرؤيا هذا الثالث المتأخر سابقا لأخويه للشهيدين وأنه أرفع منهما منزلة في الجنة، تعجب الصحابة من هذا الحديث، كيف يكون أجر الذي مات على فراشه أكثر من أجر من استشهد في سبيل الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أوليس عاش بعدهما كذا وكذا وصلى كذا وكذا وأدرك شهر رمضان فصامه"، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "والذي نفسي بيده إن بينهما كما بين السماء والأرض"،


فهذا يدل على فضل هذا الشهر وأن من أدركه وأحسن فيه فإن الله جل وعلا يرفع من درجاته في جنات النعيم، وقد أدركنا هذا الشهر وأنهيناه، فلننظر في أحوالنا وما قدمنا ولا نكن مع الغافلين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)


الناس يفرحون بالعيد وهم على ثلاثة أقسام:

قسم أول: يفرح بالعيد لأنه استوفى شهر رمضان بالصيام والصلاة والقيام وتلاوة القرآن، فيفرح أنه أكمله في طاعة الله سبحانه وتعالى، والله جل وعلا قال: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)، (بِفَضْلِ اللَّهِ) الإسلام (وَبِرَحْمَتِهِ) القرآن فليفرح المسلمون بهاتين النعمتين فرح سرور وارتباط بالطاعة (هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ).


القسم الثاني: من يفرح بنهاية شهر رمضان من أجل أن يأكل ويشرب ويفطر، وهذا لا بأس به، هذا فرح مباح، قال صلى الله عليه وسلم: "لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ حِينَ فْطِره وَفَرْحَةٌ حِينَ لْقَاء رَبَّهُ" يفرح عند فطره بما أباحه الله له مما كان ممنوعا منه أثناء النهار وهو يشتهيه أو يحتاج إليه فإذا أبيح له ذلك فرح بفضل الله سبحانه وتعالى، ويعرف نعمة الله عليه بهذا الطعام والشراب الذي كان ممنوعا منه ومحتاج إليه ثم أبيح له، فلاشك أنه يفرح بذلك فرحا طبيعياً، وهو فرح مباح.


القسم الثالث: من يفرح بانتهاء شهر رمضان لينطلق إلى المعاصي والذنوب والسيئات والغفلات وإضاعة الصلوات فيكون كأنه في سجن هذا الشهر وقد أفرج عنه بنهايته فينطلق إلى شهواته المحرمة وما تهواه نفسه الآثمة، وهذا فرح مذموم قال الله جل وعلا: (وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ)، فهؤلاء يفرحون لبطونهم كالبهائم (بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً)، يفرحون لشهوات بطونهم وفروجهم وأهوائهم،


فهؤلاء يفرحون بالحياة الدنيا وهي زائلة وهم راحلون عنها، فينقلب فرحهم حزنا يوم القيامة، وعندما ينزل بهم الموت يحزنون على ما ضيعوا من غفلات وإتباع شهوات وهم الذين: (أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً) وهذا مثل فرح قارون لما أتاه الله الأموال الطائلة والثروة الضخمة ففرح بها فرح أشر وبطر وتكبر: (قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ* وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)، ماذا كان جوابه؟ (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي) ها المال ليس لله فيه فضل علي إنما حصلته بمعرفتي وعلمي في وجوه المكاسب والصنائع فهو من كسب يدي وخبرتي وليس لله في ذلك فضل علي، فماذا كانت عاقبته؟ (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنْ المُنْتَصِرِينَ* وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ) الذين قالوا (يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)، (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ) هذه عاقبة هذا الفرح فرح في الدنيا: (بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ* ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ).


فلننظر يا عباد الله، بأي شيء نفرح في هذا العيد؟ ولعلنا إن شاء الله من الصنفين الأولين الذين فرحوا بنعمة الله، فرحوا بالصيام والقيام واستفاء الشهر في طاعة الله أو فرحوا بالمباح، إن الفرح بعد العيد يباح في حدود المباحات، الفرح الذي لا تضيع فيه الواجبات ولا ترتكب فيه المحرمات فهذا فرح مباح؛ ولكن لا ينبغي أن يشغل الإنسان عن طاعة الله سبحانه وتعالى أو نكون من الصنف الثالث - ولا حول ولا قوة إلا بالله -، وكل منا يعرف تصرفاته وما في نفسه.


فلنتقي الله سبحانه وتعالى، ولنداوم على طاعة الله.
إن هذا الشهر الكريم المبارك لا يتبع بالسيئات والذنوب والمعاصي والفسوق والحفلات الآثمة والرقصات المحرمة والأغاني والمزامير وإضاعة الصلوات هذا من كفران نعمة الله سبحانه وتعالى: (أَلَمْ تَرَى إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ* جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ)،


فشهر رمضان نعمة عظيمة فلا نغيرها بالذنوب والمعاصي والمخالفات ولنداوم على طاعة الله، فإن رب الشهور واحد وهو على أعمال عباده مطلع وشاهد في رمضان وغيره، فلنحافظ على طاعة الله بعد رمضان ونواصل العمل الصالح كما قال جل وعلا لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم: (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ* وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعنا وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه إنَّه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية
الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله الله وحدهُ لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليماً كثيرا، أما بعد:


أيُّها النَّاس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أن شهر رمضان إنما هو موسم في صالحكم، وخزينة لكم عند ربكم، فانظروا ماذا أودعتم فيه؟ فإنه سيكون شاهدا عليكم يوم القيامة إن ضيعتموه، أو شاهدا لكم إن أكرمتموه بطاعة الله سبحانه وتعالى، وواصلوا العمل الصالح بعد رمضان، إنما رمضان يدربكم على الخير، يدربكم على الصيام وترك المألوفات، يدربكم على قيام الليل وترك النوم الكثير، يدربكم على الصدقات والإحسان، يدربكم على تلاوة القرآن


فواصلوا هذه الأعمال الصالحة قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، وَأَتْبَعَهُ ست فَكَأَنَّمَا صَامَ الدهر" يعني: كأنما صام السنة كلها لأن الحسنة بعشر أمثالها فرمضان عن عشرة أشهر وستة الأيام عن شهرين فكأنك صمت السنة، كأنك صمت، إذا صمت رمضان وأتبعته ستة أيام من شوال فكأنك صمت السنة كلها، لك أجر من صام السنة كلها، فتصوروا هذا وفقكم الله، فصوموا هذه الست في شهر شوال من أوله أو من وسطه أو من آخره متفرقة أو متتابعة المهم أن تصوموا ستة أيام من شوال بعد رمضان لتناولوا هذا الثواب العظيم.


واعلموا أنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهديَّ هدي محمد صلى الله عليه وسلم،
وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.


ثم اعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال سبحانه وتعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبيَّنا محمد القائل: "مَنْ صَلَّى عَلَىَّ واحدة صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا" اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبيَّنا محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمةِ المهديين، أبي بكرَ، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن الصحابةِ أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.


اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، اللَّهُمَّ دمر أعداء الدين، اللَّهُمَّ دمر الطغاة والمعتدين من الكفرة والمشركين والمرتدين، اللَّهُمَّ زلزل أقدامهم وجعل كيدهم في نحورهم وكفنا شرورهم إنك على كل شيء قدير، اللَّهُمَّ أحفظ هذه البلاد خاصة وحفظ بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين، اللَّهُمَّ كف عنا بأس الذين كفروا فأنت أشد بأسا وأشد تنكيلا، اللَّهُمَّ أنصر عبادك الموحدين، ودمر أعداءك الملحدين والمشركين، اللَّهُمَّ شتت شملهم وخالف بين كلمتهم، اللَّهُمَّ سلط بعضهم على بعض وشغلهم بأنفسهم إنك على كل شيء قدير، أنت مولنا: (فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ)، اللَّهُمَّ أحفظ هذه البلاد آمنة مستقرة، اللَّهُمَّ أحفظ هذه البلاد آمنة مستقرة، اللَّهُمَّ أحفظ هذه البلاد آمنة مستقرة وسائر بلاد المسلمين عامة يا رب على العالمين، (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).


عبادَ الله،(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)،
فذكروا الله يذكركم، واشكُروه على نعمه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبرَ، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.


المصدر :









.
رد مع اقتباس