عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 15-01-2015, 10:32PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




الجديد في شرح كتاب التوحيد

كتاب التوحيد

ص -5- الجديد في شرح كتاب التوحيد
تأليف: الشيخ محمد بن عبد العزيز السليمان القرعاوي
حققه وخرج أحاديثه: محمد بن أحمد سيد أحمد
المدرس بدار الحديث الخيرية بمكة المكرمة

مقدمة المحقق

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله. أما بعد:


فإن التوحيد هو أساس الإسلام، وقوام الدين، وهو زبدة الرسالات الإلهية وغايتها، وقطب رحاها وعمدتها، ترتكز كلها عليه، وتستند في وجودها إليه، وتبتدئ منه وتنتهي إليه.


وعلم التوحيد هو أشرف العلوم، وأعلاها قدرا، وأعظمها خطرا، فحاجة العباد إلى هذا العلم فوق كل حاجة، وضرورتهم إليه فوق كل ضرورة، فإنه لا حياة للقلوب، ولا نعيم ولا طمأنينة إلا بأن تعرف ربها ومعبودها وفاطرها، بأسمائه وصفاته وأفعاله.


وكتاب التوحيد لمجدد عصره وعلامة زمانه الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - كتاب فرد في معناه لم يسبق إلى مثله في كثرة فوائده ودقة مسائله، وحسن ترتيبه وتبويبه.

ولما كنت ممن شرفوا بتدريس هذا الكتاب وشروحه أكثر من عشر سنوات في (دار الحديث الخيرية) بمكة المكرمة، والتي تعتبر بحق صرحا علميا شامخا، فقد وقع اختياري على شرح نفيس لكتاب التوحيد،


ص -6- وهو الموسوم بـ"الجديد في شرح كتاب التوحيد" لمؤلفه فضيلة الشيخ محمد بن عبد العزيز القرعاوي، فألفيته شرحا لطيفا، وسلما منيفا إلى فهم ما استشكل فهمه، مع وضوح العبارة وسلاسة الأسلوب، وقد وجدت لزاما علي أن أقوم بضبط نصوص هذا الكتاب القيم مع تخريج أحاديثه وتصويب أخطائه، حتى يعم به النفع وتعظم به الفائدة -إن شاء الله تعالى-، والله أسأل أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم، وأن ينفع به النفع العميم. إنه ولي التوفيق والهادي إلى أقوم طريق.


وكتبه
محمد بن أحمد سيد أحمد
المدرس بدار الحديث الخيرية
بمكة المكرمة


ص -7- ترجمة مؤلف "كتاب التوحيد"

* اسمه ونسبه:

هو الإمام العلامة (الرباني)، محيي السنة مجدد الدعوة، محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد التميمي.
* مولده: ولد -رحمه الله- سنة 1115 هـ، في بلدة العيينة من أرض نجد، وقرأ القرآن قبل بلوغه العشر، وكان حاد الفهم، سريع الإدراك يتعجب أهله من فطنته وذكائه.

* شيوخه ورحلاته العلمية:

أخذ العلم عن والده وغيره، ثم رحل للتزود من طلب العلم، فأتى البصرة والحجاز مرارا، والأحساء وغيرها، وأخذ عن علماء تلك الأقطار، ومنهم الشيخ محمد حياة السندي المدني، والشيخ إسماعيل العجلوني، وعلي أفندي الداغستاني، والشيخ عبد الله بن إبراهيم النجدي ثم المدني، والشيخ محمد المجموعي وغيرهم، وأجازوه. وقد حج ووقف بالملتزم، وسأل الله أن يظهر هذا الدين، وأن يرزقه



ص -8- القبول من الناس. ثم قصد المدينة وحضر عند علمائها، ثم ارتحل يريد الشام فحصل له عائق لما اقتضته الحكمة الإلهية من ظهور هذا الدين في البلاد النجدية، فرجع إليها، وقدم على والده في بلدة "حريملاء".


* جهاده ودعوته:

عاد الشيخ -رحمه الله- من رحلاته العلمية - وقد علم من أحوال الناس ومعتقداتهم في بلده وفي غيرها من البلاد المجاورة - ما أسخطه، وحفز همته إلى دعوتهم إلى التوحيد الخالص من شوائب الشرك والبدع والمعاصي، فبدأ دعوته من "حريملاء" وذلك بإنكاره مظاهر الشرك والبدع فيها، ثم ارتحل إلى "العيينة"، وأزال ما في (الجبيلة) وتلك الجهات من القباب والمساجد المبنية على قبور الصحابة وغيرها، ثم قدم (الدرعية) وتلقاه الإمام محمد بن سعود وبادره بالقبول، فشمر في الدعوة إلى توحيد الله، وإفراده بالعبادة، وسائر شرائع الإسلام، والنهي عن الشرك بالله وسائر المحرمات.


وقد أقام الله به علم الجهاد، وأدحض شبه أهل الشرك والعناد، وجد الإمام في نصرته، حتى انتشر التوحيد وعمرت به نجد بعد خرابها، واجتمعت بعد افتراقها، وكان لهم الغلبة والظهور على أعدائهم.
وبالجملة فمحاسنه وفضائله أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر.

ص -9- * ثناء العلماء عليه:

قال الشيخ عبد القادر بن بدران الدمشقي: (( ولما امتلأ وطابه من الآثار وعلم السنة، وبرع في مذهب الإمام أحمد، أخذ ينصر الحق ويحارب البدع، ويقاوم ما أدخله الجاهلون في هذا الدين الحنيف، والشريعة السمحاء، ولم يزل مثابرا على الدعوة حتى توفاه الله )).

وقال عالم الأحساء الشيخ حسين بن غنام:
لقد رفع المولى به رتبة الهدى بوقت به يعلى الضلال ويرفع
سقاه نمير الفهم مولاه فارتوى وعام بتيار المعارف يقطع
فأحيا به التوحيد بعد اندراسه وأوهى به من مطلع الشرك مهيع
سما ذروة المجد التي ما ارتقى لها سواه ولا حاذى فناها سميدع
وشمر في منهاج سنة أحمد يشيد ويحمي ما تعفى ويرفع

* مؤلفاته:

صنف -رحمه الله- مصنفات كثيرة منها:
كشف الشبهات، وكتاب أصول الإيمان، وكتاب فضائل الإسلام، فضائل القرآن، وكتاب مختصر السيرة، والسيرة المطولة، وكتاب مجموع الحديث، ومختصر الشرح الكبير، ومختصر الصواعق المرسلة، ومختصر زاد المعاد، وكتاب الإيمان، وله رسائل ونصائح وأجوبة، وله هذا الكتاب النفيس في التوحيد وما يجب من حق الله على العبيد.


ص -10- قال فيه الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله:
قد ألف الشيخ في التوحيد مختصرا يكفي أخا اللب إيضاحا وتبيانا
فيه البيان لتوحيد الإله بما قد يغفل العبد للطاعات إيمانا
حبا وخوفا وتعظيما ورجا وخشية منه للرحمن إذعانا

*وفاته:
توفي رحمه الله سنة 1206 هـ، وكان يوما مشهودا، وقد رثاه جماعة من العلماء. رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته1.

1 انظر في ترجمته: تاريخ نجد المسمى "روضة الأفكار والأفهام " للعلامة حسين بن غنام (1/ 75-85), وأبجد العلوم (871), وعنوان المجد لابن بشر (1/ 6), وحاضر العالم الإسلامي, الطبعة الأولى, ومجلة الزهراء (3/ 417), وعلماء نجد خلال ستة قرون للبسام (1/ 25-47). وحاشية كتاب التوحيد للشيخ عبد الرحمن بن قاسم (ص3-7).

ص -11- ترجمة الشارح

هو محمد بن عبد العزيز السليمان القرعاوي من قبيلة عنزه، ولد في عنيزة في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية سنة (1353) هـ في 24 رمضان، وقد شب في مدينة عنيزة، والتحق في إحدى الكتاتيب، ودرس القرآن الكريم وبعض علوم الشريعة واللغة العربية، ثم التحق بالمعهد العلمي بعنيزة عام 1377 هـ، وتخرج منه عام 1381 هـ، والتحق بكلية الشريعة بالرياض، ثم تخرج منها عام 1385 هـ 1386 هـ. وقد انتظم في سلك القضاء منذ تخرجه حتى قضى سنتين في القضاء، فانتقل بعد ذلك إلى التدريس في وزارة المعارف، ولا يزال حتى الآن مدرسا بمعهد النور بعنيزة.


أما حالته الاجتماعية فقد نشأ يتيما عصاميا بنى مستقبله بنفسه، ولا يزال يعمل في حقل الدعوة الإسلامية إضافة إلى عمله الرسمي في معهد النور.

أما كتابه الجديد فهو بحق جديد في شكله، وإن كان قديما في موضوعه؛ لأن كتاب التوحيد يستحق بحق أكثر من ذلك. وإن شرحا كهذا يخرج للطلبة بقالب يتناسب مع ما فهموه من مشاكل العصر، ومخططات العدو الجديدة التي تتلون في ظاهرها. وحلقة مخططات أعداء الإسلام هي الكفر ومحو الإسلام، لذا كان هذا الكتاب جديدا



ص -12- في حقيقته كما هو جديد في اسمه. والله المسؤول أن ينفع به الأمة وينقذها من مكائد العدو ومخططاته. فجزى الله المؤلف وصاحب المتن1 عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.

وكتبه
الأستاذ عبد الله الحمد الجلالي
المدرس في معهد عنيزة العلمي


1 الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
ص -13- تقريظ الحمد لله وحده، وأصلي وأسلم على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد: فقد استعرضت الكتاب المسمى بالجديد في شرح كتاب التوحيد للشيخ محمد العبد العزيز القرعاوي، فألفيته منهجا قويا في تقريب المعنى إلى أذهان الطلبة، وصياغته بأسلوب مناسب للعصر، وتبيين معنى النصوص بشرح مفرداتها ومجمل معناها. وأرجو الله أن يتقبل منه، وأن ينفع بما كتب إنه جواد كريم.

قاله كاتبه: محمد الصالح العثيمين


ص -15- مقدمة الشّارح
الحمد لله الذي أنقذ هذه الأمة من الشرك إلى التوحيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ضديد ولا نديد. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم المبعوث بهذا الدين المجيد.

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أهل الشجاعة والرأي السديد.
أما بعد:

فإني عزمت بعون الله على شرح كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، وذلك لما لصاحب هذا الكتاب الشيخ محمد بن عبد الوهاب من الفضل الكبير على هذه الأمة، حيث جدد ما اندثر من دينها وصحح ما فسد من عقيدتها، وجاهد في سبيل ذلك بنفسه وماله وقلمه، ولما لكتابه هذا من المكانة العلمية؛ حيث إنه يبحث في أشرف العلوم، وهو توحيد الله وإفراده بالعبادة وتخليص الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وذلك بما يحويه من الأدلة الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله وأقوال السلف الصالح. وقد شرح الكتاب شروحا متعددة منها المختصر ومنها المطول، وقد كتبت بأساليب تتناسب مع العصر الذي ألفت فيه، وتلائم أهل ذلك العصر وهممهم العالية وجدهم واجتهادهم.


أما أنا فقد شرحت هذا الكتاب شرحا يتناسب مع ظروف أهل هذا العصر، وضعف هممهم وانشغالهم بالعلوم الأخرى، ولما كان هذا العلم في هذا العصر لا يطلب غالبا إلا في المدارس النظامية شرحت هذا الكتاب بأسلوب سهل مبسط سائرا فيه على خطوات التربية الحديثة.

وطريقتي في الشرح كما يلي:

ص -16- أولا: إيراد النص، فإذا كان النص آية وصاحب المتن لم يكملها كملتها تتميما للفائدة، وقد يستلزم المعنى إيراد آية قبلها أو بعدها.
ثانيا: شرح الكلمات.
ثالثا: الشرح الإجمالي.
رابعا: استخراج الفوائد.
خامسا: المناسبة.

وتنقسم إلى قسمين:

مناسبة النص للباب، وهذه المناسبة تورد في كل باب، ومناسبة النص للتوحيد، فهذه قد تورد أحيانا إذا اقتضى الأمر ذلك.

سادسا: قد تكتب ملاحظة بعد المناسبة أحيانا إذا اقتضى الأمر ذلك.
سابعا: المناقشة على النص. وإذا كان هناك كلام في المتن لا يمكن شرحه على الطريقة المذكورة، جعلناه تتمة في آخر الباب. وقد سميته (الجديد في شرح كتاب التوحيد).


والله أسأل أن يجعل عملي خالصا لوجهه الكريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وكتبه:
محمد بن عبد العزيز السليمان القرعاوي


ص -17- كتاب التوحيد1

قال الله تعالى: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو

1 التوحيد لغة: الإفراد.
وشرعا: هو تفرد الله تعالى بالربوبية والإلهية وكمال الأسماء والصفات.

أنواع التوحيد:

أنواع التوحيد ثلاثة:
1- توحيد الربوبية: وهو توحيد الله بأفعاله, والإقرار الجازم بأن الله تعالى رب كل شيء ومليكه, وخالقه ومدبره والمتصرف فيه, ودليل هذا النوع من التوحيد قوله تعالى: { الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون}. الأنعام: آية (1). وقوله سبحانه: { قل من رب السموات والأرض قل الله }. الرعد (16), وقوله تعالى: { هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه}
. لقمان (11). وقد أقر الكفار على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا النوع من التوحيد، ولم يدخلهم ذلك في الإسلام.


2- توحيد الإلهية: وهو إفراد الله تعالى بجميع أنواع العبادة الظاهرة والباطنة, وهذا النوع من التوحيد هو الذي بعثت به الرسل، وأنزلت به الكتب، وبدأ به كل رسول دعوته، ووقعت فيه الخصومة بينه وبين أمته، ودليله من القرآن الكريم قوله تعالى: { إياك نعبد وإياك نستعين }. الفاتحة (5). وقوله سبحانه: { فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون }. هود (123). وقوله تعالى:{ قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين }. الأنعام (162-163).


3- توحيد الأسماء والصفات: وهو الإيمان بما وصف الله به نفسه في كتابه, ووصفه به رسوله -صلى الله عليه وسلم- من الأسماء الحسنى والصفات العلى, وإمرارها كما جاءت من غير تحريف ولا تأويل, ومن غير تكييف ولا تمثيل. ودليله قوله تعالى: { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير }. سورة الشورى آية (11).


ص -18- الْقُوَّةِ الْمَتِينُ }1.

شرح الكلمات:

الجن: عالم مستتر عن الأنظار.
الإنس: هم بنو آدم.
يعبدون: أي يوحدون. والعبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة2.
ما أريد منهم من رزق: لم يرد الله منهم أن يرزقوا أنفسهم ولا يرزقوا غيرهم.
وما أريد أن يطعمون: ولم يرد منهم أن يطعموا أنفسهم ولا يطعموا غيرهم، وإنما أسند الرزق والإطعام إلى نفسه؛ لأن الخلق عيال الله فمن أطعمهم فكأنما أطعم الرب عزوجل.

الرزاق: كثير الرزق لخلقه.
ذو القوة: صاحب القوة.
المتين: الشديد القوة.

الشرح الإجمالي:

يخبرنا الله -سبحانه وتعالى- أنه هو الذي أوجد الجن والإنس، وأن الحكمة من إيجادهم هي إفراده بالعبادة والكفر بما سواه، وأنه لم يخلقهم

1 سورة الذاريات آية : 56-58.
2 وقيل: العبادة: اسم يجمع كمال الحب لله ونهايته, وكمال الذل لله ونهايته, فالحب الخلي عن الذل، والذل الخلي عن الحب لا يكون عبادة, وإنما العبادة ما يجمع كمال الأمرين.


ص -19- لمصلحة نفوذ لذاته، وإنما أوجدهم للعبادة، وتكفل بأرزاقهم، وهو صادق بوعده قادر على تحقيقه لأنه قوي متين.

الفوائد:

1. أن الحكمة من خلق الجن والإنس هي إفراد الله بالعبادة.
2. إثبات وجود الجن.
3. كمال غنى الله عن خلقه.
4. أن مصدر الرزق من الله، ولكن العبد مأمور بفعل الأسباب.
5. إثبات اسمين من أسماء الله وهما: الرزاق، والمتين.

مناسبة الآية للتوحيد:

حيث دلت الآية الكريمة على أن الحكمة من خلق الجن والإنس هي إفراد الله بالعبادة والكفر بما سواه.

المناقشة:

أ. اشرح الكلمات الآتية:
الجن، الإنس، ليعبدون، ما أريد منهم من رزق، وما أريد أن يطعمون، الرزاق، ذو القوة المتين.
ب. اشرح الآية شرحا إجماليا.
ج. استخرج أربع فوائد من الآية مع ذكر المأخذ.
د. وضح مناسبة الآية للتوحيد.

ص -20- وقال تعالى : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ }1.

شرح الكلمات:

بعثنا: أرسلنا.
الرسول: هو من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه2. ورسول هنا نكرة تعم جميع الرسل.
اعبدوا الله : وحدوه بجميع أنواع العبادة. والعبادة لغة: التذلل.
اجتنبوا: ابتعدوا.
الطاغوت: هو كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع في غير طاعة الله ورسوله3. والطواغيت كثيرون ورؤوسهم خمسة: إبليس لعنه الله، ومن غير أحكام الله، ومن حكم بغير ما أنزل الله، ومن دعى إلى عبادة نفسه، ومن عبد من دون الله وهو راضي بالعبادة.
هدى الله: وفقه للخير.

1 سورة النحل آية : 36.
2 والنبي: هو من أمره الله أن يدعو إلى شريعة من كان قبله. وعلى ذلك فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولا. انظر العقيدة الطحاوية ص (167).
3 الطاغوت لغة: مشتق من الطغيان، وهو مجاوزة الحد ويكون واحدا وجمعا, ويؤنث ويذكر. وللسلف فيه تفاسير لا تنافي بينها، وكلها ترجع إلى ما قاله ابن القيم في تعريف الطاغوت وقد ذكره الشارح.


ص -21- حقت عليه الضلالة: وجبت وثبتت لكفره وعناده. والضلالة هي الكفر.
سيروا في الأرض: سير اعتبار وتفكر.
عاقبة المكذبين: من الأمم السابقة كعاد وفرعون، وما وقع بهم من عاقبة التكذيب.

الشرح الإجمالي:

يخبر الله -سبحانه وتعالى- في هذه الآية الكريمة أنه أرسل في كل طائفة من الناس رسولا يبلغهم ويأمرهم بتوحيده والكفر بما سواه. وقد انقسم الناس حيال هؤلاء الرسل إلى قسمين: فمنهم من وفقه الله إلى الخير فاستجاب لدعوة الرسل، وامتثل ما أمروا به (واجتنب) ما نهوا عنه.


ومنهم من حرم من التوفيق فأعرض عن الحق فخسر الدنيا والآخرة. والذي يسير في نواحي الأراضي معتبرا سيرى آثار عقوبة الله لبعض المعاندين كعاد وثمود وفرعون.

الفوائد:

1. بيان أن الناس لم يتركوا هملا1.
2. عموم الرسالة لجميع الأمم ونفس الفترة بين الرسل التي توجب طمس معالم الدين بالكلية.
3. إن مهمة الرسل الدعوة إلى عبادة الله والكفر بما سواه.
4. إن هداية التوفيق خاصة بالله دون غيره.

1 أي مهملين معطلين لا نؤمر ولا ننهى.

ص -22- 5. لا يلزم من أمر الله بالشيء إرادته له.
6. استحباب السياحة لقصد الاعتبار والتفكر بآثار القرون الأولى.

مناسبة الآية للتوحيد:

حيث دلت الآية الكريمة على أن عبادة الله لا تصلح إلا إذا كفر بما سواه.

المناقشة:

أ. اشرح الكلمات الآتية: بعثنا، الرسول، اعبدوا الله، اجتنبوا الطاغوت، هدى الله، حقت عليه الضلالة، سيروا في الأرض، عاقبة المكذبين.
ب. اشرح الآية شرحا إجماليا.
ج. استخرج خمس فوائد من الآية مع ذكر المآخذ.
د. وضح مناسبة الآية للتوحيد.

وقوله تعالى : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً }
1.

1 سورة الإسراء آية : 23-24.

ص -23- شرح الكلمات:

قضى : أمر ووصى.
أن لا تعبدوا إلا إياه: أن تصرفوا جميع أنواع العبادة إلى الله دون غيره. وبالوالدين إحسانا: الإحسان إلى الوالدين هو احترامهما والقيام بما يصلح أحوالهما، والدعاء لهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وبعد وفاتهما استمرار الدعاء لهما وإكرام صديقهما.
عندك: في كنفك ورعايتك.
ولا تقل لهما أف: لا يظهر منك ما يشعر بالضيق والضجر منهما.
تنهرهما: تزجرهما. كريما: أي جميلا لا شراسة فيه.
واخفض لهما جناح الذل من الرحمة: تواضع وتذلل لهما رحمة بهما لا خوف العار وطلب الحظوة لديهما فقط.

الشرح الإجمالي:

يأمر الله -سبحانه وتعالى- جميع المكلفين بأن يفردوه بالعبادة، وأن يبروا بوالديهم. وأكد حق الوالدين بذكره بعد حقه عزوجل، ثم ذكر بعض أنواع البر لهما، وخاصة في حال العجز والضعف، ومن ذلك عدم إظهار ما يشعر بالضيق منهما وعدم رفع الصوت بزجرهما، والأمر بلين الجانب لهما واللطف في الكلام معهما، والدعاء لهما في حياتهما وبعد وفاتهما.

الفوائد:

1. وجوب إفراد الله بالعبادة.
2. وجوب البر بالوالدين على كل واحد من الولد بعينه.
3. التكافل الاجتماعي موجود في الإسلام.


ص -24- مناسبة الآية للتوحيد:

حيث دلت الآية الكريمة على وجوب إفراد الله بالعبادة.

المناقشة:

أ. اشرح الكلمات الآتية: قضى، ألا تعبدوا إلا إياه، وبالوالدين إحسانا، عندك، فلا تقل لهما أف، تنهرهما، كريما، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة.
ب. اشرح الآيتين شرحا إجماليا.
ج. استخرج ثلاث فوائد من الآيتين مع ذكر المأخذ.
د. وضح مناسبة الآية للتوحيد.
وقوله تعالى : { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً }1.

شرح الكلمات:

اعبدوا الله: أفردوه بالعبادة.
ولا تشركوا به شيئا: أي اكفروا بكل معبود سواه حيا كان أم ميتا جمادا أو حيوانا.

1 سورة النساء آية : 36.

ص -25- وبالوالدين إحسانا: ارجع إلى شرح الآية السابقة (ص23).
بذي القربى: كل من يصدق عليه تسمية القريب.
اليتامى: جمع يتيم وهو من مات أبوه ولم يبلغ.
المساكين: جمع مسكين وهو الفقير.


الجار ذي القربى: وهو الجار الملاصق. وقيل: الجار الذي تربطك به قرابة.
الجار الجنب: هو الجار الذي لا تربطك به قرابة. وقيل: الجار غير الملاصق.
والصاحب بالجنب: هو كل من لازمك رجاء نفعك كالزوجة والمسافر ونحوهما.


ابن السبيل: هو المنقطع في السفر.
وما ملكت أيمانكم: هم العبيد والمماليك.
المختال: هو المتكبر.
الفخور: هو المعجب بنفسه المادح لها.

الشرح الإجمالي:

لما كان الإخلاص هو أساس الدين، ابتدأ الله هذه الآية بالأمر بإخلاص التوحيد له والكفر بما سواه، وأردف ذلك ببر الوالدين؛ لأنهما هما السبب الظاهر في وجود الإنسان في هذه الحياة، ولم يغفل -سبحانه وتعالى- حق الأقارب؛ لأنهم أرجى الناس بفضله وإحسانه، وحتى لا ييأس بقية إخوانه المسلمين أوصى -سبحانه وتعالى- بالأيتام عموما والمساكين سواء القريب منهم أو البعيد، ثم أخذ -سبحانه وتعالى- يبين حقوق الملازمين


ص -26- له في الغالب في الحياة، فبدأهم بالجار الذي يجمع بين حق الإسلام والقرابة والجوار، ثم الجار الذي له حقان.. حق الإسلام والجوار، ثم الجار الذي له حق الجوار فقط وهو الذمي. ثم ذكر حق من سيلازمه ويرجو فضله كالزوجة ورفيق السفر ونحوهما، ولما كان الإسلام يقدر الحركة والانتقال من بلد إلى آخر والسياحة بقصد الرزق والاعتبار، أوصى بمساعدة المسافر الذي يحتاج إلى المساعدة سواء كان ذلك ماديا أو معنويا..


وتأكيدا للعدل والمساواة بين أفراد المسلمين لم ينس الإسلام المماليك، بل أوصى بحقوقهم والرفق بهم والاعتراف بإنسانيتهم، ولما كانت هذه الأعمال أعمال خير قد يعجب فاعلها بنفسه حذر الله -سبحانه وتعالى- من الكبر والإعجاب بالنفس؛ لأنهما قد يحبطان هذه الأعمال الجليلة.

الفوائد:

1. وجوب عبادة الله وحده.
2. وجوب بر الوالدين وطاعتهما ما لم يكن في معصية، أو شيئا يضر الولد لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا ضرر ولا ضرار "
1.
3. مشروعية صلة الأقارب حسب قربهم من الشخص.
4. وجوب الإحسان إلى من تعوله من الأيتام، وذلك بحفظهم وحسن تربيتهم وتنمية مالهم.
5. استحباب الإحسان إلى المساكين وأنواع الإحسان كثيرة.
6. وجوب حق الجار.
7. الحث على مساعدة كل من لازمك يرجو فضلك من رفيق سفر وحضر ونحوهما.
8. وجوب مساعدة المنقطع به في السفر

1 ابن ماجه : الأحكام (2340).

ص -27- 9. وجوب الإحسان إلى المماليك.
10. تحريم الكبر والخيلاء.
11. إثبات صفة المحبة لله.

مناسبة الآية للتوحيد:

حيث دلت الآية الكريمة على وجوب إخلاص العبادة لله وحده والكفر بمن سواه.

ملاحظة:

الجار من حيث هو ثلائة أقسام: الأول: له ثلاثة حقوق: الإسلام والقرابة والجوار. والثاني: له حقان: الإسلام والجوار. والثالث: له حق الجوار فقط وهو الذمي.

المناقشة:

أ. اشرح الكلمات الآتية: اعبدوا الله، ولا تشركوا به شيئا، وبالوالدين إحسانا، بذي القربى، اليتامى، المساكين، الجار ذي القربى، الجار الجنب، الصاحب بالجنب، ابن السبيل، ما ملكت أيمانكم، مختال، فخور.
ب. اشرح الآية شرحا إجماليا.
ج. استخرج سبع فوائد من الآية مع ذكر المأخذ.
د. وضح مناسبة الآية للتوحيد.

ص -28- وقول الله تعالى : { قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }12.

شرح الكلمات:

تعالوا: أقبلوا.
أتل: أقصص.
ما حرم ربكم عليكم: ما حرم بحق لا تخرصا وظنا. والتحريم لغة: المنع.
ألا تشركوا به شيئا: لا تعبدوا معه غيره.
ولا تقتلوا أولادكم من إملاق: لا تقتلوا بنيكم وبناتكم من أجل الفقر.
(وبالوالدين إحسانا) : تقدم شرحها.
الفواحش : هي المعاصي.
ما ظهر منها: ما كان بينك وبين الناس. وما بطن: ما كان بينك وبين الله.
النفس التي حرم الله: نفس المسلم والكافر المعاهد والذمي والمستأمن.
إلا بالحق: المراد بالحق زنا بعد إحصان، أو كفر بعد إيمان، أو القتل المتعمد لنفس معصومة فيقتل به وهو القصاص، أو غير ذلك مما أباح الإسلام قتل النفس به.

1 سورة الأنعام آية : 151.
2 ملاحظة:
لم يذكر الشارح الأثر الذي أورده المؤلف في المتن، وهو قول ابن مسعود -رضي الله عنه-: "من أراد أن ينظر إلى وصية محمد -صلى الله عليه وسلم- التي عليها خاتمه فليقرأ قوله تعالى: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا }. الآية. وابن مسعود: هو الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي، أبو عبد الرحمن من كبار علماء الصحابة، توفي -رضي الله عنه- سنة (32هـ).

ص -29- ذلكم: الإشارة تعود إلى المحرمات السابقة.
وصاكم: الوصية هي الأمر المؤكد.
لعلكم تعقلون: لكي تعقلوا ما ذكر فتعملون به.

الشرح الإجمالي:

يأمر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بأن يدعو خصوم الدعوة إلى الإقبال والإصغاء إلى ما سيفصله عليهم من الخطوط العريضة لهذه الدعوة والقواعد الثابتة المشرفة، وذكر بعضا منها في هذه الآية وما بعدها. ولما كان الشرك يحبط كل عمل صالح ابتدأ الله هذه الحقائق بالتحذير من الشرك، ثم عقب بالأمر بالبر بالوالدين. ولما كان قتل الذرية سفاهة في الشخص وقطعا لشجرته وأروفته، نهى الله عن قتل الأولاد. وذكر الفقر هنا؛ لأنه أنحل الأسباب للقتل في الجاهلية، وإلا فالقتل بغير حق محرم بأي سبب من الأسباب.. ولما كان السبب الغالب في قتل الأولاد خوف الفقر تكفل الله برزقهم وأولادهم معا، ثم نهى -سبحانه وتعالى- عن جميع المعاصي ما ظهر منها للناس وما اختفى. ولما كان القتل بغير حق يهد كيان المجتمع بما ينجم عنه من الفوضى والدمار والثأر والأحقاد خصه الله بالنهي بعد الفواحش إجمالا، ثم أكبر الله تحريم هذه الأشياء حيث نص عليها بلفظ الوصية من أجل أن نعقلها فنعمل بها.

الفوائد:

1. أن الشرك هو أكبر الكبائر، ولا يصح معه عمل لهذا بدأ الله به.
2. وجوب بر الوالدين.


ص -30- 3. تحريم قتل الأولاد، ويلحق به الإجهاض بعد أربعين يوما من ابتداء الحمل.
4. تكفل الله بالرزق لجميع الناس.
5. مكافحة الحمل خوف الفقر من أعمال الجاهلية.
6. تحريم الفواحش وما يؤدي إليها.
7. تحريم قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق.
8. لم يفصل الله المراد بالحق هنا، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شيئا منه في حديث صحيح مفاده: زنا بعد إحصان، وكفر بعد إيمان، والنفس بالنفس.

مناسبة الآية للتوحيد:

حيث حذرت الآية عن الشرك بجميع صوره وأشكاله.

المناقشة:

أ. اشرح الكلمات الآتية: أتل، ما حرم ربكم عليكم، ألا تشركوا به شيئا، وبالوالدين إحسانا، ولا تقتلوا أولادكم، إملاق، الفواحش، ما ظهر منها، ما بطن، النفس التي حرم الله إلا بالحق، ذلكم، وصاكم به لعلكم تعقلون.

ص -31- ب. اشرح الآية شرحا إجماليا.
ج. استخرج سبع فوائد من الآية مع ذكر المأخذ.
د. وضح مناسبة الآية للتوحيد.
وعن معاذ بن جبل1 رضي الله عنه قال: " كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار، فقال لي: يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا. قلت: يا رسول الله أفلا أبشر الناس؟ قال: لا تبشرهم فيتكلوا ". (أخرجاه في الصحيحين) 2.

شرح الكلمات:

رديف النبي: راكبا خلفه.
حق الله على العباد : حق إيجاب.

1 هو أبو عبد الرحمن معاذ بن جبل الأنصاري الخزرجي صحابي مشهور. من أعيان الصحابة وعلمائهم، مات بالشام من طاعون عمواس سنة (18)هـ -رضي الله عنه-.


2 البخاري (الفتح 6/ 2856) كتاب الجهاد، باب اسم الفرس والحمار. وفي اللباس (10/ 5967) باب إرادف الرجل خلف الرجل. وفي الرقاب (11/ 6500) باب من جاهد نفسه في طاعة الله. وفي التوحيد (13/ 7373) باب ما جاء في دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته إلى توحيد الله تعالى. ومسلم (30) في الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا.

ص -32- حق العباد على الله: أي ما أوجبه الله على نفسه إنعاما وتفضلا، وليس استحقاق مقابلة كحق المخلوق على المخلوق.
أبشر الناس: أخبرهم بما يسرهم من هذا القول.
يتكلوا: يعتمدوا.

الشرح الإجمالي:

يخبرنا معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه ذات يوم كان راكبا خلف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يخصه بأهم مسائل العلم وأجلها، وقد استعمل رسول الله الأسلوب الاستجوابي في تعليم معاذ وتشويقه، وأن معاذا لم يخض فيما لا يعلم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم بين لمعاذ حقيقتين هامتين هما ما يجب لله على المكلفين من خلقه، وما أوجبه لعباده على نفسه إنعاما وتفضلا، ولما كان معاذ يحرص على ما يسر المسلمين استأذن من النبي صلى الله عليه وسلم في نشر هذه المسألة، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم مخافة أن يعتمدوا على هذا الوعد فيتركوا التنافس في الأعمال الصالحة التي تحط سيئاتهم وترفع درجاتهم، لكن معاذ أخبر تحرجا من كتمان العلم مع أن العاقل يفهم تحذير النبي صلى الله عليه وسلم أمته من الاتكال من قوله: " فيتكلوا ".

الفوائد:

1. جواز الإرداف على الدابة إذا لم يشق عليها.
2. تواضعه صلى الله عليه وسلم.
3. أن عرق الحمار طاهر.
4. فضل معاذ بن جبل رضي الله عنه.
5. الأسلوب الاستجوابي في التعليم من أساليب الإسلام.

ص -33- 6. تحريم الخوض فيما لا يعلمه الشخص.
7. أول حق لله على المكلفين إفراده بالعبادة.
8. من مات على التوحيد أمن من العذاب إذا لم يرتكب كبائر تعرضه لدخول النار.
9. الجمع بين هذا الحديث وبين حديث من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام يوم القيامة من النار: أن حديث اللجام يفيد تحريم الكتم عموما في جميع المسائل، أما حديثنا هذا فيفيد جواز كتم العلم إذا ترتب على إظهاره مفسدة متحققة.

مناسبة الحديث للباب:

حيث دل الحديث على أن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا.

المناقشة:

أ. اشرح الكلمات الآتية: رديف النبي، حق الله على العباد، حق العباد على الله، أبشر الناس، يتكلوا.
ب. اشرح الحديث شرحا إجماليا.
ج. استخرج سبع فوائد من الحديث مع ذكر المأخذ.
د. وضح مناسبة الحديث للتوحيد.



المصدر :


الجديد في شرح كتاب التوحيد
رابط التحميل بصيغةpdf


http://www.archive.org/download/tskttskt/kskt.pdf









التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 15-01-2015 الساعة 10:37PM
رد مع اقتباس