عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 10-05-2012, 01:50AM
أم سمية أم سمية غير متواجد حالياً
مفرغة صوتيات - وفقها الله -
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: المملكة المغربية حرسها الله
المشاركات: 156
افتراضي تفريغ الدرس الأول من دورة زاد المستقنع كتاب المناسك

بسم الله الرحمن الرحيم

تفريغ الدرس الأول من شرح كتاب المناسك

للشيخ أبي عبد الله ماهر بن ظافر القحطاني حفظه الله

في دورة زاد المستقنع

التي أقيمت بمسجد بلال بن رباح


لتحميل المادة أنقر هنا


التفريغ
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾.
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾.
أما بعد:
فإن خير الحديث كتاب الله وأفضل الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
فما هي إلا أيام قليلة ويُعلن عن دخول هلال ذي الحجة وحينئذ تدخل العشرة أيام التي هي أفضل أيام السنة فمن عبد الله سبحانه وتعالى في هذه الأيام العشر -وهي العشر من ذي الحجة- بالذِّكر والعبادة لله سبحانه وتعالى بالحج وهو أفضل أو من أفضل ما يُتعبد الله به في هذه الأيام كان أفضل ممن جاهد في سبيل الله في غيرها ولا يكون الخارج في سبيل الله أفضل منه إلا رجلا خرج بماله ونفسه ثم لم يرجع بشيء من ذلك، كما روى ذلك البخاري في صحيحه وبن خزيمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني العشر من ذي الحجة "، فقالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: " ولا الجهاد في سبيل الله؛ إلا أن يخرج الرجل بماله ونفسه ثم لا يرجع بشيء من ذلك " ففي هذه الأيام العشر تكون هذه الفريضة العظيمة وهي فريضة الحج فليس أحد أفضل من هذا الحاج في هذه الأيام وهو مخلص لله في حجه بأفضل منه عملا مهما عمل إلا أن يكون جاهد في سبيل الله فقتل وذهب ماله فحينئذ يكون أفضل منه ؛ فالحج سيكون في هذه العشرة أيام وكذلك العمرة فأحسنوا فيها العمل وإياكم والغفلة فلا تكون هذه الأيام العشر التي ستأتيكم بعد نحو خمسة أيام لا تكن كغيرها من أيام العام، كان سعيد بن المسيب أو غيره من السلف إذا خلت هذه العشر يجتهد اجتهادا في العبادة حتى يكاد لا يقدر لأنها أفضل أيام العام والعامل فيها أفضل من المجاهد في غيره يعني لو خرج الرجل في غير هذه الأيام العشر مجاهدا في سبيل الله فيؤخذ ماله وقُطعت أطرافه ولكنه لم يقتل فالعامل بالحج والعمرة والصالحات في هذه الأيام أفضل منه إلا إذا قتل وذهب ماله فحينئذ يكون هذا المقتول والذي ذهب عنه المال أفضل منه فهذا يدل على فضل هذه الأيام العشر التي تقع فيها هذه العبادة العظيمة وأعظم ما يهتم العامل في هذه الأيام العشر العبادات التي تجري في اليوم والليلة كأذكار الصباح والمساء فينبغي أن يعتني بها وكذلك قراءة القرآن فهي عبادة سنوية ينبغي للمسلم أن يختم القرآن على الأقل في الشهر مرة ولا أحسن من أن يختم في ثلاثة أيام فلا يختم في أقل من يومين لكن قراءة القرآن ليست عبادة خاصة بهذه العشرة أيام من ذي الحجة بل أنه ينبغي أن يتعبد الله سبحانه وتعالى فيها بالعبادات التي هي من أعمل اليوم والليلة ويجتهد في العبادة فيها فلا مانع من أن يُكثر من التسبيح والتحميد والتهليل وكذلك من الصوم وإن كان الصوم قد جاء فيه حديث يدل على أنه لا ينبغي أن يصام فيها إتباعا للرسول صلى الله عليه وسلم ظاهره يدل على ذلك وإن كان لذلك فقه وهو ما رواه مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: (( لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم أو لم أر النبي صلى الله عليه وسلم صائما في العشر قط أو لم يكن النبي يصوم العشر قط صلى الله عليه وسلم )) فقد يقول من نظر لهذا الحديث ينبغي فعل كل عبادة إلا الصوم لأن النبي ما كان يصوم وقد قال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ ولكن الصحيح أنه يصوم في هذه الأيام أو لا بأس بالصيام في هذه الأيام ولا يعتقد أن الصيام فيها من جنس صيام الاثنين والخميس بمعنى أن الصيام مخصوص فيها كما يخصص في الاثنين والخميس لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما ثبت عنه أنه يواظب على صيام التسع كاملة صلى الله عليه وسلم أو الثلاث البيض، ونسمع بعض العامة يقولون: ‘‘ فلان كان يصوم الاثنين والتسع أيام من ذي الحجة ’’ ويسرد كأن ذلك الصوم سنة راتبة مؤكدة من جنس الاثنين والخميس والثلاث البيض ويوم عاشوراء ونحو ذلك مما جاء فيه التنصيص على الصيام، نعم لا بأس أن يصوم بعضها أو أن يصوم في بعض السنين كلها لكن أن يجعلها من جنس صيام الاثنين والخميس مواظبة فهذا لا أعلم أن النبي فعلها صلى الله عليه وسلم؛ والذي جعلنا نقول بجواز الصيام فيها ما رواه البيهقي في سننه أن رجلا سأل أبا هريرة رضي الله تعالى عنه فقال له: ‘‘ إن عليَّ قضاءً من رمضان وقد حضرت هذه الأيام العشر هل أتطوع أبدأ بالقضاء أم أتطوع بالصيام؟ ’’ فقال: (( اِقْضِ ما عليك )) يعني أبدأ بقضاء الصيام من رمضان أو أبدأ بالتطوع بالصيام في هذه العشر فقال له أبو هريرة : (( اقض حق الله ثم تطوع ما شئت )) فلو كان الصوم ممنوعا في هذه العشر لما أفتاه أبو هريرة رضي الله تعالى عنه بجواز الصيام في هذه العشر غير الذي في النفس منه شيء أن يُواظب المسلم في كل سنة تجده يصومها كاملو فهذا الذي لم أعلم أنه منقول عن الصحابة رضوان الله عليهم كما كان النبي يواظب على صوم الاثنين والخميس فلو كان يواظب على صيام التسع لنُقِل كما يواظب على صيام الاثنين والخميس وصيام عاشوراء فلمَّا لم يُنقل صار في النفس من المواظبة على ذلك شيء فيصوم بعضها ويترك بعضها ويصوم في سنة كلها وهكذا.. ولا أرى أن الصيام فيها مخصوص فإن النبي صلى الله عليه وسلم تركه فليهتم أحدنا بهذه الأيام العشر وليتعبَّد الله سبحانه وتعالى في لياليها وأيامها ولا يمل ولا يكل ولا يغفل فإنها سرعان ما تنقضي سبحان الله كيف يُضاعف فيها العمل حتى يصبح العامل فيها أفضل من المجاهد الذي جُرح في سبيل الله وأخذ ماله، فهذا يدل على أنها أفضل أيام العام كما قال شيخ الإسلام في المقارنة بين العشر من ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان فقال: (( ليالي العشر الأخيرة من رمضان أفضل من ليالي العشر من ذي الحجة، وأيام العشر من ذي الحجة أفضل من أيام العشر الأواخر من رمضان )).
فليضع المسلم بين ناظريه هذه الأيام بعين الاهتمام من أول ليلة تدخل ليلة الواحد من ذي الحجة ومن أعظم ما يتقرب إلى الله فيها لمن كان حاضرًا الأضحية فإذا دخلت أو رأى أحدنا هلال ذي الحجة وأراد أن يضحي فليمسك عن شعره وعن أظافره وعن بشرته فلا يأخذ من ذلك شيئا كما جاء في الحديث حديث أم سلمة الذي خرجه مسلم في صحيحه " إذا رأى أحدكم هلال ذي الحجة وأراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظافره " أو كما قال صلى الله عليه وسلم، ولا بأس أن يجامع فإنه إنما جاء التنصيص على الشعر والأظافر ولا بأس أن يجامع وأما إذا كان حاجًّا وسيتمتع فلا يقولن في نفسه لن أقصر شعري في العمرة التي سأذهب في اليوم الرابع من ذي الحجة أصنعها فلن أقصر لأني سأضحي! فنقول له: (( الأضحية على من كان حاضرا في بلدته، وأما إذا سافر للحج فعليه هدي فلا يجمع بين الهدي والأضحية لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع بين الهدي والأضحية، فالهدي خاص بأهل منى والأضحية خاصة بمن حضر في البلد ))؛ فحينئذٍ يقص شعره إذا قدم عمرة التمتع على الإهلال بالحج يوم التروية فليقص شعره ثم أن الذي يمنع من قص الشعر فقط المضحي لأن النبي علق الحكم به فقال: " وأراد أحدكم أن يضحي " فأما أهله فلا إرادة لهم لأنه لو شاء أبطل الأضحية ولو شاء أبقاها فلا إرادة لأهله حقيقة، فالأضحية معلقة بالمضحي فهو الذي يمسك من شعره وأظافره أنا أهله فلا بأس أن يأخذوا من شعرهم ومن أظافرهم.
وأعظم ما يتقرب به إلى الله غير الحج والعمرة والأضحية الاهتمام بالفرائض وأدائها في وقتها جماعة الخشوع فيها فإذا خضرت صلاة فريضة ولو الظهر في عملك وأنت في الأيام العشر فاهتم بها فإنك في العشر أكثر مما تهتم في غيرها بالخشوع وأداء السنن في الصلاة فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أو عن غيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن الله: " وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي من مثل ما افترضته عليه " فأفضل ما تتقرب به إلى الله في هذه الأيام العشر ما افترضه الله عليك، ولذلك أنظر إلى فقه أبي هريرة لما قال له الرجل إن عليَّ أياما من رمضان لم أقضها أبدأ بالقضاء أو التطوع في العشر؟ قال: (( اِقْضِ حَقَّ اللهِ )) فإنه ما يتقرب إلى الله بشيء مثل ما افترضه الله عليه، فعليه أن يهتم بالفرائض اهتماما بالغا أوَّل ما يضع نُصب عينيه من العمل الصالح الفرائض فيقدمها على كل شيء فمن كانت من النساء عليها حيض ولم تقضه تبدأ بقضاء الأيام التي لم تصمها في رمضان ثم بعد ذلك تتطوع ما شاءت.
فينبغي أن يُفرِّغ الإنسان نفسه من الآن ويُعمل فكره ماذا سيفعل في هذه الأيام العشر ويبعد عن الشواغل فإن كان له مواعيد لقاءات وولائم وقيل وقال يؤجلها ويفرغ نفسه من الآن فإنه عنده خمسة أيام يفكر كيف يتفرغ في هذه العشر من الشواغل فلا يضرب مواعيد للنزه ومواعيد للقاءات والمزاح وكثرة الكلام فيها وهي أفضل أيام السنة وتمضي سريعا وقد تكون آخر أيام العبد في هذه الحياة الدنيا ومن يدري كم يُعمَّر الإنسان بعدها؛ وكذلك الإكثار من الذِّكر وبخاصة التكبير فقد روى البخاري في صحيحه أو ذكره معلقا عن ابن عمر وابن عباس أو عن أبي هريرة وابن عمر أنهما كانا يخرجان إلى السوق فيكبِّران ويكبر الناس بتكبيرهما فمن السنة في هذه الأيام إفشاء التكبير في الأسواق والشوارع والبيوت وهذه من السنن الميتة في هذه الأيام العشر.
ومن ذلك من أعمال اليوم والليلة أنه يمكن البقاء في المسجد حتى تشرق الشمس سواء في درس علمي أو في ذِكر عملا بالحديث الذي خرجه الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم: " من صلى الفجر في جماعة ثم جلس يذكر الله حتى تطلع الشمس كان له أجر حجة وعمرة تامتين تامتين " أو كما قال صلى الله عليه وسلم وخرجه الطبري أيضا وله شواهد وهو حسن لغيره كما قال العلامة الألباني رحمه الله.
ومن ذلك من أعمال اليوم والليلة صلاة إحدى عشر ركعة كل ليلة فإنه خرج مسلم في صحيحه عن عائشة أنها كانت تقول: (( ما زاد النبي عن إحدى عشر ركعة في رمضان ولا في غيره )) ودخل في ذلك العشر من ذي الحجة فيصلي إحدى عشر ركعة هذا أعلى ما ذُكر عن النبي، فيُطوِّل في القراءة فإنه إذا قرأ بعشر آيات في تلك الليلة لم يكتب من الغافلين وإذا قام بمائة آية كُتب من القانتين وإذا قام بألف آية كُتب من المقنطرين؛ فله أن يأخذ المصحف ويقرأ ثلاث أرباع الليل أو نصف الليل المهم حتى يكتب من المقنطرين يقرأ بألف آية ولا بأس أن يقرأ من السور التي آياتها قصيرة المهم أن النبي لم يفرِّق في المقنطرين بين أن يقرأ ألف آية من الآيات الطويلة أو الآيات القصيرة فله أن يحصي ألف آية من الآيات القصيرة فيكتب تلك الليلة من المقنطرين لكن الذي يقرأ من الآيات الطويلة كالبقرة وآل عمران أنه أكثر أجرا لأن الكلمات كثيرة والأحرف أكثر فيكتب له بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها.
فهذا ما أردت في بداية هذه الدورة أن أنبِّه عليه حتى لا ننسى، دورتنا هذه المقامة والخاصة بهذا المسجد في شرح كتاب المناسك من زاد المستقنع أردت أن أبين في بدايتها فضل هذه العشر وأن من أفضل ما يتقرب فيها إلى الله أداء المناسك الحج والعمرة فإنها ستقع في هذه الأيام التي العمل الصالح فيها أحب إلى الله من العمل في غيرها.
رد مع اقتباس