[الحلقة التاسعة] من هم الإسماعيلية ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فهذه هي الحلقة التاسعة من هذه السلسلة التي نتكلم فيها عن الإسماعيلية ونواصل الحديث عنها وهي إحدى الفرق الباطنية ( الشيعة ) المنتشرة في أغلب أنحاء العالم ، وأسأل الله أن ينفع بهذه السلسلة.
_ وسنـتكلم في هذه الحلقة عن أسلوب الدعوة ، ورسوم العضوية والضرائب .
1_ أسلوب الدعوة الإسماعيلية المعاصرة :
إن المتتبع لأحوال هذه الفرقة يلمَس جهودا كبيرة ومختلفة في سبيل الدعوة إلى هذه الفرقة (دور النشر _ الكتب المحققة _إنشاء المدارس _ الجامعات ) .
وقد استغل الإسماعيلية جهل المسلمين في بعض البلاد بتعاليم الإسلام الصحيحة فسعوا إلى بث دعوتهم تساندهم في ذلك الدول الإستعمارية التي رأت فيهم وسيلة لمحاربة الإسلام فتوغلت الإسماعيلية في كينيا وأوغندا وسيلان وبورما وامتد نشاطهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث افـتـتحوا مراكز لهم استقطبت الزنوج هناك .
*والجدير أن نقف على بعض أساليبهم الدعوية وهي : (نشاط سياسي _ نشاط دعوي _ البحث عن وطن خاص بهم _ تنظيماتهم الدعوية ) .
1_ نشاطهم السياسي : فقد إستغل الإستعمار الأوروبي هذه الفرقة إستغلالا كبيرا لتحقيق مآربه كما إستفاد أئمة هذه الفرقة من المستعمر فيقول أحمد شلبي في كتابه موسوعة التاريخ الإسلامي :(ففي العصر الحديث جَهَد الإستعمار الأوروبي ليجد أسلحةً يهدم بها الإسلام ويسيطر على المسلمين ويبدو أن الإسماعيلية كانوا أحد هذه الأسلحة فإذا بإمام إسماعيلي يظهر من جديد يتيح له الإنكليز أن ينشر مذهبه بين مسلمي مستعمراتهم ويضمن هو لهم أن يُخْضع أتباعه لهم ) .
_ وللإسماعيلية نشاط سياسي ضخم مع روسية حيث وقفوا معه في أفغانستان ومدوا له يد العون فكان لانتشارهم في ثلاث أماكن _ ولاية بغلان ، ولسان واخان ، ومديرية شمالي في ولاية بروان قرب كابل العاصمة _ فرصة سانحة لذلك المستعمر حيث قال سيد منصور قائد الإسماعيلية في ولاية بغلان في مقابلة له في شريط فيديو : إن هذه الحرب في مصلحتنا مائة في المائة واعترف أن له صداقة حميمة مع روسيا ومع حكومة كابل كما اعترف بتلقي مساعدات وإمدادات عسكرية من روسيا .
_ ولقد لاحظ المراقبون عقب الإنسحاب الروسي الدعم والمساندة من قِبل الدبلوماسية البريطانية والأمريكية للإسماعيلية المنتشرة في أفغانستان بغية ربطها بإسماعيلية باكستان لتهيئة الأجواء لتأسيس دولة إسماعيلية .
2_ البحث عن وطن :
وقد ذكر آغاخان الثالث في مذكراته :
أنه حاول وبَذَل جهودا كبيرة في سبيل إيجاد وطن يلم شعث طائفته المتفرقة في أنحاء العالم ليمارسوا عقائدهم وعاداتهم وحرياتهم وليبنوا فيه مركزهم المالي الخاص بهم بمصارفه وشركاته لتوظيف الأموال واستثمارها ومشاريع تأمينه .
3_ النشاط الدعوي :
لهم نشاط دعوي واسع يقومون به أحيانا تحت ستار النشاط الإقتصادي حيث يذكر أن وزارة الزراعة الباكستانية قامت عام 1988 م بتوزيع الأسمدة على المزارعين ولكن في عام 1989 م قام إمام الطائفة الآغاخانية بشراء جميع الأسمدة واحتكارها ومنعها عن المزارعين كي يعتمدوا عليه ويخضعوا لمطالبه .. وقد ذُكر هذا في مجلة البيان عدد 29 _ 1411 ذو القعدة ص 84
_ وقد ذكرت مجلة الأزهر 10 محرم 1386 ص 47 _ 54
" أن الداعي المطلق رقم 52 لطائفة البهرة والمدعو محمد برهان الدين قد منحته جامعة الأزهر الدكتوراه الفخرية وذلك في 13-3-1966 تكريما له ولوالده ولطائفة البهرة وتقديرا لخدمات الطائفة في مختلف ميادين التعليم والثقافة "
4_ تنظيماتهم الدعوية :
_ ذكر المعاصر مصطفى غالب أن النظام المعمول به في هذا العصر إستمرار للنظام الديني والإجتماعي السابقين مع وجود بعض التعديلات
وعزا هذه التعديلات إلى الدور الكبير الذي قام به آغاخان الثالث المتمثل بتأسيس المجالس التعليمية والصحية والإجتماعية وإهتمامه المطلق بتنشئة الشباب على تحمل المسؤولية والشعور بالواجب نحو الطائفة ووضَعَ دستورا خاصا بالإسماعيلية وتنظيمات جديدة مستقاة من أحدث التنظيمات العالمية وأشاد غالب بإرشادات آغاخان وآرائه التي كانت وراء تماسك الإسماعيلية .
_ ولقد بـيَّن مصطفى غالب التنظيمات الإسماعيلية الآغاخانية في هذا العصر وبـيَّن وظائفها وهي كالتالي :
أولاً : الهيئة الدينية :
1_ سيف الدعوة (وزير الدعوة أو وارث ): وهي رتبة فخرية تعطى عادة لكبار زعماء الطائفة .
2_ مَـكِّي : يشرف على تعيـين موظفي المساجد ويراقب جباية الأموال ويترأس المصلين وله وكيل في كل جَمْعَة خانة (مسجد) .
3_ كامريا (كاماديا) : مهمته المحافظة على خزينة الدعوة والإعتناء بالشؤون المالية فقط .
4_ ناظر مراقبة سير أمور الدعوة من الناحية المالية والإجتماعية والدينية .
5_ واعظ : مهمته وعظ الأتباع وحضور المآتم لتلاوة القرآن (وهذا الواعظ لا يتمتع بأي ثقافة دينية ) .
ثانيا : المجلس الإسماعيلي الأعلى :
** مهمته الإشراف على شؤون الإسماعيلية من جميع النواحي ويتم تعيينه من قِبَل الإمام ويتألف من الرئيس ، أمين السر ، وعدد من الأعضاء قد يصلوا أحيانا إلى عشرة أعضاء .
ثالثا : اللجنة الثقافية :
** مهمتها الإشراف على الأمور الثقافية والمدارس وانتخاب البعثات العلمية ، وفي الأقطار الإسماعيلية كالهند وأفريقيا وباكستان يوجد منظمات أخرى كالجمعيات الخيرية والنسائية والصحية والرياضية وروابط الطَـلَبة وهذه التنظيمات التي أوجدها آغاخان كان لها الأثر الفعال في نهضة الإسماعيلية في مختلف المجالات ، تاريخ الدعوة الإسماعيلية مصطفى غالب ص 36 _ 37 .
2_ رسوم العضوية والضرائب :
لقد سعى أئمة هذه الطائفة في البحث عن المال بأي وسيلة ولو كانت على حساب الإسلام الذي يدَّعونه وقد مهَّد لهم الحصول على هذه الأموال أمران : الأمر الأول الغلو المفرط في تقديس الأئمة والدعاة
الأمر الثاني نتيجة لجهل الأتباع بمعرفة تعاليم الإسلام الصحيحة
ونتيجة لهذين الأمرين وجد الأئمة والدعاة الباب أمامهم مفتوحا لكي يفرضوا على أتباعهم ما شاؤوا من الضرائب التي لا سند لها في الإسلام ولكن أضفوا عليها الصبغة الإسلامية كي تتقبلها النفوس البشرية الضعيفة وَهُم بفرض هذه الضرائب يريدون زيادة ثرواتهم الشخصية .
_ الضرائب عند البهرة :
ويعتبر محمد برهان الدين هو الداعي المطلق عند البهرة (وكيل الإمام الغائب )حيث أنه يعتبر نفسه المالك لكل ممتلكات الطائفة المادية والمعنوية ففرض على أتباعه عشرة مكوس (ضرائب) إجبارية منها ( الزكاة ، الصلة ، الفطرة ، نذر المقام ، حق النفس ، الخُمْس ، النذر ، التسليم ، ......) وكل ذلك يستغله لمصالحه الشخصية ومصالح أفراد عائلته وأعوانه المقربين فقط ،
ومن الضرائب التي فرضها على أتباعه : ضريبة الأم عندما تحمل الجنين ، وضريبة أخرى في حال موت الجنين قبل ولادته ، وضريبة بعد ولادته ، وضريبة بعدما ينمو الطفل ، ويفرض على أهله الذهاب إلى زعيم الطائفة ليعلن تعويذه .
كما أن هناك ضريبة على جثة الميت يدفعها أهله لزعيم الطائفة ليُصدر بموجب الضريبة صك الغفران يُعَلَّق على صَدر الميت ليُدفن معه حتى يدخل الجنة !! وكلما زادت قيمة الصك إرتفعت درجات الميت في الجنة !!!!
_ ويذكر أن مكتب زعيم الطائفة يصدر تذاكر لصلاة العيد وتختلف قيمة التذكرة في الصف الأول عن الصف الأخير ، ويقال أن محمد برهان الدين يستوحي تصرفاته من كتاب سري قام أبوه الزعيم السابق بتأليفه عام 1335 هجري ليكون دليلا تهتدي به الطائفة وتسير عليه وإسم الكتاب
"نور الحق المبين " وهو دعوة صارخة لتقديس هذا الزعيم .
(دراسة عن الفرق لأحمد جلي ص 300 )
_ الضرائب عند الآغاخانية :
ذكر أحمد الشاذلي في حركات الغلو والتطرف في الإسلام ص 72 : أن آغاخان الرابع الحالي (كريم خان ) إمام الطائفة الآغاخانية أنه إقطاعي بليونير نتيجة فرضه على أتباعه ضريبة مقدارها العشر يدفعها له الشخص من دخله .
"ويذكر مصطفى غالب في كتابه الحركات الباطنية ص 178 - 179 بعض الضرائب التي فرضها أئمة الإسماعيلية على أتباعهم كالتالي :
1_ أموال العشر ( التاجر ، الموظف الفلاح العامل ) ويرسل إلى صندوق الإمام .
2_ أموال النجوى : مبلغ رمزي يدفعه كل إسماعيلي يرتاد بيوت العبادة لتأدية الصلاة .
3_ أموال المجالس العامة والخاصة والتي تقام في الأعياد والحفلات .
4_ الأموال التي يتبرع بها الأثرياء من الإسماعيلية لتغطية حفلات الوزن ( حفلة تجري للإمام في مناسبات غير محدودة يوزن الإمام فيه بوزنه ذهب أو ألماس أو بلاتين ) كما وُزِن آغاخان الثالث في بومباي بالألماس 1946 م ، وهذه الأموال تنفق بواسطة لجان خاصة يعود نفعها "زعما" للإسماعيلية وخدمة المجتمع وتأمين الرفاهية للجميع .
** تعقيب : إن هذه الضرائب يستـنـزفها أئمة هذه الفرقة من بهرة وآغاخانية من جيوب أتباعهم تـَتـُمْ بعدم رضا الأتباع لا سيما لدى البهرة في الهند الذين قاموا بثورة في الهند في بداية القرن العشرين إحتجاجا على تصرفات الداعي المطلق لطائفتهم ، البهرة تاريخ وعقائد رسالة ماجستير مطوية بالجامعة الإسلامية "الأثري قمر الدين " ص 335 .
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة وسنتكلم في الحلقة القادمة عن بعض الخصوصيات الدقيقة لهذه الطائفة التي قد لا توجد في الكتب ولكن بالمعاصرة والبحث وما إلى ذلك .
_ فنسأل الله أن يجنبنا سبل الإنحراف والضلال وأن يهدينا سواء الصراط
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد