عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 21-05-2010, 02:35AM
أبو عبد الله بشار أبو عبد الله بشار غير متواجد حالياً
مشرف - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
الدولة: السعودية
المشاركات: 557
افتراضي [الحلقة السادسة] من هم الإسماعيلية ؟

[الحلقة السادسة] من هم الإسماعيلية ؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين
أما بعد :
_ فهذه هي الحلقة السادسة من هذه السلسلة التي نتكلم فيها عن الإسماعيلية ونواصل الحديث عنها وهي أحد الفرق الباطنية ( الشيعة ) المنتشرة في أغلب أنحاء العالم .
*وسنتكلم في هذه الحلقة بإذن الله عن معتقدات الإسماعيلية في مسائل الإعتقاد الكبرى وفي قضايا الشريعة وأحكامها :
1_ عقيدتهم في الألوهية : تذهب الإسماعيلية إلى النفي المطلق للصفات عن الله وإنكار أي صفة من التي وصف بها نفسه في القرآن لأنه كما يزعمون فوق متناول العقول والعقل عاجز عن إدراك كنهه فالنفي عندهم أساسي لأن الإثبات يعني عدم التوحيد وبهذا ذكر إبراهيم الحامدي اليمني المتوفى 552 هجري في كتابه كنز الولد نافيا الصفات الإلهية عن الله سبحانه بقوله " فلا يقال عليه حي ولا قادر ولا عالم ولا عاقل ولا كامل ولا تام ولا فاعل لأنه مبدع الحي القادر العالم التام الكامل الفاعل ولا يقال له ذات لأن كل ذات حاملةللصفات .." .

* ويقول الإسماعيلية في أسماء الله الحسنى التي ذكرت في القرآن لا تليق إلا بمبدعاته التي هي الأعيان الروحية ومخلوقاته التي هي الصور الجسمانية فأسماء الله الحسنى ماهي إلا إشارة إلى حدوده الروحانية العلوية والجسمانية السفلية ويزعمون أن الله لم يخلق العالم خلقا مباشرا وإنما أبدع (الكاف) واخترع (النون) ومنهما أقام الله العالم العلوي والسفلي .
* واستنادا لما سبق فإن معرفة الله عندهم تقوم على اعتبارين : الأول : تجريد الله وتنزيهه عن أسمائه وصفاته .
والثاني : أن توحيده يعني معرفة حدوده وذلك من تفسيرهم لقول الله " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها " الآية . فقالوا المقصود بالأسماء أنها الحدود .

* نظرية الإبداع : وهي نظرية أفلاطونية فلسفية حديثة وهي بعد تجريد الله من جميع أسمائه وصفاته يحولونها إلى أول مبدع أبدعه الله تعالى ( العقل الأول ) وأن صفات الكمال في هذا المبدع ، فهو الحق والحقيقة وهو الوجود الأول وهو الأزل وهو القدرة وهو الحي الأول ........!
والعقل الأول هو الذي رمز إليه الله تعالى بالقلم في الآية " ن والقلم وما يسطرون " فالقلم هو الخالق المصور الذي أبدع النفس الكلية التي رمز إليها القرآن ب ( اللوح المحفوظ ) .
* فالإمام الإسماعيلي هو ممثل العقل الكلي وهو الواحد الأحد الفرد الصمد (تعالى الله عما يقولون ) وعلى ضوء هذا قال إبن هانئ الأندلسي الشاعر في مدح المعز لدين الله العبيدي :
ماشئت لا ما شاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهار
ويقول أيضا :
ندعوه منتقما عزيزا قادرا غفار موبقة الذنوب صفوحا
ويقول آخر :
هذا أمير المؤمنين بمجلس أبصرت فيه الوحي والتنزيلا
وإذا تمثل راكبا في موكب عاينت تحت ركابه جبريلا

* فالذي يدرس عقائد الإسماعيلية وهي كثيرة جدا جدا يستطيع أن يدرك مدى تأثر عقائدهم بالفلسفة اليونانية الشرقية والغربية ، مثل قولهم أنه يوجد إلهين صانعين لهذا العالم أحدهما علة لوجود الآخر وهما السابق والتالي وأن السابق خلق العالم بواسطة التالي ...........
_ يذكر الدكتور محمد كامل حسين عن حادثة جرت له مع آغا خان الثالث فيقول أنه حين سأل الآغا خان بأنه أدهشه بثقافته وعقليته فكيف تسمح لأتباعك أن يدعوك إله ؟
" قال فضحك الآغا خان طويلا جدا ودمعت عيناه من كثرة الضحك ثم قال : إن القوم في الهند يعبدون البقرة ألست خيرا من البقرة " .

2_ عقيدتهم في النبوة : يعتقدون أن النبوة مكتسبة اكتسابا وليست هبة من الله لأحد من خلقه فالإنسان في اعتقاد الإسماعيلية يستطيع أن يصبح نبيا بعد الإرتياض والمجاهدة .
_ إن الإسماعيلية يوجدون من خلال اعتقادهم رابطا قويا بين النبوة والإمامة حيث يعتبرون أنها مكملة للنبوة وإستمرارا لها فقال المعاصر مصطفى غالب (ولما كانت النبوة وقتية زائلة فقد شاءت إرادة المبدع أن تحل الإمامة محلها وتتممها وتكون خالدة إلى الأبد كدين وجدت لسعادة البشرية وهي موجودة في كل عصر وزمان ولا تزال باقية مرآة صادقة لذات الله ترشد وتقود البشرية إلى الصراط المستقيم) .
_ ولهم معتقدات ينكرون من خلالها ما خص الله به أنبياءه ورسله من معجزات تظهر على أيديهم تكون علامات لإظهار صدقهم .
_ وقد سمى الإسماعيلية الأنبياء ب (النطقاء) والنطق عندهم قسمان أحدهما يتميز به الإنسان عن البهائم وهذا في الدنيا ، والآخر النطق عما في الدار الآخرة المتميز به أهل التأييد منهم الذين يتكلمون بما وراء الحجاب .
_ وعدوا إمامهم السابع محمد بن اسماعيل بن جعفر آخر الناطقين وهو الذي نسخ شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو فاتح عصر جديد وهو صاحب شريعة عطلت بقيامها ظاهر شريعة محمد عليه الصلاة والسلام .
_ ويقول المعاصرون منهم أن النبي اختص بالتفسير الظاهر وأعطى حق التأويل الباطن للإمام فتجسدت فيه حقيقة التأويل والفلسفة الباطنية باعتبار أن القرآن أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام بلفظه ومعناه الظاهر للناس فهو صاحب التنزيل وأما أسرار القرآن التأويلية الباطنية وإظهار معاني الرموز والإشارات فقد خص بها علي والأئمة من بعده إلى يوم الدين .

3_ عقيدتهم في الإمامة : قد علمنا أن الإسماعيلية ربطوا بين النبوة والإمامة حيث يعتبرون أنها مكملة للنبوة واستمرارا لها حيث أدى بهم هذا إلى أن غلوا في أئمتهم فادعوا عصمتهم وجعلوا مقامهم أعلى من الأنبياء ثم وصل بهم الأمر إلى رفعهم لمرتبة الألوهية .
_ واعتقدوا أن للإسلام سبع دعائم بغيرها لايكون الإنسان مسلما مؤمنا أولها : الولاية : " وهي اعتقاد وصاية علي بن أبي طالب وإمامة الأئمة المنصوص عليهم من ذريته وفاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم ووجوب طاعتهم دون غيرهم " .
وباقي الدعائم هي ( الطهارة ، الصلاة ، الزكاة ، الصوم ، الحج ، الجهاد )
واشترطوا وجوب معرفة الإمام مستدلين بحديث مفترى على النبي صلى الله عليه وسلم وهو : (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية )
* ويعتقدون أن علي بن أبي طالب أحق بالخلافة من أبو بكر وعمر مستندين إلى أن النبي عليه الصلاة والسلام قد ألمح في عدة مناسبات لخلافة علي ومنها يوم غدير خم .
4_ عقيدتهم بالغيبيات عموما : ينكر الإسماعيلية المسائل الغيبية فأخذوا يلوون النصوص الشرعية وفق ما تمليهم عليهم أهواؤهم ورغباتهم وجاءوا بمفاهيم عن المبدأ والمعاد والقيامة وعذاب القبر ونعيمه والجنة والنار وغيرها مما يغاير تماما ما جاء به الإسلام .
_ فكل من هذه الغيبيات لها تأويل فلسفي محض لا يكاد يقتنع فيها من كان له أدنى بصيرة ( والحمد لله على فضله ) فمثلا البعث : يقولون أنه انتباه النفوس من غفلتها لتتلقى العلوم والمعارف التي تهذبها وتنقيها من أدران عالم الكون والفساد لتتمكن من اللحاق بالنفس الكلية حيث السعادة والهناء !!

* المعاد : يقول المعاصر مصطفى غالب " إن الإنسان بعد موته يستحيل عنصره الترابي (جسمه) إلى ما يجانسه من التراب وينتقل عنصره الروحي (الروح) إلى الملأ الأعلى فإن كان في حياته مؤمنا بالإمام فروحه تحشر في زمرة الصالحين وتصبح ملكا مدبرا ، وإن كان شريرا عاصيا لإمامه حشرت روحه مع الأبالسة والشياطين وهم أعداء الإمام .

_ وقال عنهم الغزالي في المعاد أنهم يقولون هو عود كل شىء لأصله والإنسان متركب من العالم الروحاني والجسماني فالجسماني مركب من أربعة أخلاط صفراء وسوداء وبلغم ودم فينحل الجسم ويعود كل شيء لطبيعته العالية أما الصفراء فتصير نارا والسوداء تصير ترابا والدم هواء والبلغم ماء وذلك معاد الجسد ، وأما المعاد الروحاني هو النفس المدركة العاقلة من الإنسان فإنها إن صفيت بالمواظبة على العبادات وزكيت بمجانبة الهوى والشهوات وغذيت بغذاء العلوم والمعارف المتلقاة من الأئمة الهداة إتحدت عند مفارقة الجسم بالعالم الروحاني الذي منه إنفصالها وتسعد بالعود إلى الوطن الأصلي ولذلك سمي رجوعا وقيل " ارجعي إلى ربك راضية مرضية " الآية الفجر 28 . إنتهى كلام الغزالي .
_ كما قالوا أن الثواب ليس حسيا وإنما هو العلم فقط .

* وقادهم إنكارهم للغيبيات إلى الإعتقاد بتناسخ الأرواح : وهذا الإعتقاد هو إيمانهم بوجود دورات متعاقبة لهذا العالم في كل دور نبي ناطق ووصي وأئمة ستة فإذا جاء السابع إفتتح دورا جديدا وصار ناطقا وعلى هذا ذهبوا إلى أن الأنبياء والأئمة خلقوا من نور العقل الكلي (خالق هذا الكون بزعمهم) وأن هذا النور يتسلسل حتى اعتبروا آدم هو نوح ونوح هو موسى وعيسى هو محمد وهكذا يتم التعاقب والقول بتناسخ الأرواح .

_ كما قال المعاصر مصطفى غالب من أن غيبة الحاكم بأمر الله غيبة جسدية وأما الروح تنتقل من شخص لآخر حتى نهاية الوجود .

* فمن آثار عقيدة التناسخ إنكار الحياة الأخروية والله المستعان فما هذه المقولات إلا لهدم الدين وتدمير العقائد والشريعة الإسلامية ككل .

_ هذا ماتيسر في هذه الحلقة وسنتكلم في الحلقة القادمة عن موقفهم من الشريعة الإسلامية عامة " القرآن ، الصحابة ، تأويل أركان الإسلام ، دعوى نسخ الشريعة ، الدعوة لوحدة الأديان " .

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الله بشار ; 06-10-2010 الساعة 08:13AM
رد مع اقتباس