عرض مشاركة واحدة
  #44  
قديم 24-04-2015, 10:31PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم



【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 36 )


19 ـ إثبات علو الله على مخلوقاته

[ المتن ] :

وقوله‏:‏ ‏{‏يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ‏}‏ ‏{‏بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ‏}‏ ‏{‏إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ‏}‏
‏{‏يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِبًا‏}‏ ‏{‏أَأَمِنتُم مَّن
فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ‏}‏‏.‏


[ الشرح ]:

‏{‏يَا عِيسَى‏}‏ خطاب من الله ـ تبارك وتعالى ـ لعيسى بن مريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ ‏{‏إِنِّي مُتَوَفِّيكَ‏}‏ الذي عليه الأكثر
أن المراد بالوفاة هنا النوم كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا‏}‏ الآية ‏(‏42‏)‏
من سورة الزمر‏.‏ ‏{‏وَرَافِعُكَ إِلَيَّ‏}‏ أي‏:‏ رفعه الله إليه في السموات وهو حي‏.‏
وهذا محل الشاهد من الآية وهو إثبات العلو لله لأن الرفع يكون إلى أعلى‏.‏



وقوله‏:‏ ‏{‏بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ‏}‏ هذا رد على اليهود الذين يدعون أنهم قتلوا المسيح عيسى بن مريم فقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا قَتَلُوهُ
وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا‏}‏ الآية ‏(‏157‏)‏ من سورة النساء ‏{‏بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ‏}‏ أي‏:‏
رفع الله سبحانه وتعالى المسيح ـ عليه السلام ـ إليه وهو حي لم يقتل‏.‏ وهذا محل الشاهد لأن فيه إثبات علو الله
على خلقه لأن الرفع يكون إلى أعلى‏.‏


وقوله‏:‏ ‏{‏إِلَيْهِ يَصْعَدُ‏}‏ أي‏:‏ إلى الله سبحانه لا إلى غيره يرتفع ‏{‏الْكَلِمُ الطَّيِّبُ‏}‏ أي‏:‏ الذكر والتلاوة والدعاء ‏{‏وَالْعَمَلُ
الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ‏}‏ أي‏:‏ العمل الصالح، يرفع الكلم الطيب، فإن الكلم الطيب لا يقبل إلا مع العمل الصالح فمن ذكر
الله تعالى ولم يؤد فرائضه رد كلامه، قال إياس بن معاوية‏:‏ ولولا العمل الصالح لم يرفع الكلام‏.‏ وقال الحسن وقتادة‏:‏
لا يقبل قول إلا بعمل‏.‏ والشاهد من الآية‏:‏ أن فيها إثبات علو الله على خلقه لأن والرفع يكونان إلى أعلى‏.‏


وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا‏}‏ هذا من مقولة فرعون لوزيره هامان يأمره أن يبني له قصرًا منيفًا عاليًا ‏{‏لَّعَلِّي أَبْلُغُ
الأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ‏}‏ أي‏:‏ طرق السموات أو أبوابها ‏{‏فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى‏}‏ بنصب ‏{‏فَأَطَّلِعَ‏}‏ بأن مضمرة
بعد فاء السببية، ومعنى مقالته هذه تكذيب موسى ـ عليه السلام ـ في أن الله أرسله، أو أن إلهًا في السماء‏.‏ ولذلك
قال‏:‏ ‏{‏وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِبًا‏}‏ أي‏:‏ فيما يدعيه من الرسالة أو فيما يدعيه بأن له إلها في السماء والشاهد من الآية‏:‏ أن
فيها إثبات علو الله على خلقه، حيث أن موسى ـ عليه السلام ـ أخبر بذلك وحاول فرعون في تكذيبه‏.‏


وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أَأَمِنتُم‏}‏ الآمن‏:‏ ضد الخوف ‏{‏مَّن فِي السَّمَاء‏}‏ أي‏:‏ عقوبة من في السماء وهو الله سبحانه،
ومعنى ‏{‏فِي السَّمَاء‏}‏ أي على السماء، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلأصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ‏}‏ وهذا إن أريد بالسماء السماء
المبنية، وإن أريد بالسماء مطلق العلو ففي للظرفية، أي‏:‏ في العلو‏.‏ ‏{‏أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ‏}‏ أي‏:‏ يقلعها بكم
كما فعل بقارون ‏{‏فإذا هي تمور‏}‏ أي‏:‏ تضطرب وتتحرك‏.‏

‏{‏أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا‏}‏ أي‏:‏ حجارة من السماء كما أرسلها على قوم لوط وأصحاب
الفيل‏.‏ وقيل‏:‏ سحاب فيها حجارة، وقيل‏:‏ ريح فيها حجارة ‏{‏فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ‏}‏ أي‏:‏ إنذاري إذا عاينتم العذاب
ولا ينفعكم حينذاك هذا العلم‏.‏


والشاهد من الآيتين‏:‏ أن فيهما إثبات علو الله على خلقه حيث صرحنا أنه سبحانه في السماء، فقد دلت هذه
الآيات التي ذكرها المؤلف ـ رحمة الله عليه ـ على إثبات العلو‏.‏ كما دلت هذه الآيات التي قبلها على إثبات استواء
الله على العرش‏.‏ والفرق بين الاستواء والعلو‏:‏

1 ـ أن العلو من صفات الذات والاستواء من صفات الأفعال، فعلو الله على خلقه وصف لازم لذاته، والاستواء
فعل من أفعاله سبحانه يفعله ـ سبحانه وتعالى ـ بمشيئته وقدراته إذا شاء ولذا قال فيه‏:‏ ‏{‏ثُمَّ اسْتَوَى‏}‏ وكان ذلك
بعد خلق السموات والأرض‏.‏



2 ـ أن العلو من الصفات الثابتة بالعقل والنقل‏.‏ والاستواء ثابت بالنقل لا بالعقل‏.‏



------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf






رد مع اقتباس