عرض مشاركة واحدة
  #30  
قديم 12-06-2015, 07:55AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم






تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



بــاب الاعتـكـاف

[206] الحديث الأول :

عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل
ثم اعتكف أزواجه من بعده .
وفي لفظ كان رسول الله ﷺ يعتكف في كل رمضان فإذا صلى الغداة جاء مكانه الذي اعتكف فيه


موضوع الحديث :

الاعتكاف


المفردات :

الاعتكاف : هو الاحتباس واللزوم للشيء فمن الاحتباس قول الله تعالى ( وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ)
[الفتح : 25 ] أي محبوساً ومن اللزوم قول الله تعالى عن بني إسرائيل (قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا
مُوسَى ) [طه : 91 ] وفي هذه الآية إخبار منهم بأنهم سيلازمون عبادة العجل إلى أن يرجع إليهم موسى
عليه السلام .


أما معنى الاعتكاف شرعاً : فهو لزوم المسجد بقصد العبادة فيه .
قولها حتى توفاه الله عز وجل : أي حتى مات .
ثم اعتكف أزواجه بعده : أي بعد موته .
قولها فإذا صلى الغداة جاء مكانه الذي اعتكف فيه : التعبير باعتكف هنا يدل على أنه كان بعد صلاة الغداة
يدخل معتكفه لينفرد فيه لأن لفظ الماضي دال على ذلك .


المعنى الإجمالي. :

تخبر عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان إلتماساً لليلة القدر واجتهاداً في
العبادة وأنه لازم ذلك حتى توفاه الله تعالى وأن أزواجه لازمن ذلك أيضاً بعد وفاته وأنه كان إذا صلى الفجر جاء
مكانه الذي اعتكف وانفرد فيه للعبادة .


فقه الحديث :

أولاً: يؤخذ منه مشروعية الاعتكاف في الجملة وهو أمر متفق عليه لكن اختلفوا من ذلك في مسائل :

المسألة الأولى :
اختلفوا هل من شرط الاعتكاف أن يكون في المسجد الذي تصلى فيه الجمعة والجماعة أم ليس من شرطه
ذلك فذهب الجمهور إلى أن من شرط الاعتكاف أن يكون في مسجد لكن خصصه جماعة قليلة بمساجد
الأنبياء الثلاثة وهي مسجد مكة ومسجد المدينة ومسجد بيت المقدس وخالفهم الجمهور فقالوا بجوازه في
كل مسجد تصلى فيه الجمعة والجماعة واشترط بعضهم أن يكون في مسجد فيه جمعة وأجاز بعضهم الاعتكاف
في مسجد جماعة وأجاز قوم للمرأة أن تعتكف في مسجد بيتها وهذا القول ضعيف والذي يترجح لي أنه إن
دخل في اعتكاف الرجل الجمعة وجب في مسجد تقام فيه الجمعة وإن لم تدخل الجمعة في اعتكافه
جاز في مسجد جماعة .


المسألة الثانية : اختلفوا في جواز الاعتكاف للمرأة فذهب قوم إلى جوازه إذا أمنت الفتنة وذهب قوم إلى جوازه
بشرط أن تكون المرأة مع زوجها ولكن هذا القول يرده ما ورد في الرواية الثانية من قولها ثم اعتكف أزواجه
بعده والذي يترجح لي أن المرأة تمنع من الاعتكاف في المسجد وحدها إلا أن يكون معها محرم وبشرط ألا
تضيق على الرجال المصلين
في المسجد لأن المرأة مأمورة بالاحتجاب وعدم التبرج واعتكافها في المسجد وحدها أو مع محرمها
أو زوجها مع الإضرار بالرجال المصلين في المسجد ومضايقتهم أن ذلك يختلف عما أمرت به ويعرضها للفتنة .


أما زوجات النبي ﷺ فلمكانتهن في المجتمع الذي كن فيه انتفت الفتنة في حقهن لأنهن كلهن أمهات للمؤمنين
والشرط الثالث أن تكون متسترة حتى لا يؤدي ذلك إلى افتتانها أو الافتتان بها .


المسألة الثالثة: اختلف أهل العلم هل من شرط الاعتكاف أن يتقدمه صوم أو يكون معه صوم فذهب قوم إلى
أنه لا يصح الاعتكاف إلا بالصوم وذهب قوم إلى أنه ليس من شرط الاعتكاف الصوم بدليل أن عمر
بن الخطاب رضي الله عنه نذر أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام فسأل النبي ﷺ فأمره أن يوفي بنذره والليل
ليس محلاً للصوم فدل على أنه لا يشترط له الصوم .


المسألة الرابعة:اختلفوا في جواز قطع الاعتكاف إذا أراد قطعه بعد أن يدخل فيه فالجمهور أجازوه من دون إيجاب
للقضاء وذهب جماعة إلى أنه يجوز بنية القضاء بدليل أن النبي ﷺ قطع اعتكافه بعد أن بدأ فيه ثم اعتكف
العشر الأول من شوال. إلا أنه يعكر عليه كون النبي ﷺ قضى اعتكاف العشر الذي تركه والله أعلم .



المسألة الخامسة : اختلف أهل العلم أيضاً في دخول المعتكف متى يكون فذهب الجمهور إلى أن من أراد
أن يعتكف العشر يجب عليه أن يدخل معتكفه قبل غروب الشمس من يوم العشرين لأن الليالي هي سابقة للأيام
ومحسوبة منها وبذلك أخذ فقهاء الفتوى وذهب قوم إلى أن المعتكف يدخل معتكفه بعد صلاة الفجر من يوم
إحدى وعشرين كما في رواية عائشة فإذا صلى الغداة جاء مكانه الذي اعتكف فيه إلا أن التعبير باعتكف
الذي هو صيغة الماضي يدل على تأويل من قال أن المراد أنه يدخل معتكفه الذي اعتكف فيه لينفرد به فهذه
العبارة لا تدل على أن دخوله هذا هو الدخول الأول في الاعتكاف وفرق بعضهم بين من نوى شهراً وبين من
نوى يوماً والاحتمال وارد وبالله التوفيق.


المسألة السادسة :اختلف أهل العلم هل يجوز للمعتكف أن يعود المريض ويتبع الجنازة أم لا يجوز والظاهر
عدم الجواز لهذه الأشياء إلا إذا اشترط المعتكف ذلك أما إذا لم يشترط فإن ذلك لا يجوز له بدليل قول عائشة
رضي الله عنها وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان وقولها إني لأدخل البيت والمريض فيه وأنا معتكفه
فلا أسأل عنه إلا وأنا مارة .



المسألة السابعة :قال الله تعالى ( وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ) [البقرة : 187] وقد اختلف أهل العلم
في المباشرة المقصودة في الآية هل هي الجماع فقط أو أنه يلتحق بالجماع غيره من أنواع التلذذ والظاهر أن الآية
شاملة للجماع ومقدماته وقد ذكر بعض أهل العلم أن المسلمين كانوا في أول الإسلام الواحد منهم يذهب إلى بيته
وهو معتكف فإذا لقي امرأته جامعها فنهاهم الله عز وجل عن ذلك وأخبر أن المباشرة تحرم بالاعتكاف بأي لون
من ألوانها أي سواء كان جماعاً أو قبلة أوضمة وما إلى ذلك .


ثانياً : ويؤخذ من حديث عائشة رضي الله عنها هذا أي من قولها كان يعتكف في العشر الأواخر أن هذا الأمر
تكرر من النبي ﷺ حتى صار عادة مستمرة ولهذا قالت حتى توفاه الله عز وجل .


ثالثاً : ويؤخذ من قولها أيضاً ثم اعتكف أزواجه من بعده جواز الاعتكاف للنساء وقد تقدم الكلام على ذلك
بما يغني عن إعادته .


رابعاً : يؤخذ من قولها في العشر الأواخر من رمضان أن الاعتكاف في رمضان سنة مؤكدة وفي غير رمضان
سنة مستحبة وبالله التوفيق .



--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ


تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ



تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]


[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :












.
رد مع اقتباس