عرض مشاركة واحدة
  #43  
قديم 11-01-2015, 03:42AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم



الملخص في شرح كتاب التوحيد
لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان
-حفظه الله ورعاه-



ص -324- باب قول الله تعالى: {فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}
[البقرة: 22].

قال ابن عباس في الآية: "الأنداد هو: الشرك؛ أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء
في ظلمة الليل، وهو أن تقول: والله وحياتك يا فلان وحياتي، وتقول: لولا كليبة هذا،
لأتانا اللصوص، ولولا البط في الدار، لأتى اللصوص، وقول الرجل لصاحبه: ما شاء الله
وشئت، وقول الرجل: لولا الله وفلان، لا تجعل فيها فلاناً؛ هذا كله به شرك". رواه ابن أبي حاتم.


مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد:
أنه لما كان من تحقيق التوحيد الاحتراز من الشرك بالله في الألفاظ، وإن لم يقصده المتكلم
بقلبه؛ نبه المؤلف –رحمه الله- بهذا الباب على ذلك وبيّن بعض هذه الألفاظ لتجتنب هي
وما ماثلها.
فلا تجعلوا لله أنداداً: أي: أشباهاً ونظراء تصرفون لهم العبادة أو شيئاً منها.
وأنتم تعلمون: أنه
ربكم لا يرزقكم غيره ولا يستحق العبادة سواه.
في الآية: أي: في تفسير الآية.
دبيب النمل: مشيه.
على صفاة: الصفا: الحجر الأملس.

ص -325- كليبة: تصغير كلبة وهي هنا: التي تُتخذ لحفظ المواشي وغيرها.
اللصوص: جمع لصّ وهم: السراق.
البطّ: جمع بطّة وهي: من طيور الماء تُتخذ في البيوت، فإذا دخلها غيرُ أهلها استنكرته
وصاحت.
لا تجعل فيها فلاناً: أي: لا تجعله في مقالتك فتقول: لولا الله وفلان، بل قل: لولا الله وحده.
هذا كله به شرك. أي: هذه الألفاظ المذكورة وما شابهها شرك بالله أي: شرك أصغر.


المعنى الإجمالي للآية:
أن الله –تبارك وتعالى- ينهى الناس أن يتخذوا له أمثالاً ونظراء يصرفون لهم شيئاً من عبادته؛
وهم يعلمون أن الله وحده الخالق الرازق؛ وأن هذه الأنداد عاجزة فقيرة ليس لها من الأمر شيء.
وما ذكره ابن عباس أمثلة لاتخاذ الأنداد؛ لأن لفظ الآية يشملها وإن كانت شركاً أصغر
والآية نازلة في الشرك الأكبر؛ فالسلف يستدلون بما نزل في الشرك الأكبر على الشرك الأصغر.


ما يستفاد من الآية:
1- التحذير من الشرك في العبادة.
2- أن المشركين مقرون بتوحيد الربوبية.
3- أن الشرك الأصغر خفيّ جداً وقلّ من يتنبه له.
4- وجوب تجنب الألفاظ الشركية ولو لم يقصدها الإنسان بقلبه.


ص -326- وعن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-
قال: "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك"
"1" رواه الترمذي وحسنه وصححه الحاكم.

عن عمر: صوابه عن ابن عمر.
من حلف: الحلف: اليمين، وهي توكيد الحكم بذكر معظّم على وجهٍ مخصوص.
بغير الله: أي: بأي مخلوق من المخلوقات.
كفر أو أشرك: يحتمل أن يكون هذا شكاً من الراوي. ويحتمل أن تكون "أو" بمعنى الواو فيكون
كفر وأشرك. والمراد الكفر والشرك الأصغران.


المعنى الإجمالي للحديث:
يخبر –صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث خبراً معناه النهي: أن من أقسم بغير الله
من المخلوقات فقد اتخذ ذلك المحلوف به شريكاً لله وكفر بالله؛ لأن الحلف بالشيء يقتضي
تعظيمه، والعظمة في الحقيقة إنما هي لله وحده، فلا يُحلف إلا به أو بصفة من صفاته.


مناسبة الحديث للباب:
أنه يدل على أنه من حلف بغير الله فقد اتخذ المحلوف به نداً لله.


"1" أخرجه الترمذي برقم "1535" وأبو داود برقم "3251" والحاكم "4/297".


ص -327- ما يستفاد من الحديث:
1- تحريم الحلف بغير الله وأنه شرك وكفر بالله.
2- أن التعظيم بالحلف حقّ لله سبحانه وتعالى فلا يحلف إلا به.
3- أن الحلف بغير الله لا تجب به كفّارة؛ لأنه لم يذكر فيه كفارة.


ص -328- وقال ابن مسعود: "لَأَن أحلف بالله كاذباً أحب إلي من أن أحلف بغيره
صادقاً"
"1".

لأن: اللام: لام الابتداء و"أن" مصدرية، والفعل بعدها منصوب في تأويل مصدر مرفوع
على الابتداء.
أحب... إلخ: خبر المبتدأ.


المعنى الإجمالي للأثر:
يقول ابن مسعود –رضي الله عنه-: إقسامي بالله على شيء أنا كاذبٌ فيه أحب إلي من إقسامي
بغير الله على شيءٌ أنا صادقٌ فيه؛ وإنما رجح الحلف بالله كاذباً على الحلف بغيره صادقاً؛ لأن
الحلف بالله فيه هذه الحالة في حسنة التوحيد، وفيه سيئة التوحيد أعظم من حسنة الصدق.
وسيئة الكذب أسهل من سيئة الشرك.


مناسبة الأثر للباب:
أنه يدل على تحريم الحلف بغير الله.


ما يستفاد من الأثر:
1- تحريم الحلف بغير الله.

2- أن الشرك الأصغر أعظم من كبائر الذنوب كالكذب، ونحوه من الكبائر.
3- جواز ارتكاب أقل الشرين ضرراً إذا كان لا بد من أحدهما.
4- دقة فقه ابن مسعود رضي الله عنه.


"1" قال الهيثمي في مجمع الزوائد "4/177": رواه الطبراني في الكبير ورجاله
رجال الصحيح.

ص -329- وعن حذيفة -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال:
"لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان"
"1"
رواه أبو داود بسند صحيح.
وجاء عن إبراهيم النخعي: "أنه يكره أن يقول: أعوذ بالله وبك، ويجوِّز أن يقول: بالله ثم
بك"، قال: "ويقول: لولا الله ثم فلان، ولا تقولوا: لولا الله وفلان.

لا تقولوا: لا: ناهية والفعل بعدها مجزومٌ بها وعلامة جزمها حذف النون.
ما شاء الله
وشاء فلان:
لأن العطف بالواو يقتضي الجمع والمساواة.
ما شاء الله ثم شاء فلان: لأن العطف بثُمّ يقتضي الترتيب والتراخي.
يكره: الكراهة في عُرف السلف يُراد بها التحريم.
أعوذ: العوذ: الالتجاء إلى الغير والتعلق به.
لولا: حرف امتناع لوجود، أي: امتناع شيء لوجود غيره.


المعنى الإجمالي للحديث:
ينهى –صلى الله عليه وسلم- أن يعطف اسم المخلوق على اسم الخالق بالواو بعد ذكر المشيئة
ونحوها؛ لأن المعطوف بها يكون مساوياً للمعطوف عليه؛ لكونها إنما وُضعت لمطلق الجمع فلا


"1" أخرجه أبو داود برقم "4980" وأحمد في المسند "5/384".

ص -330- تقتضي ترتيباً ولا تعقيباً؛ وتسوية المخلوق بالخالق شركٌ، ويُجوِّز –صلى الله عليه
وسلم- عطف المخلوق على الخالق بثُمّ؛ لأن المعطوف بها يكون متراخياً عن المعطوف عليه
بمهلة فلا محذور؛ لكونه صار تابعاً. والأثر المروي عن النخعي يفيد ما أفاده الحديث.

ويختص هذا الحكم – وهو العوذ بالمخلوق – بالمخلوقين الأحياء الذين لهم قدرة، دون
الأموات والعاجزين فلا يجوز أن يسند إليهم شيء.


مناسبة الحديث والأثر للباب:
أنهما يدلان على النهي عن قول: "ما شاء الله وشاء فلان" ونحو ذلك؛ لأنه من اتخاذ الأنداد لله
الذي نهتْ عنه الآية التي في أول الباب على ما فسرها به ابن عباس.


ما يستفاد من الحديث:
1- تحريم قول: "ما شاء الله وشئت"، وما أشبه ذلك من الألفاظ مما فيه العطف على
الله بالواو؛ لأنه من اتخاذ الأنداد لله.

2- جواز قول: "ما شاء الله ثم شئت"، وما أشبه ذلك مما فيه العطف على الله بثُمَّ؛ لانتفاء
المحذور فيه.

3- إثبات المشيئة لله، وإثبات المشيئة للعبد، وأنها تابعة لمشيئة الله تعالى.



المصدر :


http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf




رد مع اقتباس