عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 10-01-2015, 08:12PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -





كتاب الطهارة

[8] عن حمران مولى عثمان أنه رأى عثمان دعا بوضوء فأفرغ على يديه من إنائه فغسلها
ثلاث مرات ثم أدخل يمينه في الوضوء ثم تمضمض واستنشق واستنثر ثم غسل وجهه
ثلاثاً ويديه إلى المرفقين ثلاثاً ثم مسح برأسه ثم غسل رجليه ثلاثاً ثم قال رأيت النبي
ﷺ يتوضأ نحو وضوئي هذا ثم قال ( من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا
يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه )

متفق عليه .


موضوع الحديث :

كيفية الوضوء وثواب من توضأ ثم صلى ركعتين مقبلاً عليها بقلبه.


المفردات

دعا بوضوء : أي بتهيئته
فأفرغ : فأكفأ
على يديه : أي كفيه
ثلاثاً : أي ثلاث مرات
الوجه : مشتق من المواجهة فكل ما واجه سمي وجهاً .
واختلفوا في البياض بين العذار والأذن وما أقبل من الأذن وما استرسل من اللحية والنزعتين
والتحذيف هل هي من الوجه أم لا ؟ والأحسن أن يرجع في ذلك إلى اللغة .

المرفقين : تثنية مرفق وهو بكسر الميم وفتح الفاء والعكس لغتان وهو المفصل الذي
بين الذراع والعضد

الكعبين : هما العظمان الناتئان في المفصل الذي بين القدم والساق
نحو : أي مثل
لا يحدث : لا يوسوس
ما تقدم : ما مضى


المعنى الإجمالي

رضي الله عن صحابة رسوله الأمين لقد حملوا لأمتهم تعاليمه الرشيدة وتوجيهاته النافعة
المفيدة فهذا عثمان رضي الله عنه ينقل لنا كيفية وضوء رسول الله ﷺ وإخباره لهم
بعد الوضوء أن كل من توضأ على هذه الصفة وصلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه بحديث
من أمر الدنيا غفر له ما تقدم من ذنوبه .



فقه الحديث

في الحديث مسائل :
الأولى : سنية التعليم بالفعل
الثانية : سنية غسل الكفين قبل الشروع خارج الإناء وهي سنة مستحبة باتفاق .
الثالثة : فيه سنية الاغتراف باليمين لأنها أطهر وتباشر الطاهرات .
الرابعة : فيه سنية التثليث في الأعضاء المغسولة وقال به الشافعي في الممسوح أيضاً
وهو الرأس ولا تجوز الزيادة على الثلاث والواجب واحدة باتفاق .

الخامسة : قد مضى تعريف الاستنشاق وحكمه أما تعريف المضمضة فهو جعل الماء في
الفم بشرط الإدارة عند قوم وعدمها عند آخرين .


أما حكمها : فالجمهور على أنها سنة وقال أبو حنيفة بوجوبها في الغسل أما كيفيتها
ففيها أقوال : أحسنها أن يمضمض ويستنشق ثلاثاً

بثلاث غرفات كما في حديث عبدالله بن زيد أما حديث الفصل فضعيف.
السادسة : اختلفوا في ( إلى ) هل هي للغاية أو بمعنى مع ؟ وعند من يرى غائيتها هل
الغاية داخلة في المغيا أو خارجة عنه ؟ والكل شائع في اللغة فاحتملت الآية معنيين أعني
دخول المرفق في المغسول وعدم دخوله ولما جاءت الأحاديث عن النبي ﷺ بغسله
تعين دخوله في المغسول لأنه المبين لمراد الله عز وجل لهذا اتفق العلماء على وجوب غسله
ولم يحك الخلاف فيه إلا عن زفر .

السابعة : مسح الرأس وهو في هذا الحديث مجمل لكن بين في حديث عبدالله بن زيد
كيفيته وتفسيرها : أن يجعل أطراف أصابعه بعضها على بعض ويمسح ببطون كفيه يبدؤ من
ناصيته ثم يمر بهما إلى قفاه ثم يردهما إلى الموضع الذي بدأ منه وقد جاء في رواية للبخاري
: ( فأقبل بيديه وأدبر ) وهي تخالف روايته : ( فأدبر بيديه وأقبل ) وقد جمع بينهما : بأن
الاقبال والادبار من الأمور النسبيه فيحتمل أن تحكى بالنسبة إلى اليدين ويحتمل أن
تحكى بالنسبة إلى الرأس وعلى هذا فتحمل رواية ( أقبل بيديه وأدبر) أنها حكيت بالنسبة
إلى اليدين وبهذه الكيفية أخذ أهل الحديث ومن الأئمة مالك وأحمد وإسحاق وهو الأرجح
لموافقته الدليل .



وقال بعضهم بإجزاء مسح البعض ومنهم الشافعي وأبو حنيفة ورواية عن أحمد ومالك لكن
اختلفوا في تقدير هذا البعض فقال أبو حنيفة لا يجزئ إلا ربعه وقال الشافعي لو مسح بأصبع
أو بعض أصبع أجزأه .

أما كم يمسح فالجمهور على أنها واحدة لأن أكثر رواة صفة الوضوء رووا المسح واحدة
أما التثليث فلم يرو إلا من طرق شاذة أو ضعيفة

قال الشوكاني والإنصاف أن أحاديث الثلاث لم تبلغ درجة الاعتبار حتى يلزم التمسك بها
لما فيها من الزيادة فالوقوف على ما صح من الأحاديث الثابتة في الصحيحين وغيرهما هو
المتعين انتهى .


ولأبي داود والبيهقي كلام قريب من هذا وخالفهم الشافعي فقال باستحباب التثليث قياساً
على سائر الأعضاء والأول أرجح .

الثامنة : يؤخذ من العطف بثم المقتضية للترتيب وجوب الترتيب لكن عند من يرى أن الأفعال
تقتضي الوجوب غير أنه يعضد هذا المأخذ بأمور : أحدها : حديث : ( أبدأ بما بدأ
الله به ) على رواية الأمر .


ثانياً : إدخال ممسوح وهو الرأس بين مغسولين وهما اليدان والرجلان.
ثالثاً : جاء في حديث أن النبي ﷺ توضأ مرتباً ثم قال ( هذا وضوء لا يقبل الله
الصلاة إلا به ) ذكره في المغتي ولم يعزه وقد بحثت عن هذا الحديث فلم أجده بهذا
اللفظ إلا أن الحديث ذكره الزيلعي في نصب الراية بلفظ ( توضأ رسول الله ﷺ مرة
مرة وقال هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به ) وطرقه كلها واهية ومع ذلك فليس فيه
دليل على الترتيب .

التاسعة : قوله ﷺ ( ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه ) عام يراد به الخصوص أي
بأمور الدنيا والمراد مجاراة الحديث أما إن عرض له فدفعه عن نفسه فقد حصلت له
الفضيلة وإن حدث نفسه بطاعة أخرى فهو من تداخل العبادتين ويذكر فيه شيء عن عمر .

العاشرة : قوله ( غفر له ما تقدم من ذنبه) هذا عام يراد به الخصوص بالصغائر لأن الكبائر
لا تكفرها إلا التوبة .



المصدر :

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ


تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ

[المجلد الاول / ص 26 إلى 30]




رد مع اقتباس