عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 28-10-2011, 12:48PM
أبو همام فوزي أبو همام فوزي غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
الدولة: لـيـبـيـا
المشاركات: 114
افتراضي الدين الصحيح يحل جميع المشاكل -للشيخ السعدي

الحمد لله، وأصلي وأسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فهذه كلمات تتعلق بموضوع الدين الإسلامي، وأنه يهدي للتي هي أقوم وأصلح، ويرشد
العباد في عقائده وأخلاقه ومعاملاته وتوجيهاته وتأسيساته إلى ما ينفعهم في معاشهم ومعادهم، وبيان
أنه لا سبيل إلى إصلاح شيء من أمور الخلق الإصلاح التام إلا به، وبيان أنَّ جميع النظم المخالفة
لدين الإسلام لا يستقيم بِهَا دين ولا دنيا إلا إذا استمدت من تعاليم الدين.
وهذا الذي قلناه قد بَرْهَنَت المحسوسات والتجارب على صدقه وصحته، كما دلت الشرائع والفطر
والعقول السليمة على حقيقته، فإنَّ الدين كله صلاح وإصلاح، وكله دفع للشرور والأضرار، وكله
يدعو إلى الخير والهدى، ويحذر من الشر وأنواع الردى، وعند عرض بعض النماذج من تعليماته
وتوجيهاته يظهر لك عاقل منصف صحة هذا، وأنَّ الخلق كلهم مضطرون إليه، وأنَّهُم لا يستغنون عنه
حالة من أحوالهم؛ ذلك بأن الدنيا كلها قد جاشت بِمُشكلات الحياة، والبشر كلهم يتخبطون في دياجير
الظلمات فيهتدون من وجه واحد، ويضلون من وجوه أخرى، وقد يستقيم لهم أمر من بعض وجوهه،
ويقع الانحراف في بقية أنحائه، وهذا ناتج من أحد أمرين:
إما جهل بما دل عليه الدين وما أرشد إليه، وإما مكابرة وغي، ومقاصد سيئة وأغراض فاسدة، حالت
بينهم وبين الصلاح الذي يعرفونه كما هو الواقع كثيرًا.
لهذا ينبغي أنْ نذكر بعض مشاكل الحياة المهمة، مثل مشكلة الدين، ومشكلة العلم، والغنى والفقر،
والصحة والمرض، والحرب والسلم، والاجتماع والافتراق، والمحارب والمكاره، وغير ذلك مما اختلفت فيها أنظار الناس وتوجيهاتُهُم، وما سلكه الدين الإسلامي فيها من المسالك الصالحة السديدة، وما أولاه نحوها من المنافع التي لا تعد ولا تحصى
المشكلة الأولى: مشكلة الدين والعقيدة
وهذه المشكلة أهم مشاكل الحياة وأعظمها، وعليها تنبني الأمور كلها، وبصلاح الدين أو فساده أو عدمه تتوقف جميع الأشياء، وقد تفرقت فيها البشر، وسلكوا في دينهم وعقائدهم طرقًا شتى، كلهامنحرفة معوجة ضارة غير نافعة إلا من اهتدى إلى دين الإسلام الحقيقي، فإنه حصلت له الاستقامة والخير والراحة من جميع الوجوه، فمن الناس من تلاعب بِهِم الشيطان، فعبدوا غير الله. من الأشجار، والأحجار، والصور، والأنبياء، والملائكة، والصالحين، والطالحين، مع اعترافهم بأنَّ الله
ربَّهُم ومالكهم وخالقهم وحده لا شريك له، فاعترفوا بتوحيد الربوبية، وانحرفوا عن توحيد الإلهية الذي هو إفراد الله بالعبادة، وهؤلاء هم المشركون على اختلاف مذاهبهم وتباين طوائفهم، وقد دَلَّتْ الكتب السماوية على شقائهم وهلاكهم، واتفق جميع الرسل على الأمر بتوحيد الله، والنهي عن الشرك، وأنَّ من أشرك بالله فقد حرَّم الله عليه الجنة ومأواه النار، كما دلت العقول السليمة والفطر المستقيمة على فساد الشرك والتأله والتعبد للمخلوقات والمصنوعات، فالشرك باطل في الشرع، فاسد في العقل، عاقبة أهله الهلاك والشقاء، ومن الناس من آمن ببعض الرسل والكتب السماويةدون بعض، مع أنَّ الرسل والكتب يصدق بعضها بعضًا، ويوافق بعضها بعضًا، وتتفق في الأصول الكلية، فصار هؤلاء ينقض تكذيبهم تصديقهم، ويبطل اعترافهم ببعض الأنبياء وبعض الكتب السماوية تكذيبهم للآخرين من الرسل، فبقوا في دينهم منحرفين، وفي إيمانِهِم متحيزين، وفي علمهم متناقضين، قال تعالى: )الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقًّا( [النساء:150- 151]. فحكم بالكفر الحقيقي؛ لأنَّه عرف أنَّ دعواهم للإيمان دعوى غير صحيحة، ولو كانت
صحيحة لآمنوا بجميع الحقائق التي اتفقت عليها الرسل، ولكنهم قالوا: )نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ( [البقرة: 91]. ولهذا دعواهم الإيمان دعوى كاذبة، فقال عنهم u : )قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ( [البقرة: 91].ومن الناس طائفة ادَّعت الفلسفة والعلم بالمعقولات، فجاءت بأكبر الضلالات وأعظم المحالات،
فجحدت الرب العظيم، وأنكرت وجوده، فضلاً عن الإيمان بالرسل والكتب وأمور الغيب، وجحدوا آيات الله، واستيقنتها أنفسهم ظلمًا وعلوًّا واستكبارًا، فكذَّبوا بعلوم الرسل وما دلت عليه الكتب المنَزَلة من عند الله، واستكبروا عنها بما عرفوا من العلوم الطبيعية وتوابعها، وأنكروا من العلوم الطبيعية وتوابعها، وأنكروا جميع الحقائق إلا ما أدركوه بحواسهم وتجاربِهِم القاصرة الضيقة بالنسبة إلى
علوم الأنبياء. فعبدوا الطبيعة، وجعلوها أكبر همهم ومبلغ علمهم، واندفعوا وراء ما تقتضيه طبائعهم، ولَمْ يتقيدوا بشيء من الشرائع الدينية ولا الأخلاق الإنسانية.. فصارت البهائم أحسن حالاً منهم، فإنَّهُم نضبت منهم الأخلاق، واندفعوا وراء الشهوات البهيمية، فلم يكـن لهم غـاية يرجونَهَا، ولا نِهَاية يطلبونَهَا: )وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ( [الجاثية: 24]. وصار المشركون على شركهم وكفرهم أحسن حالاً منهم، وأقل شرًّا منهم بكثير، والعجب الكثير أنَّ هذا المذهب الخبيث جرف بتياره في الأوقات الأخيرة جمهور البشر؛ لضعف الدين وقلة البصيرة؛ ولما وضعت له الأمم القوية الحبائل والمصائد التي هلك بِهَا الخلق.أما الدين الإسلامي: فقد أخرج الخلق من ظلمات الجهل والكفر والظلم والعدوان وأصناف الشرور
إلى نور العلم والإيمان واليقين والعدل والرحمة وجميع الخيرات: )لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ( [آل عمران: 164]. )إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ( [النحل: 90]. )إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ( [الإسراء: 9]. )الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِينًا( [المائدة:3]. )وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً( [الأنعام: 115].
أي كلماته الدينية التي شرع بِهَا الشرائع، وسن الأحكام، وقد جعلها الله تامة من جميع الوجوه، لا نقص فيها بوجه من الوجوه،
رد مع اقتباس