عرض مشاركة واحدة
  #81  
قديم 22-02-2015, 06:41AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




شرح الأصول الثلاثة (81)

للعلامة : محمد أمان الجامي

-رحمه الله-



قوله : ((وهي باقية إلى أن تقوم الساعة والدليل قوله تعالى : ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي
أنفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة
فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً * إلا المستضعفين من الرجال والنساء
والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً * فأولئك عسى الله أن يعفوا عنهم وكان
الله غفواً غفوراً ( ([النساء : 97 ـ 99] ))



الشرح :

والهجرة فريضة على هذه الأمة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام وهي باقية حتى تقوم
الساعة ، حتى قال بعض الأئمة كالإمام مالك : ( إذا كان الإنسان يوجد في بلد يُسب
فيه السلف الصالح ولا يستطيع منعهم وجب عليه الهجرة من ذلك المكان ، أي لو أبتلي
فردٌ مسلم يعيش بين أعداء أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام والتابعين ويسبونهم علناً
وهو لا يستطيع معارضتهم ومنعهم لا يجوز البقاء بينهم بل يجب عليه أن يغادر ويهاجر
من ذلك المكان إلى مكان آخر نص على هذا الإمام مالك رحمه الله ، والدليل على
وجوب الهجرة قوله تعالى : ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيما كنتم
قالوا كنا مستضعفين في الأرض ……. الآية ( هذه الآية كما قال الإمام البغوي وغيره
من أهل العلم نزلت في قوم نطقوا بالإسلام ولم يهاجروا ، نطقوا بكلمة الإسلام أشهد
أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، ولكنهم لم يهاجروا مع رسول الله عليه الصلاة
والسلام إلى رسول الله بل بقوا بين المشركين بمكة وكانت الهجرة في ذلك الوقت شرطٌ
لقبول الإسلام ، من اعتنق الإسلام يجب عليه أن يلحق برسول الله عليه الصلاة والسلام
ولا يجوز له البقاء بمكة ، هؤلاء لم يخرجوا ولما خرج المشركون إلى بدر خرجوا معهم
ليقاتلوا المسلمين معهم فقتلوا وفيهم نزلت هذه الآية ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي
أنفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض …..الآية ( ، وظالمي أنفسهم
حال أي حال كونهم ظالمين أنفسهم وظالمي أنفسهم في البقاء بين المشركين بعد أن نطقوا
بكلمة الإسلام أو ظالمي أنفسهم بالشرك حيث لم يقبل منهم إسلامهم ونطقهم بكلمة
الإسلام واعتبروا من المشركين فالملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ويقولون لهم فيما
كنتم في أي فريق كنتم هل كنتم مع المسلمين أو كنتم مع المشركين فيما كنتم في أي
شيء كنتم في الإسلام أو في الشرك ؟ استفهام تقريعي وتوبيخ وتعيير ، قالوا وهم يعتذرون :

( كنا مستضعفين في الأرض ) علم الله بأن هذا العذر باطل لم يقبل منهم هذا العذر
( قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ) يدخل في أرض الله دخولاً أولياً المدينة
أرض الله الواسعة وفي مقدمتها المدينة النبوية لماذا لم تهاجروا إليها ؟ ( فأولئك مأواهم
جهنم وساءت مصيراً ) وهذا دليل أن الله لم يقبل عذرهم وأن عذرهم باطل وتعليلٌ غير
مقبول ولذلك عذر الله من علم صحة عذرهم فقال الرب سبحانه : ( إلا المستضعفين من
الرجال والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً ) هؤلاء عذرهم الله من كان من
الرجال والنساء والأطفال العاجزين عن الهجرة وهم باقون بين المشركين عذرهم الله
سبحانه وتعالى فقال : ( فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفواً غفوراً ) يقول عبد الله
بن عباس هو وأمه من هؤلاء المعذورين من المستضعفين الذين قبل الله عذرهم هكذا إذا
كان الإنسان صادقاً مع الله وعلم الله عذره وعجزه وأنه لاحيلة له ، يقبل الله عذره ويعفو
عنه ، هذه قاعدة في كل شيء ، الله سبحانه وتعالى لا تنطلي عليه الأمور لاكما يفعله
بعض الناس الآن يلوذون باسم الإسلام وينادون باسم الإسلام ويتشدقون باسم الإسلام إذا
اشتدت بهم الأمور وهم دعاة ضد الإسلام ومعادون للإسلام وعلمانيون لا إسلام لهم ،


ولكن إثارة للنفوس قد يعتذرون بالإسلام فالله سبحانه وتعالى لا تنطلي عليه الأمور ، يجب
أن يصدق العبد مع الله من كان صادقاً في عذره وفي إسلامه وفي تمسكه بدين الله
قبل الله عذره ومن لا فلا ، هؤلاء الأولون منهم اعتذروا ( قالوا كنا مستضعفين
في الأرض ) لم يقبل الله عذرهم لأنهم غير صادقين ولكن عذر العاجزين فقال في
حقهم ( فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم ) وعسى من الله واجب ليس للرجاء ( وكان الله
عفواً غفوراً ) .




كذلك مما يذكر هنا إذا أوجب الله شيئاً أو حرم شيئاً لابد حكمة منه ورحمة للعباد أن
يستثني ، أوجب الله الهجرة على كل من آمن بحيث لا يقبل عذره ولا يقبل إسلامه حتى
يهاجر ذلك قبل فتح مكة ، وانقطعت هذه الهجرة وهذا الوجوب بفتح مكة ، وقبل ذلك
لا يقبل من أحدٍ إسلام حتى يهاجر هذه كانت كقاعدة ومع ذلك استثنى الله المستضعفين
والمضطرين إلى البقاء الذين لا يجدون حيلة في السفر ، لما حرم الله الميتة والدم ولحم
الخنزير استثنى المضطرين إلى أكل الميتة وأكل لحم الخنزير وأكل الدم رحمة منه سبحانه
وتعالى ، لاتجد لو تتبعت واستقرأت الكتاب والسنة قاعدة كهذه إلا وتجد الاستثناء وذلك
الاستثناء قاعدة قعد منها الأصوليون ، قالوا الضرورات تبيح المحظورات ، بهذه المناسبة
كان يوم بدر تبع رسول الله رجلٌ مشرك فقال : يا رسول الله أريد أن أتبعك فأصيب معك
ما تصيب فقال له : { هل تؤمن بالله ورسوله ؟ } فقال : لا قال ارجع لن نستعين بالمشركين
أنا لا أستعين بمشرك أرجع فرده فتبعه مرة ثانية قال له أريد أن أتبعك لأنال مما تنال قال له :
{ هل تؤمن بالله ورسوله } قال : لا قال : { ارجع لن أستعين بمشرك } ولحقه مرة
ثالثة فقال : ما قال في المرة الأولى والثانية فقال له النبي عليه الصلاة والسلام :
{ هل تؤمن بالله ورسوله ؟ } قال : نعم قال : { أنطلق }فجاهد معه ، هذا الحديث اختلف
أهل العلم في توجيهه ، فمنهم من قال : إنما فعل رسول الله ذلك لأنه علم بأن هذا
الرجل سوف يسلم إذا رده مرة أو مرتين يدخل في الإسلام علم ذلك بالوحي لذلك رده
في المرة الأولى والثانية حتى أسلم وأكرمه الله بالإسلام نتبع رسول الله وجاهد معه ، ومن
يذهب هذا المذهب منهم الإمام أبو حنيفة وأصحابه وكثيرٌ من أهل العلم يرون جواز الاستعانة
بالمشرك على المشرك لأن هذا الحديث لم يكن الغرض منه التحريم ، ولكن الغرض منه
ترغيب الرجل بالإسلام بدليل أن رسول الله استعان بصفوان

بن أمية في غزوة حنين وهو مشرك وأقر الرجل الذي علم بوحي من الله بأنه كافر ومن
أهل النار في بعض الوقائع ( في واقعة أحد ) كان يقاتل قتالاً مريراً وقتل كثيراً فأعجب به
الصحابة فكان رسول الله يقول إنه من أهل النار اندهش الصحابة من هذا الخبر رجلٌ
يبلي بلاً حسناً كهذا بين يدي رسول الله فيقول فيه الرسول عليه الصلاة والسلام إنه
من أهل النار اتبعه أحد الصحابة ليعرف مصيره وفي النهاية جرح الرجل جرحاً شديداً فلم
يصبر اتكأ على سيفه فقتل نفسه ، فأُخبر النبي عليه الصلاة والسلام بما جرى فقال : {
أشهد أني رسول الله } ،ثم قال : { إن الله لينصر هذا الدين بالرجل الفاجر } ومع ذلك
لم يمنعه الرسول ( من المشاركة في الجهاد في القتال من ذهب هذا المذهب يرون جواز
الاستعانة بالكافر على الكافر ، ومن ذهبون مذهباً آخر يأخذون ظاهر حديث عائشة عند
مسلم في قصة بدر التي ذكرنا الآن ، الذي يتابع الرسول عليه الصلاة والسلام مرتين
من يأخذونه على ظاهره بدون نظر إلى هذا الفقه الدقيق يقولون لا يجوز الاستعانة
بالكافر إلا عند الحاجة ، نص الإمام الشافعي رحمه الله كراهة الاستعانة بهم إلا عند
الحاجة ، وبعد هل [ يفرق ] بين الحاجة والاضطرار ؟ ما الفرق بين الحاجة وبين الضرورة ؟
الضرورة التي هي الاضطرار وبينهما فرق كبير إذا كان يكره الاستعانة بهم عند بعضهم
عند الحاجة ، وأما عند الضرورة والاضطرار يكون الاستعانة بهم إما جائز أو واجباً كأكل
الميتة ، فأكل الميتة قد يكون جائزاً وقد يكون واجباً ، إذا كنت محتاجاً إلى أكل الميتة
فجائز وإذا كنت مضطراً فواجب ، الفرق بين الحاجة وبين الضرورة إذا كنت ظمأن ترغب
في شرب الماء ولكن لو لم تشرب لا يلحقك ضرر هذه تسمى حاجة ، وأما إذا كنت
مضطراً إلى شرب الماء بحيث لو لم تشرب يلحقك الضرر والهلاك يجب إن تشرب وكذلك
في أكل الميتة وفي مسألة الاستعانة بالكفار كذلك ، إن كانت المسألة مسالة اضطرار كأن

خفت على نفسك ودينك ومقدساتك وبلدك وامتك مالم تستعن بعد الله بالكافر وتطلب
منه المساعدة في مثل هذا الاضطرار ، الاستعانة بهم واجبة وفي دون الاضطرار عند
الحاجة العادية الاستعانة بهم جائزة ، هذا على رأي الطائفة التي ترى عدم الجواز في
الأصل ، أما الذين ذهبوا المذهب الأول يرون أن ذلك جائز مطلقاً وانما منع النبي ( الرجل
أن يتبعه لما ذكرنا مما كان لعلمه انه سوف يسلم ، ويذهب الحافظ ابن حجر مذهباً آخر
وهو أن الاستعانة كانت ممنوعة بدليل ذلك الحديث ثم أبيحت بدليل قصة صفوان وعلى
كلٍ القاعدة الفقهية التي ينبغي أن يفقهها طلاب العلم ( إذا حرم الله شيئاً وأكد في
تحريمه نجد أنه يستثني حالات الاضطرار ) منها ما نحن بصدده الآن .





الأصول الثلاثة محمد أمان الجامي
المواد الصوتيه :

http://subulsalam.com/catplay.php?catsmktba=162



الأصول الثلاثة
الشيخ محمد أمان الجامي

رابط تحميل الكتاب


http://subulsalam.com/site/kutub/Ama...12Oussoul3.doc








رد مع اقتباس