عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 30-05-2015, 06:09PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -






[194] الحديث الحادي عشر:


عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : نهى رسول الله ﷺ عن الوصال قالوا : إنك تواصل ؟ قال :
(( إني لست كهيئتكم إني أطعم وأسقى)).

ورواه أبو هريرة وعائشة وانس بن مالك .
ولمسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه (( فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر )).

موضوع الحديث :

النهي عن الوصال



المفردات :

الوصال لغة : مأخوذ من الوصل وهو الوصل بين شيئين ولما كان الصوم مشروعاً بالنهار فإذا صام الليل
الذي يفصل بين اليومين مع صيام اليوم الثاني فقد واصل الصيام



قوله قالوا إنك تواصل : أي قال الصحابة لما نهاهم النبي ﷺ عن الوصال قالوا إنك تواصل قال إني لست
كهيئتكم إني أطعم وأسقى فاخبر النبي ﷺ. بالعلة الفارقة بينه وبينهم .



قوله فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر : هذا أمر من الشارع ﷺ أي إذا أراد أحد منكم الوصال
فله أن يواصل إلى السحر ولا يكون في ذلك عاصياً ولا داخلا في النهي .



المعنى الإجمالي :

نهى النبي ﷺ أصحابه عن الوصال رحمة بهم وإشفاقاً عليهم ولكن الصحابة لمحبتهم للفضل وحرصهم
على ما يقرب من الله رغبوا في الوصال تأسياً بالنبي ﷺ في كونه يواصل وقالوا إنك تواصل فأخبرهم بأنه له
مطعم يطعمه وساق يسقيه بما يعوضه عن الطعام والشراب ولكن من أراد منكم الوصال فله أن يواصل إلى السحر



فقه الحديث

يؤخذ من هذا النهي كراهة الوصال وقد اختلف أهل العلم في ذلك فنقل عن بعضهم التحريم ونقل عن بعضهم
الكراهة وفرق بعض أهل العلم بين من شق عليه ومن لم يشق عليه فجعلوه مع المشقة حراماً ومع عدم المشقة
مكروهاً ولعل هذا هو الأقرب ولما كان العبد مكلفاً بأوامر ونواهي يجب عليه أن يؤديها فإن الوصال يترتب عليه
ضعف الجسم عن أداء هذه الواجبات بل أن مواصلة الصوم يترتب عليه هذا الضعف الشديد الذي يمنعه أداء تلك
الواجبات أو الإخلال بها فلذلك كره .



ومما يدل على ذلك أن النبي ﷺ لما بلغه عن عبدالله بن عمرو أنه يقوم الليل ويصوم النهار ذهب إليه وسأله
عن صحة ما بلغه فقال نعم فقال له النبي ﷺ لا تفعل إنك إذا فعلت نفهت النفس وهجمت العين وإن
لزوجك عليك حقاً ولزورك عليك حقاً ولنفسك عليك حقاً فأعط كل ذي حق حقه ) ومعلوم أن الوصال أشد
من مواصلة الصوم مع الإفطار في الليل والأكل والشرب فيه وعلى هذا فإن نهي النبي ﷺ عن الوصال نهي
لهم عما يشق عليهم ويعنتهم فأداء الحقوق الزوجية وأداء الحقوق الأسرية وأداء الحقوق التي تلزم بالجوار وغيرها
كلها مترتبة على اكتمال القوة الجسمية والعقلية معاً فإذا أجهد الإنسان نفسه في جانب وكانت قوته محدودة
أخل بالجوانب الأخرى فكان الشارع حكيماً في نهيه وليس ببعيد عنا ما حصل لأبي الأسلت أو أبي أنس قيس بن
أبي صرمة حين كان من نام بعد المغرب حرم عليه الطعام وأنه لما رجع من مزرعته قال لامرأته هل عندك من
طعام قالت ألتمس فذهبت تعد له الطعام ورجعت وإذا به قد نام فقالت لك الخيبة حرم عليك فواصل صومه وفي
اليوم الثاني عند انتصاف النهار واشتداد الحر أغمي عليه وإذا كان الأمر كذلك فإن رحمة الله بنا خير مما
نريده لأنفسنا فإذا صام الإنسان إلى المغرب فإذا غربت الشمس أفطر فأكل وشرب أخذ قوته بتغذية جسمه
ثم أعاد الأكل والشرب عند السحر وحينئذ يكون قد تقوى بأخذ الزاد في هذه المحطات ويكون العبد قد أتى بهذه
العبادة وأدّى الواجبات الأخرى من غير إخلال بها ولا نقص فيها أما ما يروى عن عبدالله بن الزبير والإمام أحمد بن حنبل
أنهم واصلوا سبعة أيام أو ثمانية أو أكثر فهذه حالات نادرة بالنسبة لأناس قد يكون أن أجسامهم تتحمل ذلك


وأما الأنبياء فشأنهم في ذلك غير شأننا لأن لهم قوة على العبادة أكثر منا وأن الله يعينهم بما أعطاهم من كمال القوى
الجسمية والعقلية وعلى ذلك يحمل قوله إني أبيت عند ربي لي طاعم يطعمني وساق يسقيني فلو كان الطعام طعاما
عادياً أو شراباً عادياً لما كان للوصال معنى ولهذا قال النبي ﷺ (إني لست كهيئتكم إني أطعم وأسقى)
وفي رواية ( أبيت يطعمني ربي ويسقيني)ويذكر عن موسى عليه السلام أنه صام شهراً فلما قرب الميعاد تناول شيئاً
من حشائش الأرض حتى لا يناجي ربه ورائحة فمه كريهة فأمره ربه أن يعود وأن يواصل عشرة أيام ثم يأتي وقال
يا موسى أما تعلم أن رائحة فم الصائم عندي أطيب من المسك ، وإن كانت القصة اسرائيلية إلا أن الآية ربما تدل
عليها حيث يقول تعالى (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) [الأعراف : 142 ]


فهل يستطيع أحد من البشر أن يصوم ثلاثين يوماً مواصلة إلا أن يجعل الله فيه ما يعينه على ذلك بإعطائه قوة جسمية
وعقليه وإلى هذا أشار بقوله ﷺ إني أطعم وأسقى والذي يتلخص لنا من هذا أن الوصال مكروه وتزيد
الكراهة شدة في حق من لا يحتمل الوصال أو كان يشق عليه أكثر وأن الوصال إلى السحر جائز من غير
كراهة وإنما قلنا هذا مع وجود النهي لأن النبي _ واصل بأصحابه يومين بعد النهي فكان فعله صارفاً للنهي
من التحريم إلى الكراهة .

وبالله التوفيق .





--------


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]


رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf









رد مع اقتباس