عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 17-03-2015, 05:54PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم






【 شرح العقيدة الواسطية 】


لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -


شرح العقيدة الواسطية. ( 02 )



[ المتن ]

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدًا‏.‏ وأشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدًا‏.‏ وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ـ صلى الله
عليه وعلى آله وسلم تسليمًا مزيدًا ـ‏.‏



[ الشرح ]

افتتح هذه الرسالة الجليلة بهذه الخطبة المشتملة على حمد الله والشهادتين والصلاة على رسوله
تأسيًا بالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أحاديثه وخطبه، وعملًا بقوله‏:‏ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏
‏(‏كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع‏)_‏ رواه أبو داود وغيره‏.‏ ويروى‏:‏
‏(‏ببسم الله الرحمن الرحيم‏)_‏ ومعنى أقطع‏:‏ أي معدوم البركة‏.‏ ويجمع بين الروايتين للحديث بأن
الابتداء ببسم الله حقيقي وبالحمد لله نسبي إضافي‏.‏


قوله‏:‏ ‏{‏الحمد لله‏}‏ الألف واللام للاستغراق، أي‏:‏ جميع المحامد لله ملكًا واستحقاقًا‏.‏

والحمد لغة‏:‏ الثناء بالصفات الجميلة والأفعال الحسنة‏.‏ وعرفًا‏:‏ فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب
كونه منعمًا وهو ضد الذم‏.‏

‏{‏لله‏}‏ تقدم الكلام على لفظ الجلالة‏.‏
‏{‏الذي أرسل رسوله‏}‏ الله سبحانه يحمد على نعمه التي لا تحصى ومن أجل هذه النعم أن ‏{‏أرسل‏}‏
أي‏:‏ بعث ‏{‏رسوله‏}‏ محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.‏

والرسول لغة‏:‏ من بعث برسالة‏.

وشرعًا‏:‏ هو إنسان ذكر أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه‏_.‏ ‏{‏بالهدى‏}‏ أي‏:‏ العلم النافع وهو كل ما جاء
به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الإخبارات الصادقة والأوامر والنواهي وسائر الشرائع النافعة‏.‏


والهدى نوعان‏:‏

النوع الأول‏:‏ هدى بمعنى الدلالة والبيان، ومنه قوله تعالى‏:‏
‏{‏وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى‏}‏ الآية ‏(‏17‏)‏ فصلت‏.‏
وهذا يقوم به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما في قوله تعالى‏:‏
‏{‏وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ‏}‏‏.‏

النوع الثاني‏:‏ هدى بمعنى التوفيق والإلهام وهذا هو المنفي عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا يقدر
عليه إلا الله تعالى كما في قوله تعالى‏:‏
‏{‏إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء‏}‏ ‏[‏القصص الآية‏:‏ 56‏]‏‏.‏


(‏ودين الحق‏)‏ هو العمل الصالح‏.‏ والدين يطلق ويراد به الجزاء، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏}‏‏.‏
ويطلق ويراد به الخضوع والانقياد، وإضافة الدين إلى الحق من إضافة الموصوف إلى صفته ـ
أي الدين الحق ـ والحق مصدر‏:‏ حق يحق بمعنى ثبت ووجب، وضده الباطل‏.‏


{‏لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ‏}‏ أي‏:‏ ليعليه على جميع الأديان بالحجة والبيان والجهاد حتى يظهر على
مخالفيه من أهل الأرض من عرب وعجم مليين ومشركين‏.‏ وقد وقع ذلك فإن المسلمين جاهدوا في
الله حق جهاده حتى اتسعت رقعة البلاد الإسلامية وانتشر هذا الدين في المشارق والمغارب‏.‏

‏{‏ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ‏}‏ أي‏:‏ شاهدًا أنه رسوله ومطلع على جميع أفعاله وناصره على أعدائه وفي ذلك
دلالة قاطعة على صدق هذا الرسول، إذ لو كان مفتريًا لعاجله الله بالعقوبة كما قال تعالى‏:
‏ ‏{‏وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ‏}‏ ‏[‏الحاقة‏:‏ الآيتان 44 ـ 45‏]‏‏.‏

‏(‏وأشهد أن لا إله إلا الله‏)‏ أي‏:‏ أقر وأعترف أن لا معبود بحق إلا الله ‏(‏وحده لا شريك له‏)‏ في هاتين
الكلمتين تأكيد لما تضمنته شهادة أن لا إله إلا الله من النفي والإثبات‏:‏ نفي الإلهية عما سوى الله
وإثباته لله فقوله‏:‏ ‏(‏وحده‏)‏ تأكيد للإثبات، وقوله‏:‏ ‏(‏لا شريك له‏)‏ تأكيد للنفي‏.‏


وقوله‏:‏ ‏(‏إقرارًا به وتوحيدًا‏)‏ مصدران مؤكدان لمعنى الجملة السابقة‏.‏ ‏(‏وأشهد أن لا إله إلا الله‏)‏ إلخ،
أي‏:‏ إقرارًا باللسان وتوحيدًا‏.‏ أي‏:‏ إخلاصًا في كل عبادة قولية أو فعلية أو اعتقادية‏.‏


وقوله‏:‏ ‏(‏وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله‏)‏ أي‏:‏ أقر بلساني وأعتقد بقلبي أن الله أرسل عبده محمدًا ـ
صلى الله عليه وسلم ـ إلى الناس كافة لأن الشهادة لهذا الرسول بالرسالة مقرونة بالشهادة لله بالتوحيد
لا تكفي إحداهما عن الأخرى‏.‏ وفي قوله‏:‏ ‏(‏عبده ورسوله‏)‏ رد على أهل الإفراط والتفريط في
حق الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأهل الإفراط غلوا في حقه ورفعوه فوق منزلة العبودية‏.‏ وأهل التفريط
قد نبذوا ما جاء به وراء ظهورهم كأنه غير رسول فشهادة أنه عبد الله تنفي الغلو فيه ورفعه فوق منزلته‏.
‏ وشهادة أنه رسول الله تقتضي‏:‏ الإيمان به وطاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى
عنه، واتباعه فيما شرع‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏صلى الله عليه‏)‏ الصلاة لغة‏:‏ الدعاء، وأصح ما قيل في معنى الصلاة من الله على الرسول‏:‏
ما ذكره البخاري في صحيحه عن أبي العالية قال‏:‏ صلاة على رسوله ثناؤه عليه عند الملائكة‏.‏ ‏(‏وعلى آله‏)‏
آل الشخص من ينتمون إليه بصلة وثيقة من قرابة ونحوها‏.‏ وأحسن ما قيل في المراد بآل الرسول ـ
صلى الله عليه وسلم ـ هنا أنهم أتباعه على دينه‏.‏ ‏(‏وأصحابه‏)‏ جمع صاحب‏.‏ من عطف الخاص على العام‏.‏

والصحابي‏:‏ هو من لقي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مؤمنًا به ومات على ذلك‏.‏
‏(‏وسلم تسليمًا مزيدًا‏)‏ السلام بمعنى التحية، أو السلامة من النقائص والرذائل‏.‏
وقوله‏:‏ ‏(‏مزيدًا‏)‏ اسم
مفعول من الزيادة وهي النمو‏.‏ وجمع بين الصلاة والسلام امتثالًا لقوله تعالى‏:‏ ‏
{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا‏}‏ الآية ‏[‏الأحزاب‏:‏ 56‏]‏‏.‏



------



[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@








رد مع اقتباس