عرض مشاركة واحدة
  #49  
قديم 02-02-2015, 12:17AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





القول المفيد على كتاب التوحيد

باب: احترام أسماء الله وتغيير الاسم لأجل ذلك

ج / 2 ص -257- باب: احترام أسماء الله وتغيير الاسم لأجل ذلك


باب احترام أسماء الله... إلخ
أسماء الله عز وجل هي: التي سمى بها نفسه، أو سماه بها رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقد سبق لنا الكلام فيها في مباحث كثيرة، منها:
هل أسماء الله مترادفة أو متباينة؟
وقلنا: باعتبار دلالتها على الذات مترادفة; لأنها تدل على ذات واحدة، وهو الله عز وجل.


وباعتبار دلالتها على المعنى، والصفة التي تحملها متباينة، وإن كان بعضها قد يدل على ما تضمنه الآخر من باب دلالة اللزوم; فمثلا: (الخلّاق) يتضمن الدلالة على العلم المستفاد من اسم العليم، لكنه بالالتزام، وعلى القدرة المستفادة من اسم القدير، لكن بالالتزام.


الثاني: هل أسماء الله مشتقة أو جامدة (يعني: هل المراد بها الدلالة على الذات فقط، أو على الذات والصفة)؟
الجواب: على الذات والصفة، أما أسماؤنا نحن; فيراد بها الدلالة على الذات فقط، فقد يسمى محمدا وهو من أشد الناس ذما، وقد يسمى عبد الله وهو من أفجر عباد الله.


أما أسماء الله عز وجل، وأسماء الرسول صلى الله عليه وسلم وأسماء القرآن، وأسماء اليوم الآخر، وما أشبه ذلك; فإنها أسماء متضمنة للأوصاف.
الثالث: أسماء الله بعضها معلوم لنا، وبعضها غير معلوم، بدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في دعاء الكرب: "أسألك اللهم بكل


ج / 2 ص -258-


اسم هو لك؛ سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك: أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي..."1 ومعلوم أن ما استأثر الله بعلمه لا يعلمه أحد.


الرابع: أسماء الله; هل هي محصورة بعدد معين؟
والجواب: غير محصورة، وقد سبق الكلام على ذلك، والجواب عن قوله صلى الله عليه وسلم "إن لله تسعة وتسعين اسما، من أحصاها دخل الجنة"23.
الخامس: أن هذه التسعة والتسعين غير معينة، بل موكولة لنا لنبحث حتى نحصل على التسعة والتسعين4، وهذا من حكمة إبهامها؛ لأجل البحث حتى نصل إلى هذه الغاية، ولهذا نظائر، منها: أن الله أخفى ليلة القدر، وساعة الإجابة يوم الجمعة، وساعة الإجابة في الليل; ليجتهد الناس في الطلب.
السادس: معنى إحصاء هذه التسعة والتسعين، الذي يترتب عليه دخول الجنة، ليس معنى ذلك أن تكتب في رقاع، ثم تكرر حتى تحفظ فقط،

ولكن معنى ذلك:
أولا: الإحاطة بها لفظا.
ثانيا: فهمها معنى؟
ثالثا: التعبد لله بمقتضاها.


ولذلك وجهان.
الوجه الأول: أن تدعو الله بها; لقوله تعالى: [وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى

1سبق (ص 186).
2 البخاري: الشروط (2736) , ومسلم: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2677) , والترمذي: الدعوات (3508) , وابن ماجه: الدعاء (3860) , وأحمد (2/427, 2/499, 2/503 ,2/516).
3سبق (ص 186).
4وانظر تعيينها في: "القواعد المثلى" للشارح حفظه الله.


ج / 2 ص -259-


فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: من الآية180].بأن تجعلها وسيلة إلى مطلوبك، فتختار الاسم المناسب لمطلوبك، فعند سؤال المغفرة تقول: يا غفور! وليس من المناسب أن تقول: يا شديد العقاب! اغفر لي، بل هذا يشبه الاستهزاء، بل تقول: أجرني من عقابك.


الوجه الثاني: أن تتعرض في عبادتك لما تقتضيه هذه الأسماء; فمقتضى الرحيم الرحمة، فاعمل العمل الصالح الذي يكون جالبا لرحمة الله، ومقتضى الغفور المغفرة، إذن افعل ما يكون سببا في مغفرة ذنوبك.
هذا هو معنى إحصائها، فإذا كان كذلك; فهو جدير لأن يكون ثمنا لدخول الجنة، وهذا الثمن ليس على وجه المقابلة، ولكن على وجه السبب; لأن الأعمال الصالحة سبب لدخول الجنة وليست بدلا، ولهذا ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "لن يدخل الجنة أحد بعمله.


قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟! قال: ولا أنا; إلا أن يتغمدني الله برحمته"1.
فلا تغتر يا أخي بعملك، ولا تعجب فتقول: أنا عملت كذا وكذا، وسوف أدخل الجنة، قال تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ} [الحجرات: من الآية17]، هذا باعتبار ما نراه نحن نحو أعمالنا; فيجب أن نرى لله المنة والفضل علينا، لكن باعتبار الجزاء، قال تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْأِحْسَانِ إِلَّا الْأِحْسَانُ} [الرحمن:60]; فنؤمن بأن الله تعالى يجزي الإحسان بالإحسان.
السابع: أسماء الله عز وجل ودلالتها على الذات والصفة جميعا؛




1أخرجه: البخاري في (الرقاق, باب القصد والمداومة), (4/184), ومسلم في (المنافقين, باب لن يدخل أحد الجنة بعمله), (4/2169); من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.


ج / 2 ص -260-

دلالة مطابقة، ودلالتها على الذات وحدها، أو على الصفة وحدها؛ دلالة تضمُّن، ودلالتها على أمر خارج؛ دلالة التزام.
مثال ذلك: (الخلاق) دل على الذات، وهو الرب عز وجل وعلى الصفة وهي الخلق جميعا دلالة مطابقة، ودل على الذات وحدها أو على الصفة وحدها دلالة تضمن، ودل على القدرة والعلم دلالة التزام.


الثامن: أسماء الله عز وجل لا يتم الإيمان بها إلا بثلاثة أمور؛ إذا كان الاسم متعديا: الإيمان بالاسم اسما لله، والإيمان بما تضمنه من صفة، وما تضمنه من أثر وحكم; فالعليم مثلا لا يتم الإيمان به حتى نؤمن بأن العليم من أسماء الله، ونؤمن بما تضمنه من صفة العلم، ونؤمن بالحكم المرتب على ذلك، وهو أنه يعلم كل شيء، وإذا كان الاسم غير متعد; فنؤمن بأنه من أسماء الله، وبما يتضمنه من صفة.


التاسع: أن من أسماء الله ما يختص به; مثل الله، الرحمن، رب العالمين، وما أشبه ذلك، ومنها ما لا يختص به، مثل: الرحيم، السميع، العليم، قال تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً} [الإنسان:2]، وقال تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: من الآية128].


قوله: "باب احترام أسماء الله": أي: وجوب احترام أسماء الله؛ لأن احترامها احترام لله عز وجل، ومن تعظيم الله عز وجل، فلا يسمى أحد باسم مختص بالله،

وأسماء الله تنقسم إلى قسمين:
الأول: ما لا يصح إلا لله; فهذا لا يسمى به غيره، وإن سمي وجب تغييره; مثل: الله، الرحمن، رب العالمين، وما أشبه ذلك.


ج / 2 ص -261- عن أبي شريح; أنه كان يكنى أبا الحكم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله هو الحكم، وإليه الحكم "..


الثاني: ما يصح أن يسمى به غير الله; مثل: الرحيم، والسميع، والبصير، فإن لوحظت الصفة منع من التسمي به، وإن لم تلاحظ الصفة جاز التسمي به على أنه علم محض.
قوله: "عن أبي شريح": هو هانئ بن يزيد الكندي، جاء وافدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع قومه.


وقوله: "يكنى أبا الحكم": أي: ينادى به والكنية ما صدر بأب أو أم أو أخ أو عم أو خال، وتكون للمدح كما في هذا الحديث، وتكون للذم كأبي جهل، وتكون لمصاحبة الشيء وملازمته كأبي هريرة، وتكون لمجرد العلمية كأبي بكر رضي الله عنه، وأبي العباس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ لأنه ليس له ولد.


قوله: "إن الله هو الحكم وإليه الحكم" "هو الحكم"; أي: المستحق أن يكون حاكما على عباده، حاكما بالفعل، يدل له قوله: "وإليه الحكم".
وقوله: "وإليه الحكم": الخبر فيه جار ومجرور مقدم، وتقديم الخبر يفيد الحصر، وعلى هذا يكون الحكم راجعا إلى الله وحده.


وحكم الله ينقسم إلى قسمين:
الأول: كوني، وهذا لا راد له; فلا يستطيع أحد أن يرده، ومنه قوله تعالى: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} [يوسف: من الآية80].


ج / 2 ص -262- فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء; أتوني، فحكمت بينهم، فرضي كلا الفريقين. فقال: ما أحسن هذا! فما لك من الولد؟ قلت: شريح، ومسلم، وعبد الله،.....


الثاني: شرعي، وينقسم الناس فيه إلى قسمين: مؤمن، وكافر; فمن رضيه وحكم به فهو مؤمن، ومن لم يرض به ولم يحكم به؛ فهو كافر، ومنه قوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشورى: من الآية10] وأما قوله: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين:8] وقوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: من الآية50]; فهو يشمل الكوني والشرعي، وإن كان ظاهر الآية الثانية أن المراد الحكم الشرعي; لأنه في سياق الحكم الشرعي، والشرعي يكون تابعا للمحبة والرضا والكراهة والسخط، والكوني عام في كل شيء.


وفي الحديث دليل على أن من أسمائه تعالى: (الحكم).
وأما بالنسبة للعدل; فقد ورد عن بعض الصحابة أنه قال: "إن الله حكم عدل" ولا أعرف فيه حديثا مرفوعا، ولكن قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً} [المائدة: من الآية50]، لا شك أنه متضمن للعدل، بل هو متضمن للعدل وزيادة.


قوله: "فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني": هذا بيان لسبب تسميته بأبي الحكم.
قوله: "ما أحسن هذا": الإشارة تعود إلى إصلاحه بين قومه لا إلى تسميته بهذا الاسم; لأن النبي صلى الله عليه وسلم غيره.
قوله: "شريح، ومسلم، وعبد الله": الظاهر: أنه ليس له إلا الثلاثة; لأن الولد في اللغة العربية يشمل الذكر والأنثى، فلو كان عنده بنات لعدهن.


ج / 2 ص -263- قال: فمن أكبرهم؟. قلت: شريح. قال: فأنت أبو شريح" رواه أبو داود وغيره1.


فيه مسائل:

الأولى: احترام أسماء الله وصفاته، ولو لم يقصد معناه.

قوله: "فأنت أبو شريح": غيّره النبي صلى الله عليه وسلم

لأمرين:
الأول: أن الحكم هو الله، فإذا قيل: يا أبا الحكم! كأنه قيل: يا أبا الله!
الثاني: أن هذا الاسم، الذي جعل كنية لهذا الرجل، لوحظ فيه معنى الصفة وهي الحكم؛ فصار بذلك مطابقا لاسم الله، وليس لمجرد العلمية المحضة، بل للعلمية المتضمنة للمعنى، وبهذا يكون مشاركا لله - سبحانه وتعالى - في ذلك، ولهذا كناه النبي صلى الله عليه وسلم بما ينبغي أن يكنى به.


فيه مسائل:

الأولى: احترام أسماء الله وصفاته ولو لم يقصد معناه.
قوله: "ولو لم يقصد معناه": هذا في النفس منه شيء; لأنه إذا لم يقصد معناه; فهو جائز، إلا إذا سمي بما لا يصح إلا لله، مثل: الله،



1 أخرجه: البخاري في "التاريخ الكبير" (8/ 227) وفي "الأدب المفرد" (811), وأبو داود في (الأدب, باب في تغيير الاسم القبيح), (5/240), والنسائي في (القضاء, باب إذا حكموا رجلا فقضى بينهم), (8/226), والدولابي في "الكنى" (1/74), والبيهقي (10/145); عن يزيد بن مقدام بن شريح, عن أبيه شريح, عن أبيه هانئ أبي شريح الخزاعي. وأخرجه: ابن سعد (6/ 49), والحاكم (4/ 279), من طريق قيس بن الربيع. وفي توثيقه خلاف, والحديث صححه الألباني في "الإرواء" (8/ 237), وفي "تعليقه على المشكاة" (4766); وقال: "إسناده جيد".


ج / 2 ص -264- الثانية: تغيير الاسم لأجل ذلك.
الثالثة: اختيار أكبر الأبناء للكنية.


الرحمن، رب العالمين، وما أشبهه; فهذه لا تطلق إلا على الله مهما كان.
وأما ما لا يختص بالله; فإنه يسمى به غير الله إذا لم يلاحظ معنى الصفة، بل كان المقصود مجرد العلمية فقط؛ لأنه لا يكون مطابقا لاسم الله، ولذلك كان في الصحابة من اسمه "الحكم"1، ولم يغيره النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه لم يقصد إلا العلمية، وفي الصحابة من اسمه "حكيم"2 وأقره النبي صلى الله عليه وسلم.


فالذي يحترم من أسمائه تعالى ما يختص به، أو ما يقصد به ملاحظة الصفة.
الثانية: تغيير الاسم لأجل ذلك: وقد سبق الكلام عليه
الثالثة: اختيار أكبر الأبناء للكنية: تؤخذ من سؤال النبي صلى الله عليه وسلم: "فمن أكبرهم؟ قال: شريح. قال: فأنت أبو شريح"3.
ولا يؤخذ من الحديث استحباب التكني; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يغير كنيته إلى كنية مباحة، ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يكني ابتداء.


ويستفاد من الحديث ما يلي:
1- أنه ينبغي لأهل الوعظ والإرشاد والنصح، إذا أغلقوا بابا محرما؛ أن يبينوا للناس المباح، وقد سبق تقرير ذلك.
2- أن الحكم لله وحده; لقوله صلى الله عليه وسلم "وإليه الحكم".
أما الكوني فلا نزاع فيه؛ إذ لا يعارض الله أحد في أحكامه الكونية.



1 كالحكم بن الحارث السلمي, والحكم بن سعيد بن العاص, والحكم بن عبد الله الثقفي, وغيرهم رضي الله عنهم. انظر: "الإصابة" (1/ 26- 32).
2 كحكيم بن حزام, وحكيم بن الحارث الطائفي, وحكيم بن طليق الأموي, وغيرهم رضي الله عنهم. انظر: "الإصابة" (1/ 32- 34).
3 النسائي: آداب القضاة (5387) , وأبو داود: الأدب (4955).


ج / 2 ص -265-


وأما الشرعي; فهو محك الفتنة والامتحان والاختبار، فمن شرّع للناس شرعا سوى شرع الله، ورأى أنه أحسن من شرع الله وأنفع للعباد، أو أنه مساو لشرع الله، أو أنه يجوز ترك شرع الله إليه; فإنه كافر لأنه جعل نفسه ندا لله عز وجل، سواء في العبادات، أو المعاملات، والدليل على ذلك قوله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة:50]; فدلت الآية على أنه لا أحد أحسن من حكم الله، ولا مساو لحكم الله; لأن أحسن اسم تفضيل: معناه لا يوجد شيء في درجته، ومن زعم ذلك; فقد كذّب الله عز وجل. وقال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: من الآية44]، وهذا دليل على أنه لا يجوز العدول عن شرع الله إلى غيره، وأنه كفر.


فإن قيل: قال الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: من الآية47].
قلنا: قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً} [النساء:60، 61] وهذا دليل على كفرهم; لأنه قال: "يزعمون أنهم آمنوا"، وهذا إنكار لإيمانهم; فظاهر الآية أنهم يزعمون بلا صدق ولا حق.


فقوله صلى الله عليه وسلم "وإليه الحكم" يدل على أن من جعل الحكم لغير الله; فقد أشرك.
فائدة: يجب على طالب العلم أن يعرف الفرق بين التشريع الذي يجعل نظاما يمشي عليه، ويستبدل به القرآن، وبين أن يحكم في قضية معينة بغير


ج / 2 ص -266-


ما أنزل الله; فهذا قد يكون كفرا أو فسقا أو ظلما.
فيكون كفرا إذا اعتقد أنه أحسن من حكم الشرع أو مماثل له. ويكون فسقا إذا كان لهوى في نفس الحاكم.
ويكون ظلما إذا أراد مضرة المحكوم عليه، وظهور الظلم في هذه أبين من ظهوره في الثانية، وظهور الفسق في الثانية أبين من ظهوره في الثالثة.
3- تغيير الاسم إلى ما هو أحسن إذا تضمن أمرا لا ينبغي، كما غيّر النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأسماء المباحة، ولا يحتاج ذلك إلى إعادة العقيقة، كما يتوهمه بعض العامة.





المصدر :

كتاب
القول المفيد على كتاب التوحيد

رابط التحميل المباشر


http://waqfeya.com/book.php?bid=1979





رد مع اقتباس