عرض مشاركة واحدة
  #30  
قديم 04-05-2015, 02:59AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





التعليق على رسالة حقيقة الصيام
وكتاب الصيام من الفروع ومسائل مختارة منه


لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد صالح بن عثيمين
- رحمه الله تعالى-



فصل:
يكره إفراد رجب بالصوم




يكره إفراد رجب بالصوم (خ)، نقل حنبل: أنه يكره، رواه عن عمر وابنه، وأبي بكرة. قال أحمد: يروى فيه عن عمر أنه كان يضرب على صومه، وابن عباس قال: يصومه إلا يوما أو أياماً.


وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام رجب. رواه ابن ماجه، وأبو بكر من أصحابنا من رواية داود بن عطاء، ضعفه أحمد وغيره؛ ولأن فيه إحياء لشعار الجاهلية بتعظيمه؛ ولهذا صح عن عمر أنه كان يضرب فيه، ويقول: كلوا، فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية. وتزول الكراهة بالفطر، أو بصوم شهر آخر من السنة. قال صاحب «المحررِ» : وإن لم يَلِهِ. قال شيخنا: من نذر صومه كل سنة، أفطر بعضه وقضاه، وفي الكفارة الخلاف. قال: ومن صامه معتقدا أنه أفضل من غيره من الأشهر أثم وعُزِّرَ، وحَمَلَ عليه فعل عمر. وقال أيضا: في تحريم إفراده وجهان. ولعله أخذه من كراهة أحمد، وفي «فتاوى ابن الصلاح» الشافعي: لم يؤثمه أحد من العلماء فيما نعلمه (294).


ولا يكره إفراد شهر غير رجب، قال صاحب «المحرر» : لا نعلم فيه خلافا؛ للأخبار، منها أنه كان صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان ورمضان. وأن معناه: أحيانا، ولم يداوم كاملا على غير رمضان.


ولم يذكر الأكثر استحباب صوم رجب وشعبان، واستحبه في «الإرشاد». وقال شيخنا: في مذهب أحمد وغيره نزاع، قيل: يستحب، وقيل: يكره، فيفطر ناذرهما بعض رجب. واستحب الآجري صوم شعبان، ولم يذكر غيره. وسبق كلام صاحب «المحررِ»، وكذا قال ابن الجوزي في كتاب «أسباب الهداية»: يستحب صومُ الأشهر الحرم وشعبان كله، وهو ظاهر ما ذكره صاحب «المحررِ» في الأشهر الحُرُمِ وشعبان كله، وقد روى أحمد وأبو داود وغيرهما من رواية مجيبة الباهلي - ولا يعرف - عن رجل من باهلة أنه عليه السلام أمره بصوم الأشهر الحرم.


وفي الخبر اختلاف، وضعفه بعضهم، ولهذا - والله أعلم - لم يذكر استحبابه الأكثر، وصومُ شعبان كلهِ إلا قليلا في «الصحيحين» عن عائشة. وقيل: قولها: كله، قيل: غالبه، وقيل: يصومه كله في وقت، وقيل: يُفرِّقُ صومه كله في سنتين، ولأحمد، ومسلم، وأبي داود، والنسائي، عن عائشة: لا أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن كله في ليلة، ولا قام ليلة حتى أصبح، ولا صام شهرا كاملا غير رمضان. قال في «شرح مسلم»: قال العلماء: إنما لم يستكمل غيره؛ لئلا يظن وجوبه.

وعنها أيضا: والله إن صام(295) شهرا معلوما سوى رمضان حتى مضى لوجهه، ولا أفطره حتى يصيب منه. ولمسلم: منذ قدم المدينة. وعن ابن عباس: ما صام شهرا كاملا قط غير رمضان. ولمسلم: منذ قدم المدينة. متفق عليهما. وصوم شعبان كله في «السنن» عن أم سلمة، ورواهما أحمد. ولعل ظاهر ما ذكره الآجري أنه أفضل من المحرم وغيره؛ ووجهه قول أسامة بن زيد: لم يكن صلى الله عليه وسلم يصوم من شهر ما يصوم من شعبان، وقال: «ذلك شهر يغفل الناس عنه». رواه أبوبكر البزار، وأبو بكر بن أبي شيبة. وفي لفظة: أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: «ترفع فيه أعمال الناس، فأحب أن لا يرفع عملي إلا وأنا صائم».


وروى اللفظين أحمد والنسائي، والإسناد جيد. وروى سعيد: حدثنا عبدالعزيز بن محمد، عن يزيد بن عبدالله بن أسامة بن الهاد، قال: أظنه عن محمد بن إبراهيم التيمي، أن أسامة بن زيد كان يصوم شهر المحرم، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيام شوال، فما زال أسامة يصومه حتى لقي الله. إسناده جيد، إلا أنه قال: أظنه. ورواه ابن ماجه، عن محمد بن الصباح عنه، ولم يشك، وفيه أنه كان يصوم الأشهر الحرم، فقال له: «صم شوالا». فتركه؛ ولم يزل يصومه حتى مات. وللترمذي - وقال: غريب - وأبي يعلى الموصلي، وابن حبان، من رواية صدقة الدقيقي - وهو ضعيف - عن ثابت عن أنس، سئل صلى الله عليه وسلم عن أفضل الصيام، قال: «شعبان تعظيما لرمضان». أي الصدقة أفضل؟ قال: «صدقة في رمضان».


وذكرت امرأة لعائشة أنها تصوم رجباً، فقالت: إن كنت صائمة شهرا لا محالة، فعليك بشعبان، فإن فيه الفضل. رواه حميد بن زنجويه الحافظ وأبو زرعة الرازي. وسأل رجل عائشة عن الصيام، فقالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله. رواه أحمد في «مسنده». وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان كله، فقلت: أرأيت أحب الشهور إليك الصوم في شعبان؟ فقال: «إن الله يكتب في شعبان حين يقسم، من يميته تلك السنة، فأحب أن يأتي أجلي وأنا صائم». رواه أبو الشيخ الأصبهاني من رواية مسلم بن خالد الزنجي عن طريف، قال العقيلي في طريف: لا يتابع على حديثه. وروى يحيى بن صاعد، وابن البناء من أصحابنا هذا المعنى من حديث عائشة. والله أعلم. وقد قال ابن هبيرة في كون أكثر صومه - عليه السلام - في شعبان قال: ما أرى هذا إلا من طريق الرياضة؛ لأن الإنسان إذا هجم بنفسه على أمر لم يتعوده صعب ذلك عليها، فدرجها بالصوم في شعبان لأجل شهر رمضان. كذا قال.



وذكر في «الغنية» أنه يستحب صوم أول يوم من رجب، وأول خميس منه والسابع والعشرين، وآخر السنة وأولها، وصوم أيام الأسبوع، وصلاة في لياليها، وذكر أشياء، واحتج بأخبار ليست بحجة، واعتمد على ما جمعه أبو الحسن المذكور عن أبيه، وذكر ابن الجوزي ذلك أو بعضه في بعض كتبه - ككتابه «أنس المستأنس في ترتيب المجالس» - وذكر أخبارا وآثاراً واهية، وكثير منها موضوع، والعجب أنه يذكر في كتابه «الموضوعات» ما هو أمثل منها، ويذكرها بصيغة الجزم، فيقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم كذا، وقال فلان الصحابي كذا!! والموضوع لا يحتج به بالإجماع، ولهذا لم يذكر الأصحاب شيئا من ذلك، وقال في كتابه هذا: إنه يثاب على صوم عاشوراء ثواب صوم سنة ليس فيها صوم عاشوراء، والله أعلم (296).



-----------------------



(294) وهذا لا يعارض ما ذكره الشيخ تقي الدين - رحمه الله -؛ لأن شيخ الإسلام إنما أثَّمَهُ إذا اعتقد أنه أفضل من غيره، وأما مجرد صومه فابن الصلاح -رحمه الله- يقول: لم يؤثمه أحد من العلماء.


(295) قوله: «والله إن صام» إن: هنا نافية، يعني: والله ما صام.
(296) الصحيح أنه لا يُخص شهر بصوم، وأن الصيام جائز في كل وقت، ولكن بدون تخصيص، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر الصيام في شعبان، حتى كان يصومه إلا قليلاً [أخرجه مسلم في الصوم/باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان واستحباب أن لا يخلي شهرا عن صوم (1156).]. فمنهم من قال: الحكمة في هذا من أجل أن يمرن نفسه على الصيام، فإذا دخل رمضان فإذا هو قد تمرن، فيسهل عليه، ومنهم من قال: إن هذا بمنزلة الراتبة القبلية للصلاة، وصيام ستة أيام من شوال بمنزلة الراتبة البعدية، والأولى أن يقال: ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم فهو حق، سواء علمنا حكمته أم لا، وأنه ينبغي الإكثار من الصيام في شهر شعبان.


المصدر :

http://www.ibnothaimeen.com/all/book...le_18311.shtml







رد مع اقتباس