عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 04-05-2015, 12:18AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





التعليق على رسالة حقيقة الصيام
وكتاب الصيام من الفروع ومسائل مختارة منه


لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد صالح بن عثيمين
- رحمه الله تعالى-



فصل:
يسن تعجيل الإفطار إذا تحقق غروب الشمس




يسن تعجيل الإفطار إذا تحقق غروب الشمس (ع)(223)، وتأخير السحور (ع)، ما لم يَخْشَ طلوع الفجر (و)، ذكره أبو الخطاب، والأصحاب؛ للأخبار؛ ولأنه أقوى على الصوم، وللتحفظ من الخطأ والخروج من الخلاف، وظاهر كلام الشيخ: يستحب السحور مع الشك في الفجر، وذكر أيضا قول أبي داود: قال أبو عبدالله: إذا شك في الفجر، يأكل حتى يستيقن طلوعه. وأنه قول ابن عباس، وعطاء، والأوزاعي. قال أحمد: يقول الله تعالى: {وكلوا واشربوا} الآية [البقرة: 187]، وذكر الشيخ أيضاً قول رجل لابن عباس: إني أتسحر فإذا شككت، أمسكت، فقال ابن عباس: كُلْ ما شككت حتى لا تشك. وقول أبي قلابة: قال الصدِّيقُ رضي الله عنه، وهو يتسحر: يا غلام أجِفْ حتى لا يفجأنا الفجر، رواه سعيد، ولا يعرف لهما مخالف، ولعل مراد غير الشيخ: الجواز، وعدم المنع بالشك، وكذا جزم ابن الجوزي وغيره أنه يأكل حتى يستيقن، وأنه ظاهر كلام أحمد، وكذا خص الأصحاب المنع بالمتيقن، كشكه في نجاسة طاهرٍ. وقال الآجري وغيره: لو قال لعالمَيْن: ارقبا الفجر، فقال أحدهما: طلع. وقال الآخر: لا، أكل حتى يتفقا، وأنه قول أبي بكر، وعمر، وابن عباسٍ، وغيرهم(224)، واحتج من لم ير صوم يوم ليلة الغيم بالأكل مع الشك في الفجر، وأجاب القاضي وغيره؛ بأن البناء على الأصل هنا لا يسقط العبادة، والبناء على الأصل في مسألة الغيم يسقط الصوم، وللمشقة هنا؛ لتكراره، والغيم نادر(225)،


واقتصر صاحب «المحرر» في الجواب على المشقة مع ما في الغيم من الخبر(226)، وذكر ابن عقيل في «الفصول»: إذا خاف طلوع الفجر، وجب عليه أن يمسك جزءاً من الليل؛ ليتحقق له صوم جميع اليوم، وجعله أصلاً لوجوب صوم يوم ليلة الغيم، وقال: لا فرق. ثم ذكر هذه المسألة في موضعها، وأنه لا يحرم الأكل مع الشك في الفجر، وزاد: بل يستحب. كذا قال(227).



وفي «المستوعب» و«الرعاية»: الأولى أن لا يأكل مع شكه في طلوعه. وكذا جزم صاحب «المحرر» مع جزمه بأنه لا يُكرَه.
ولا يستحب تأخير الجماع (و)؛ لأنه لا يتقوى به، ويُكرَه مع الشك في الفجر، ولا يُكرَه الأكل والشرب مع الشك فيه. نص على المسألتين(228).


ولا يجب إمساك جزء من الليل في أوله وآخره، في ظاهر كلام جماعة، وهو ظاهر ما سبق أو صريحه(229)، وذكر ابن الجوزي أنه أصح الوجهين (م ر)، وقطع جماعة بوجوبه في أصول الفقه وفروعه، وأنه مما لا يتم الواجب إلا به، وذكره في «الفنون» وأبو يعلى الصغير وفاقاً في صوم ليلة الغيم، وهذا يناقض ما ذكروه هنا، وذكره القاضي في «الخلاف» في النية من الليل ظاهر كلام أحمد، وأنه مذهبنا؛ لئلا يفوت بعض النهار عن النية، والصوم يدخل فيه بغير فعله، فلا يمكنه مقارنة النية حال الدخول فيه، بخلاف الصلاة. كذا قال، وسبق في النية من الليل.


والمراد بالفجر الصادق، وهو البياض المعترض، فيحرم الأكل وغيره بطلوعه (و) في قول عامة العلماء؛ لحديث عدي بن حاتمٍ في قوله تعالى: {حتى يتبين لكم الخيط الأبيض} [البقرة: 187] «إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار». ولحديث ابن عمر وعائشة: «إن بِلالاً يؤذن بلَيْل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أُمِّ مكتومٍ فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر».


متفق عليهما. ولأحمد، ومسلمٍ، وأبي داود عن عائشة، أن رجلاً قال: يا رسول الله، تدركني الصلاة، وأنا جنب فأصوم؟ فقال: «وأنا تدركني الصلاة، وأنا جنب، فأصوم»، فقال: لست مثلنا يا رسول الله، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال: «والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله، وأعلمكم بما أتقي»، يدل على أن وقت صلاة الفجر من وقت الصوم، وذكر أحمد في رواية عبد الله قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يمنعنكم من السحور أذان بلال والفجر المستطيل». وقال عن قيس بن طلق، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس الفجر الأبيض المُعْتَرِضَ، ولكنه الأحمر».


كذا وجدته، ولفظه في «مسنده»: «ليس الفجر بالمستطيل في الأفق، ولكنه المعترض الأحمر». ولأبي داود، والترمذي – وقال: حسن غريب:- «كلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر». فيحتمل أن أحمد قال به، وأنه رواية عنه، ولكن قيس عنده ضعيف.



وعن عاصم عَنْ زر: قلت لحُذيفةَ: أي ساعة تسحرت مع النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال: «هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع». رواه ابن ماجه، ورواه النسائي أيضاً من حديث شعبة عن عدي بن ثابتٍ عن زر، وعن أبي يعفور عن إبراهيم عن صلة ولم يرفعاه، وقال: لا نعلم أحداً رفعه غير عاصم، فإن كان رفعه صحيحاً، فمعناه: أنه قرب النهار، ولفظ أحمد: قلت: أبعد الصبح؟ قال: نعم، هو الصبح غير أن لم تطلع الشمس. وعاصم في حديثه اضطراب ونكارة، فرواية الإثبات أولى، وقال ابن عمر: إن ابن أم مكتوم كان لا يؤذِّنُ حتى يقال له: أصبحْتَ أصبحْتَ. متفق عليه، ومعناه: قَرُبَ الصُّبحُ، وعن أبي هريرة مرفوعاً: «إذا سمع أحدكم النداء، والإناء على يده، فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه» رواه أبو داود، فمعناه: أنه لم يتحقق طلوع الفجر، وقال: مسروق. لم يكونوا يعدون الفجر فجركم، إنما كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت والطرق. ذكره ابن المنذر وغيره، فإن صح، فهو رأي طائفة، مع احتمال معناه تحقق طلوع الفجر(230).


والمذهب: له الفطر بالظن (و)؛ لأن الناس أفطروا في عهده صلى الله عليه وسلم ، ثم طلعت الشمس، وكذا أفطر عمر، والناس في عهده كذلك، ولأن ما عليه أمارة يدخله التحري، ويُقبلُ فيه قول الواحد، كالوقت والقِبْلةِ، بخلاف الصلاة.


وقال في «التلخيص»: يجوز الأكل بالاجتهاد في أول اليوم، ولا يجوز في آخره إلا بيقين، ولو أكل ولم يتيقَّنْ، لزمه القضاء في الآخر، ولم يلزمْهُ في الأول، وقاله بعض الشافعية(231).


وإذا غاب حاجب الشمس الأعلى، أفطر الصائم حكماً وإن لم يَطعَمْ، ذكره في «المستوعب» وغيره، وقوله عليه السلام: «إذا أقبل الليل من ها هنا، وأدبر النهار من ها هنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم»(232)، أي: أفطر شرعا، فلا يثاب على الوصال، كما هو ظاهر «المستوعب»، وقد يحتمل: أنه يجوز له الفطر.


والعلامات الثلاث(233) متلازمة، ذكره في «شرح مسلم» عن العلماء، وإنما جمع بينها؛ لئلا يشاهد غروب الشمس، فيعتمد على غيرها، كذا قال، ورأيت بعض أصحابنا يتوقف في هذا، ويقول: يقبل الليل مع بقاء الشمس؟ ولعله ظاهر «المستوعب»، والله أعلم (234).


والفطر قبل الصلاة أفضل (و)؛ لفعله عليه السلام، وكان عمر وعثمان رضي الله عنهما لا يفطران حتى يصليا المغرب، وينظرا إلى الليل الأسود(235). رواه مالك.
ولا يجب السحور، حكاه ابن المنذر وغيره (ع) (236).


وتحصل فضيلة السحور بأكلٍ أو شربٍ لحديث أبي سعيدٍ: «ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماءٍ». وفيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وهو ضعيف، رواه أحمد وغيره، ورواه ابن أبي عاصمٍ وغيره من حديث أنس من رواية عبدالرحمن بن ثابتٍ، قال العقيلي: لا يُتابَعُ عليه. فيتوجه: أن يخرج القول بهذا على العمل بالحديث الضعيف في الفضائل، وقد سبق في صلاة التطوع، ولأحمد من حديث جابرٍ: «مَنْ أراد أن يصوم، فليتسحَّرْ ولو بشيءٍ».


قال صاحب «المحرر» - والظاهر: أنه مراد غيره -: وكمال فضيلتِهِ بالأكل؛ لحديث عمرو بن العاص: «إن فصْلَ ما بين
صيامنا، وصيام أهل الكتاب أكلة السحر» رواه أحمد ومسلم وغيرهما.



ويسن أن يفطر على الرُّطَبِ، فإن لم يجِدْ، فعلى التمر، فإن لم يجد، فعلى الماء، لفعلِهِ صلى الله عليه وسلم ، رواه أحمد وأبو داود، والترمذي وحسنه، من حديث أنسٍ، ورواه أيضاً وصحَّحَه الترمذي، من حديث سلمان الضبي: «إذا أفطر أحدكم، فليُفْطِر على تمرٍ، فإن لم يجِدْ، فعلى ماءٍ، فإنه طهور»(237).


وأن يدعو عند فطرِهِ، روى ابن ماجه، والترمذي وحسَّنَه، من حديث أبي هريرة: «ثلاث لا تُردُّ دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم». ولابن ماجه من حديث عبدالله بن عمرو: «للصائم عند فطره دعوة لا تُرَدُّ». واقتصر جماعة على قول: «اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت، سبحانك وبحمدك، اللهم تقبل مني إنك أنت السميع العليم». رواه الدارقطني، من حديث أنسٍ، ومن حديث ابن عباسٍ، وفيهما: «تقبل منا». وذكره أبو الخطاب وغيره، وهو أولى، وذكر بعضهم أيضاً قول ابن عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا أفطر: «ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله». رواه أبو داود، والنسائي، والدارقطني، وقال: إسناده حسن. والحاكم، وقال: على شرط البخاري. والعمل بهذا الخبر أولى(238).


«ومن فطَّرَ صائماً، فله مثل أجره من غير أن يَنقُص من أجره شيء». صحَّحَه الترمذي من حديث زيد بن خالد، وظاهر كلامهم: مِنْ أي شيء كان، كما هو ظاهر الخبر، وكذا رواه ابن خزيمة من حديث سلمان الفارسي، وذكر فيه ثواباً عظيماً إن أشبعه، وقال شيخنا: مراده بتفطيره أن يشبعه (239).



-----------------------------



(223) قوله رحمه الله: «إذا تحقق غروب الشمس إجماعا» فينبغي للإنسان أن يبادر حين تسقط الشمس، ويسقط حاجبها الأعلى، فيفطر، سواء أَذَّنَ أم لم يُؤَذِن، لكن إذا ظن غروب الشمس، فهل يفطر أو لا يفطر؟ نقول: يفطر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أفطروا في يوم غيم ظانين غروب الشمس، ثم طلعت الشمس بعد إفطارهم، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء [أخرجه البخاري في الصوم/باب إذا أفطر في رمضان ثم طلعت الشمس (1959).].


وهذا يدل على جواز الإفطار إذا غلب على ظنه، لكن لابد من قرائن: كظلمة الجو، ووجود مانع يمنع من رؤية الشمس، أما مجرد أن يكون مثلاً في الغرفة، أو في الحوش، فيظن أن الشمس غربت، فهذا ليس مبنياً على أصل.



(224) هذا القول هو الراجح، وهو: أنه لا يحرم الأكل والشرب مع الشك في طلوع الفجر، وأن للإنسان أن يأكل حتى يتيقن، كذلك أيضاً إذا قال لشخصين عالمين عارفين بالفجر: أرقبا لي الفجر، فقال أحدهما: طلع، وقال الآخر:لم يطلع، فله أن يأكل ويشرب حتى يتفقا، وبناءاً على ذلك فاختلاف التقاويم الآن لنا أن نأخذ بالأخير؛ لأنهما لم يتفقا إلا على آخِر واحد، والعجيب أنه يقول: «وأنه قول أبي بكر وعمر وابن عباس وغيرهم».


(225) هذا جواب للتعصب فقط، وجواب القاضي ضعيف جداً، إذ لا فرق؛ لأن الأصل بقاء شعبان، فإذا حال دون رؤية الهلال غيم أو نحوه فالأصل أن نبني على أن شعبان باق ولم يدخل رمضان، وكذلك في الفجر، فإذا شككنا فإننا نأكل حتى نتيقن.


(226) الخبر سبق أنه لا دليل فيه، ومعنى: «اقدروا له» فسرته السنة نفسها، أي: «أكملوا عدة شعبان ثلاثين».
(227) هذا اختلاف قولين، والعالم المجتهد ربما يكون له قولان متناقضان، كان في الأول يقول: يجب عليه أن يمسك، وفي الثاني يقول: لا يحرم الأكل، وعليه فلا يجب الإمساك.


(228) والصحيح أنهما سواء، وأن له أن يجامع مع الشك في طلوع الفجر؛ لأن الله عز وجل قال: {فالئن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} [البقرة:187]، فكيف نفرق بين ثلاث مسائل قد جمع الله بينها؟ فالصواب أنه لا فرق، وأنه لو جامع شاكا في طلوع الفجر، ثم تبين له أثناء الجماع طلوع الفجر، فإنه ينزع في الحال، ولا شيء عليه.


(229) لا شك أنه لا يجب إمساك جزء من الليل قبل طلوع الفجر؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: {حتى يتبين لكم} [البقرة:187]، ومعناه: أن الليل كله أكل وشرب، وكذلك بالنسبة للغروب، فإذا رأينا أن الشمس قد غربت وسقط قرصها فنأكل ونشرب.


(230) الصواب أن له أن يأكل ويشرب حتى يتبين الفجر، وإذا تبين الفجر وجب الإمساك؛ لقوله تعالى: {حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} [البقرة: 187]، هذا كلام الله تعالى، ولا قول لأحد بعد هذا، وهؤلاء الذين اجتهدوا وقالوا: إن له أن يأكل حتى يملأ الفجر البيوت، أو ما لم تطلع الشمس، وما أشبه ذلك، يكون رأياً اجتهادياً مردوداً، فإن الآية صريحة في هذا، وكيف نقول: لك أن تأكل حتى يملأ الفجر البيوت، والله يقول: {حتى يتبين لكم} [البقرة: 187]؟! فالصواب أنه لا يأكل.


بقي مسألة، وهي: «إذا سمع أحدكم النداء والإناء في يده، فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه» [أخرجه أبو داود في الصوم/باب في الرجل يسمع الأذان والإناء على يده (2350)]، فهل نقول: بأن المؤذن قد تعجل وأذن قبل الوقت فرخص في الشرب؟ وهل مثل ذلك لو أذن واللقمة في فمه، فهل له أن يبتلعها؟ الظاهر: نعم، وأنها مثل الشرب أو أولى مادامت في فمه، وهذا أبلغ من كون الإناء في يده في مسألة الشرب، ولعل هذا - والله أعلم - لأن الفجر خفي، يعني: ليس كالشمس إذا غربت، فالشمس إذا غربت تُرى وتُعرف أنها غابت أو لم تغب، أما الفجر فيطلع شيئا فشيئا، ولا يمكن إدراكه بالتأكيد، فلهذا رخص للإنسان إذا كان الإناء في يده أن يشرب حتى يروى، وإذا كانت اللقمة في فيه أن يأكلها، هذا إذا كان المؤذن يؤذن على طلوع الفجر، أما إذا كان يؤذن على التقويم الذي قد يخالفه من يخالفه ممن شاهدوا الفجر، كما شهد عندنا جماعة أنهم يقولون: إننا شاهدنا الفجر في جميع فصول السنة، ووجدنا أن التقويم متقدم، فبعضهم يبالغ حتى ثلث ساعة -ولكن هذه مبالغة-، وبعضهم ربع ساعة، أو عشر دقائق، فالمهم أن الأمر - والحمد لله – واسع، فإذا كان أذان المؤذن على حسب التقويم فلنا أن نأكل ونشرب حتى يتم الأذان، ولكن بعض المؤذنين جزاهم الله خيراً يتأخرون خمس دقائق عن التقويم.


(231) و هذه الخلافات لا قول لها مع وجود السُنة، والسُنة مقدمة على كل شيء، وهو أنه يجوز أن يفطر بغلبة الظن،
ثم إن تبين أنه أخطأ فهو جاهل، فلا قضاء عليه.



(232) هنا الحديث: «فقد أفطر الصائم» فهل المعنى: فقد حلّ له الفطر، أو المعنى فقد أفطر حكماً ولا ثواب له بعد ذلك؟ المسألة خلافية وهذا يدل على أن العمل قد يكون جائزاً وليس بمستحب ولا مشروع، ووجه الجواز أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز لهم الوصال إلى السحر، ولو كان الوصال حراماً لم يواصل بهم، ولم يأذن لهم في الاستمرار.


(233) «العلامات الثلاث» هي: الأولى: إقبال الليل من المشرق، والثانية: إدبار النهار من المغرب، والثالثة: غروب الشمس.
وقوله: «متلازمة» أي: ليس معناه أن الشمس تغيب من انقضاء الليل من المشرق، ولكن - كما هو مشاهد - ترى الليل أسود من جهة المشرق، والشمس لا تزال باقية، ولهذا قال: «وغربت الشمس» لئلا يظن الظان أنه بمجرد إقبال الليل، وإدبار النهار يفطر الصائم.


(234) هذا شيء مشاهد، وليس فيه إشكال، فيقال: إذا أقبل الليل من المشرق، وأدبر النهار من المغرب، فتحر الغروب.
(235) وفعل عمر وعثمان رضي الله عنهما اجتهاد، أو لسبب لا نعلمه، يعني: قضية عين، والمرجع في هذا إلى السُنة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» [أخرجه البخاري في الصوم/باب تعجيل الإفطار (1957)؛ ومسلم في الصيام/باب فضل السحور (1098).] فعليه نقول: الأفضل للإنسان المبادرة بالإفطار إذا تحقق غروب الشمس، إن شاهدها، أو غلب على ظنه فيما إذا حال دون رؤيتها غيم أو نحوه.


(236) وهذا الإجماع يمنع القول بالوجوب المستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم: «تسحروا فإن في السحور بركة» [أخرجه البخاري في الصوم/باب بركة السحور من غير إيجاب (1923)؛ ومسلم في الصيام/ باب فضل السحور وتأكيد استحبابه واستحباب تأخيره وتعجيل الفطر (1095).] ، وقوله: «فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر» [أخرجه مسلم في الصيام/ باب فضل السحور وتأكيد استحبابه واستحباب تأخيره وتعجيل الفطر (1096).] يعني: في الصيام، وهذا ظاهره أن السحور واجب، لكن مادام الإجماع على أنه ليس بواجب، فلا يمكن مخالفة الإجماع.


(237) قوله صلى الله عليه وسلم: «فعلى ماء فإنه طهور» فإذا عُدم الرطب والتمر ووجد حلوى وماءاً فيقدم الماء، هكذا رتبها النبي صلى الله عليه وسلم ، وإذا لم يجد ماءاً ووجد حلوى وخبزاً، فيقدم الحلوى، وإذا لم يجد شيئاً فينوي الإنسان الفطر، والعوام من الناس يقولون: يمص الأصبع، وبعضهم يقول: تَبِل الثوب أو الغترة ثم تمصه، وهذا من فقه العوام، وليس من فقه العلماء، وهذا لا أصل له، ولا صحة له، بل يقال: تنوي أنك أفطرت، ومتى يسر الله لك الأكل والشرب فكل واشرب.


وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم الرطب أولاً، ثم التمر؛ لأن الرطب لين وسريع الهضم،
وسريع الامتصاص، فيمتصه الدم.



(238) وهذا الخبر الأخير لا يقال إلا في أيام الحر؛ لأن قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ذهب الظمأ» يدل على أن هناك ظمأً، وكذلك قوله «وابتلت العروق» يدل أيضا على أن العروق ناشفة، ولا تنشف إلا في أيام الصيف، أما «وثبت الأجر» فهذا يقال في الصيف والشتاء، ويدعو الإنسان بما يحب من الدعاء من أمور الدين والدنيا؛ لأنه يرجى الإجابة في هذا الوقت، ولاسيما أنه في آخر النهار، ولاسيما إذا كان في نهار الجمعة وهو ينتظر أذان المغرب.


(239) لكن كلام الشيخ هنا خلاف ظاهر النص؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: «من فطر صائماً» يقتضي: ولو بشربة ماء، ولاسيما أنه في الحديث الثاني ذكر ثواباً عظيماً إن أشبعه، فالصواب أنه يحصل هذا بأدنى ما يحصل به الفطر.


المصدر :

http://www.ibnothaimeen.com/all/book...le_18303.shtml







رد مع اقتباس