عرض مشاركة واحدة
  #21  
قديم 03-05-2015, 12:49AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





التعليق على رسالة حقيقة الصيام
وكتاب الصيام من الفروع ومسائل مختارة منه


لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد صالح بن عثيمين
- رحمه الله تعالى-



فصل:
قال أحمد رحمه الله تعالى ينبغي للصائم أن يتعاهد صومه من لسانه



قال أحمد رحمه الله تعالى: ينبغي للصائم أن يتعاهد صومه من لسانه ولا يماري، ويصون صومه؛ كانوا إذا صاموا، قعدوا في المساجد، وقالوا: نحفظ صومنا، ولا نغتاب أحداً ولا يعمل عملاً يجرح به صومه.


قال الأصحاب رحمهم الله: يسن له كثرة القراءة والذكر والصدقة، وكف لسانه عما يُكرَهُ، ويجب كفه عما يحرم من الكذب، والغيبة، والنميمة، والشتم، والفحش، ونحو ذلك (ع)، وذكر بعض أصحابنا وغيرهم قول النخعي: تسبيحة في رمضان خير من ألف تسبيحة في غيره، وذكره الآجري وجماعة عن الزهري(218).


ولا يفطر بالغيبة ونحوها، نقله الجماعة (و)، وقال أحمد أيضاً: لو كانت الغيبة تفطر، ما كان لنا صوم. وذكره الشيخ (ع) (219)؛ لأن فرض الصوم بظاهر القرآن الإمساك عن الأكل والشرب والجماع. وظاهره: صحته إلا ما خصَّهُ دليل. ذكره صاحب «المحرر»، وقال عما رواه الإمام أحمد، والبخاري من حديث أبي هريرة: «مَنْ لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه»: معناه: الزجر والتحذير، لم يأمر من اغتاب بترك صيامه. قال: والنَّهْي عَنْهُ؛ ليسلم من نقص الأجر، ومراده: أنه قد يكثر فيزيد على أجر الصوم، وقد يقل، وقد يتساويان. قال شيخنا: هذا مما لا نزاع فيه بين الأئمة، وأسقط أبو الفرج ثوابه بالغيبة ونحوها.


ومراده ما سبق، وإلا فضعيف(220)، وقيل لأحمد في رواية إسحاق بن إبراهيم عن قوله في تأويل حديث الحجامة: «كانا يغتابان»، فقال: الغِيبةُ أيضاً أشد للصائم بفطره أجدر أن تفطره الغيبة (221). وذكر شيخنا أن بعض أصحابنا ذكر روايةً ثالثةً: يفطر بسماع الغيبة. وذكر أيضاً وجهاً في الفطر بغيبةٍ، ونميمةٍ، ونحوهما.


فيتوجه منه احتمال: يفطر بكل محرم، ويتوجه احتمال تخريج من بطلان الأذان بكل محرم، وفي «الصحيحين»، من حديث أبي هريرة: «إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفُثْ يومئذٍ ولا يَصْخَبْ، فإن شاتمه أحد أو قاتله، فليَقُلْ: إني امرؤ صائم». واختار ابن حزم: يفطر بكل معصيةٍ، واحتج بأشياء منها: وقال حماد بن سلمة، عن سليمان التيمي، عن عبيدٍ مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على امرأتين صائمتين تغتابان الناس، فقال لهما: «قيآ». فقاءتا قيحاً ودماً ولحماً عبيطاً، ثُمَّ قال: «إن هاتين صامتا عن الحلال، وأفطرتا على الحرام». ورواه أحمد في «مسنده»، عن يزيد، عن سليمان التيمي،

حدثني رجل في مجلس أبي عثمان النهدي، عن عبيدٍ، فذكره. وقال وكيع، عن حماد البَكَّاء، عن ثابت البناني، عن أنس: إذا اغتاب الصائم، أفطر. وعن إبراهيم قال: كانوا يقولون: الكذب يفطِّرُ الصائم. وذكر صاحب «المحرر» أن صاحب «الحلية» ذكر عن الأوزاعي: أن من شاتم، فسد صومه؛ لظاهر النهي.

قال الأصحاب: ويسن لمَنْ شُتم أن يقول: إني صائم. قال في «الرعاية»: يقوله مع نفسه، يعني: يزجر نفسه.


ولا يطلع الناس عليه؛ للرياء. واختاره صاحب «المحرر» إن كان في غير رمضان، وإلا جهر به؛ للأمن من الرياء، وفيه زجر من يشاتمه بتنبيهه على حرمة الوقت المانعة من ذلك. وذكر شيخنا لنا ثلاثة أوجه: هذين، والثالث - وهو اختياره -: يجهر به مطلقاً؛ لأن القول المطلق باللسان، والله سبحانه أعلم(222).




--------------------------



(218) لكن هذا غير صحيح، حتى يقوله المعصوم عليه الصلاة والسلام، أن التسبيح في رمضان خير من ألف تسبيحة في غيره، فيحتاج إلى دليل عن المعصوم صلى الله عليه وسلم.


وقوله - رحمه الله - يجب اجتناب هذه الأشياء يدل على أن الصيام تربية في الحقيقة، وأن الإنسان إذا صام شهراً كاملاً وقد حجز نفسه عن هذه المحرمات فسوف يتأثر، ويتأقلم، وتختلف حاله، أما حال الكثير من الناس اليوم فالغالب أنه لا يؤثر؛ لأنهم في النهار في أكثره نائمون، وفي الليل ساهرون.


(219) وهذا من تواضع الإمام أحمد - رحمه الله -، فقوله: «لو كانت تُفَطِّر ما كان لنا صوم»، والذي يظن به رحمه الله أنه بعيد عن الغيبة، لكن هذا من باب التواضع.


(220) قوله: «ومراده ما سبق وإلا فضعيف» أي: من الموازنة، يعني: لو قلنا إنه بمجرد ما يغتاب تتسع الغيبة أجر الصيام، لكان هذا قولاً ضعيفاً، ولكن المعادلة هي الحق.


(221) وهذا من التأويل المكروه، الذي يلجأ إليه بعض الناس، إذا كان يعتقد شيئاً فيذهب ويحرف النصوص، ويلوي أعناقها، فالذين قالوا: إن هذين الرجلين الذين كانا يحتجمان إنهما قد اغتابا، فقال: «أفطر الحاجم والمحجوم»، كأنه يقول: أفطر اللذان يغتابان الناس؟ فنقول: سبحان الله! النبي صلى الله عليه وسلم يعلق الحكم على شيء، ونحن نعلقه على شيء آخر،

فنكون قد جنينا على النصوص من وجهين:

الوجه الأول: صرفها عما يراد بها.
والوجه الثاني: إثبات معنى لها، ولماذا لا نقول بدل: «إنهما يغتابان» «إنهما قد أكلا وشربا»؟ إذ لا فرق، بل تأويله إلى أنهما أكلا وشربا أقرب إلى الصواب؛ لأن الغيبة لا تفطر، وكما قال الإمام أحمد - رحمه الله -: إفطارهما بالغيبة أشد من قولنا أنهما يفطران بالحجامة.


وكذلك من قال في كفر تارك الصلاة حيث قال النبي عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» [أخرجه مسلم في الإيمان/باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة (82).] قال: المراد جحد وجوبها. فيقال لهم: سبحان الله العظيم، تلغون ما علق الشارع الحكم عليه، وتأتون بشيء آخر لم يشر إليه ولا إشارة، لكن هذا كله سببه التعصب لما يراه الإنسان، سواءاً تقليداً، أو رأياً رآه وتعصب له، والواجب على الإنسان أن يكون مع الكتاب والسنة، فإن المؤمن إذا قال الله ورسوله أمراً لا يكون له خيرة منه، بل يقول: سمعنا وأطعنا، وهذه آفة وقع فيها علماء أجلاء، بل أحيانا يستدلون بالحديث الواحد على حكمين مختلفين، مثل: نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل» [أخرجه أبو داود في الطهارة/باب النهي عن ذلك (81)؛ والنسائي في الطهارة/ باب ذكر النهي عن الاغتسال بفضل الجنب (1/130).


وقال الحافظ ابن حجر في «البلوغ» (5): (إسناده صحيح) ا.هـ.]، فأخذوا بالجزء الأول وتركوا الجزء الثاني، وقالوا: للمرأة أن تتوضأ بفضل الرجل، وليس للرجل أن يتوضأ بفضل المرأة، مع أن توضأ الرجل بفضل المرأة قد جاءت به السنة، وتوضأ المرأة بفضل الرجل لم تأت به السنة، وهذا مما يدلك على أن الإنسان كما وصفه الله عز وجل: {إنه كان ظلوماً جهولاً} [الأحزاب: 72] ، تحمل الأمانة لظلمه وجهله، فالواجب علينا أن نتبع النصوص في كل شيء، ولكن لاشك أن النصوص يقيد بعضها بعضاً، ويبين بعضها بعضاً، فنرجع إلى كل نصوص الشريعة قدر المستطاع.



(222) والصواب ما قاله الشيخ - رحمه الله -، فالأقوال ثلاثة:
القول الأول: إذا قاتلك أحد أو سابك وأنت صائم، فقل في نفسك مطلقاً في الفريضة والنافلة: إني صائم، يعني: تردع نفسك أن ترد عليه.
والقول الثاني: التفريق بين الفرض والنفل، فإن كان في فرض فقله بلسانك لا في نفسك؛ لبعد الرياء فيه، وإن كان في نفل فقله في نفسك.


والقول الثالث: أنه يجهر به مطلقاً، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، وهو الصحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فليقل»، والقول إذا أطلق فهو قول اللسان، ثم إن المعنى في كونه يجهر به أقوى وأوضح؛ لأنك إذا قلته في نفسك أو بلسانك سراً، فإن الذي سابك يرى نفسه قد تغلب عليك، فإذا قلت: «إني صائم» عرف أن المانع من مقابلتك إياه هو الصوم، فعرف أن لديك قدرة على مقابلته، لكن يمنعك الصوم، هذه من جهة، ومن جهة أخرى: أن فيه توبيخاً له إن كان يعلم أن صاحبه قد صام، كأنه يقول: كيف تسابني وأنت تعلم أني صائم؟! فالحاصل أن الإنسان إذا سابه أحد أو قاتله وهو صائم فليقل بلسانه حتى يسمع صاحبه: «إني صائم».


المصدر :


http://www.ibnothaimeen.com/all/book...le_18302.shtml



رد مع اقتباس