عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 03-05-2015, 12:37AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم






التعليق على رسالة حقيقة الصيام
وكتاب الصيام من الفروع ومسائل مختارة منه


لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد صالح بن عثيمين
- رحمه الله تعالى-


فصل:
وإن طار إلى حلقِهِ غبار طريقٍ أو دقيقٍ أو دخان لم يفطر




وإن طار إلى حلقِهِ غبار طريقٍ، أو دقيقٍ، أو دخان، لم يفطر(و) كالنائم يدخل حلقَهُ شيء. وفي «الرعاية» في الصورة الأولى: وقيل: في حق الماشي، وفي الثانية: وقيل: في حق النَّخالِ. وفي الثالثة: وقيل: في حق الوقَّاد. كذا قال، ووجه لندرتِهِ، فلا يفرد بحكمٍ، وله نظائر. وكذا إن طار إلى حلقِهِ ذباب، لم يفطر (و) خلافاً للحسن بن صالحٍ.


وإن احتلم أو أمنى من وطء ليل (و)، أو أمنى ليلاً من مباشرته نهاراً (و)، لم يفطر (و)، وظاهره: ولو وطئ
رجل قرب الفجر، ويشبهُهُ من اكتحل إذاً(203).



ولا يفطر من ذرعه القيء (و)، ولو عاد إلى جوفِهِ بغير اختيارِهِ (هـ) خلافاً لأبي يوسف، ولو أعاده عمداً ولم يملأ الفم، أو قاء ما لا يفطر به، ثم أعاده عمداً، أفطر به (هـ ر) خلافاً لأبي يوسف، كبلعه بعد انفصاله عن الفم (و)، وإن أصبح وفي فيه طعام فرماه، أو شق رميه، فبلعه مع ريقه بغير قصدٍ، أو جرى ريقه ببقية طعام تعذَّرَ رمية، أو بلع ريقه عادة، لم يُفِطر (و)، وإن أمكنه لفظه؛ بأن تميز عن ريقه، فبلعه عمداً، أفطر، نص عليه، ولو كان دون الحمصة (هـ م)، قال أحمد رحمه الله فيمن تنخع دماً كثيراً في رمضان: أجبن عنه، ومن غير الجوف أهون.


وإن بصق نُخامةً بلا قصدٍ من مخرج الحاء المهملة، ففي فطرِهِ وجهان، مع أنه في حكم الظاهر، كذا
قيل، وجزم به في «الرعاية».



وإن قَطَر في ذكره دُهناً، لم يفطر. نص عليه (هـ ر وش) وأبي يوسف؛ لعدم المنفذ، وإنما يخرج البول رشحاً، كمداواة جرح عميق لم ينفُذْ إلى الجوف، وقيل: بينهما منفذ، كمن وضع في فيه ماءً لم يتحقق نزوله في حلقه، وقيل: يفطر إن وصل مثانته - وهي العضو الذي يجتمع فيه البول داخل الجوف -، فإذا كان لا يستمسك بوله، قيل: مثِن الرجل، بكسر الثاء، فهو أمثن، والمرأة مثناء، وقال الكسائي: يقال: رجل مثن وممثون.


ومن أصبح جنباً، ثم اغتسل، صح صومه (و)، مع أنه يسن قبل الفجر، وعليه يحمل نهيه عليه السلام في «الصحيحين»، أو أنه منسوخ؛ لأن الله تعالى أباح الجماع وغيره إلى طلوع الفجر، احتج به ربيعة والشافعي وجماعة، ولفعله عليه السلام، متفق عليه(204).


وكذا إن أخره يوماً، صح وأثم (و)، وفي «المستوعب»: يجيء على الرواية التي تقول: يكفر بترك صلاةٍ إذا تضايق وقت التي بعدها، أن يبطل إذا تضايق وقت الظهر قبل غُسلِهِ وصلاة الفجر. كذا قال. وسبق في ترك الصلاة، ومراده ما ذكره في «الرعاية»: إن فاته شيء من الصلوات، وقلنا: يكفر بتركها بشرطِهِ، بطل صومه، وكذا الحائض تؤخره، وسبق في الحيض. ونقل صالح في الحائض تؤخره بعد الفجر: تقضي(205).



وإن تمضمض، أو استنشق، فدخل الماء حلقه بلا قصدٍ، لم يفطر (هـ م)، وإن زاد على الثلاث في أحدهما، أو بالغ فيه، فوجهان، واختار صاحب «المحررِ» يبطل بالمبالغة؛ للنهي الخاص، وعدم ندرة الوصول فيها، بخلاف المجاوزة، وأنه ظاهر كلام أحمد في المجاوزة: يعجبني أن يعيد.


وإن تمضمض أو استنشق لغير طهارةٍ، فإن كان لنجاسةٍ ونحوها، فكالوضوء، وإن كان عبثاً أو لحَرٍّ أو عطشٍ، كره. نص عليه (م)، وفي الفطر به الخلاف في الزائد على الثلاث، وكذا إن غاص في الماء في غير غسل مشروعٍ، أو أسرف، أو كان عابثاً، وقال صاحب «المحررِ»: إن فعله لغرضٍ صحيح، فكالمضمضة المشروعة، وإن كان عبثاً فكمجاوزة الثلاث. ونقل صالح: يتمضمض إذا أجهد(206).



ولا يكرهُ للصائم أن يغتسل (هـ) للخبر. قال صاحب «المحرر»: ولأن فيه إزالة الضجر من العبادة، كالجلوس في الظلال الباردة(207)، بخلاف قول المُخالفِ: إن فيه إظهار التضجر بالعبادة، وقوله: إن الصوم مستحق فعله على ضربٍ من المشقة، فإذا زال ذلك بما لا ضرورة إليه، كُرِهَ، كما لو استند المصلي في قيامِهِ إلى شيءٍ(208)، واختار صاحب «المحررِ» أن غوصه في الماء كصب الماء عليه (وش)، ونقل حنبل: لا بأس به إذا لم يخف أن يدخل الماء حلقه أو مَسامِعَه، وكرهَهُ الحسن، والشعبي ومالك، وجزم به بعضهم. وفي «الرعاية»: يُكرَه، في الأصح، فإن دخل حلقه، ففي فطرِهِ وجهان، وقيل: له ذلك ولا يفطر، ونقل ابن منصورٍ، وأبو داود، وغيرهما: يدخل الحمام، ما لم يَخَفْ ضَعفاً. ورواه أبو بكر عن ابن عباسٍ وغيرِهِ. قال في «الخلاف»: ما يجري به الريق لا يمكنه التحرز منه،

وكذا ما يبقى من أجزاء الماء بعد المضمضة، كالذباب والغبار، ونحو ذلك، فإن قيل: يمكنه التحرز من أجزاء الماء من المضمضة؛ بأن يبزق أبداً حتى يعلم أنه لم يبق منها شيء، قيل: هذا يشق، وليس في لَفْظِ ما يمكن لَفْظُه مشقة(209)، يعني: ما يبقى في فيه، ولم يجر به الريق. وهذا معنى كلام صاحب «المحرر» هنا، وقال في ذوق الطعام: لا يفطر إن بصق، واستقصى، كالمضمضة. ويأتي كلام الشيخ أول الفصل بعده.




-----------------------------



(203) قوله: «ويشبهه من اكتحل إذن» لأنه اكتحل قبل الفجر، ووجد طعم الكحل في حلقه بعد الفجر،
فهل يفطر أو لا يفطر؟ فيه خلاف.



(204) وجه الدلالة من الآية، وهي قوله تعالى: {فالئن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} [البقرة: 187] أن الله تعالى أباح الجماع إلى طلوع الفجر، ويلزم من هذا أن يكون الاغتسال بعد طلوع الفجر، وهذا هو المقصود، فيجوز أن يصبح الإنسان جنباً ويغتسل بعد طلوع الفجر، وأما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم: فكذلك صح عنه أنه صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً من أهله وهو صائم [أخرجه البخاري في الصيام/باب الصائم يصبح جنبا (1925؛ 1926)؛ ومسلم في الصوم/باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب (1109).].


(205) يعني: الحائض إذا أخرته بعد الفجر قضت، هذا معنى الرواية، والصواب أنها لا تقضي مادامت تحققت الطهر قبل الفجر، فإن صومها يصح، ولو لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر.


(206) يعني: إذا شق عليه، وهذا يقع في أيام الصيف، يكون الإنسان في أثناء النهار ييبس ريقه، ويشق عليه، فله أن يتمضمض من أجل بَلِّ الريق، ولا يضر، وفي هذه الحال لو نزل الماء إلى جوفه لا يفسد صومه.


(207) فُهِمَ من هذا التعليل - وهو تعليل صحيح - أنه يجوز للإنسان أن يفعل ما يزيل عنه الضجر في العبادة، كأن يغتسل بالماء لينشط، أو يبقى عند المكيف، أو ما أشبه ذلك، وأما الإشقاق على النفس مع إمكان التسهيل فهذا من التنطع، ولهذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم الذين حاولوا أن يواصلوا في الصوم جعلهم متعمقين، فأنت مادام الله عز وجل قد جعل لك التيسير في العبادة فخذ به، ومن ذلك الوضوء بالماء الساخن في أيام الشتاء أفضل من الماء البارد، لكن إذا لم يكن ماء ساخن وتوضأت بالبارد فهذا لاشك أنه أعظم أجراً؛ لأنه فعل ما فيه إيلام لعدم وجود ما ليس فيه إيلام، ولهذا لو قال قائل: أيهما أفضل: أن أسافر للحج على الطائرة، أو على السيارة، أو على عربية تجرها الحمير، أو على حمار، أو راجلاً؟ فنقول: سافر على الطائرة؛ لأنها أريح، أما لو تعذر الأسهل فحينئذ تحمل المشقة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: «إن أجرك على قدر نصبك» . [أخرجه مسلم في الحج/ باب بيان وجوه الإحرام (1211).]


(208) لاشك أن بينهما فرقاً، فالمستند في قيامه إلى شيء يكون معتمداً على هذا الشيء، كأنه مستلقٍ عليه؛ لأن المزيل أصل وجود المشقة في الصيام، هذا إذا سلمنا أن الاستناد إلى شيء على وجه يسقط به لو أزيل هذا الشيء أنه مبطل للصلاة، والمسألة فيها خلاف، لكن على القول أن الإنسان إذا استند إلى عمود أو إلى الجدار وهو قادر أن يقف بدون استناد فإن الفريضة تبطل، وتكون نافلة، على هذا القول نقول: الفرق بين هذا وهذا ظاهر؛ لأنه إذا اعتمد على الجدار صار كأنه غير قائم، فكأنه مستلقٍ على الجدار.


(209) بعض الناس إذا تمضمض بقي يتفل لمدة، ويقول: أخشى أن يبقى طعم الماء في فمي، وينزل إلى بطني، وهذا من التنطع والتعمق في الدين، فالصحابة رضي الله عنهم، بل ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم يتمضمض ولم يفعل ذلك، وأما هذا التشدد فإنه لا ينبغي، أما ما يبقى في الأسنان من آثار الطعام فهذا يستطيع الإنسان أن يخرجه دون مشقة والتحرز منه، فهو سهل.


المصدر:

http://www.ibnothaimeen.com/all/book...le_18300.shtml







رد مع اقتباس