عرض مشاركة واحدة
  #57  
قديم 05-05-2015, 07:41PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 49 )




7 ـ إثبات معية الله تعالى لخلقه وأنها لا تنافي علوه فوق عرشة


[ المتن ] :


وقوله‏:‏ ‏(‏أفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك أينما كنت‏)‏ حديث حسن أخرجه الطبراني من حديث عبادة بن
الصامت‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق قبل وجهه فإن الله قبل وجهه، ولا عن يمينه ولكن عن يساره
أو تحت قدمه‏)‏ متفق عليه‏.‏ وقوله‏:‏ ‏(‏اللهم رب السموات السبع ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء فالق
الحب والنوى منزل التوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر نفسي ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها‏.‏
أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء‏.‏ وأنت الظاهر فليس فوقك شيء‏.‏ وأنت الباطن
فليس دونك شيء، اقض عني الدين وأغنني من الفقر‏)‏ رواه مسلم‏.‏ وقوله لما رفع الصحابة أصواتهم بالذكر‏:‏
‏(‏أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، إنما تدعون سميعًا بصيرًا قريبًا إن الذي
تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته‏)‏ متفق عليه‏.‏



[ الشرح ]:

قوله‏:‏ ‏(‏أفضل الإيمان‏)‏ أي‏:‏ من أفضل خصاله، وفي هذا دليل على أن الإثمان يتفاضل ‏(‏أن تعلم أن الله معك‏)‏
أي‏:‏ يعلمه واطلاعه ‏(‏حيثما كنت‏)‏ أي‏:‏ في أي مكان وجدت‏.‏ فمن علم ذلك استوت علانيته وسريرته فهابه
في كل مكان ‏(‏أخرجه الطبراني‏)‏ أبو القاسم سليمان اللخمي أحد الحفاظ المكثرين‏.‏ وقد روى هذا
الحديث في المعجم الكبير‏.‏



وفي الحديث دليل على إثبات معية الله لخلقه بعلمه وإحاطته بأعمالهم وأنه يجب على العبد أن يتذكر
ذلك دائما فيحسن عمله‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏إذا قام أحدكم إلى الصلاة‏)‏ أي‏:‏ إذا شرع فيها ‏(‏فلا يبصق أي‏:‏ لا يتفل ‏(‏قبل وجهه‏)‏ أي أمامه ‏(‏قبل
بكسر القاف وفتح الباء ‏(‏فإن الله قبل وجهه‏)‏ هذا تعليل للنهي عن البصاق في قبله المصلي بأن الله سبحانه
‏(‏قبل وجهه‏)‏ أي‏:‏ مواجهه وهذه المواجهة كما يليق بالله سبحانه لا يلزم منها أنه سبحانه مختلط بخلقه بل هو
فوق سمواته مستو على عرشه وهو قريب من خلقه محيط بهم‏.‏ ‏(‏ولا عن يمينه‏)‏ أي‏:‏ ولا يبصق المصلى عن
يمينه تشريفًا لليمين ولأن الملكين عن يمينه كما في رواية للبخاري ‏(‏ولكن عن يساره أو تحت قدمه‏)‏ أي‏:‏
ولكن ليبصق المصلي في جهة يسارة أو يبصق تحت قدمه‏.‏


والشاهد من الحديث‏:

أن فيه إثبات قرب الله سبحانه من عبده المصلي وإقباله عليه وهو سبحانه فوقه‏.‏

وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏اللهم رب السموات السبع‏)‏ اللهم أصله‏:‏ يا الله‏.‏ فالميم عوض عن ياء النداء‏.‏
رب السموات السبع‏.‏ أي‏:‏ خالقها ومالكها‏.‏ ‏(‏ورب العرش العظيم‏)‏ أي‏:‏ الكبير الذي لا يقدر قدره إلا الله فهو
أعظم المخلوقات‏.‏ وتقدم تفسير ‏(‏ربنا ورب كل شيء‏)‏ أي‏:‏ خالقنا ورازقنا وخالق كل شيء ومالكه ففيه
إثبات ربوبيته لكل شيء ‏(‏فالق الحب والنوى‏)‏ أي‏:‏ شاق حب الطعام ونوى التمر للإثبات ‏(‏منزل التوراة‏)‏
على موسى ‏(‏والإنجيل‏)‏ على عيسى ‏(‏والقرآن‏)‏ على محمد عليهم أفضل الصلاة والسلام وفي ذلك دليل
على فضل هذه الكتب وأنها منزلة من الله تعالى‏.‏



‏(‏أعوذ‏)‏ أي‏:‏ ألتجئ وأعتصم ‏(‏بك‏)‏ يا الله ‏(‏من شر كل دابة‏)‏ أي‏:‏ كل ما دب على وجه الأرض ‏(‏أنت آخذ
بناصيتها‏)‏ الناصية مقدم الرأس، أي‏:‏ هي تحت قهرك وسلطانك تصرفها كيف تشاء، لتصرف شرها عني‏.‏

‏(‏أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت
الباطن فليس دونك شيء‏)‏ هذه الأسماء الأربعة‏:‏ اسمان لأزليته وأبديته وهما ‏(‏الأول والآخر‏)‏ واسمان لعلوه
وقربه وهما ‏(‏الظاهر والباطن‏)‏‏.‏


وهما محل الشاهد من الحديث‏:‏ لأن فيهما إثبات علو الله وقربه، وأنهما لا يتنافيان ولا يتناقضان فهو
قريب في علوه علي في دنوه‏.‏

‏(‏اقض عني الدين‏)‏ أي‏:‏ أد عني حقوق الله وحقوق الخلق، وفي هذا التبريء من الحول والقوة، ‏(‏وأغنني من
الفقر‏)‏ الفقر‏:‏ الحاجة والفقير‏:‏ هو من لا يجد شيئًا، أو يجد بعض الكفاية‏.‏ وفي الحديث أيضًا مشروعية التوسل
إلى الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته في قضاء الحاجة وإجابة الدعاء‏.‏

‏(‏وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
لما رفع الصحابه أصواتهم بالذكر‏)‏ وذلك في غزوة خيبر كما جاء في بعض طرق الحديث وأن الذكر الذي
رفعوا به أصواتهم هو التكبير‏:‏ الله أكبر لا إله إلا الله‏.‏


وقوله‏:‏ ‏(‏اربعوا‏)‏ أي‏:‏ ارفقوا ‏(‏فإنكم‏)‏ تعليل للأمر بالرفق ‏(‏لا تدعون أصم ولا غائبًا‏)‏ لا يسمع دعاءكم ولا يراكم
فنفي الآفة المانعة من السمع، والآفة المانعة من النظر، وأثبت ضدهما فقال‏:‏ ‏(‏إنما تدعون سميعًا بصيرًا قريبًا‏)‏
فلا داعي لرفع الصوت ‏(‏إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته‏)‏ فهو قريب ممن دعاه وذكره‏.‏
فلا حاجة لرفع الأصوات وهو قريب يسمعها إذا خفضت كما يسمعها إذا رفعت‏.‏


والشاهد من الحديث‏:‏

أن فيه إثبات قرب الله سبحانه من داعيه، يسمع الأصوات الخفية كما يسمع
الأصوات الجهرية‏.‏ فأفادت هذه الأحاديث جميعًا إثبات معية الله لخلقه وقربه منهم وسماعه لأصواتهم ورؤيته
لحركاتهم‏.‏ وذلك لا ينافي علوه واستواءه على عرشه وقد تقدم الكلام على المعية وأنواعها وشواهدها من
القرآن الكريم مع تفسير تلك الشواهد‏.‏ والله أعلم‏.‏



------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf










رد مع اقتباس