عرض مشاركة واحدة
  #47  
قديم 24-04-2015, 10:37PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم



【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 39 )



22 ـ إثبات تنزيل القرآن من الله تعالى

[ المتن ] :

وقوله‏:‏ ‏{‏وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ‏}‏ ‏{‏لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ‏}‏ ‏
{‏وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن
رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي
يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ‏}‏‏.‏



[ الشرح ]:

لما أورد المؤلف ـ رحمه الله ـ الآيات الدالة على إثبات الكلام لله تعالى وأن القرآن العظيم من كلامه سبحانه،
شرع في سياق الآيات الدالة على القرآن منزل من عند الله فقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وهذا‏}‏ الإشارة إلى القرآن الكريم واسم
الإشارة مبتدأ خبره ‏{‏كتاب‏}‏ و‏{‏أنزلنه مبارك‏}‏ صفتان لكتاب، وقد صفة الإنزال لأن الكفار ينكرونها، والمبارك‏:‏
كثير البركة لما هو مشتمل عليه من المنافع الدينية والدنيوية‏.‏


وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ‏}‏ هذا إخبار عن عظمة القرآن
وأنه حقيق بأن تخشع له القلوب‏.‏ فإنه لو أنزل على جبل مع كونه في غاية القسوة وشدة الصلابة لو فهم هذا
القرآن لخشع وتصدع من خوف الله حذرًا من عقابه‏.‏ فكيف يليق بكم أنها البشر أن لا تلين قلوبكم وتخشع‏.‏
وقد فهمتم عن الله أمره وتدبرتم كتابه‏.‏



وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ‏}‏ هذا شروع منه سبحانه في ذكر شبهة كفرية حول القرآن الكريم مع الرد
عليها، وقوله‏:‏ ‏{‏بَدَّلْنَا‏}‏ معنى التبديل‏:‏ رفع الشيء مع وضع غيره مكانه، وتبديل الآية‏:‏ رفعها بأخرى غيرها وهو
نسخها بآية سواها ‏{‏قَالُواْ‏}‏ أي‏:‏ كفار قريش الجاهلون للحكمة في النسخ‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا أَنتَ‏}‏ يا محمد ‏{‏مُفْتَرٍ‏}‏ أي‏:‏ كاذب
مختلق متقول على الله حيث تزعم أنه أمرك بشيء ثم تزعم أنه أمرك بخلافه، فرد الله عليهم بما يفيد جهلهم فقال‏:‏
‏{‏بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ‏}‏ شيئًا من العلم أصلًا أو لا يعلمون الحكمة في النسخ فإنه مبني على المصالح التي يعلمها
الله سبحانه، فقد يكون في شرع هذا الشيء مصلحة مؤقتة بوقت ثم تكون المصلحة بعد ذلك الوقت في شرع
غيره‏.‏

ولو انكشف الغطاء لهؤلاء الكفرة لعلموا أن ذلك وجه الصواب ومنهج العدل والرفق اللطف‏.‏

ثم رد عليهم في زعمهم أن هذا التبديل من عند محمد وأنه بذلك مفتر على الله، فقال سبحانه‏:‏ ‏{‏قُلْ نَزَّلَهُ‏}‏
أي‏:‏ القرآن ‏{‏رُوحُ الْقُدُسِ‏}‏ أي‏:‏ جبريل، والقدس‏:‏ الطهر‏.‏ والمعنى‏:‏ نزله الروح المطهر، فهو من إضافة الموصوف
إلى صفته ‏{‏مِن رَّبِّكَ‏}‏ أي‏:‏ ابتداء تنزيله من عند الله سبحانه ‏{‏بِالْحَقِّ‏}‏ في محل نصب على الحال، أي‏:‏ متصفًا
بكونه حقًا ‏{‏لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ‏}‏ على الإيمان فيقولون‏:‏ كل من الناسخ والمنسوخ من عند ربنا‏.‏ ولأنهم إذا
عرفوا ما في النسخ من المصالح ثبتوا على الإيمان ‏{‏وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ‏}‏ معطوفان على محل ليثبت‏.‏
أي تثبيتًا لهم، وهداية وبشرى‏.‏



ثم ذكر سبحانه شبهة أخرى من شبههم فقال‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ‏}‏ أي‏:‏ ولقد نعلم أن هؤلاء
الكفار يقولون‏:‏ إنما يعلم محمدًا القرآن بشر من بني آدم وليس ملكًا من الملائكة‏.‏ وهذا البشر الذي يعمله
كان قد درس التوراة والإنجيل والكتب الأعجمية، لأن محمدًا رجل أمي لا يمكن أن يأتي بما ذكر في القرآن
من أخبار القرون الأولى‏.‏

فرد عليهم بقوله‏:‏ ‏{‏لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ‏}‏ أي‏:‏ لسان الذي يميلون إليه ويزعمون أنه يعلمك يا محمد
أعجمي، أي‏:‏ غير عربي، فهو لا يتلكم العربية ‏{‏وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ‏}‏ أي‏:‏ وهذا القرآن ذو بلاغة عربية وبيان
واضح، فكيف تزعمون أن بشرًا يعلمه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من العجم، وقد عجزتم أنتم عن معارضته
أو معارضة سورة أو سور منه وأنتم أهل اللسان العربي ورجال الفصاحة وقادة البلاغة‏؟‏‏!‏


ما يستفاد من الآيات‏:‏
يستفاد من هذه الآيات الكريمة‏:‏ إثبات أن القرآن منزل من عند الله تعالى، وأنه كلامه جل وعلا
لا كلام غيره من الملائكة أو البشر‏.‏ والرد على من زعم أنه كلام مخلوق‏.‏ وفي الآيات أيضًا إثبات العلو لله سبحانه،
لأن الإنزال لا يكون إلا من أعلى، والله أعلم‏.‏



------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf








التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 24-04-2015 الساعة 11:20PM
رد مع اقتباس