عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 08-04-2015, 01:27AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 23 )

[ المتن ]
:

6 ـ إثبات محبة الله ومودته لأوليائه على ما يليق بجلاله
وقوله‏:‏ ‏{‏وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ‏}‏ ‏{‏وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ‏}‏ ‏{‏فَمَا اسْتَقَامُواْ
لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ‏}‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏قُلْ إِن كُنتُمْ
تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ‏}‏‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ
مَّرْصُوصٌ‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ‏}‏‏.‏




[ الشرح ]


‏لما ذكر الشيخ ـ رحمه الله ـ الآيات التي تدل على إثبات المشيئة والإرادة، ذكر الآيات على إثبات المحبة
لله سبحانه وفي ذلك الرد على من سوى بين المشيئة والمحبة وقال‏:‏ إنهما متلازمان فكل ما شاء الله
فقد أحبه وقد قدمنا أن في ذلك تفصيلًا، فقد يشاء الله ما لا يحبه ككفر الكافر وسائر المعاصي‏.‏
وقد يشاء ما يحب كالإيمان وسائر الطاعات‏.‏



#وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَحْسِنُوَاْ‏}‏ هذا أمر من الله تعالى بالإحسان، وهو‏:‏ الإتيان بالعمل على أحسن أحواله
وأكملها، والإحسان هو أعلى مقامات الطاعة‏.‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ‏}‏ هذا تعليل للأمر بالإحسان
فهو أمر به لأنه يحبه ويحب أهله فيكون ذلك حافزًا على امتثال الأمر به‏.‏


#وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَقْسِطُوا‏}‏ أمر بالإقساط وهو العدل في المعاملات والأحكام مع القريب والبعيد‏.‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ
يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ‏}‏ تعليل للأمر بالإقساط فهو أمر به لأنه ‏{‏يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ‏}‏ أي‏:‏ العادلين ومحبته سبحانه
لهم تستلزم أن يجزيهم أحسن الجزاء‏.‏


#وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ‏}‏ أي‏:‏ ما استقام لكم المشركون على العهد فلم
ينقضوه فاستقيموا على الوفاء لهم فلا تقاتلوهم‏.‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ‏}‏ تعليل للأمر بالاستقامة على
العهد فهو أمر بها لأنها من أعمال المتقين الذين يحبهم الله، وفيه إشارة إلى أن الوفاء بالعهد والاستقامة
عليه من أعمال المتقين، والتقوى‏:‏ هي التحرز بطاعة الله عن معصيته رجاء ثوابه وخوفًا من عقابه‏.‏



#وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ‏}‏ التوابين‏:‏ جمع تواب صغة مبالغة من التوبة وهي لغة‏:‏ الرجوع‏.‏
وشرعًا‏:‏ الرجوع عن الذنب‏.‏ هذا تفسيرها في حق العبد، وأما في حق الله فالتواب من أسماء الله تعالى‏.‏
قال ابن القيم‏:‏ العبد تواب، والله تواب، فتوبة البد رجوعة إلى سيده‏.‏ وتوبة الله نوعان‏:‏ إذن وتوفيق‏.‏ وقبول
واعتداد‏.‏ ‏{‏وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ‏}‏ المتطهرين‏:‏ جمع متطهر اسم فاعل من الطهارة وهي النزاهة والنظافة عن
الأقذار حسية كانت أو معنوية‏.‏ وفي الآية الكريمة إخبار من الله سبحانه عن محبته لهذين الصنفين
من عباده التوابين والمتطهرين‏.‏



#وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ‏}‏ سبب نزول هذه الآية الكريمة كما
ذكره ابن كثير وغيره‏:‏ أن قومًا زعموا أنهم يحبون الله فابتلاهم الله ‏(‏أي اختبرهم‏)‏ بهذه الآية فهي
حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية بأنه كاذب في دعواه‏.‏



#وقوله‏:‏ ‏{‏يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ‏}‏ أي‏:‏ يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه وهو محبته إياكم وهو أعظم
من الأول‏.‏

#وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ‏}‏ هذا جواب الشرط في قوله‏:‏ ‏{‏مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ‏}‏‏.‏
يقول تعالى مخبرًا عن قدرته العظيمة‏:‏ أنه من تولى عن نصرة دينه وإقامة شريعته أنه يستبدل به من هو
خير منه، وهم قوم متصفون بصفات عظيمة من أعظمها أن الله يحبهم وهم يحبونه‏.‏ والمراد بهم أبو بكر
الصديق وجيشه من الصحابة والتابعين ـ رضي الله عنهم ـ الذين قاتلوا أهل الردة، ثم كل من جاء
بعدهم من المقاتلين للمرتدين إلى يوم القيامة‏.‏



#وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ‏}‏ إخبار منه مؤكد أنه سبحانه يحب من اتصف
بهذه الصفة‏.‏ ‏{‏الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ‏}‏ أي‏:‏ يجاهدون بأموالهم وأنفسهم لإعلاء كلمة الله‏.‏ ‏{‏صفًا‏}‏
أي‏:‏ يصفون أنفسهم عند القتال ولا يزولون عن أماكنهم ‏{‏كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ‏}‏ قد رص بعضه ببعض،
وألزق بعضه ببعض، فليس فيه فرجة ولا خلل‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وَهُوَ الْغَفُورُ‏}‏ أي‏:‏ يستر ذنوبه ويتجاوز عن خطاياه‏.‏
‏{‏الْوَدُودُ‏}‏ من الود وهو خالص الحب فهو سبحانه ‏(‏ودود‏)‏ بمعنى‏:‏ أنه يحب أهل طاعته‏.‏ وفي ذكر هذين
الاسمين الكريمين مقترنين سر لطيف وهو أنه يحب عبده بعد المغفرة فيغفر له ويحبه بعد ذلك‏.‏



#الشاهد من هذه الآيات الكريمة‏:‏ أن فيها إثبات المحبة والمودة لله سبحانه وأنه يحب ويود بعض الأشخاص
والأعمال والأخلاق فهو يحب بعض الأشياء دون بعض على ما تقتضيه حكمته البالغة فهو يحب المحسنين
ويحب المقسطين ويحب المتقين‏.‏ ويحب المتبعين لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويحب المجاهدين
في سبيله‏.‏ ويحب التوابين والمتطهرين‏.‏

وفيها إثبات المحبة من الجانبين، جانب العبد وجانب الرب‏.‏ ‏{‏يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ‏}‏ ‏{‏إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ
اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ‏}‏ ففي ذلك الرد على من نفى المحبة من الجانبين كالجهمية والمعتزلة‏.‏ فقالوا‏:‏
لا يحب ولا يحب، وأولوا محبة العباد له بمعنى محبتهم عبادته وطاعته، ومحبته للعباد بمعنى إحسانه
إليهم وإثابتهم ونحو ذلك‏.‏ وهذا باطل لأن مودته ومحبته سبحانه وتعالى لعباده على حقيقتهما كما يليق بجلاله
كسائر صفاته ليستا كمودة ومحبة المخلوق‏.‏





------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf






رد مع اقتباس