عرض مشاركة واحدة
  #117  
قديم 25-10-2015, 10:02PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[174] الحديث السادس:
عن عبدالله بن زيد بن عاصم رضي الله عنه قال لما أفاء الله على رسوله يوم حنين قسم في الناس وفي المؤلفة قلوبهم
ولم يعط الأنصار شيئاً فكأنهم وجدوا في أنفسهم إذ لم يصبهم ما أصاب الناس فخطبهم فقال : (( يا معشر الأنصار ألم أجدكم
ضلالاً فهداكم الله بي ؟ وكنتم متفرقين فألفكم الله بي ؟ وعالة فأغناكم الله بي ؟ ))- كلما قال شيئاً قالوا: الله ورسوله أمّن
قال : (( ما يمنعكم أن تجيبوا رسول الله ؟ )) قالوا :الله ورسوله أمّن قال : (( لو شئتم لقلتم : جئتنا كذا وكذا ألا ترضون أن يذهب
الناس بالشاة والبعير وتذهبون برسول الله إلى رحالكم ؟ لولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار ولو سلك الناس وادياً
أو شعباً لسلكت وادي الأنصار وشعبها الأنصار شعار والناس دثار إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني
على الحـوض )).



موضوع الحديث :
إعطاء المؤلفة قلوبهم من الغنائم



المفردات
قال لما أفاء الله على رسوله :الفيء لغة الرجوع من فاء بمعنى رجع والفئ اسم لما يؤخذ من أموال الكفار بدون قتال
وهنا المقصود به الغنيمة ففيه تسامح بالتسمية .

يوم حنين :أي يوم غزوة حنين .
قوله وفي المؤلفة قلوبهم : بمعنى أنه أعطاهم مع أن الأصل أنهم ليس لهم شئ في الغنيمة وإنما وهبهم رسول الله ﷺ
ما وهبهم تأليفاً لأن لهم نفوذ فيمن ورائهم .

قوله وجدوا في أنفسهم : قال الصنعاني أقول من الموجدة وهي الغضب .
قوله إذ لم يصبهم ما أصاب الناس : أي لكونهم لم يعطوا شيئاً خلاف القسمة التي أصابت المجاهدين منهم فخطبهم فقال
يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالاً من الوجود

قوله ضلالا: أي كنتم على باطل تعبدون غير الله وتمنعون الحقوق ويقتل بعضكم بعضاً ليغنم ماله لا تعرفون شيئاً
من الدين الذي أتيتكم به .

فهداكم الله بي :أي بسببي .
وكنتم متفرقين : من التفرق وهو الاختلاف وقد كان الأنصار بينهم عداوة يقتل الأوسي الخزرجي والعكس
فألفكم الله بي :أي جمعكم على يدي وبسببي .
عالة فقراء فأغناكم الله بي : أي بما أعطاكم من الغنائم التي أصبتموها على يدي .
الله ورسوله أمّن :أي أكثر مناً .
قوله لو شئتم لقلتم جئنا كذا وكذا :ما كنى عنه هنا قد صرح به في رواية أخرى أتيتنا مخذولا فنصرناك ومكذباً
فصدقناك ومطروداً فآويناك .

ألا ترضون : أداة عرض أن يذهب الناس بالشاة والبعير إلى رحالهم وتذهبون برسول الله ﷺ إلى رحالكم .
الرحال : محل الإقامة ومعنى ذلك أن الذي تأخذونه أفضل مما أخذوه .
الوادي : هو مجتمع السيول والشعب كذلك لكن الشعب أصغر من الوادي .
الأنصار شعار : الشعار هو الثوب الذي يلي الجسد .
الدثار : الذي يكون من أعلى .
قوله ستجدون بعدي أثرة : أي استأثاراً بالمال عنكم فاصبروا حتى تلقوني على الحوض .


المعنى الإجمالي
لما فتح الله على نبيه محمد ﷺ من الغنائم الكثيرة في موقعة حنين وبعد أن ترك حصار الطائف عاد إليها أي إلى الغنائم
وكان أكثرها من المواشي إذ اجتمع أكثر من أربعين ألفاً من الإبل ومائة وعشرين من الغنم فأعطى النبي ﷺ أقواماً حديثوا
عهد بالإسلام ليتألفهم فأنكر ذلك بعض الأنصار أما خيارهم فإنهم يعلمون أن تصرف رسول الله ﷺ تصرف بحق فلما بلغته
مقالتهم حيث قال بعض سفهائهم يعطي رسول الله ﷺ الغنائم لأقوام تقطر سيوفنا من دمائهم ويدعنا فأمر النبي ﷺ
بجمعهم له في قبة فاجتمعوا فقال ما مقالة بلغتني عنكم .. ألخ ما ذكر .

فعاتبهم معاتبة خفيفة واعترف لهم بما قدموه من نصرة له وللإسلام الذي جاء به فطابت نفوسهم وعرفوا بذلك عظيم ما ذخر
الله لهم من صحبة رسوله ورجوعهم به إلى رحالهم بالإضافة إلى ما ادخره الله لهم في الدار الأخرى على ما قدموه
وبذلوه فأمرهم ﷺ بالصبر على ما سيلقونه بعده من الأثرة فصلوات الله وسلامه على نبيه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى
بهديه واستن بسنته إلى يوم القيامة.



فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث تسمية الغنيمة فيئاً .
ثانياً : يؤخذ منه إعطاء المؤلفة قلوبهم .
ثالثاً : أن التأليف يعطى فيه ضعاف الإيمان من أجل أن يكونوا قوة للإسلام .
رابعاً : يؤخذ من هذا الحديث أن أصحاب الإيمان القوي العميق يوكلون إلى إيمانهم باعتبار أنهم لا يهتمون لأمر الدنيا .
خامساً : إنما فعل الصحابة ذلك لأنهم يعرفون أن رسول الله ﷺ معصوم من الخطأ وأنه لا يتصرف إلا بما
فيه مصلحة الحق ونصرته .

سادساً: فيه معاتبة النبي ﷺ للأنصار على ما بلغه عنهم من القالة فيشرع فيه العتاب بمن وثقت
من إيمانه وصدق نيته .



سابعاً : فيه اعتراف النبي ﷺ فيما للأنصار من فضل في نصرتهم له .

ثامناً : يؤخذ من قول الأنصار الله ورسوله أمّن أن المنة لله ثم لرسوله عليهم .
تاسعاً : يؤخذ من قوله ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون برسول الله ﷺ إلى رحالكم فيه
دلاله على ضآلة ما أخذ الناس وعظيم ما أخذوا .

عاشراً: لقد أكد النبي ﷺ ما سبق بقوله لو سلك الناس وادياً أو شعباً لسلكت وادي الأنصار وشعبها .


الحادي عشر : يؤخذ من قوله الأنصار شعار والناس دثار أن النبي ﷺ أعتبرهم خاصة دون الناس .

الثاني عشر : قوله إنكم ستلقون بعدي أثرة أي استأثاراً بالمال دونكم فاصبروا أمرهم بالصبر
الثالث عشر : يؤخذ من ذلك أيضاً تحريم الخروج على الولاة وإن جاروا واستأثروا بالمال دون غيرهم
لقوله ستلقون من بعدي أثرة فاصبروا ولم يقل فثوروا .

الرابع عشر : قوله اصبروا حتى تلقوني على الحوض هذا وعد من الله ورسوله ﷺ للأنصار أنه سيثيبهم على
نصرتهم لرسول الله ﷺ ونشرهم لدينه وإعلائهم لكلمته وبالله التوفيق .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf






.


رد مع اقتباس