عرض مشاركة واحدة
  #116  
قديم 23-10-2015, 04:05PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[173] الحديث الخامس:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعث رسول ﷺ عمر رضي الله عنه على الصدقة فقيل : منع ابن جميل وخالد بن الوليد
والعباس عم رسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ : (( ما ينقم ابن جميل إلا أن كان فقيراً فأغناه الله
وأما خالد : فإنكم تظلمون خالداً فقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله وأما العباس : فهي عليّ ومثلها )) ثم قال:
(( يا عمر أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه ؟ )).



موضوع الحديث :
بعث الجابي على الصدقة



المفردات
ابن جميل : ذكر ابن الأمير في التعليقات المسمى على العدة عن ابن منده أنه قال لا يعرف اسمه وذكره ابن الجوزي فيمن
لا يعرف إلا بالنسبة إلى أبيه فقط قال واتفقوا أنه من الأنصار

قوله خالد بن الوليد : أي المخزومي الصحابي الجليل صاحب الجهاد العظيم والفتوحات الكثيرة.
أما العباس : فهو عم الرسول ﷺ وكما جاء في الحديث أما علمت يا عمر أن عم الرجل صنو أبيه .
قوله ما ينقم : كأن معنى الكلام أنه ليس له شئ ينقمه إلا أنه كان فقيراً فأغناه الله وهذه نعمة من حقها أن تشكر إذاً فلا شئ
ينقمه ابن جميل ولكن المنع كان يدل على أنه كان منافقاً ولكن يقال أنه تاب وحسنت توبته .

قوله احتبس : أي أوقف أدراعه وأعتاده في سبيل الله جعلها وقفاً على المجاهدين .
قوله أما العباس فهي عليّ ومثلها : أي أنها دين على النبي ﷺ باعتبار أن النبي ﷺ احتاج مالاً فأخذ من العباس زكاة عامين مقدماً .
قوله أما شعرت : أما علمت وعرفت أن عم الرجل صنو أبيه .
الصنو : هو الأخ تشبيهاً بالنخلة التي يكون أصلها واحد ويتفرع منها جذعان قال الله عز وجل (… صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ .. )الآية[الرعد : 4 ]


المعنى الإجمالي
أرسل النبي ﷺ عمر بن الخطاب متصدقاً أي قابضاً للصدقة فلما رجع إلى النبي ﷺ أخبره بأن ابن جميل منع زكاته
وكذلك خالد بن الوليد والعباس بن عبد المطلب لذلك فقد أنكر النبي ﷺ على ابن جميل صنيعه وذمه بذلك فقال
ما ينقم ابن جميل إلا أن كان فقيراً فأغناه الله وقد اعتذر لخالد بأنه لا يصدر منه المنع طالما وهو قد احتبس أدراعه وأعتاده
في سبيل الله ومن يفعل المندوب طلباً للأجر والثواب لا يمكن أن يمنع الواجب ويحتمل أن يكون خالد ليس له شئ
يؤدي زكاته رضي الله عنه ثم اعتذر للعباس بأنه قد أخذها منه صلوات الله وسلامه عليه .



فقه الحديث
أولاً: قول ابن دقيق العيد في بعث عمر على الصدقة هل هي الواجبة أو المندوبة واستظهر ابن دقيق العيد
رحمه الله أنها الواجبة

قلت: وهو الحق لأن ذم ابن جميل على المنع يدل على أنها الصدقة الواجبة فلو كانت الصدقة المندوبة ما ترتب على ذلك
ذم لابن جميل وبالله التوفيق .

كذلك من المعروف أن بعث الجابي إنما يكون في الصدقة المفروضة دون الصدقة التطوعية .


ثانياً : يؤخذ من قوله وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً الدفاع عمن عرف بالخير إذا ادعي عليه بأنه منع واجباً .


ثالثاً :قوله وقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله في ذلك كلام كثير حول احتباس الأدراع والأعتاد هل هي جعلت
في مقابل الصدقة أو جعلت قيمتها وكل هذا في نظري غير وجيه والحق فيما أرى هو ما ذكر سابقاً وهو أن خالد بن الوليد
أوقف دروعه وعتاده على المجاهدين في سبيل الله تقرباً إلى الله وطلباً للمثوبة عنده ومن يفعل ذلك لا يمنع الواجب .



رابعاً : في قوله احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله دليل لمن قال بتحبيس المنقول أي بإيقافه وجعله وقفاً في ما ينتفع
به قال الأمير الصنعاني في العدة قوله واختلف الفقهاء في ذلك أي في تحبيس المنقولات ووقفها فقال مالك لا يصح
وقف المنقول مطلقاً وقال أبو حنيفة لا يصح وقف الحيوان وعنه ولا وقف الكتب وقال بصحة ذلك الشافعية وغيرهم قال
المحقق قلت : وهي رواية عن الإمام أحمد أختارها جمع من أصحابه وهي المذهب قال الصنعاني قالوا لإجماع
المسلمين على صحة وقف الحصر والمصابيح في المساجد من غير نكير أهـ .

قال ابن الأمير قلت ولا يخفى عدم نهوضه دليلاً فإنه لا نكير في أنه مختلف فيه فلا دلالة على رضا الساكت حتى
يكون إجماعاً سكوتياً لكن الدليل حديث الباب وقوله ﷺ فإنه قد احتبس أدراعه وأعتاده أهـ .



قلت : وما احتج به القائل من عدم الإنكار لعله ينتهض دليلاً مع وجود الدليل الذي يؤيده وكأنهم اتفقوا على العمل بذلك
في كل زمان ومكان لم ينكره أحد من العلماء لوجود الدليل عليه من إقرار المعصوم ﷺ لفعل خالد والظاهر أن خالداً
لم يفعله إلا بعد استشارة الرسول ﷺ واستفتائه ومن ذلك إيقاف الكتب والمصاحف وآلات النعش وما أشبه ذلك
مما اعتاد الناس أن يعملوه والأصل فيه إقرار النبي ﷺ على تحبيس المنقول وإذا كان أهل الجاهلية كان الأغنياء
منهم يستعدون بمثل ذلك للحاجة كما دل عليه استعارة النبي ﷺ من صفوان بن أمية لامة الحرب من الدروع
والسيوف فإن أهل الإسلام قد جعلوا ذلك تعبدا لله سبحانه وتعالى بإجازة من الشارع بذلك وإقراراً لهم عليه والله تعالى أعلم .



خامساً : يؤخذ من قوله في سبيل الله أن عملهم هذا كان عدةً للمجاهدين في سبيل الله الذين يجاهدون لإعلاء كلمة الله
ويؤخذ من هذا أنه لا يجوز الوقف ولا الحبس في نصرة حزب أو قبيلة أو شخص وإن فعل فهو لا يكون في سبيل الله
ولا يعد من العمل الصالح لأن فيه تفريق للأمة التي أمرها الله أن تكون واحدة والله تعالى يقول (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا
فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُْخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا
بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين ) [الحجرات : 9] ومن هذا نقول أن قتال أهل البغي والمحاربين يعد
من الجهاد في سبيل الله والله تعالى أعلم .



سادساً : يؤخذ من قوله وأما العباس فهي عليّ ومثلها أن هذه العبارة يتردد معناها بين شيئين إما أن يكون النبي
ﷺ تحملها عن عمه ويظهر لي أن هذا بعيد فإذا كان العباس عنده مال يوجب الزكاة فلا يمكن أن يتحملها النبي ﷺ
عنه ويتركه لا يؤدي زكاته فإن ذلك قد يعتبر إعانة على ترك الأداء مع وجود ما يوجب المقتضي للواجب وهو وجود
النصاب عنده والشارع يعود الناس ويحملهم على أداء الواجبات بطيب نفس . والاحتمال الثاني أن النبي ﷺ قد أخذها أي
أخذ الزكاة مقدماً لعامين من العباس وهذا هو اللائق الذي يتعين توجيهاً لهذه العبارة وإن كانت الأحاديث الواردة في ذلك
فيها ضعف فمنها ما أخرجه الترمذي من حديث علي بلفظ ( هي عندي قرض لأني استسلفت منه صدقة عامين )
قال الحافظ ابن حجر في إسناده مقال ومثله عند الدار قطني إلا أن فيه ضعف والحاصل أن روايات أنه ﷺ تقدم
منه زكاة عامين ضعيف أهـ .

قلت : وإن كانت هذه الروايات ضعيفة ضعفاً مقارباً إلا أن هذا هو الأنسب والأليق فالنبي ﷺ كان يحتاج المال
في تجهيز الغزاة وفي إجازة الوفود فلعله قد احتاج مالاً فاستسلفها من العباس وهذا هو أحسن ما يحمل عليه الحديث فيما أرى .



سابعاً : يؤخذ من قوله أما علمت يا عمر أن عم الرجل صنو أبيه يؤخذ من هذا فضيلة للعباس في كونه عم النبي ﷺ
وهذا القول كأنه صدر من النبي ﷺ درءاً للقالة في العباس بأنه منع لا سيما وهو عم النبي ﷺ وكونه ممن تبعه
وآمن به فله فضل الإيمان وفضل القرابة وبذلك لا ينبغي القول فيه بأنه منع وبالله التوفيق .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@






.



رد مع اقتباس