عرض مشاركة واحدة
  #115  
قديم 22-10-2015, 10:31AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله-




[172] الحديث الرابع :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: ((العجماء جبار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس )).


موضوع الحديث :
إسقاط المؤاخذة بما جنته العجماء من بعضها على بعض وكذلك لو سقطت بئر على حافرها أو بانيها وكذلك لو سقط
المعدن على من يشتغل فيه فإنها كلها لا دية فيها ولا جناية مأخوذة على صاحبها .



المفردات
العجماء : هي الدابة المستعملة من ذوات الأربع التي أباح الله لحمها ولبنها أو أباح ركوبها والحمل عليها
قوله جبار : أي هدر لا شئ فيما جنته .
والبئر : هي التي تحفر لأخذ الماء منها وهي جبار لو سقطت على حافرها أو بانيها أو سقط فيها أحد فإنه لا دية فيها
ولا جناية إلا أن يكون الحافر متسبباً لذلك وكذلك المعدن إذا سقط على من يشتغل فيه

الركاز :هو المال المركوز في الأرض من دفن الجاهلية .
قوله في الركاز الخمس :أي إذا وجد ذلك في الأرض ليست لأحد ولا عليها ملك .


المعنى الإجمالي
شرع الله عز وجل أن ما جرحته العجماء التي لا سيطرة عليها لأحد وما حصل في البئر من شئ من غير سبب أو المعدن
بغير سبب مالكه فإنه عفو من الله عز وجل لا شئ فيه ولا ضمان وأنه إذا وجد مال مدفون في الأرض من دفن الجاهلية فإن
فيه الخمس وهذه الأحكام شرعها الله عز وجل لما فيها من المصلحة والعدل .



فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث أن ما جرحته العجماء من بعضها على بعض فإنه يعتبر هدراً لأنه ليس لصاحبها سيطرة
عليها وهل هذا خاص بجنايتها على الأبدان فقط أو عام بجنايتها على الأبدان والأموال



ثانياً : هل يقيد ذلك بما جرح قال الصنعاني أقول لفظ الجرح ليس في الرواية التي ساقها المصنف وإنما هو ثابت في بعض
ألفاظ الصحيحين وفي بعضه العجماء جبار جرحها وفي لفظ البخاري جبار قال عياض والنووي وآخرون ليس ذكر
الجرح في هذه الرواية قيداً وإنما المراد إتلافها بأي وجه كان سواء حصل بجرح أو غيره .



ثالثاً:قال ابن دقيق العيد وأما جناياتها على الأموال فقد فصل في المزارع بين الليل والنهار وأوجب على المالك ضمان
ما أتلفته بالليل دون النهار وفي حديث عن النبي ﷺ يقتضي ذلك

قلت : قول الله تعالى (وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ
يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا …. )
الآية [الأنبياء : 78-79] ذكر المفسرون أن النفش هو إفساد الماشية للزرع ليلاً وقد ورد في حديث عن النبي ﷺ أنه أمر على
أهل المزارع بحفظها في النهار وعلى أهل المواشي بحفظها بالليل) وهذا الحديث يوافق ما ذكر في الآية على
تفسير النفش بأنه إفساد الماشية للمزارع في الليل وعلى هذا فيكون على صاحب الماشية ضمان ما أفسدته ماشيته بالليل
دون النهار وفي المسألة خلاف فيما يجب على أهل المزارع حفظه وهو ما كان في فلاةٍ من العادة أن ترسل فيه المواشي بدون
راعي أما إذا كانت المزارع منتشرة وكثيرة فعلى صاحب الماشية حفظها وأن يرسلها مع راع يحفظها ويكون مسؤولاً
عنها هذا هو الأقرب والله تعالى أعلم. وقد قال النبي ﷺ ( كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ) أما القصة المشار
إليها في الآية فخلاصتها أن رجلاً له عنب أو بستان من عنب والآخر له غنم فذهب الغنم ودخل في بستان العنب
فأفسده فتحاكما إلى داود ثم مرّا على سليمان فحكم سليمان أن يأخذ صاحب الغنم البستان ويسقيه ويقوم عليه حتى يعود
كما كان ويأخذ صاحب البستان الغنم ليأخذ ما يجئ منه حتى يعود البستان كما كان ويعيد كل منهما ما عنده
من حق إلى صاحبه وهو يؤيد ما جاء في حديث البراء أن النبي ﷺ ( قَالَ كَانَتْ لَهُ نَاقَةٌ ضَارِيَةٌ فَدَخَلَتْ حَائِطًا فَأَفْسَدَتْ فِيهِ
فَكُلِّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِيهَا فَقَضَى أَنَّ حِفْظَ الْحَوَائِطِ بِالنَّهَارِ عَلَى أَهْلِهَا وَأَنَّ حِفْظَ الْمَاشِيَةِ بِاللَّيْلِ عَلَى أَهْلِهَا وَأَنَّ عَلَى أَهْلِ الْمَاشِيَةِ
مَا أَصَابَتْ مَاشِيَتُهُمْ بِاللَّيْلِ ) .



المسألة الثانية : قوله والبئر جبار أي أن البئر إذا سقطت على حافرها أو على بانيها وإن كان مستأجراً فإن ما حصل فيها
لا يضمنه صاحبها إلا أن يكون متسبباً بحفرها في طريق الناس ولم يجعل عليها علامات تمنع من السقوط فيها .



المسألة الثالثة : والمعدن جبار المعدن هو ما خلقه الله في الأرض من الخامات النافعة كالذهب والفضة وغير ذلك فإذا
سقط على الذي يشتغل فيه فإن ذلك لا ضمان فيه لقوله ﷺ والمعدن جبار وفي هذا الحديث وهذه الفقرة
بالذات ردّ على ما قرر في نظام الشركات أن من أصيب وهو يعمل في شركة بأي حادث فيها ترتب عليها إزهاق نفسه أو قطع عضو من
أعضائه أن الشركة تكون ضامنة لذلك بالدية فما دونها وهذا الحديث يدل على بطلان هذا النظام والله تعالى أعلم.



قوله وفي الركاز الخمس تقدم أن الركاز هو المال الذي يوجد مدفوناً في الأرض من ضرب الجاهلية فمن وجده فعليه
فيه الخمس والباقي يكون ملكاً له أما إذا وجد مال من ضرب الإسلام ولا يعرف الذي دفنه فهو يعتبر لقطة والله سبحانه وتعالى
يرزق من يشاء وهل يعرف بهذه اللقطة لمدة سنة الظاهر أنه كذلك أما إن كانت في دار معروف صاحبها وقد
مات أو انتقل فهي تعاد إلى ورثته إذا علم أنه كان صاحب مال والمسألة فيها تفصيل عند الفقهاء هذه خلاصته
وبالله التوفيق .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf






.


رد مع اقتباس