عرض مشاركة واحدة
  #114  
قديم 22-10-2015, 10:26AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -




[171] الحديث الثالث:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: (( ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة )) .
وفي لفظ (( إلا زكاة الفطر في الرقيق )).


موضوع الحديث :
عدم وجوب الزكاة في العبيد والخيل أي في أعيانهم بخلاف ما إذا كان شئ من ذلك للتجارة .



المفردات
ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة :أي ليس فيها زكاة والمقصود بالصدقة هنا الزكاة المفروضة .
قوله إلا زكاة الفطر في الرقيق : وهم العبيد


المعنى الإجمالي
شرع الله يسر وقد نفى الله عز وجل الحرج فيه كما قال تعالى (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ
إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا …)الآية [الحج : 78 ] .

ومن عدم الحرج في الإسلام أن الله سبحانه وتعالى عفا عن الزكاة فيما يحتاجه العبد من الضروريات كالعبد
المستخدم في الخدمة لسيده والفرس المركوب والبقر العوامل ومنيحة البيت والمرباة للأكل كل هذه معفو عنها فلا تجب فيها
الزكاة اللهم إلا ما اشترى عرضاً للتجارة وكان المقصود منه استحصال الربح فيه وبالله التوفيق .



فقه الحديث
قال ابن دقيق العيد الجمهور على عدم وجوب الزكاة في عين الخيل واحترزنا بقولنا في عين الخيل عن وجوبها في
قيمتها إذا كانت للتجارة .

قوله الجمهور على عدم وجوب الزكاة في عين الخيل يفهم من هذا أن هناك خلاف في وجوبها في عين الخيل والخلاف لأبي
حنيفة كما ذكره في قوله وأوجب أبو حنيفة في الخيل الزكاة وحاصل مذهبه أنه إذا اجتمع الذكور والإناث وجبت الزكاة فيها عنده قولاً
واحداً وإن انفردت الذكور أو الإناث فعنه في ذلك روايتان من حيث أن النماء بالنسل لا يحصل إلا باجتماع الذكور والإناث
وإذا وجبت فهو مخير بين أن يخرج عن كل فرس دينار أو يقوم يعني يُثَمّن الخيل ويخرج عن كل مائتي درهم خمسة دراهم .



قلت : قول أبي حنيفة هذا مصادم للنص الشرعي في عدم وجوب الزكاة في الخيل إذا كانت للقنية كما أنه قد عفا
عما دون أربعين من الغنم وعما دون خمس من الإبل وعما دون عشرين من البقر وعفا عن العوامل وهي البقر التي يحرث عليها
فكذلك عفا الشارع عن الخيل فإذا كان النبي ﷺ يقول ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة
فكيف يقال أن عليه في فرسه صدقة ولعل أبا حنيفة كان معذوراً لعدم بلوغ الحديث إليه أو لأنه فهم من الحديث أن العفو
عما كان مركوباً لصاحبه من الخيل وما كان مستخدماً لسيده من العبيد ولكن قول النبي ﷺ مقدم على كل رأي . قول الشارح
رحمه الله تعالى واحترزنا بقولنا لعين الخيل عن وجوبها في قيمتها إذا كانت للتجارة ثم قال وقد استدل الظاهرية بهذا
الحديث على عدم وجوب زكاة التجارة وقيل أنه قول للشافعي في القديم من حيث الحديث يقتضي عدم الزكاة الخيل والعبيد
مطلقاً ويجيب الجمهور عن استدلاله بوجهين .



قلت : المقصود من هذا أن الجمهور يجيبون عن استدلال الظاهرية في هذا الحديث على عدم وجوب زكاة العروض
بوجهين ثم قال أحدهما القول بالموجب وأن زكاة التجارة متعلقها القيمة لا العين فالحديث يدل على عدم التعلق بالعين .



قلت : يعني أن الشارع عفا عن الزكاة في عين الخيل إذا كانت للقنية فإن اشتريت الخيل أو العبيد للتجارة بأن كان
المقصود بها البيع لتحصيل الربح فإن الزكاة تكون متعلقة بالقيمة لا بالعين فإن نوى المشتري للخيل التجارة ثم بعد ذلك
حول نيته إلى القنية سقطت الزكاة لتحول النية عنها .



قال والثاني أن الحديث عام في العبيد والخيل فإذا أقام الدليل على عدم وجوب زكاة التجارة كان هذا الدليل أخص
من ذلك العام من كل وجه فيقدم عليه إن لم يكن فيه عموم من وجه إلى آخره



وأقول : إن قول المؤلف هذا يقصد به أن الدليل الخاص على عدم وجوب الزكاة في التجارة مقدم على الدليل العام
وهو كذلك وإذا نظرنا في الأدلة على وجوب الزكاة في التجارة نجد أن فيها ما هو مفهوم ومنها ما هو منطوق فمن المفهوم
قول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الأَْرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ
وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) [البقرة : 267 ] قال مجاهد نزلت في التجارة .



قلت : الكسب يعم التجارة وغيرها فلو كسب الإنسان مالاً من أجره أو تجارة أو حرث أو غير ذلك ثم بقي عنده حولاً وكان المال
يبلغ نصاباً وجبت فيه الزكاة وعلى هذا فإن الآية عامة في الكسب إلا أن تفسير مجاهد يجعل الكسب في التجارة
داخل في عمومها .



ثانياً :الأدلة الصريحة منها ما هو ضعيف ومنها ما هو مقارب فالحديث الذي رواه الحاكم أن النبي ﷺ
قال : (في الإبل صدقتها وفي البقر صدقتها وفي الغنم صدقتها وفي البز صدقته ) والبز بالباء والزاي المعجمة ما يبيعه البزازون
كذا ضبطه الدارقطني والبيهقي .



قال ابن عبد البر وروي والبر بضم الباء والراء المهملة وفي البر صدقته وعلى هذا فالدليل لا يكون صالحاً للاستدلال
على عروض التجارة إلا إذا كان الراجح هو اللفظ الأول .


وفي سنن أبى داود عن سمرة أن النبي ﷺ (كان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعد للبيع ) إلا أن الحديث ضعيف
ضعفه الألباني وغيره وهناك حديث عن عبدالله بن عمر وعائشة وهو ضعيف أيضاً.



وأخرج الشافعي وأحمد وعبد الرزاق والدارقطني عن أبي عمرو بن حماس عن أبيه أنه قال ( كنت أبيع الأدم فمر بي عمر
بن الخطاب فقال لي أدّ صدقة مالك فقلت يا أمير المؤمنين إنما هو في الأدم قال قوّمه وأخرج صدقته ).



قلت : حديث حماس أخرجه أبو عبيد بن القاسم بن سلاّم في كتاب الأموال ( أن عمر قوّم بضاعته التي كانت معه فجاءت قيمتها
عشرون ديناراّ فأخذ منه نصف دينار صدقة عنها ) وهذا الأثر صحيح

وروى البيهقي عن ابن عمر قال ( ليس
في العروض زكاة إلا ما كان للتجارة ) قال ابن المنذر الإجماع قائم على وجوب الزكاة في مال التجارة وممن قال بوجوبها
الفقهاء السبعة قال لكن لا يكفر جاحدها للاختلاف فيها .



قلت : إثباته للاختلاف دال على عدم صحة الإجماع إلا أن يقال أن الخلاف للظاهرية ولم يعتد ابن المنذر بقولهم
فالله تعالى أعلم والمهم أن جماهير أهل العلم أطبقوا على وجوب الزكاة في عروض التجارة وإن كانت الأحاديث المرفوعة التي
تدل على وجوبها فيها لا تخلوا من مقال واحتمال مع قلتها ولكن هناك آثار صحيحة تسندها مع مفهوم الآية ولذلك
فإن ما ذهب إليه الجماهير هو الحق إن شاء الله ويبقى معنا الكلام على وجوب زكاة الفطر في الرقيق كما في الرواية
الثانية وقد حقق الصنعاني في العدة أن هذه الرواية ليست في الصحيحين وإنما هي من إفراد مسلم والجمهور على أن زكاة الفطر
المتعلقة بأعيان العبيد متجهة على أسيادهم الذين يستغلونهم في الخدمة .



وقال قوم أن الزكاة عليهم أي على العبيد وعلى السيد إن لم يؤد الزكاة عن عبيده بأن يمكنهم من الكسب من أجل أدائها
وحكي هذا القول عن مالك قال الصنعاني وحكاه القاضي عن أبي ثور

قلت : القول بوجوبها على الأسياد هذا هو
القول الصحيح كما أنه يجب على صاحب البيت ومعيل العائلة زكاة الفطر عن نسائه وأولاده كما جاء في الحديث عن ابن عمر
رضي الله عنهما قال ( فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر والذكر
والأنثى والصغير والكبير من المسلمين وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة ).

وقد تبين أن وجوب الزكاة أي زكاة الفطر التي تتعلق بأعيان العبيد أنها على أسيادهم وبالله التوفيق



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@






.


رد مع اقتباس