عرض مشاركة واحدة
  #113  
قديم 22-10-2015, 10:17AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[170] الحديث الثاني من أحاديث الزكاة
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال : رسول ﷺ ( ليس فيما دون خمس أواق صدقة ولا فيما دون خمس
ذود صدقة ولا فيما دون خمسة أوسق صدقة ).



موضوع الحديث :
بيان أنصبة ما ذكر فيه وأنه لا زكاة فيما دونها .



المفردات
الأواق :جمع أوقية يقال أوقية بضم الهمزة وكسر القاف وتشديد الياء آخرها تاء مربوطة وكثير من الناس ينطقها بدون همزة
وبالأخص العامية وجمع الاوقية أواقي كسرية وسراري وتجمع أيضاً على وقايا والأوقية اسم لعدد من الدراهم وهي
أربعون درهماً

فالخمس الأواق مائتي درهم وقد كانت الدراهم في عهد النبي ﷺ نوعان بغلية وطبرية فالبغلية نسبة إلى ملك يقال
له رأس البغل وهي السود وكل درهم منها ثمانية دوانق والطبرية نسبة إلى طبرية الشام والدرهم منها أربعة دوانق فلما كان
عهد عبد الملك جمع العلماء وضرب دراهم إسلامية كل منها ستة دوانق وقد نوزع في هذا بأن النبي ﷺ لم يحل على
مجهول ومضمون كلام القائل أن الشارع أحال على مجهول وهو خطأ قلت : الصحيح أن النبي ﷺ أحال على كل
شئ بحسبه فالدراهم البغلية تزكى بحسبها لكن يبقى النصاب متردداً بين درهم ثمانية دوانق ودرهم أربعة فإن قلنا بالحيطة للفقراء
جعلنا النصاب في مائتي درهم طبرية وإن قلنا بالحيطة لأصحاب الأموال جعلنا النصاب معتبراً بالدراهم البغلية لكن لما
جاء عبد الملك وضرب الدراهم الإسلامية المتوسطة اعتبرت هي المقصودة بالنصاب فيكون النصاب مائتي درهم وباعتبار
أن كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل فيكون نصاب الفضة مائة وأربعون مثقالاً أما بالنسبة للجرامات فإن المائتي درهم خمسمائة
وخمسة وتسعون جراماً (595) جرام والتحقيق بالدقة أن المائتي درهم تكون بالجرامات خمسمائة جرام وأربعة وتسعون جراماً
(594) جراماً أي ستمائة جرام تنقص ستة جرامات .



قوله ذود : الذود اسم للواحدة من الإبل إذا كانت فوق ثلاث ودون عشر ويقال أنه لا واحداً له من لفظه أما الخمسة
أوسق فهي جمع وسق والوسق ستون صاعاً نبوياً فالخمسة الأوسق ثلاثمائة صاع بالصاع النبوي والصاع النبوي أربعة أمداد
والمد ما أقله رجل متوسط بكفيه .



قلت : لعل هذا التعريف بالمد أعتبر في ذلك الزمان فلعل المتوسط الحجم من الرجال في ذلك الزمن يساوي الكبير الجسم
في هذا الزمن ولأهل العلم كلام في مقدار المد لعله أدق لا نطيل فيه فليرجع إليه في كتاب الإيضاح والتبيان بمعرفة
المكيال والميزان لابن الرفعة وتحقيق محمد الخاروق دكتور في جامعة أم القرى والثلاثمائة الصاع النبوي تعدل خمسة وسبعون
صاعاً بالصاع المعروف في منطقتنا منطقة جازان وبالله التوفيق .



المعنى الإجمالي
أخبر النبي ﷺ أمته في هذا الحديث حديث أبي سعيد أنه لا زكاة في ما دون خمس ذود من الإبل ولا زكاة فيما دون
خمس أواق من الورق أي الفضة ولا زكاة فيما دون خمسة أوسق من الحبوب وهذه رحمة من الله بعباده يجب أن يعرفوا مقدار ما للشرع
من حكم فيكون ذلك سبباً لزيادة الإيمان وبالله التوفيق .





فقه الحديث
أولاً: أنه لا زكاة فيما دون ما ذكر من الإبل والورق والحبوب واختلف أهل العلم فيما إذا كان النقص يسيراً هل يجبر وتجب
الزكاة فذهب مالك إلى أن النقص البسيط لا يعتبر مانعاًَ من وجوب الزكاة وذهب البعض الآخر إلى أن النقص يمنع
الوجوب سواء كان قليلاً أو كثيراً .



ثانياً: علم من قوله ( ليس فيما دون خمس أواق صدقة ) أن الصدقة في الفضة وعروض التجارة تجب في مائتي
درهم فما فوقها بشرط أن يحول عليها الحول فلا تنقص في مدة الحول عن النصاب فإن نقصت في أثناء الحول ثم جبرت
في آخره لم تجب الزكاة في ذلك وإنما تعتبر من الوقت الذي جبرت فيه فيبدأ الحول من حين حصل الجبر .



ثالثاً : نصاب الورق مائتي درهم أما الزكاة التي تجب في المائتين فهي ربع العشر أي في كل مائتين خمسة دراهم وما زاد
فهو بحسابه والمائتي درهم هي خمسون ريالاً بالريال السعودي لأن الريال السعودي أربعة دراهم



رابعاً : لم يذكر في هذا الحديث نصاب الذهب وقد قال بعض أهل العلم أن نصاب الذهب ليس فيه حديث صحيح وممن
قال هذا ابن عبد البر وتبعه في ذلك جماعة من أهل العلم إلا أن ابن عبد البر نفسه قد نقل الإجماع على أن نصاب الذهب
عشرون مثقالاً إلا ما روي عن الحسن البصري والزهري أنه أربعون مثقالاً وهو قول شاذ لا يعتد به وقد أخرج أبو داود
صحيفة عمرو بن حزم من طريق حفيده أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وفيها بيان أنصبة الزكاة وبين فيها نصاب الذهب
بإسناد لا مطعن فيه وأقره المنذري قلت : تتعاضد الأحاديث الواردة في ذلك على شئ من الضعف بها مع الإجماع
الحاصل على أن نصاب الذهب عشرون مثقالاً وقد بين في كتاب الإيضاح والتبيان أن المثقال زنته بالدقة أربعة جرامات وثلاثة
وعشرون بالمائة من الجرام .



خامساً : وقد جبر ذلك بزيادة اثنين في المائة فصار المثقال أربعة جرامات وربع وعلى هذا فيكون نصاب الذهب خمسة
وثمانون جراماً بضرب أربعة وربع في عشرين مثقال وإذا قلنا بالدقة فإنه ينقص أربعين بالمائة من الخامس والثمانين وذلك
اعتباراً بالذهب الخالص أما إذا كان الذهب مخلوطاً بشيء كعيار واحد وعشرين الذي يكون الخلط فيه بنسبة الثمن فإن
النصاب فيه يكون ستة وتسعين جراماً تقريباً أما إذا كان الذهب من عيار ثمانية عشر فيزاد ربع الكمية ،
وربعها واحد وعشرون جراماً وخمسة عشر بالمائة من الجرام الثاني والعشرون يضاف على أربعة وثمانين وستين بالمائة يكون
بالدقة مائة وخمسة جرامات وخمسة وسبعين بالمائة فيقال عيار واحد وعشرين نصابه ستة وتسعون جراماً من الذهب
المخلط وعيار ثمانية عشر نصابه مائة وستة جرامات من الذهب المخلط فإنه حينئذ بهذه المقادير يكون في كل
منهما الذهب الصافي خمسة وثمانون جراماً وذلك هو النصاب الذي تجب فيه الزكاة بشرط أن لا ينقص أثناء الحول
وبالله التوفيق.



فائدة :
اختلف أهل العلم في الحلي الملبوس سواء كان من الذهب أو الفضة هل تجب فيه الزكاة أم لا فذهب الجمهور من
الصحابة فمن بعدهم إلى أن الذهب الملبوس لا زكاة فيه قياساً على البقر العوامل وإلى ذلك ذهب الأئمة الثلاثة
مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وذهب قوم إلى وجوب الزكاة في الحلي سواء كان ملبوساً أو غير ملبوس منهم جماعة من الصحابة
وإلى ذلك ذهب أبو حنيفة وبعض أهل العلم في زماننا هذا منهم الشيخ عبد العزيز بن باز وابن عثيمين وهذا هو القول
الصحيح فيما أرى وأدين الله به لأنه قد صحت به ثلاثة أحاديث أحدها حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما في المرأة
اليمنية التي أتت إلى النبي ﷺ ( وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب فقال أتؤدين زكاة هذا قالت لا قال أيسرك
أن يسورك الله عز وجل بهما يوم القيامة سوارين من نار قال فخلعتهما فألقتهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت
هما لله ولرسوله ﷺ وقد صح في ذلك حديثان آخران حديث عن أم سلمة وحديث عن عائشة رضي الله عنهما
وكل هذه الأحاديث تفيد وجوب الزكاة في الحلي الملبوس سواءً كان ذهباً أو فضة وقد صححها الألباني في صحيح سنن أبي داود
باب الكنز ما هو وزكاة الحلي رقم ( 1382و1383 و1384 ) .



أما الاستدلال بالآية الكريمة ( أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ) [الزخرف : 18 ] على عدم وجوب
الزكاة في الحلي الملبوس فهو استدلال في غير محله إذ أن الامتنان بذلك لا يمنع وجوب الزكاة في الحلي والله تعالى أعلم .


قوله : (ولا فيما دون خمس ذود صدقة ) تفيد هذه الجملة أن أقل نصاب من الإبل تجب فيه الصدقة هو خمس من الإبل
وما دونها فليس فيه شئ فإذا بلغت خمساً ففيها شاة إلى تسع فإذا بلغت عشراً ففيها شاتان فإذا بلغت خمس عشرة ففيها
ثلاث شياه فإذا بلغت عشرين ففيها أربع شياه فإذا بلغت خمساً وعشرين ففيها بنت مخاض أي ما أكملت سنة
وطعنت في الثانية ( أو ابن لبون ) إلى خمس وثلاثين فإذا بلغت ستاً وثلاثين ففيها بنت لبون وهي ما أكملت
سنتان وطعنت في الثالثة إلى خمس وأربعين فإذا بلغت ستاً وأربعين ففيها حقة طروقة الجمل وهي ما أكملت ثلاث سنين وطعنت في
الرابعة إلى أن تبلغ ستين ، فإذا بلغت إحدى وستين ففيها جذعة وهي ما أكملت

أربع سنين وطعنت في الخامسة إلى أن تبلغ خمساً وسبعين ، فإذا بلغت ستاً وسبعين ففيها بنتا لبون إلى أن تبلغ تسعين ،
فإذا بلغت إحدى وتسعين ففيها حقتان ، (إلى مائة وعشرين فإذا زادت ففي كل اربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة ) .

قوله : ( ولا فيما دون خمسة أوسق صدقة ) تقدم توضيح الوسق لغة ومقداره ،



والخمسة الأوسق هي ثلاثمائة صاع نبوي ، وخمسة وسبعون بالمكيال المحلي الذي يمثل الصاع منه أربعة آصع بالصاع النبوي ،
وقد اختلف أهل العلم فيما إذا كانت الحبوب دون خمسة أوسق بشيء قليل هل يجبر هذا القليل وتجب الزكاة هذا محل
نظر وخلاف بين أهل العلم والأظهر أن الزكاة لا تجب إلا إذا بلغت الحبوب هذه الكمية ثم أن الواجب هو العشر فيما
سقت السماء ، ونصف العشر فيما سقي بمؤنة كالنضح على الإبل سابقاً وكالآبار الارتوازية التي تروى منها الأراضي الزراعية
بواسطة الضخ بالمكائن ، ثم اختلفوا في الأنواع التي تجب فيها الزكاة فذهب الجمهور إلى أن الزكاة تجب في كل مدخر
ومقتات من الحبوب كالبر والشعير والتمر والزبيب وهذه الأربعة الأنواع هي المذكورة في الأحاديث وما عدا ذلك من
الحبوب المدخرة والمقتاتة كالأرز والذرة والدخن والكناب وما أشبه ذلك فإن كان مدخراً ولم يكن مقتاتاً إلا في حالة الضرورة
كالقطنيات فهذه فيها خلاف ضعيف وقد ذهبت الظاهرية إلى أن الزكاة لا تجب إلا في الأربعة المذكورة في
الحديث وهي البر والشعير والتمر والزبيب وفي مقابل ذلك ذهب أبو حنيفة إلى وجوب الزكاة في كل ما يقصد من زراعته نماء
الأرض من الثمار والرياحين والخضراوات إلا الحطب والقصب والحشيش والشجر الذي ليس له ثمر وذهبت الهادوية إلى وجوب الزكاة في
الخضراوات والقصب وكل ما أخرجت
الأرض إلا أنهم خالفوا أبا حنيفة فاعتبروا الأوسق فيما يكال عملا بحديث أبي سعيد رضي الله عنه واعتبروا نصاب الورق في
الخضراوات وما أشبهها فجعلوا الزكاة فيما لم يكن معتبراً بالقيمة فإذا بلغت قيمته مائتي درهم وجبت فيه الزكاة والذي
يظهر لي أن مذهب الجمهور هو الصحيح وهو أن الزكاة واجبة في كل ثمر يقتات ويدخر وما عدا ذلك فقد ورد
فيه العفو من الشارع ﷺ وفي ذلك حديث رواه الإمام أحمد في مسنده عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما
وبالله التوفيق .



--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf






.


رد مع اقتباس