عرض مشاركة واحدة
  #112  
قديم 22-10-2015, 10:09AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[169] الحديث الأول :


عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول ﷺ لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن : (( إنك ستأتي قوماً أهل
كتاب فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فإن هم أطاعوا لك
بذلك فاخبرهم : أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لك بذلك فاخبرهم : أن الله قد فرض
عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه
ليس بينها وبين الله حجاب )).



موضوع الحديث :
أصول الدعوة وبيان البدأ بالأهم فالمهم



المفردات
قوله لمعاذ بن جبل : أقول معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي أبو عبد الرحمن مشهور من أعيان
الصحابة شهد بدراً وما بعدها وكان إليه المنتهى في الأحكام والقرآن مات بالشام سنة ثماني عشرة
تقريب ترجمة 6771

قوله حين بعثه إلى اليمن : اختلف في وقت بعثه إلى اليمن ولعله بعد الفتح وقال بعض أهل العلم هو بعد غزوة تبوك وقيل
بعد حجة الوداع والصحيح أنه قبل ذلك .



إنك ستأتي قوماً أهل كتاب : إخبار النبي ﷺ لمعاذ بهذا من أجل أن يأخذ أهبته لمناظرتهم .

قال فإذا جئتهم فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله : هذا يدل على أن هاتين الشهادتين هي أول ما يدعى
إليه فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لك
بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم إلى أن قال فإن هم أطاعوا لك بذلك
فإياك وكرائم أموالهم .

الكرائم : جمع كريمه وهي الطيبة المحبوبة من المال ذات اللبن من الماشية .
قوله واتق دعوة المظلوم : أي اجتنب أسبابها
في ترك الظلم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب .



المعنى الإجمالي
أرسل النبي ﷺ معاذ بن جبل إلى جهة من اليمن وهي جهة خولان وصنعاء وتعز إلى عدن كما أرسل أبا موسى
على الناحية الغربية المحاذية للبحر وقد أوصى معاذ بن جبل بأن يستعد لدعوه أهل الكتاب فإن دعوتهم تحتاج إلى
استعداد وأمره أن يبدأ بالشهادتين ثم الصلاة ثم الزكاة ونهاه عن أخذ كرائم الأموال لأن أخذها نوع من الظلم والمظلوم له عند الله
دعوة مستجابة وأن دعوته تخرق الحجب لذلك فإنها ينبغي أن تتقى وبالله التوفيق .



فقه الحديث
أولاً :يؤخذ منه عناية الإمام بالدعوة إلى الله تعالى وإرسال الدعاة ولا يختص ذلك بإلإرسال إلى القوم الكفار بل يجب إرسال الدعاة
إلى المجتمعات التي يكثر فيها الجهل والظلم وعدم التقيد بالأحكام الإسلامية حتى ولو كانوا مسلمين في الاسم والهوية .



ثانياً: وصية الإمام لمن أرسله للدعوة إلى الله وأن ينبهه لما يجب الاستعداد له لقوله ( إنك ستأتي قوماً أهل كتاب )


ثالثاً:الوصية بتقديم الأهم على المهم وهذا عام في الدعوة بأن يقدم فيها الأهم وهي العقائد التي لا يصح إسلام العبد
إلا بها كتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات وتعريف ما يناقض الشهادتين .



رابعاً :أن أهم شيء ينبغي أن يدعى إليه هو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وهذه الشهادة لا تقبل من قائلها
إلا أن يكفر بما يعبد من دون الله من الطواغيت فإن قالها وهو يعبد مع الله غيره لم تنفعه ولو قالها في اليوم مائة ألف مرة



خامساً:لا بد أن يعرف الداعي معنى لا إله إلا الله وهو النفي والإثبات ويعلمها المدعوين ليمتثلوها ظاهراً وباطناً والله
سبحانه وتعالى يقول ( إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [الزخرف : 86 ] ومن العلم بمعناها معرفة شروطها السبعة التي
ذكرها أهل العلم .



سادساً: مقتضى شهادة أن محمداً رسول الله الإذعان لأمره ونهيه وتصديق خبره والإيمان بما أخبر عنه من المغيبات الماضية
والآتية وإنها حق وصدق ليست ألغازاً ولا تورية ولا أموراً وهمية وأن يبتعد المكلف عن التأويلات التي يرد بها خبر
الرسول _ والله سبحانه وتعالى يقول (…. وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) [النساء : 135]



سابعاً : يؤخذ من قوله فإن هم أطاعوا لك بذلك أنه لا يدعى للصلاة إلا من أذعن للشهادتين وقام بما تقتضيه كل واحدة منهما .


ثامناً :يؤخذ منه فرضية الصلوات الخمس في كل يوم وليلة .


تاسعاً : يؤخذ من حصرها بخمس أنه ليس هناك فرض في الصلاة غيرها أما أن يكون هناك واجب من الصلوات فالظاهر
أنها لا تنفيه والفرق بين الفرض والواجب أن الفرض هو ما لا يتم الإسلام إلا بفعله والواجب ما يأثم تاركه وإسلامه باق
على حاله أي أن تركه لا يناقض الإسلام مثل الوتر عند الحنفية وتحية المسجد عند قوم وهو الصحيح للأمر بها وقت المنع .
وصلاة العيدين عند من يرى أنها فرض كفاية



عاشراً: أنه يجب على من أذعن للصلوات الخمس أن يأتي بها على ما شرعها الله من وقت وأعداد ركعات وتكبير وهيئات
وتقدم شروط كالطهارة من الحدث الأكبر والأصغر ومن النجاسات وطهارة البقعة والثوب .

الحادي عشر :قد صح أن ترك الصلاة كفر من حديث أنس وبريدة وصح عن عبدالله بن شقيق ( أن أصحاب النبي ﷺ
كانوا لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة ) وعلى هذا فإن من ترك الصلاة بالكلية كفر كفراً مخرجاً من
الملة يستتاب فإن تاب وإلا قتل ولا يعاد إذا مرض ولا تتبع جنازته إذا مات ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا يرثه وارثه المصلي
ولا يرث هو من مورثه المصلي .



الثاني عشر: يؤخذ من قوله فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد
على فقرائهم إن الزكاة لا يدعى إليها ولا تطلب إلا ممّن أذعن للصلاة وعمل بها وقد جاءت النصوص في كتاب الله
وسنة رسوله ﷺ مرتبة للزكاة على الصلاة كقوله تعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ
وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) [البينة : 5]



الثالث عشر:إن الزكاة مبينة بينتها السنة وهي في
1- النقدين وما عمل منهما كالحلي بواقع ربع العشر ويلحق بذلك عروض التجارة
2- وفي ما أخرجت الأرض من الثمار المقتاتة المدخرة بواقع العشر إذا سقيت بماء السماء وبواقع نصف العشر
إذا سقيت بالآلات

3- زكاة بهيمة الأنعام وهي مبينة في كتب الفقه وسيأتي بيان بعضها. فهذه ثلاثة أشياء تجب فيها الزكاة .


الرابع عشر: إن الصدقة المعينة من الشارع تؤخذ من الأغنياء وترد على الفقراء .


الخامس عشر: كل من أخذت منه الزكاة فهو غني فلا يعطى منها وهذا قول جمهور العلماء لظاهـر الأدلة ومنها هذا الحديث
( تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) وقال قوم إن ذلك لا يمنع من إعطاء الزكاة لمن يكون ما عنده لا يفي بحاجته
وهو ما يسمى بالمسكين الذي ليس عنده غناً يغنيه ولا يفطن له فيتصدق عليه ولعل هذا الأخير هو الأرجح . وذلك يكون بالنظر
إلى حال من وجبت عليه زكاة قليلة وكان ماله المزكى لا يفي بحاجته والله أعلم .



السادس عشر :هل الضمير في أغنيائهم وفقرائهم يعود على كل جماعة بعينها أو يعود على عموم المسلمين فمن قال أن الضمير
يعود على عموم المسلمين أجاز نقل الزكاة ومن قال أن الضمير يعود على أهل بلدة بعينها منع من نقل الزكاة إلا بعد
استغناء فقراء ذلك البلد .



السابع عشر:يؤخذ من قوله فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم إن كريمة المال ممنوعة في الصدقة إلا أن
يشاء المتصدق المعطي .


وكريمة المال هي التي يحرزها صاحب المال وينظر إليها نظرة إعجاب وهي الفاخرة من ماله كالحلوبة والحامل والربى
وهي المرباة وفحل الغنم وما أشبه ذلك .



الثامن عشر:إذا كان أخذ الكرائم في الزكاة محرم فإن في ذلك دليل على بطلان ما يزعمه أهل الإشتركية من أخذ بعض
الأموال الزائدة عن حاجة صاحبها والله سبحانه وتعالى يقول (وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ
لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِْثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة : 188 ] والنبي ﷺ قال في خطبته في حجة الوداع
(... إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا…..



التاسع عشر: يؤخذ منه أن الزكاة مصرفها هو بيت مال المسلمين وقابضها ومتوليها والناظر فيها هو إمام المسلمين
فلا يجوز أن توزع من دون إذنه فمن فعل ذلك ضمن أي بأن يضمنها لبيت مال المسلمين إلا الزكاة السرية أي زكاة المال السري
وهي النقود التي لا يعلمها أحد ولكن إذا كانت مودعة في البنوك أو الشركات التجارية فإن الزكاة فيها تلزم لبيت
مال المسلمين لأنها خرجت من السر إلى العلن فكانت كسائر الزكوات .



العشرون :يؤخذ من قوله واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب يؤخذ من هذا النص أن الظلم موجب لاستجابة
دعوة صاحبه ولو كان فاجراً أو كافراً وقد جاء في الحديث أن دعوة المظلوم تخرق الحجب فينبغي للمسلم أن يتجنبها وأن لا يكون
متسبباً في دعوة المظلوم عليه لأنه إذا فعل ذلك فقد أساء إلى نفسه واستوجب غضب ربه وفي الحديث
( الظلم ظلمات يوم القيامة )
وبالله التوفيق .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf






.


رد مع اقتباس