عرض مشاركة واحدة
  #107  
قديم 22-10-2015, 09:40AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-




[165] الحديث الحادي عشر:
عن عائشة رضي الله عنها قالت لما اشتكى النبي ﷺ ذكر بعض نسائه كنيسة رأينها بأرض الحبشة يقال لها ماريه وكانت
أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما أتتا أرض الحبشة فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها فرفع رأسه ﷺ وقال (( أولئك إذا
مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً ثم صوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله )).



موضوع الحديث:
تحريم البناء على القبور والإخبار بأن الذين يفعلون ذلك هم شرار الخلق عند الله تعالى



المفردات
الكنيسة:هي معبد النصارى جمعها كنائس
رأينها:فيه التعبير بالجمع عن المثنى وهذا موجود في اللغة.
بأرض الحبشة :أي بلادهم يقال لها ماريه أي تسمى بهذا الاسم وكانت أم سلمة وأم حبيبة أتتا أرض الحبشة أما أم سلمة فقد تقدمت
ترجمتها في الجزء الأول وأما أم حبيبة فهي بنت أبي سفيان بن حرب هاجرت مع زوجها عبيدالله بن جحش إلى
الحبشة فتنصر زوجها ومات نصرانياً ثم أرسل النبي ﷺ عمرو بن أمية الضمري بكتاب إلى جعفر بن أبى طالب وإلى
النجاشي يخطبها ووكل جعفر في قبول النكاح عنه وعقد بها ابن عمها سعيد بن العاص ثم نقلت إليه بعد أن امهرها عنه النجاشي

قولها أتتا أرض الحبشة :هي في هجرتهن مع أزواجهن
فذكرتا من حسنها:أي جمال ظاهرها وكثرة التصاوير فيها
فرفع رأسه : أي النبي ﷺ وقال أولئك أي بالخطاب للمؤنث إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً ثم
صوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله



المعنى الإجمالي
لم يشغل النبي ﷺ ما هو فيه من المرض عن النصح والتوجيه ورد الباطل وذم أهله بما يستحقونه من الذم والإخبار
بما لهم عند الله تعالى من سوء العاقبة وشر المنقلب فقد سمع زوجتيه أم سلمة بنت أبي أمية المخزومية وأم حبيبة بنت
أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس الأموية العبشمية حين ذكرتا كنيسة رأينها بأرض الحبشة وأطرتا في ذكر حسنها وتصاوير
فيها فرفع رأسه مخبراً ًبأن ذلك الحسن المظهري يصحبه القبح المخبري وذلك أن أولئك القوم كانوا إذا مات
فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً ولكون ذلك بدعة ومن ذرائع الشرك بالله فقد ذم النبي ﷺ ذلك العمل
وذم أصحابه لكونهم يصورون فيه تلك الصور ليعبدوها وينسون خالقهم ورازقهم الذي أحياهم وسيميتهم ويبعثهم
ويجازيهم بأعمالهم لذلك فهم شرار الخلق عند الله تعالى جزاءً لهم على سوء صنيعهم وقبح عملهم .وبالله التوفيق.



فقه الحديث
أولاً:يؤخذ من الحديث تحريم البناء على القبور وقد ورد في ذلك نهي عن النبي ﷺ حيث نهى عن البناء على القبر
والكتابة عليه وأن يزاد فيه على ترابه وأن يرفع أكثر من شبر وأن يجصص فعن جابر رضي الله عنه قال( نهى ﷺ أن تجصص
القبور وأن يكتب عليها وأن يبنى عليها وأن توطأ ) وفي لفظ للنسائي( نهى أن يبنى على القبر أو يزاد عليه أو يجصص زاد سليمان
بن موسى أو يكتب عليه ) ووردت أحاديث بلعن من يتخذ عليها المساجد والسرج فروى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال( لعن رسول الله ﷺ زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج ) .



وهذه الأمور تعد من البدع العظيمة المفضية إلى الشرك بالله لأنهم إذا بنوا على القبر اتخذوه مزاراً وزاروه وطلبوا
من صاحبه الحوائج من جلب المنافع ودفع المضار.



ثانياً :يؤخذ من الحديث تحريم بناء المساجد على القبور والمراد بالمساجد المعابد ولهذا عبر الشارع ﷺ عن ذلك بقوله
(أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً ثم صوروا فيه تلك الصور أولئك شرا ر الخلق عند الله) وكما في
الحديث الآتي لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد .



ثالثاً: يؤخذ منه أن هذا العمل من أفظع الأعمال وأقبحها وأن الذين يعملون أو يسكتون عمن يفعله سكوت الراضي
لا يصلحون أن يسموا دعاة ولا يجوز أن يتخذوا أئمة بل من فعل ذلك فهو من شرار الخلق وإن زعم أنه يتبنى دعوةً إلى الله
فأي دعوة لا تنبني على التوحيد فهي دعوة باطلة وصاحبها صاحب ضلال ومن هنا تعلم أن المنهج الإخواني والمنهج
التبليغي منهجين خاطئين يشتملان على ضلال

فحسن البناء حاضر في مشهد السيدة زينب وكان يرى من يتطوفون بالقبور ولم يعرف أنه نهى عن ذلك في موقف
من مواقفه ولا خطبة من خطبه بل وقع الشرك منه حين قال


هذا الحبيب مع الأحباب قد حضرا وسامح الكل فيما قد مضى وجرى


أي أن رسول الله ﷺ حضر معهم حفل المولد وسامحهم وغفر ذنوبهم وهذا شرك أكبر.


أما جماعة التبليغ فمسجدهم الذي انطلقت منه دعوتهم فيه خمسة قبور ومؤسس ذلك المنهج محمد إلياس كان قبورياً
وكان يجاور عند القبور يلتمس بركتها والله الشاهد أني لا أريد الوقوع في عرض أحد ولا الكلام في أحد
إلا أن يكون في ذلك مصلحة للدين ونصح للمسلمين ولم يلجئني على الكلام في هؤلاء إلا بيان الحق لمن يعتقدون
فيهم الإمامة والصلاح





رابعاً:يؤخذ منه أيضاً بطلان الصلاة في المسجد الذي بني على قبر كما سيأتي في الحديث بعد هذا .


خامساً:يؤخذ منه تحريم الصور وذلك يؤخذ من قوله بنوا على قبره مسجداً ثم صوروا فيه تلك الصور . وقد اختلف أهل العلم
في جواز تصوير ما لا ظل له بعد اتفاقهم على تحريم الصور التي لها ظل فذهب قوم إلى تحريم ذلك مطلقاً وذهب
قوم إلى جوازه مطلقاً وذهب قوم إلى أن التحريم يتعلق بما إذا كانت الصورة باقية الهيئة قائمة الشكل وإن قطع الرأس أو تفرقت
الأجزاء جاز ذلك قال وهذا هو الأصح حكى ذلك الصنعاني عن الحافظ ابن حجر . والقول الرابع إن كان فيما يمتهن
جاز وإن كان معلقأ حرم . أهـ .


قلت : هناك فرق بين التصوير الذي هو الفعل وبين الاستعمال فأما التصوير فيحرم كله على القول الأصح إلا فيما يعمله
الآدمي كالسيوف والخناجر والبيوت والسيارات وكل ما يعمله بنوا آدم من الآلات وغيرها .

وقد اختلف السلف فيما لا روح فيه من المخلوقات كالشجر وما أشبه ذلك فذهب قوم إلى جواز تصوير الشجر وغيره مما
لا روح فيه وممن قال ذلك ابن عباس فقد ورد أنه استفتاه شخص وقال إنه لا يعيش إلا من التصوير فقال له إن كنت فاعلاً ولابد
فعليك بهذا الشجر وما لا روح فيه ورد هذا القول بأنه اجتهاد من ابن عباس وأن الحديث النبوي يدل على منعه كما
جاء في الحديث القدسي (ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو شعيرة) فأشار في الذرة إلى
ما فيه روح وأشار بالشعيرة إلى ما لا روح فيه .


قالوا ونحن لا نصدق بأن الشجر لا روح فيه بل الشجر فيه روح بحسبه وله حياة بحسبه وقد قال الله تعالى (وَآيَةٌ لَهُمْ الأَْرْضُ
الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ) [يس : 33] وهذا قول مجاهد وهو الحق الذي تؤيده الأدلة أن الفعل
أي فعل التصوير لا يجوز مطلقاً إلا فيما يعمله بنوا آدم كالأبنية وآلات المراكب المحدثة كالسيارات والطائرات
وآلات الحرب المحدثة كالدبابات والمصفحات وما أشبه ذلك وما لم يكن من عمل ابن آدم فلا يجوز تصويره حتى ولو كان
مما لا روح فيه وقد أخبر الله عز وجل عن الجماد بأنه يسبح فقال ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لاَ
تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ) [الإسراء : 44 ]

وقال في سورة البقرة ( وَإِنَّ مِنْ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ
خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [البقرة 74 ] فأخبر أن بعض الحجارة تهبط من خشية الله وذلك دليل على ما فيها من
الإحساس الذي خلقه الله عز وجل فيها.



أما الاستعمال فهو أيضاً فيه تفصيل فقد نهى النبي ﷺ عن الصور وأمر بطمسها وإزالتها وأخذ على بعض
أصحابه ألا يجد صورة إلا طمسها ولا قبراً مشرفاً إلا سواه ففي صحيح مسلم عن أبي الهياج الأسدي قال :قال لي علي ابن
أبي طالب رضي الله عنه ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله ﷺ أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبراً مشرفاً إلا سويته )
وفي لفظ آخر(ولا صورة إلا طمستها) (وجذب قرام عائشة التي كانت قد سترت به سهوتها وفيه صورة ) وهذا يدل
على أن الصور التي ليس فيها ظل أنها محرمة أيضاً لأن الصور التي في القرام إنما كانت منقوشة نقشاً وقد استثنى منه جواز الاستعمال
ما كان في ثوب يمتهن كالأزر الذي تستر به العورة والصورة إذا كانت في الوسادة أو الفراش فإنها تمتهن وتداس
لذلك جاز استعمالها من أجل أنها تهان كذلك أيضاً يستثنى ما قطع رأسه وقطعت أجزاؤه فإنه يجوز استعماله كما دل
على ذلك حديث الترمذي ( أن جبريل وعد رسول الله _ أن يأتيه ثم لم يأت وبعد ذلك جاء إليه وأخبره بأنه جاء ومنعه من
الدخول أن في البيت كلباً وأن فيه صوراً فأمر بالكلب فأخرج أو قال له فأمر بالكلب فيخرج وأمر بالصور فتقطع
رؤوسها حتى تكون كالشجر ) .


--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@




.





رد مع اقتباس