عرض مشاركة واحدة
  #56  
قديم 04-05-2015, 01:20AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 48 )



6-إثبات علو الله على خلقه واستوائه على عرشه


[ المتن ] :

وقوله في رقية المريض‏:‏ ‏(‏ربنا الله الذي في السماء تقدس اسم، أمرك في السماء والأرض كما رحمتك في السماء،
اجعل رحمتك في الأرض، اغفر لنا حوبنا وخطايانا أنت رب الطيبين أنزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك
على هذا الوجع فيبرأ‏)‏ حديث حسن رواه أبو داود وغيره‏.‏


وقوله‏:‏ ‏(‏ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء‏)‏ حديث صحيح.
وقوله‏:‏ ‏(‏والعرش فوق ذلك والله فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه‏)‏ حديث حسن رواه أبو داود وغيره


وقوله للجارية‏:‏ ‏(‏أين الله‏؟‏ قالت‏:‏ في السماء‏.‏ قال‏:‏ من أنا‏؟‏ قالت‏:‏ أنت رسول الله‏.‏ قال‏:‏ أعتقها فإنها مؤمنة‏)‏
رواه مسلم‏.‏



[ الشرح ]:

‏(‏في رقبة المريض‏)‏ أي‏:‏ القراءة على المريض طلبًا لشفائه، وهي مشرعة إذا كانت بالقرآن والأدعية المباحة،
وممنوعة إذا كانت بألفاظ شركية أو أعمال شركية‏.‏

‏(‏ربنا الله الذي في السماء‏)‏ أي‏:‏ على السماء ، ففي هنا بمعنى على كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ‏}‏ الآية ‏ من سورة التوبة‏.‏
أي‏:‏ على الأرض‏.‏ ويجوز أن تكون‏.‏ في للظرفية على بابها ويكون المراد بالسماء مطلق العلو‏.‏


‏(‏تقدس اسمك‏)‏ أي‏:‏ تقدست أسماؤك عن كل نقص فهو مفرد مضاف فيعم جميع أسماء الله‏.‏


‏(‏أمرك في السماء والأرض‏)‏ أي‏:‏ أمرك الكوني القدري الذي ينشأ عنه جميع المخلوقات والحوادث، ومنه قوله تعالى‏:‏
‏{‏إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شيئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ‏}‏ الآية ‏(‏82‏)‏ من سورة يس‏.‏ وأمرك الشرعي المتضمن للشرائع
التي شرعها لعباده‏.‏



‏(‏كما رحمتك في السماء اجعل رحمتك في الأرض‏)‏ هذا توسل إليه برحمته التي شملت أهل السموات كلهم أن
يجعل لأهل الأرض منها نصيبًا‏.



‏ ‏(‏اغفر لنا حوبنا وخطايانا‏)‏ هذا طلب للمغفرة وهي الستر ووقاية الإثم، ومنه المغفر الذي يلبس على الرأس
لستره ووقايته من الضرب‏.‏



والحوب‏:‏ الإثم، والخطايا هي الذنوب‏.‏


‏(‏أنت رب الطيبين‏)‏ هذا توسل آخر، والطيبين جمع طيب وهم النبيون وأتباعهم‏.‏ وإضافة ربوبيته لهؤلاء إضافة
تشريف وتكريم وإلا هو سبحانه رب كل شيء‏. ومليكه

‏(‏أنزل رحمة من رحمتك‏)‏ أي‏:‏ الرحمة المخلوقة‏.‏ فإن رحمة الله نوعان،
النوع الأول‏:‏ رحمته التي هي صفة من
صفاته كما في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ‏}‏ الآية ‏(‏156‏)‏ من سورة الأعراف‏.‏



النوع الثاني‏:‏ رحمة تضاف إليه سبحانه من إضافة المخلوق إلى خالقه كالمذكورة في هذا الحديث‏.‏ وكما
في حديث‏:‏ ‏(‏خلق الله مائة رحمة‏) الحديث‏.‏

فطلب ـ صلى الله عليه وسلم ـ من ربه إنزال هذه الرحمة على المريض لحاجته إليها ليشفيه بها‏.‏


والشاهد من الحديث‏:‏ أن فيه إثبات العلو لله تعالى وأنه في السماء والعلو صفة ذاتية كما سبق‏.‏ كما أن في الحديث
التوسل إلى الله تعالى بالثناء عليه بربوبيته وإلهيته وقدسيته وعلوه وعموم أمره وبرحمته، ثم في الحديث طلب
المغفرة من الله وشفاء المرض‏.‏



وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏ألا تأمنوني‏)‏ هذا خطاب منه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لمن اعترض عليه
في بعض قسمته المال‏.‏


وألا‏:‏ أداة استفتاح وتنبيه، وتأمنوني ـ من الأمانة ـ وهي عدم المحاباه والخيانة، أي‏:‏ ألا تأمنوني في قسمة المال
‏(‏وأنا أمين من في السماء‏)‏ وهو الله سبحانه قد ائتمنني على وحيه ورسالته وتبليغ شرعة، وكفى بذلك شهادة على
أمانته وصدقه ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏.



والشاهد من الحديث‏:‏

أن فيه إثبات العلو لله سبحانه‏.‏ حيث قال‏:‏ ‏(‏من في السماء‏)‏ وسبق شرح الجملة قريبًا‏.‏



وقوله‏:‏ ‏(‏والعرش فوق ذلك‏)‏ تقدم تفسير العرش
وقوله‏:‏ ‏(‏فوق ذلك‏)‏ أي‏:‏ فوق المخلوقات التي بينها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأصحابه في الحديث الذي
ذكر فيه بعد ما بين السماء والأرض، وما بين كل سماء وسماء وكثف كل سماء والبحر الذي فوق السماء السابعة
وما بين أسفله وأعلاه، وما فوق ذلك البحر من الأوعال الثمانية العظيمة ثم فوق ذلك العرش

‏(‏والله فوق العرش‏)‏ أي‏:‏ مستو عليه استواء يليق بجلاله ‏(‏وهو يعلم ما أنتم عليه‏)‏ بعلمه المحيط الذي لا يخفى
عليه شيء‏.‏



والشاهد من الحديث‏:‏

إثبات علو الله على عرشه وأن عرشه فوق المخلوقات كلها وأن علم الله سبحانه محيط بأعمال العباد
لا يخفى عليه منها شيء‏.‏

‏(‏وقوله للجارية‏)‏ أي‏:‏ أمة معاوية بن الحكم حينما غضب عليها سيدها معاوية فلطمها، ثم ندم وأخبر رسول الله
ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال‏:‏ أفلا أعتقها‏؟‏ فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏بلى جئني بها‏)‏‏.



‏ فأتى بها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال لها‏:‏ ‏(‏أين الله‏؟‏ ‏)‏ فيه دليل على جواز السؤال عن الله بأين‏.‏
‏(‏قالت‏:‏ في السماء‏)‏ أي‏:‏ الله سبحانه في السماء‏.‏ وتقدم تفسير هذه الكلمة ‏(‏قال‏)‏ لها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أيضًا‏:‏ ‏
(‏من أنا‏؟‏‏)‏ سألها عن اعتقادها فيه ‏
(‏قالت‏:‏ أنت رسول الله‏)‏ فأقرت له بالرسالة ‏
(‏قال‏)‏ ـ صلى الله عليه وسلم ـ لسيدها‏:‏
‏(‏أعتقها فإنها مؤمنة‏)‏ فيه دليل على أن من شهد هذه الشهادة أنه مؤمن وأن العق يشترط له الإيمان‏.‏


والشاهد من الحديث‏:‏

أن فيه دليلًا على علو الله على خلقه فوق سماواته، وأنه يشار إليه في جهة العلو إشارة حسية‏.‏




------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf






رد مع اقتباس