عرض مشاركة واحدة
  #46  
قديم 24-04-2015, 10:35PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 38 )


21 ـ إثبات الكلام لله تعالى

[ المتن ] :

وقوله‏:‏ ‏{‏وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا‏}‏ ‏{‏وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا‏}‏ ‏{‏إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ‏}‏ ‏{‏وَتَمَّتْ كَلِمَةُ
رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا‏}‏ ‏{‏وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا‏}‏ ‏{‏مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ‏}‏ ‏{‏وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ‏}‏ ‏{‏وَنَادَيْنَاهُ
مِن جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا‏}‏ ‏{‏وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ‏}‏ ‏{‏وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا
عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ‏}‏ ‏{‏وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ‏}‏ ‏{‏وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى
يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ‏}‏ ‏{‏وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ‏}‏
‏{‏يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ‏}‏ ‏{‏وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لا
مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ‏}‏ ‏{‏إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ‏}‏‏.‏



[ الشرح ]:

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ‏}‏ أي‏:‏ لا أحد أصدق منه سبحانه فهو استفهام إنكاري

‏{‏حَدِيثًا‏}‏ أي‏:‏ في حديثه وخبره وأمره ووعده ووعيده
وقوله‏:‏ ‏{‏وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا‏}‏ القيل‏:‏ مصدر قال كالقول‏.‏ أي‏:‏ لا أحد أصدق قولًا من الله ـ عز وجل ـ‏.‏


والشاهد من الآيتين الكريمتين أن فيهما إثبات الحديث والقيل لله سبحانه، ففيهما إثبات الكلام له سبحانه‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ‏}‏ أي‏:‏ اذكر ‏{‏وَإِذْ قَالَ اللَّهُ‏}‏ جمهور المفسرين ذهب إلى أن هذا
القول منه سبحانه يكون يوم القيامة، وهو توبيخ للذين عبدوا المسيح وأمه من النصارى‏.‏

وهي كالآيتين السابقتين فيهما إثبات القول لله تعالى وأنه يقول إذ شاء‏.‏


وقوله‏:‏ ‏{‏وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا‏}‏ المراد بالكلمة كلامه سبحانه‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏صِدْقًا‏}‏ أي‏:‏ في إخباره سبحانه
‏{‏وَعَدْلًا‏}‏ أي‏:‏ في أحكامه و ‏{‏صدقًا، وعدلًا‏}‏ منصوبان على التمييز، وفي الآية إثبات الكلام لله تعالى‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا‏}‏ هذا تشريف لموسى ـ عليه السلام ـ بأن الله كلمه أي أسمعه كلامه، ولهذا يقال له‏:
‏ الكليم و‏{‏تَكْلِيمًا‏}‏ مصدر مؤكد لدفع كون التكليم مجازًا‏.



‏ ففي الآية إثبات الكلام لله وأنه كلم موسى -عليه السلام-‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ‏}‏ أي من الرسل عيهم الصلاة والسلام ‏{‏مَّن كَلَّمَ اللَّهُ‏}‏ أي‏:‏ أسمعه كلامه بلا واسطة
يعني موسى ومحمدًا عليهما الصلاة والسلام، وكذا آدم كما ورد به الحديث في صحيح ابن حبان‏_.‏ ففي الآية إثبات
الكلام لله تعالى وأنه كلم بعض الرسل‏.‏



وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا‏}‏ أي‏:‏ حصل مجيئه في الوقت الذي واعده الله فيه ‏{‏وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ‏}‏ أي‏:‏ أسمعه
كلامه من غير واسطة، فالآيات فيها إثبات الكلام لله وأنه يتكلم متى شاء سبحانه، وأنه كلم موسى ـ عليه السلام ـ
بلا واسطة‏.‏



وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَنَادَيْنَاهُ‏}‏ أي‏:‏ نادى الله تعالى موسى ـ عليه السلام ـ‏.‏ والنداء هو الصوت المرتفع ‏{‏مِن جَانِبِ الطُّورِ‏}‏‏:‏
جبل بين مصر ومدين ‏{‏الأَيْمَنِ‏}‏ أي‏:‏ الجانب الأيمن من موسى حين ذهب يبتغي من النار التي رآها جذوة، وليس
المراد أيمن الجبل نفسه فإن الجبال لا يمين لها ولا شمال‏.‏

‏{‏وَقَرَّبْنَاهُ‏}‏ أي‏:‏ أدنيناه حتى كلمناه ‏{‏نَجِيًّا‏}‏ أي‏:‏ مناجيًا، والمناجاة ضد المناداة‏.‏


وفي الآية الكريمة إثبات الكلام لله تعالى وأنه ينادي ويناجي، وهما نوعان من الكلام، فالمناداة بصوت مرتفع
والمناجاة بصوت غير مرتفع‏.‏



وقوله‏:‏ ‏{‏وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى‏}‏ أي‏:‏ واتل أو اذكر ذلك ‏{‏ وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى ‏}‏ النداء هو الدعاء ‏{‏أَنِ ائْتِ‏}‏‏:‏
‏{‏أَنِ‏}‏ يجوز أن تكون مفسرة وأن تكون مصدرية، أي‏:‏ اذهب إلى ‏{‏الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ‏}‏ وصفهم بالظلم لأنهم جمعوا
بين الكفر الذي ظلموا به أنفسهم وبين المعاصي التي ظلموا بها غيرهم كاستعبادهم بني إسرائيل وذبح أبنائهم‏.‏
وفي الآية الكريمة‏:‏ إثبات الكلام لله تعالى وأنه ينادي من شاء من عباده ويسمعه كلامه‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ‏}‏ أي‏:‏ نادى الله تعالى آدم وحواء عليهما السلام قائلًا لهما ‏
{‏أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ‏}‏ أي‏:‏ عن الأكل منها‏.‏ وهذا عتاب من الله لهما وتوبيخ، حيث لم يحذرا ما حذرهما
منه‏.‏ وفي الآية الكريمة، إثبات الكلام لله تعالى والنداء منه لآدم وزوجه‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ‏}‏ أي‏:‏ ينادي الله سبحانه هؤلاء المشركين يوم القيامة ‏{‏فَيَقُولُ‏}‏ لهم ‏{‏مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ‏}‏
أي‏:‏ ما كان جوابكم لمن أرسل إليكم من النبيين لما بلغوكم رسالاتي، والشاهد من الآية‏:‏ إثبات الكلام لله،
وأنه ينادي يوم القيام‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ‏}‏ الذين أمرت بقتالهم ‏{‏اسْتَجَارَكَ‏}‏ يا محمد، أي‏:‏ طلب جوارك وحمايتك
وأمانك ‏{‏فَأَجِرْهُ‏}‏ أي‏:‏ كن له جارًا ومؤمنًا ‏{‏حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ‏}‏ منك ويتدبره ويقف على حقيقة ما
تدعو إليه‏.‏



والشاهد من الآية‏:‏ أن فيها إثبات الكلام لله تعالى، وأن الذي يتلى هو كلام الله‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ‏}‏ أي‏:‏ اليهود والفريق اسم جمع لا واحد له من لفظه ‏{‏يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللَّه‏}‏ أي‏:‏ التوارة ‏
{‏ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ‏}‏ أي‏:‏ يتأولونه على غير تأويله ‏{‏مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ‏}‏ أي‏:‏ فهموه، ومع هذا يخالفونه على بصيرة ‏{‏وَهُمْ
يَعْلَمُونَ‏}‏ أنهم مخطئون فيما ذهبوا إليه من تحريفه وتأويله‏.‏

والشاهد من الآية الكريمة‏:‏ أن فيها إثبات
الكلام لله تعالى وأن التوراة من كلامه تعالى‏.‏ وأن اليهود حرفوها وغيروا فيها وبدلوا‏.‏


وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ‏}‏ ‏{‏يُرِيدُونَ‏}‏ أي‏:‏ المخلفون من
الأعراب الذين اختاروا المقام في أهليهم وشغلهم وتركوا المسير مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين
خرج عام الحديبية ‏

{‏أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ‏}‏ أي‏:‏ يغيروا كلام الله الذي وعد الله به أهل الحديبية خاصة بغنيمة خيبر ‏{‏قُل لَّن تَتَّبِعُونَا‏}‏
هذا نفي في معنى النهي أي‏:‏ لا تتبعونا ‏{‏كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ‏}‏ أي‏:‏ وعد الله أهل الحديبية أن غنيمة خيبر
لهم خاصة‏.‏



والشاهد من الآية الكريمة‏:‏ أن فيها إثبات الكلام لله وإثبات القول له وأن الله سبحانه يتكلم ويقول متى شاء إذا شاء،
وأنه لا يجوز تبديل كلامه سبحانه بل يجب العمل به واتباعه‏.‏



وقوله‏:‏ ‏{‏وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ‏}‏ أمر الله نبيه أن يواظب على تلاوة الكتاب الموحى إليه‏.
‏ والوحي‏:‏ هو الإعلام بسرعة وخفاء، وله كيفيات مذكورة في كتب أصول التفسير ‏{‏مِن كِتَابِ رَبِّكَ‏}‏ بيان للذي
أوحي إليه ‏{‏لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِه‏}‏ أي‏:‏ لا مغير لها ولا محرف ولا مزيل‏.‏



والشاهد من الآية‏:‏ إثبات الكلمات لله تعالى‏.‏
قوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ‏}‏ وهم حملة التوراة والإنجيل ‏{‏أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ‏}‏ كاختلافهم
في عيسى، فاليهود افتروا في حقه والنصارى غلوا فيه‏.‏

فجاء القرآن بالقول الوسط الحق أنه عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه‏.‏


والشاهد من الآية الكريمة‏:‏ أن فيها إثبات أن القرآن كلام الله تعالى لما تضمنه من الإحاطة بالكتب السابقة، والحكم في
الخلاف بين طوائف أهل الكتاب بالقسط، وهذا لا يكون إلا من عند الله‏.‏

ويستفاد من مجموع الآيات التي ساقها المؤلف‏:‏ إثبات الكلام لله، ومذهب أهل السنة والجماعة إثبات ما دل
عليه الكتاب والسنة من أن الله موصوف بالكلام، وكلامه سبحانه من صفاته الذاتية لقيامه به واتصافه به‏.‏

ومن صفاته الفعلية الواقعة بمشيئته وقدرته فيتكلم إذا شاء كيف شاء بما شاء، ولم يزل متكلمًا ولا يزال متكلمًا
لأنه لم يزل ولا يزال كاملًا والكلام من صفات الكمال‏.‏

ولأن الله وصف به نفسه ووصفه به رسوله‏.‏ وسيأتي ذكر مذهب المخالفين في هذه المسألة مع الرد عليهم إن شاء الله‏.‏




------


[ المصدر ]

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf


التصفية والتربية

TarbiaTasfia@








التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 24-04-2015 الساعة 11:22PM
رد مع اقتباس