عرض مشاركة واحدة
  #89  
قديم 12-06-2015, 08:23AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم







【 شرح العقيدة الواسطية 】

لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -

شرح العقيدة الواسطية. ( 79 )


[ المتن ] :



فصل في بيان مكملات العقيدة من مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال التي تحلى بها أهل السنة


ثم هم مع هذه الأصول يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة، ويرون إقامة الحج والجمع
والأعياد مع الأمراء أبرارًا كانوا أو فجارًا‏.‏ ويحافظون على الجماعات‏.‏ ويدينون بالنصحية للأمة‏.‏ ويعتقدون معنى
قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا وشبك بين أصابعه‏)‏ ‏[‏رواه البخاري
‏(‏6026‏)‏ ومسلم ‏(‏2585‏)‏ عن أبي موسى‏]‏‏.‏ وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم
كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر‏)‏ ‏[‏رواه البخاري ‏(‏6011‏)‏ ومسلم ‏
(‏2586‏)‏ عن النعمان بن بشير‏]‏‏.‏ ويأمرون بالصبر عند البلاء، والشكر عند الرخاء، والرضا بمر القضاء‏.‏


[ الشرح ]:

هذا الفصل كالمتمم للفصل الذي قبله فيه بيان لصفات أهل السنة التي هي من مكملات العقيدة فقوله‏:‏ ‏(‏ثم هم‏)‏
أي‏:‏ أهل السنة ‏(‏مع هذه الأصول‏)‏ أي‏:‏ التي مر ذكرها، أي‏:‏ مع قيامهم بها علمًا وعملًا يتحلون بصفات هي من
مكملاتها وثمراتها فهم ‏(‏يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر‏)‏ كما وصفهم الله بذلك في قوله‏:‏ ‏{‏كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ
أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ‏}‏ ‏[‏الآية ‏(‏110‏)‏ من سورة آل عمران‏]‏‏.‏
والمعروف هو اسم جامع لكل ما يحيه الله من الإيمان والعمل الصالح‏.
والمنكر‏:‏ اسم جامع لكل ما يكرهه الله
وينهى عنه‏.‏


‏(‏على ما توجبه الشريعة‏)‏ أي‏:‏ باليد ثم باللسان ثم بالقلب تبعًا للقدرة والمصلحة، خلافًا للمعتزلة الذين يخالفون
ما توجبه الشريعة في هذا، فيرون أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الخروج على الأئمة‏.‏


قوله‏:‏ ‏(‏ويرون إقامة الحج والجمع والأعياد مع الأمراء أبرارًا كانوا أو فجارًا‏)‏ أي‏:‏ ويعتقد أهل السنة وجوب إقامة
هذه الشعائر مع ولاة أمور المسلمين ‏(‏أبرارًا كانوا أو فجارًا‏)‏ أي‏:‏ سواء كانوا صالحين مستقيمين أو فساقًا فسقًا
لا يخرجهم عن الملة‏.‏ وذلك لأن غرض المسلمين من ذلك هو جمع الكلمة والابتعاد عن الفرقة والخلاف، ولأن
الوالي الفاسق لا ينعزل بفسقه، ولا يجوز الخروج عليه لما يترتب على ذلك من ضياع الحقوق وإراقة الدماء‏.‏
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ‏:‏ ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها
من الفساد أكثر من الذي في إزالته‏.‏ ا ه ـ‏.


وأهل السنة يخالفون في ذلك أهل البدع من الخوارج والمعتزلة والشيعة الذين يرون قتال الولاة والخروج عليهم،
إذا فعلوا ما هو ظلم أو ظنوه ظلمًا، ويرون ذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‏.‏
وقوله‏:‏ ‏(‏ويحافظون على الجماعات‏)‏ أي‏:‏ ومن صفات أهل السنة أنهم يحافظون على حضور صلاة الفريضة
مع الجماعة جمعة أو غيرها، لأن ذلك من أعظم شعائر الإسلام وطاعة لله ورسوله في ذلك خلافًا للشيعة الذين
لا يرون الصلاة إلا مع الإمام المعصوم‏.‏ وخلافًا للمنافقين الذين يتخلفون عن صلاة الجماعة‏.‏ وقد وردت أحاديث في
فضل صلاة الجماعة والأمر بها والنهي عن تركها، ليس هذا موضع ذكرها‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏ويدينون بالنصيحة للأمة‏)‏
أي‏:‏ يرونها من الدين‏.‏ وأصل النصح في اللغة‏:‏ الخلوص، وشرعًا‏:‏ هي إرادة الخير المنصوح له وإرشاده إلى
مصالحه‏.‏


فأهل السنة يريدون الخير للأمة ويرشدونها إلى ما فيه صلاحها‏.‏ ومن صفات أهل السنة التعاون على الخير‏.‏
والتألم لألم المصابين منهم فهم يعتقدون معنى قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه
بعضًا وشبك بين أصابعه‏)‏ رواه البخاري ومسلم وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم
وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر‏)‏ رواه البخاري ومسلم وغيرهما‏.‏
فالحديثان يمثلان ما ينبغي أن يكون عليه المسلمون من تعاون وتراحم‏.‏ وأهل السنة يعملون بمقتضاهما وقوله‏:
‏ ‏(‏المؤمن للمؤمن‏)‏ وقوله‏:‏ ‏(‏مثل المؤمنين‏)‏ المراد بالإيمان هنا الإيمان الكامل، ‏(‏كالبنيان‏)‏ هذا التمثيل يقصد منه
التقريب للفهم ‏(‏يشد بعضه بعضًا‏)‏ بيان لوجه الشبه ‏(‏وشبك بين أصابعه‏)‏ تمثيل آخر يقصد منه التقريب للفهم‏.‏
قوله‏:‏ ‏(‏كمثل الجسد الواحد‏)‏ أي‏:‏ بالنسبة إلى جميع أعضائه من حيث الشعور بالراحة أو التعب‏.‏ ‏(‏توادهم‏)‏
أي‏:‏ محبة بعضهم لبعض ‏(‏تعاطفهم‏)‏ أي‏:‏ عطف بعضهم على بعض ‏(‏إذا اشتكى‏)‏‏:‏ تألم، ‏(‏تداعى‏)‏‏:‏ شارك بعضه
البعض الآخر في الألم ‏(‏سائر الجسد‏)‏‏:‏ باقية ‏(‏بالحمى‏)‏‏:‏ ما ينشأ عن الألم من حرارة الجسم ‏(‏السهر‏)‏‏:‏ عدم النوم‏.‏
وهذا الحديث خبر معناه الأمر، أي كما أنه إذا تألم بعض جسده سرى ذلك الألم إلى جميع جسده، فكذا المؤمنون
ليكونوا كنفس واحدة إذا أصاب أحدهم مصيبة يغتم جميعهم ويعملون على إزالتها وفي هذا التشبيه تقريب للفهم
وإظهار المعاني في الصور المرئية‏.‏


ومن صفات أهل السنة ثباتهم في مواقف الامتحان ‏(‏يأمرون بالصبر عند البلاء‏)‏ الصبر لغة‏:‏ الحبس، ومعناه
هنا‏:‏ حبس النفس عن الجزع وحبس اللسان عن التشكي والتسخط، وحبس الجوارح عن لطم الخدود وشق
الجيوب‏.‏
‏(‏البلاء‏)‏‏:‏ الامتحان بالمصائب والشدائد ‏(‏والشكر عند الرخاء‏)‏ الشكر‏:‏ فعل ينبئ عن تعظيم المنعم لكونه منعمًا،
وهو صرف العبد ما أنعم الله به عليه في طاعته‏.‏ ‏(‏الرخاء‏)‏‏:‏ اتساع النعمة ‏(‏والرضا بمر القضاء‏)‏ الرضا‏:‏ ضد
السخط، والقضاء لغة‏:‏ الحكم‏.‏ وعرفًا‏:‏ إرادة الله المتعلقة بالأشياء على ما هي عليه‏.‏ ومر القضاء، ما يجري على
العبد مما يكرهه كالمرض والفقر وأذى الخلق والحر والبرد والآلام‏.‏


------


[ المصدر ]











.

التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 12-06-2015 الساعة 08:25AM
رد مع اقتباس