عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 29-01-2015, 05:50PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





القول المفيد على كتاب التوحيد

باب ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد وسده كل طريق يوصل إلى الشرك

ج / 1 ص -437- باب ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد وسده كل طريق يوصل إلى الشرك


قوله: "المصطفى": أصلها: المصتفى، من الصفوة، وهو خيار الشيء; فالنبي صلى الله عليه وسلم أفضل المصطفين لأنه أفضل أولي العزم من الرسل، والرسل هم المصطفون، والمراد به: محمد صلى الله عليه وسلم والاصطفاء على درجات أعلاها اصطفاء أولي العزم من الرسل، ثم اصطفاء الرسل، ثم اصطفاء الأنبياء، ثم اصطفاء الصديقين، ثم اصطفاء الشهداء، ثم اصطفاء الصالحين.


قوله: "حماية": من حمى الشيء، إذا جعل له مانعا يمنع من يقرب حوله، ومنه حماية الأرض عن الرعي فيها، ونحو ذلك.
قوله: "جناب": بمعنى جانب، والتوحيد: تفعيل من الوحدة، وهو إفراد الله تعالى بما يجب له من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات.


قوله: "وسده كل طريق": أي: مع الحماية لم يدع الأبواب مفتوحة يلج إليها من شاء، ولكنه سد كل طريق يوصل إلى الشرك; لأن الشرك أعظم الذنوب، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } 1.


قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الشرك الأصغر لا يغفره الله; لعموم قوله: "أن يشرك به"، وعلى هذا; فجميع الذنوب دونه لقوله: { وَيَغْفِرُ مَا



1 سورة النساء آية : 48.

ج / 1 ص -438- وقول الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ } 1 الآية.


دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } ؛ فيشمل كبائر الذنوب وصغائرها; فالشرك ليس بالأمر الهين الذي يتهاون به، فالشرك يفسد القلب والقصد، وإذا فسد القصد فسد العمل; إذ العمل مبناه على القصد، قال تعالى: { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } 2، وقال صلى الله عليه وسلم: " إنما الأعمال بالنيات "3.


إذا; فالرسول صلى الله عليه وسلم حمى جانب التوحيد حماية محكمة، وسد كل طريق يوصل إلى الشرك ولو من بعيد; لأن من سار على الدرب وصل، والشيطان يزين للإنسان أعمال السوء شيئا فشيئا حتى يصل إلى الغاية.
قوله: { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ }


الجملة مؤكدة بثلاثة مؤكدات: القسم، واللام، وقد، وهي مؤكدة لجميع مدخولها بأنه رسول، وأنه من أنفسهم، وأنه عزيز عليه ما يشق علينا، وأنه بالمؤمنين رءوف رحيم; فالقسم منصب على كل هذه الأوصاف الأربعة.


والخطاب في قوله: "جاءكم" قيل: للعرب; لقوله: "من أنفسكم" ; فالرسول صلى الله عليه وسلم من العرب، قال تعالى: { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ } 4 ويحتمل أن يكون عاما للأمة كلها، ويكون المراد بالنفس هنا الجنس; أي: ليس من الجن ولا الملائكة، بل


ــــ
1 سورة التوبة آية : 128.
2 سورة آية : 15-16.
3 أخرجه: البخاري في (بدء الوحي, برقم 1), ومسلم في (الإمارة, 3/1515).
4 سورة الجمعة آية : 2.

ج / 1 ص -439-


هو من جنسكم; كما قال تعالى: {هو الذي خلقكم من نفس واحدة} 1.
وعلى الاحتمال الأول فيه إشكال; لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى جميع الناس من العرب والعجم. ولكن يقال في الجواب: إنه خوطب العرب بهذا; لأن منة الله عليهم به أعظم من غيرهم، حيث كان منهم، وفي هذا تشريف لهم بلا ريب.


والاحتمال الثاني أولى; للعموم، ولقوله: { لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ } 2 ولما كان المراد العرب، قال: "منهم" لا "من أنفسهم"، قال الله تعالى: { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ } 3 وقال تعالى عن إبراهيم وإسماعيل:{ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ } 4 وعلى هذا، فإذا جاءت "من أنفسهم"; فالمراد: عموم الأمة، وإذا جاءت "منهم"; فالمراد: العرب; فعلى الاحتمال الثاني لا إشكال في الآية.


قوله: "رسول": أي: من الله كما قال تعالى: { رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً } 5 وفعول هنا بمعنى مفعل; أي: مرسل.
و "من أنفسكم": سبق الكلام فيها.


قوله: "عزيز": أي: صعب; لأن هذه المادة العين والزاي في اللغة العربية تدل على الصلابة، ومنه: "أرض عزاز"; أي: صلبة قوية، والمعنى: أنه يصعب عليه ما يشق عليكم، ولهذا بعث بالحنيفية السمحة، وما خير بين شيئين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، وهذا من التيسير الذي بعث به الرسول صلى الله عليه وسلم




1 سورة الأعراف آية : 189.
2 سورة آل عمران آية : 164.
3 سورة الجمعة آية : 2.
4 سورة البقرة آية : 129.
5 سورة البينة آية : 2.

ج / 1 ص -440-


قوله: "ما عنتم": "ما": مصدرية، وليست موصولة; أي: عنتكم; أي: مشقتكم; لأن العنت بمعنى المشقة، قال تعالى: { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ } 1 أي: المشقة.
والفعل بعد "ما" يؤول إلى مصدر مرفوع، لكن بماذا هو مرفوع؟ يختلف باختلاف "عزيز" إذا قلنا: بأن "عزيز" صفة لرسول; صار المصدر المؤول فاعلا به; أي: عزيز عليه عنتكم، وإن قلنا: عزيز خبر مقدم; صار عنتكم مبتدأ، والجملة حينئذ تكون كلها صفة لرسول، أو يقال: عزيز مبتدأ، وعنتكم فاعل سد مسد الخبر على رأي الكوفيين الذي أشار إليه ابن مالك في قوله:

..وقد يجوز نحو فائز أولو الرشد.


قوله: "حريص عليكم": الحرص: بذل الجهد لإدراك أمر مقصود، والمعنى: باذل غاية جهده في مصلحتكم; فهو جامع بين أمرين: دفع المكروه الذي أفاده قوله: {} وحصول المحبوب الذي أفاده قوله: "حريص عليكم" ; فكان النبي صلى الله عليه وسلم جامعا بين هذين الوصفين، وهذا من نعمة الله علينا وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون على هذا الخلق العظيم الممثل بقوله تعالى: { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } 2.


قوله: { بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ }"بالمؤمنين": جار ومجرور خبر مقدم، و "رءوف": مبتدأ مؤخر، و "رحيم": مبتدأ ثان، وتقديم الخبر يفيد الحصر. والرأفة: أشد الرحمة وأرقها. والرحمة: رقة بالقلب تتضمن الحنو على المرحوم والعطف عليه بجلب الخير له ودفع الضرر عنه.


وقولنا: رقة في القلب هذا باعتبار المخلوق، أما بالنسبة لله تعالى; فلا نفسرها بهذا التفسير; لأن الله تعالى ليس كمثله شيء، ورحمة الله



1 سورة النساء آية : 25.
2 سورة القلم آية : 4.

ج / 1 ص -441-


أعظم من رحمة المخلوق لا تدانيها رحمة المخلوق ولا تماثلها; فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن لله مئة رحمة وضع منها رحمة واحدة يتراحم بها الخلق منذ خلقوا إلى يوم القيامة، حتى إن الدابة لترفع حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه "1. فمن يحصي هذه الرحمة التي في الخلائق منذ خلقوا إلى يوم القيامة كمية؟ ومن يستطيع أن يقدرها كيفية؟ لا أحد يستطيع إلا الله عزوجل الذي خلقها؟ فهذه رحمة واحدة، فإذا كان يوم القيامة رحم الخلق بتسع وتسعين رحمة بالإضافة إلى الرحمة الأولى، وهل هذه الرحمة تدانيها رحمة المخلوق؟ الجواب: أبدا، لا تدانيها، والقدر المشترك بين رحمة الخالق ورحمة المخلوق أنها صفة تقتضي الإحسان إلى المرحوم، ورحمة الخالق غير مخلوقة; لأنها من صفاته، ورحمة المخلوق مخلوقة; لأنها من صفاته; فصفات الخالق لا يمكن أن تنفصل عنه إلى مخلوق لأننا لو قلنا بذلك لقلنا بحلول صفات الخالق بالمخلوق، وهذا أمر لا يمكن; لأن صفات الخالق يتصف بها وحده، وصفات المخلوق يتصف بها وحده، لكن صفات الخالق لها آثار تظهر في المخلوق، وهذه الآثار هي الرحمة التي نتراحم بها.


قوله: { بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ }،أي: إن النبي صلى الله عليه وسلم في غير المؤمنين ليس رءوفا ولا رحيما، بل هو شديد عليهم كما وصفه الله هو وأصحابه بذلك في قوله صلى الله عليه وسلم:{ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ } 2.
قوله: "فإن تولوا": أي: أعرضوا مع هذا البيان الواضح بوصف



1 من حديث أبي هريرة. رواه: "البخاري" (كتاب الأدب, باب جعل الله الرحمة في مئة جزء, 4/91), و "مسلم" (كتاب التوبة, باب في سعة رحمة الله, رقم 2752, 2753, 4/2108).
2 سورة الفتح آية : 29.

ج / 1 ص -442-


الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا التفات من الخطاب إلى الغيبة; لأن التولي مع هذا البيان مكروه، ولهذا لم يخاطبوا به; فلم يقل: فإن توليتم. والبلاغيون يسمونه التفاتا، ولو قيل: إنه انتقال; لكان أحسن!
قوله: { فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ } الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم أي: قل ذلك معتمدا على الله، متوكلا عليه، معتصما به: حسبي الله، وارتباط الجواب بالشرط واضح، أي: فإن أعرضوا; فلا يهمنك إعراضهم، بل قل بلسانك وقلبك: حسبي الله، و "" خبر مقدم، ولفظ الجلالة مبتدأ مؤخر ويجوز العكس بأن نجعل: " مبتدأ ولفظ الجلالة خبراً، لكن لما كانت حسب نكرة لا تتعرف بالإضافة; كان الأولى أن نجعلها هي الخبر.


قوله: { لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ } 1 أي: لا معبود حق حقيق بالعبادة سوى الله عزوجل
قوله: "عليه توكلت": عليه: جار ومجرور متعلق بتوكلت، وقدم للحصر. والتوكل: هو الاعتماد على الله في جلب المنافع ودفع المضار مع الثقة به وفعل الأسباب النافعة.


وقوله: "عليه توكلت" مع قوله: { لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ } 2 فيها جمع بين توحيدي الربوبية والعبودية، والله تعالى يجمع بين هذين الأمرين كثيرا كقوله تعالى: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } 3 [الفاتحة: 5]، وقوله: { فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ } 4.


قوله: { وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } 5 الضمير يعود على الله - سبحانه -.
و "رب العرش" ; أي: خالقه، وإضافة الربوبية إلى العرش وإن كانت ربوبية الله عامة، تشريف للعرش وتعظيم له. ومناسبة التوكل لقوله:



1 سورة البقرة آية : 163.
2 سورة البقرة آية : 163.
3 سورة الفاتحة آية : 5.
4 سورة هود آية : 123.
5 سورة التوبة آية : 129.

ج / 1 ص -443-


{ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ }1 لأن من كان فوق كل شيء ولا شيء فوقه; فإنه لا أحد يغلبه، فهو جدير بأن يتوكل عليه وحده.
وقوله: "العرش" فسره بعض الناس بالكرسي، ثم فسروا الكرسي بالعلم، وحينئذ لا يكون هناك كرسي ولا عرش، وهذا التفسير باطل، والصحيح أن العرش غير الكرسي، وأن الكرسي غير العلم، ولا يصح تفسيره بالعلم، بل الكرسي من مخلوقات الله العظيمة الذي وسع السماوات والأرض، والعرش أعظم وأعظم، ولهذا وصفه بأنه عظيم بقوله تعالى: { وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } 2 وبأنه مجيد بقوله: { ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ } 3 على قراءة كسر الدال، وبأنه كريم في قوله: { لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ } 4 لأنه أعظم المخلوقات التي بلغنا علمها وأعلاها لأن الله استوى عليه. وفيه دليل على أن كلمة العظيم يوصف بها المخلوق; لأن العرش مخلوق، وكذلك الرحيم، والرءوف، والحكيم.


ولا يلزم من اتفاق الاسمين اتفاق المسميين، فإذا كان الإنسان رءوفا; فلا يلزم أن يكون مثل الخالق، فلا تقل: إذا كان الإنسان سميعا بصيرا عليما لزم أن يكون مثل الخالق; لأن الله سميع بصير عليم، كما أن وجود الباري سبحانه لا يستلزم أن تكون ذاته كذوات الخلق; فإن أسماءه كذلك لا يستلزم أن تكون كأسماء الخلق، وهناك فرق عظيم بين هذا وهذا.


وقوله: { فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ }أي: كافيني، وهكذا يجب أن يعلن المؤمن اعتماده على ربه، ولا سيما في مثل هذا المقام الذي يتخلى الناس عنه; لأنه قال: "فإن تولوا". وهذه الكلمة - كلمة الحسب - تقال في



1 سورة التوبة آية : 129.
2 سورة التوبة آية : 129.
3 سورة البروج آية : 15.
4 سورة المؤمنون آية : 116.

ج / 1 ص -444- عن أبي هريرةرضي الله عنهقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تجعلوا بيوتكم قبورا،..


الشدائد، قالها إبراهيم حين ألقي في النار، والنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حين قيل لهم: { إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } 1.
(تنبيه): في سياقنا للآية الثانية فوائد نسأل الله أن ينفع بها.
قوله: "لا تجعلوا": الجملة هنا نهي; فلا ناهية، والفعل مجزوم وعلامة جزمه حذف النون، والواو فاعل.


قوله: "بيوتكم": جمع بيت، وهو مقر الإنسان وسكنه، سواء كان من طين أو حجارة أو خيمة أو غير ذلك، وغالب ما يراد به الطين والحجارة.
قوله: "قبورا": مفعول ثان لتجعلوا، وهذه الجملة اختلف في معناها; فمنهم من قال: لا تجعلوها قبورا; أي: لا تدفنوا فيها، وهذا لا شك أنه ظاهر اللفظ، ولكن أورد على ذلك دفن النبي صلى الله عليه وسلم في بيته.
وأجيب عنه بأنه من خصائصه صلى الله عليه وسلم فالنبي صلى الله عليه وسلم

دفن في بيته لسببين:
1- ما روي عن أبي بكر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من نبي يموت إلا دفن حيث قبض "2 وهذا ضعفه بعض العلماء.
2- ما روته عائشة رضي الله عنها: " أنه خشي أن يتخذ مسجدا "3.




1 سورة آل عمران آية : 173.
2 سبق (ص 397).
3 سبق (ص 397).

ج / 1 ص -445-


وقال بعض العلماء: المراد ب "لا تجعلوا بيوتكم قبورا"; أي: لا تجعلوها مثل القبور، أي: المقبرة لا تصلون فيها، وذلك لأنه من المتقرر عندهم أن المقابر لا يصلى فيها، وأيدوا هذا التفسير بأنه سبقها جملة في بعض الطرق: " اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تجعلوها قبورا "1 وهذا يدل على أن المراد: لا تدعوا الصلاة فيها.


وكلا المعنيين صحيح; فلا يجوز أن يدفن الإنسان في بيته، بل يدفن مع المسلمين; لأن هذه هي العادة المتبعة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليوم، ولأنه إذا دفن في بيته; فإنه ربما يكون وسيلة إلى الشرك، فربما يعظم هذا المكان، ولأنه يحرم من دعوات المسلمين الذين يدعون بالمغفرة لأموات المسلمين عند زيارتهم للمقابر، ولأنه يضيق على الورثة من بعده فيسأمون منه، وربما يستوحشون منه، وإذا باعوه لا يساوي إلا شيئا قليلا، ولأنه قد يحدث عنده من الصخب واللعب واللغو والأفعال المحرمة ما يتنافى مع مقصود الشارع; فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: " زوروا القبور; فإنها تذكركم الآخرة "2.


وأما أن المعنى: لا تجعلوها قبورا; أي: مثل القبور في عدم الصلاة فيها; فهو دليل على أنه ينبغي إن لم نقل: يجب أن يجعل الإنسان من صلاته في بيته ولا يخليه من الصلاة. وفيه أيضا: أنه من المتقرر عندهم أن المقبرة لا يصلى فيها.
إذن; فيكون هذا النهي عن ترك الصلاة في البيوت لئلا تشبه المقابر; فيكون فيه دليل واضح على أن المقابر ليست محلا للصلاة، وهذا هو




1 البخاري : الشهادات (2679) والمناقب (3836) والأدب (6108) والأيمان والنذور (6646) والتوحيد (7401) , ومسلم : الأيمان (1646) , والترمذي : النذور والأيمان (1534) , والنسائي : الأيمان والنذور (3764) , وأبو داود : الأيمان والنذور (3249) , وأحمد (2/11 ,2/17 ,2/20 ,2/76 ,2/98 ,2/142) , ومالك : النذور والأيمان (1037) , والدارمي : النذور والأيمان (2341).
2 سبق (ص 431).

ج / 1 ص -446- ولا تجعلوا قبري عيدا،.......


الشاهد من الحديث للباب;
لأن اتخاذ المقابر مساجد سبب قريب جدا للشرك.
واتخاذها مساجد سبق أن له مرتبتين:
الأولى: أن يبني عليها مسجدا.
الثانية: أن يتخذها مصلى يقصدها ليصلي عندها.


والحديث يدل على أن الأفضل: أن المرء يجعل من صلاته في بيته وذلك جميع النوافل; لقوله صلى الله عليه وسلم " أفضل صلاة المرء في بيته; إلا المكتوبة "1 إلا ما ورد الشرع أن يفعل في المسجد، مثل: صلاة الكسوف، وقيام الليل في رمضان، حتى ولو كنت في المدينة النبوية; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك وهو في المدينة، وتكون المضاعفة بالنسبة للفرائض أو النوافل التي تسن لها الجماعة.


قوله: "عيدا": العيد: اسم لما يعتاد فعله، أو التردد إليه، فإذا اعتاد الإنسان أن يعمل عملا كما لو كان كلما حال عليه الحول صنع طعاما ودعا الناس; فهذا يسمى عيدا لأنه جعله يعود ويتكرر.


وكذلك من العيد: أن تعتاد شيئا فتتردد إليه، مثل: ما يفعل بعض الجهلة في شهر رجب وهو ما يسمى بالزيارة الرجبية، حيث يذهبون من مكة إلى المدينة، ويزورون كما زعموا قبر النبي صلى الله عليه وسلم وإذا أقبلوا على المدينة تسمع لهم صياحا، وكانوا سابقا يذهبون من مكة إلى المدينة على الحمير خاصة، ولما جاءت السيارات صاروا يذهبون على السيارات.
وأيهما المراد من كلام النبي صلى الله عليه وسلم الأول; أي العمل الذي يتكرر




1 من حديث زيد بن ثابت, رواه: البخاري (كتاب الأذان, باب صلاة الليل, 1/239), ومسلم (كتاب صلاة المسافرين, باب استحباب صلاة النافلة في بيته, 1/539).

ج / 1 ص -447- وصلوا علي;....


بتكرر العام، أو التردد إلى المكان؟ الظاهر الثاني، أي: لا تترددوا على قبري وتعتادوا ذلك، سواء قيدوه بالسنة أو بالشهر أو بالأسبوع; فإنه صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وإنما يزار لسبب، كما لو قدم الإنسان من سفر، فذهب إلى قبره فزاره، أو زاره ليتذكر الآخرة كغيره من القبور.
وما يفعله بعض الناس في المدينة كلما صلى الفجر ذهب إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم من أجل السلام عليه، فيعتاد هذا كل فجر، يظنون أن هذا مثل زيارته في حياته; فهذا من الجهل، وما علموا أنهم إذا سلموا عليه في أي مكان; فإن تسليمهم يبلغه.


قوله: "وصلوا علي": هذا أمر، أي: قولوا: اللهم صل على محمد، وقد أمر الله بذلك في قوله: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } 1.


وفضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم معروف، ومنه أن من صلى عليه مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرا2. والصلاة من الله على رسوله ليس معناها كما قال بعض أهل العلم: إن الصلاة من الله الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، ومن الآدميين الدعاء. فهذا ليس بصحيح، بل إن صلاة الله على المرء ثناؤه عليه في الملأ الأعلى، كما قال أبو العالية وتبعه على ذلك المحققون من أهل العلم. ويدل على بطلان القول الأول قوله تعالى: { أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ } 3 فعطف الرحمة على الصلوات، والأصل في العطف المغايرة، ولأن الرحمة تكون لكل أحد، ولهذا أجمع العلماء على أنه يجوز أن تقول: فلان رحمه الله،



1 سورة الأحزاب آية : 56.
2 أخرجه: مسلم في (الصلاة, باب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه, 1/288) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
3 سورة البقرة آية : 157.

ج / 1 ص -448- فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ".
رواه أبو داود بإسناد حسن ورواته ثقات1.



واختلفوا: هل يجوز أن تقول: فلان صلى الله عليه؟ فمن صلى على محمد صلى الله عليه وسلم مرة أثنى الله عليه في الملأ الأعلى عشر مرات، وهذه نعمة كبيرة.
قوله: "فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم": حيث: ظرف مبني على الضم في محل نصب، ويقال فيها: حيث، وحوث، وحاث، لكنها قليلة.
كيف تبلغه الصلاة عليه؟


الجواب: نقول: إذا جاء مثل هذا النص وهو من أمور الغيب; فالواجب أن يقال: الكيف مجهول لا نعلم بأي وسيلة تبلغه، لكن ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم " أن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام "2 فإن صح; فهذه هي الكيفية.


قوله: "رواه أبو داود بإسناد حسن، ورواته ثقات": هذا التعبير من الناحية الاصطلاحية، ظاهره أن بينهما اختلافا، ولكننا نعرف أن الحسن: هو أن يكون الراوي خفيف الضبط; فمعناه أن فيه نوعا من الثقة، فيجمع بين كلام المؤلف رحمه الله وبين ما ذكره عن رواية أبي داود بإسناد حسن:



1 رواه: أحمد (2/367), وأبو داود (كتاب المناسك, باب زيارة القبور, 2/534) وسكت عنه. وصححه النووي في "الأذكار" (ص 93), وقال شيخ الإسلام في "الاقتضاء" (ص 321): "إسناده حسن, ورواته ثقات مشاهير, لكن عبد الله بن نافع الصائغ الفقيه صاحب مالك فيه لين, لا يقدح في حديثه". وحسنه ابن حجر في "تخريج الأذكار"; كما في الفتوحات الربانية" (3/313).


2 رواه: أحمد في "المسند" (1/387), والنسائي (كتاب السهو, باب السلام على النبي صلى الله عليه وسلم, 3/43) وغيرهما من حديث ابن مسعود. وقال ابن القيم في "جلاء الأفهام" (ص 23): "وهذا إسناد صحيح".

ج / 1 ص -449- وعن علي بن الحسينرضي الله عنهأنه رأى رجلا يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم...............


أن المراد بالثقة ليست غاية الثقة; لأنه لو بلغ إلى حد الثقة الغاية لكان صحيحا; لأن ثقة الراوي تعود على تحقق الوصفين فيه، وهما: العدالة والضبط، فإذا خف الضبط خفت الثقة، كما إذا خفت العدالة أيضا تخف الثقة فيه. فيجمع بينهما على أن المراد: مطلق الثقة، ولكنه لا شك فيما أرى أنه إذا أعقب قوله: "حسن" بقوله: "رواته ثقات" أنه أعلى مما لو اقتصر على لفظ: "حسن". ومثل هذا ما يعبر به ابن حجر في "تقريب التهذيب" بقوله: "صدوق يهم"، وأحيانا يقول: "صدوق"، وصدوق أقوى; فيكون توثيق الرجل الموصوف بأنّه صدوق أشد من توثيق الرجل الذي يوصف بأنه يهم. لا يقول قائل: إن كلمة يهم لا تزيده ضعفا; لأنه ما من إنسان إلا ويهم. فنقول: هذا لا يصح; لأن قولهم: (يهم) لا يعنون به الوهم الذي لا يخلو منه أحد، ولولا أن هناك غلبة في أوهامه ما وصفوه بها.


قوله: "وعن علي بن الحسين": هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، يسمى بزين العابدين، من أفضل أهل البيت علما وزهدا وفقها. والحسين معروف: ابن فاطمة رضي الله عنها، وأبوه: علي (.


قوله: "يجيء إلى فرجة": هذا الرجل لا شك أنه لم يتكرر مجيئه إلى هذه الفرجة إلا لاعتقاده أن فيها فضلا ومزية، وكونه يظن أن الدعاء عند القبر له مزية فتح باب ووسيلة إلى الشرك، بل جميع العبادات إذا كانت عند القبر; فلا يجوز أن يعتقد أن لها مزية، سواء كانت صلاة أو

ج / 1 ص -450- فيدخل فيها، فيدعو، فنهاه، وقال: ألا أحدثكم حديثا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تتخذوا قبري عيدا، ولا بيوتكم قبورا، وصلوا علي; فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم "........


دعاء أو قراءة، ولهذا نقول: تكره القراءة عند القبر إذا كان الإنسان يعتقد أن القراءة عند القبر أفضل.
قوله: "فنهاه": أي: طلب منه الكف.
قوله: "ألا أحدثكم حديثا": قال: أحدثكم والرجل واحد; لأن الظاهر أنه كان عند أصحابه يحدثهم، فجاء هذا الرجل إلى الفرجة. و"ألا": أداة عرض; أي: أعرض عليكم أن أحدثكم. وفائدتها: تنبيه المخاطب إلى ما يريد أن يحدثه به.
قوله: "عن أبي عن جدي": أبوه: الحسين، وجده: علي بن أبي طالب.
قوله: "عن رسول الله صلى الله عليه وسلم": السند متصل، وفيه عنعنة لكنها لا تضر; لأنها من غير مدلس، فتحمل على السماع.


قوله: "لا تتخذوا قبري عيدا": يقال فيه كما في الحديث السابق: أنه نهى أن يتخذ قبره عيدا يعتاد ويتكرر إليه; لأنه وسيلة إلى الشرك.
قوله: "ولا بيوتكم قبورا": سبق معناه.
قوله: "وصلوا علي; فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم": اللفظ هكذا، وأشك في صحته; لأن قوله: "صلوا علي" يقتضي أن يقال: فإن صلاتكم تبلغني; إلا أن يقال هذا من باب الطي والنشر. والمعنى: صلوا علي وسلموا; فإن تسليمكم وصلاتكم تبلغني، وكأنه ذكر الفعلين والعلتين،

ج / 1 ص -451- رواه في " المختارة1 ".



لكن حذف من الأولى ما دلت عليه الثانية، ومن الثانية ما دلت عليه الأولى.
وقوله: "وصلوا علي": سبق معناها، والمراد: صلوا علي في أي مكان كنتم، ولا حاجة إلى أن تأتوا إلى القبر وتسلموا علي وتصلوا علي عنده.
قوله: "يبلغني": تقدم كيف يبلغه صلى الله عليه وسلم
قوله: "رواه في المختارة": الفاعل مؤلف المختارة، والمختارة: اسم للكتاب; أي: الأحاديث المختارة.


والمؤلف هو عبد الغني المقدسي، من الحنابلة. وما أقل الحديث في الحنابلة، يعني المحدثين، وهذا من أغرب ما يكون، يعني أصحاب الإمام أحمد أقل الناس تحديثا بالنسبة للشافعية. فالحنابلة غلب عليهم رحمهم الله الفقه مع الحديث; فصاروا محدثين وفقهاء، ولكنهم رحمهم الله بشر، فإذا أخذ من هذا العلم صار ذلك زحاما للعلم الآخر، أما الأحناف; فإنهم أخذوا بالفقه، لكن قلت بضاعتهم في الحديث، ولهذا يسمون أصحاب الرأي (يعني: العقل والقياس); لقلة الحديث عندهم، والشافعية أكثر الناس عناية بالحديث والتفسير، والمالكية كذلك، ثم الحنابلة وسط، وأقلهم في ذلك الأحناف مع أن لهم كتبا في الحديث.



1 رواه: البخاري في "التاريخ الكبير, 2/186), وأبو يعلى; كما في "مجمع الزوائد" (4/3). وقال الهيثمي: "وفيه جعفر بن إبراهيم الجعفري, ذكره أبو حاتم ولم يذكر فيه جرحا, وبقية رجاله ثقات". وفيه أيضا علي بن عمر بن الحسين, مستور; كما في "التقريب" (2/41). ورواه أيضا: الضياء في "المختارة"; كما في "اقتضاء الصراط المستقيم" (ص 322).



ج / 1 ص -452- فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية "براءة".
الثانية: إبعاده أمته عن هذا الحمى غاية البعد.
الثالثة: ذكر حرصه علينا ورأفته ورحمته.
الرابعة: نهيه عن زيارة قبره على وجه مخصوص مع أن زيارته من أفضل الأعمال.
الخامسة: نهيه عن الإكثار من الزيارة.


فيه مسائل:
الأولى: تفسير آية براءة. وسبق ذلك في أول الباب.
الثانية: إبعاده صلى الله عليه وسلم أمته عن هذا الحمى غاية البعد: تؤخذ من قوله: " لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا ".
الثالثة: ذكر حرصه علينا ورأفته ورحمته: وهذا مذكور في آية براءة.
الرابعة: نهيه عن زيارة قبره على وجه مخصوص: تؤخذ من قوله:"ولا تجعلوا قبري عيدا" ; فقوله: "عيدا" هذا هو الوجه المخصوص.
وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم من أفضل الأعمال من جنسها; فزيارته فيها سلام عليه، وحقه صلى الله عليه وسلم أعظم من غيره.
وأما من حيث التذكير بالآخرة; فلا فرق بين قبره وقبر غيره.


· الخامسة: نهيه عن الإكثار من الزيارة: تؤخذ من قوله: "لا تجعلوا قبري عيدا"، لكنه لا يلزم منه الإكثار; لأنه قد لا يأتي إلا بعد سنة، ويكون قد اتخذه عيدا; فإن فيه نوعا من الإكثار.

ج / 1 ص -453- السادسة: حثه على النافلة في البيت.
السابعة: أنه مقرر عندهم أنه لا يصلى في المقبرة.
الثامنة: تعليل ذلك بأن صلاة الرجل وسلامه عليه يبلغه وإن بعد; فلا حاجة إلى ما يتوهمه من أراد القرب.
التاسعة: كونه صلى الله عليه وسلم في البرزخ تعرض أعمال أمته في الصلاة والسلام عليه.


السادسة: حثه على النافلة في البيت: تؤخذ من قوله: "ولا تجعلوا بيوتكم قبورا"، وسبق أن فيها معنيين:
المعنى الأول: أن لا يقبر في البيت، وهذا ظاهر الجملة.
والثاني: الذي هو من لازم المعنى أن لا تترك الصلاة فيها.


السابعة: أنه متقرر عندهم أنه لا يصلى في المقبرة: تؤخذ من قوله: "لا تجعلوا بيوتكم قبورا" ; لأن معنى: لا تجعلوها قبورا، أي: لا تتركوا الصلاة فيها على أحد الوجهين; فكأنه من المتقرر عندهم أن المقابر لا يصلى فيها.
الثامنة: تعليل ذلك بأن صلاة الرجل وسلامه عليه يبلغه وإن بعد; فلا حاجة إلى ما يتوهمه من أراد القرب: أي: كونه نهى صلى الله عليه وسلم أن يجعل قبره عيدا، العلة في ذلك: أن الصلاة تبلغه حيث كان الإنسان; فلا حاجة إلى أن يأتي إلى قبره، ولهذا نسلم ونصلي عليه في أي مكان; فيبلغه السلام والصلاة.


ولهذا قال علي بن الحسين: " ما أنت ومن في الأندلس إلا سواء ".
التاسعة: كونه صلى الله عليه وسلم في البرزخ تعرض أعمال أمته في الصلاة والسلام عليه: أي: فقط فكل من صلى عليه أو سلم عرضت عليه صلاته، وتسليمه، ويؤخذ من قوله: " فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم ".





المصدر :

كتاب
القول المفيد على كتاب التوحيد

رابط التحميل المباشر


http://waqfeya.com/book.php?bid=1979



رد مع اقتباس