عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 28-10-2011, 01:02PM
أبو همام فوزي أبو همام فوزي غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
الدولة: لـيـبـيـا
المشاركات: 114
افتراضي تابع

لا نقص فيها بوجه من الوجوه، صدقًا في إخبارها عن الله وعن توحيده وجزائه وصدق رسله في أمور الغيب، عدلاً في أحكامها، وأوامرها كلها عدل وإحسان وخيرات وصلاح وإصلاح، ونواهيها كلها في
غاية الحكمة، تنهى عن الظلم والعدوان والأضرار المتنوعة: )وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ( [المائدة:50]. وهذا استفهام بمعنى النفي المتقرر الذي تقرر حدوثه في العقول والفطر، فما أمر بشيء فقال العقل: ليته نَهى عنه. ولا نَهَى عن شيء فقال العقل: ليته أمر به. لقد أباح هذا الدين كل طيب نافع، وحرَّم كل خبيث ضار: )الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي
التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ( [الأعراف: 157].
فهو الدين الذي يوجه العباد إلى كل أمر نافع لهم في دينهم ودنياهم، ويحذرهم عن كل أمر ضار في دينهم ومعاشهم، ويأمرهم عند اشتباه المصالح والمفاسد والمنافع والمضار بالمشاورة في استخراج
ما ترجحت مصلحته، ودَفْع ما ترجحت مفسدته.
وهو الدين العظيم الشامل الذي أمر بالإيمان بكل كتاب أنزله الله، وبكل رسول أرسله الله: )فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمْ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ[الشورى: 15].
وهو الدين العظيم الذي شهد الرب العظيم بصحته وكماله، وشهد بذلك الكمال من الخلق وخلاصتهم: )
شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ( [آل عمران:18-19].
وهو الدين الذي من اتصف به جمع الله له جمال الظاهر والباطن، وكمال الأخلاق والأعمال: )وَمَنْ أحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ( [النساء: 125]. فلا أحسن ممن هو مخلص لله، محسن
إلى عباد الله، مخلص لله متبع لشريعة الله التي هي أحسن الشرائع، وأعدل المناهج، فانصبغ قلبه بالإخلاص والتوحيد، واستقامت أخلاقه وأعماله على الهداية والتسديد: )صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ( [البقرة: 138].
وهو الدين الذي فتح أهله القائمون به المتصفون بإرشاداته وتعاليمه القلوب بالعلم والإيمان، والأقطار بالعدل والرحمة، والنصح لنوع الإنسان.
وهو الدين الذي أصلح الله به العقائد والأخلاق، وأصلح به الحياة الدنيا والآخرة، وألَّف به القلوب المشتتة، والأهواء المتفرقة.وهو الدين العظيم المحكم غاية الإحكام في أخباره كلها وفي أحكامه، فما أخبر إلا بالصدق والحق،
ولا حَكَمَ إلا بالحق العدل، فلم يأت علم صحيح ينقض شيئًا من أخباره، ولا حُكْم أحسن من أحكامه، أصوله وقواعده وأسسه تساير الزمان السابق واللاحق، فحيثما طبقت المعاملات المتنوعة بين الأفراد والجماعات في كل زمان ومكان على أصوله تم بِهَا القسط والعدل والرحمة والخير والإحسان؛ لأنَّهَا تَنْزيل من حكيم حميد.)الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِير( [هود: 1]. )لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ( [فصلت:42]. )إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ( [الحجر:9].
حافظون لألفاظه عن الزيادة والنقص والتغيير، وحافظون لأحكامه عن الانحراف والنقص، بل هي في أعلى ما يكون من العدل والاستقامة والتيسير.
وهو الدين العظيم الذي يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم، الصدق شعاره، والعدل مداره، والحق قوامه، والرحمة روحه وغايته، والخير قرينه، والصلاح والإصلاح جماله وأعماله، والهدى والرشد زاده.
رد مع اقتباس