عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 17-12-2011, 11:36AM
ماهر بن ظافر القحطاني ماهر بن ظافر القحطاني غير متواجد حالياً
المشرف العام - حفظه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2003
الدولة: جدة - حي المشرفة
المشاركات: 5,146
إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى ماهر بن ظافر القحطاني إرسال رسالة عبر مراسل AIM إلى ماهر بن ظافر القحطاني إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى ماهر بن ظافر القحطاني
افتراضي المنع من الإثم بقولهم لعنة الله على الساعة التي عرفتك وبيان أنها مسبة للدهر

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده أما بعد
فقد انتشر بين كثير من المسلمين لعن الزمان كاليوم والساعة عند المخاصمة أو النقد أو المغاضبة وما ذلك إلا لجهلهم بما رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ بِيَدِي الْأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ
فإن الساعة واليوم والشهر والسنة من الدهر وهو الزمان والذي يسب هذه الأوقات ليس يسب إلا الفاعل وانما الفاعل للأقدار والخير والشر وخلقه وايجاده انما هو الرب سبحانه لاالزمان وهو على وهم أنها مؤثرة فماأن يغضب من زوجة تمردت عليه أو جار ة تعدت على أختها فأساءت أدب الجوار إلا قال وقالت لعنة الله على الساعة التي عرفتها إذا كان في غيبتها أو عرفتك إذا كان أمامها وهذا القول منكر ويجب صاحبه أن يتوب منه مهما كانت نيته
فإذا قصد به أن الزمان يستقل بالتأثير من دون الرحمن فذلك شرك أكبر في الربوبية لأن توحيد الربوبية هو توحيد الله بأفعاله
وإذا قصد أن الله جعله سبب فذلك شرك أصغر لأنه جعل ماليس بسبب أنه سبب وذلك شرك أصغر
وإذا لم يستحضر من ذلك شيء فهو فسق لأنه خروج عن طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التحذير من القول الذي من شأنه أنه أذية لله اذل تكلم به ابن آدم ولاشك أن الأذية هنا ليس لازمها الاضرار لأن الله تعالى قال كما في الحديث القدسي عند مسلم لن تبلغوا ضري فتضروني وانما هو من باب التوسع في الكلام
. قَالَ الْقُرْطُبِيّ : مَعْنَاهُ يُخَاطِبنِي مِنْ الْقَوْل بِمَا يَتَأَذَّى مَنْ يَجُوز فِي حَقّه التَّأَذِّي , وَاَللَّه مُنَزَّه عَنْ أَنْ يَصِل إِلَيْهِ الْأَذَى , وَإِنَّمَا هَذَا مِنْ التَّوَسُّع فِي الْكَلَام . وَالْمُرَاد أَنَّ مَنْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ تَعَرَّضَ لِسَخَطِ اللَّه .
وأما قَوْله : ( وَأَنَا الدَّهْر ) فقَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ أَنَا صَاحِب الدَّهْر وَمُدَبِّر الْأُمُور الَّتِي يَنْسُبُونَهَا إِلَى الدَّهْر , فَمَنْ سَبَّ الدَّهْر مِنْ أَجْل أَنَّهُ فَاعِل هَذِهِ الْأُمُور عَادَ سَبّه إِلَى رَبّه الَّذِي هُوَ فَاعِلهَا , وَإِنَّمَا الدَّهْر زَمَان جُعِلَ ظَرْفًا لِمَوَاقِع الْأُمُور . وَكَانَتْ عَادَتهمْ إِذَا أَصَابَهُمْ مَكْرُوه أَضَافُوهُ إِلَى الدَّهْر فَقَالُوا : بُؤْسًا لِلدَّهْرِ , وَتَبًّا لِلدَّهْرِ . فَكَأَنَّهُ قَالَ : لَا تَسُبُّوا الْفَاعِل فَإِنَّكُمْ إِذَا سَبَبْتُمُوهُ سَبَبْتُمُونِي .

وليس الدهر من أسماء الله تعالى لأن القاعدة في أسماء الله تعالى أنها كلها حسنى بالغة الحسن
فكيف يكون الدهر منها وحينئذ يتبين خطأ من ذهب أن الدهر من أسماء الله
والذي ينبغي لمن ظهرت له مصيبة من تعدي سفيه من جار أو زوجة أو غيرهما أن يصبر ويذكر أن موسى ومن بعده خاتم النبيين أوذي بأشد مايكون من القول فصبر فقالوا عنه آذر وقالوا عن نبينا ساحر كذاب كاهن عياذا بالله فما ضروا إلا أنفسهم
وفي الحديث عند البخاري مرفوعا لاأحد أصبر على أذى سمعه من الله يدعون له ولد وهو يرزقهم ويعافيهم
وليحاسب نفسه فكان بعض السلف يقول إني لأجد أثر معصيتي لربي في خلق زوجتي ودابتي
فليستغفر حتى يرفع عنه البلاء بأذى الناس كما قال تعالى فماأصابكم فبماكسبت أيديكم ويعفو عن كثير
وقال أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم
وكما قال الناظم
نعيب زماننا والعيب فينا وليس لزماننا عيب سوانا
ولذلك نهي عن سب كل ماليس له اختيار في التأثير كالريح والحمى والبرد والحر
فإنها لاتفعل بنفسها بل مدبرها وخالقها ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه فهدى
فلافائدة في سب الزمان إلا الإثم والكفران
__________________
ماهر بن ظافر القحطاني
المشرف العام على مجلة معرفة السنن و الآثار
maher.alqahtany@gmail.com
رد مع اقتباس