عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-06-2012, 12:09PM
ماهر بن ظافر القحطاني ماهر بن ظافر القحطاني غير متواجد حالياً
المشرف العام - حفظه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2003
الدولة: جدة - حي المشرفة
المشاركات: 5,146
إرسال رسالة عبر مراسل ICQ إلى ماهر بن ظافر القحطاني إرسال رسالة عبر مراسل AIM إلى ماهر بن ظافر القحطاني إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى ماهر بن ظافر القحطاني
افتراضي الرد على عبد العزيز الطريفي في نصرته العريفي وجنايته على حديث اسمع وأطع وإن جلد ظهرك

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده، أما بعد: فقد اطلعت على مانطق به عبد العزيز الطريفي في حوار أجرته معه بعض القنوات الفضائية، فوجدته يهون من مسألة الخروج على ولاة الأمر من أئمة المسلمين إن صدر منهم الجور ولم يخرجوا من دائرة الاسلام ويجعل المسأل خلافية، وأن ترك الخروج عليهم وان كان أرجح وهو قول عامة السلف، إلا أن هناك من يخالف فيرى الخروج إن غلب على الظن تغييرهم كابن الزبير والحسين ورواية عن مالك اختارها البعض، فحينئذ يقول لا نصف من يرى الخروج عليهم فيسفك الدماء لجند إمام المسلمين من أصحاب الجور من حملة لا إله إلا الله من أهل الإسلام أنه صاحب هوى إذا كان الحاكم لايظلم فرداً وانما الشعب، ولذلك دافع عن العريفي الذي حرف الكلم عن مواضعه؛ فقال في حديث مسلم (اسمع وأطع وإن جلد ظهرك وأخذ مالك) إنما هو على سبيل الأفراد لا المجتمعات، فلو ظلم فرد بأخذ ماله وجلد ظهره فليصبر فالحديث يتناوله، واما أن يظلم شعبه فلا!! وحينئذ يخرج عليه وتسفك الدماء لتغييره.

وجعل الكلام في هذه المسألة العظيمة من الهون بحيث أن الكلام فيها يشبه الكلام في الخلاف المعتبر والسائغ والذي لاينكر فيه على المخالف كفروع الفقه، أو التي يكون الخلاف فيها قوياًّ.

وأقول في الرد على مجازفته تلك وجناية العريفي على الحديث، وثناء الطريفي على العريفي أنه صاحب دعوة وانه محسن -ولا يصلح أن نصفه وقد حرف الحديث وجنى على السنة-، بل إنه صاحب هوى، والكلام في ذلك من عدة أوجه:

الوجه الأول: أن قول العريفي أن هذا الحديث لايراد به العموم وهو حديث مسلم (اسمع واطع وان جلد ظهرك وأخذ مالك) بل يراد به ظلم الافراد لاالجماعات تحريف للكلم عن مواضعه، فلم يرد الطريفي عليه وينكر قوله بل اعتبر فهمه من جنس اختلاف اكابر الفقهاء في فهم الحديث مع أنه فضلا أنه ليس له سلف في هذا الشطط والفهم السقيم، ليس هو من ذوي العلم المشهود لهم من الاكابر بالمقدرة على الاستنباط والفهم السليم، جرحه شيخنا العلامة صالح الفوزان جرحا مفسرا وفال عنه صاحب هوى، ولايغني عن ذلك تزكية الطريفي له، لأن الطريفي نفسه لم نسمع له تزكية من الاكابر، فإن وجدت فالجرح المفسر مقدم على التعديل المجمل، والحديث على ظاهره هو في الأفراد والمجتمعات، أليس الحجاج الظالم المبير ظلم مجتمعه فقتل علماءه وسفك الدماء وحكم بغير ما أنزل رب الأرض والسماء، فلم يخرج عليه الصحابة المعاصرون له ولو كان هذا الفهم معتبراً لماضيعوه، فأماّ أنس؛ فقد خرج البخاري في صحيحه 6541 - من طريق سُفْيَانُ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنْ الْحَجَّاجِ فَقَالَ اصْبِرُوا فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم يقل اخرجوا والظاهر أنه ظلم المجتمع وليس فردا أو فردين، ففي الحديث هذا والأثر وجوب الصبر على إمام الجور، وليس مع ضرب الظهر واخذ المال، بل مع سفك الدم لان الحجاج كان كذلك ولم يأمر أنس بالخروج عليه ولا ابن عمر أو يحرشا عليه بلسان ولا بسنان، وابن كان يحج معه حينذاك.

الوجه الثاني : أن هناك فرق بين الخلاف المعتبر بين أهل العلم وزلة العالم، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (يهدم الدين ثلاثة..) وذكر زلة العالم وجدال منافق بالقرآن، فزلة العالم تعرف بمخالفة فتواه أو عمله للنص من كل وجه، وهذا متصور حتى من كبار العلماء من مجتهدي السلف، أن يتكلم بفتوى ولا يعرف الحديث الذي خالفه في فتواه، كما قال الشافعي ما من عالم إلا وتعزب عنه سنة، وكما قال ابن تيمية في رسالته معارج الوصول : (وقد ينطق العالم من مجتهدي السلف بالبدعة لحديث ضعيف يظنه صحيحا أو لتأول مرجوح يظنه راجحا)، أو كما قال.

فزلة العالم المخالفة لصريح النصوص وصحيحها أو لاتفاق السلف كمن خالف ابن عباس بغير مخالف في آية المائدة في الحكم (كفر دون كفر) ليست بمعتبره، وقد انكر بن عمر الخروج على الحاكم الجائر المسلم وأمر أنس بالصبر عليه، فمن أخذ بزلة العالم المخالفة للنص الواضح البين مع قول عامة السلف بظاهر النص -كمنع الخروج على أئمة الجور- فهو صاحب هوى، ومن يدافع عن أصحاب الأهواء يلحق بهم كما قرر أئمة السلف.

ولذلك لما كان ابن عباس يفتي بجواز ربا الفضل وهو لم يصله النص في تحريم ذلك، كان من قلده (اليوم) وترك النص -فأجاز الربا- صاحب هوى، وإن كان حبر الأمة قد قال به مع رجوعه عن ذلك رضي الله عنه بعدما تبين له النص.

ولذلك ابن الزبير نفسه -كما عند ابن أبي شيبة- لما علم ان ابن عباس كان يحرم اذا أرسل هديه ولم يكن في حج، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يفعل ذلك كما قالت عائشة، أنكر ذلك وجعلها من قبيل زلة عالم المخالفة للنص والذي يظهر ان ابن عباس اجتهد ولم يبلغه النص في ذينك الواقعتين.

فمن أخذ بزلة العالم وترك النص فهو صاحب الهوى وقد قال بن عبدالبر: (لايحتج بالخلاف الا جاهل)، قال الإمام أحمد: (سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: (من أخذ بمذهب أهل مكة في المتعة -جواز نكاح المرأة ويشترط مدة-، ومذهب أهل المدينة في سماع الأغاني -جواز ذلك- ومذهب أهل الكوفة في جواز شرب النبيذ فهو (فاسق).

وهو بيان لتفسيق الأئمة لمن يأخذ بزلات العلماء المخالفة للنصوص، واعتباره صاحب هوى فاسق، وجد في زلة العالم موافقة لهواه فترك النص وصار مع هواه وشهوته، فلو كان قلبه سليما من الهوى لوقف عند النص ووقف عندما وقف القوم من السلف فانهم عن علم وقفوا، ولايأخذ بمن خالفهم بزلة وان كان في طبقتهم، فإن الله يبتلي عباده بزلة العالم ليرى إياه يطيعون ام أهواءهم باتباع زلة العالم، فيتخوضون وعن العلم يعرضون.

ولذلك روى البخاري في صحيحه 6572 - من طريق ابْنُ أَبِي غَنِيَّةَ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَامَ عَمَّارٌ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ فَذَكَرَ عَائِشَةَ وَذَكَرَ مَسِيرَهَا وَقَالَ إِنَّهَا زَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَكِنَّهَا مِمَّا ابْتُلِيتُمْ، يعني مارأته أمنا عائشة من التعجل بقصاص قتلة عثمان مع ان ولي الامر علي طلب المهلة حتى يستتب الامر ويطالب اولياءه بدمه فقال عمار يقدم النص قول علي المامور بطاعته شرعا لانه ولي امر على مطالبة عائشة وقيامها في هذا الأمر الذي اجتهدت فيه ولكن كما قلنا النص مقدم وهو السمع والطاعة وان جلد ظهرك واخذ مالك .
__________________
ماهر بن ظافر القحطاني
المشرف العام على مجلة معرفة السنن و الآثار
maher.alqahtany@gmail.com
رد مع اقتباس