عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 09-01-2015, 08:26PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم



الملخص في شرح كتاب التوحيد
لفضيله الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان
-حفظه الله ورعاه-


ص -23- باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب

وقول الله تعالى:{الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ}(1) [الأنعام: 82].


مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد:
لما بين في الباب الأول وجوبَ التوحيد ومعناه، بين في هذا الباب فضل التوحيد وآثاره
الحميدة، ونتائجه الجميلة التي منها تكفير الذنوب، لأجل الحث عليه والترغيب فيه.
بابٌ: هو لغةً: المدخل، واصطلاحاً: اسمٌ لجملة من العلم تحته فصول
ومسائل غالباً.
يكفر: التكفير في اللغة: الستر والتغطية. وشرعاً: محو الذنب حتى يصير بمنزلة المعدوم
من الذنوب: (مِن) بيانية وليست للتبعيض، والذنوب: جمع


(1) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما نزلت:
{الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ
إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ}
قلنا: يا رسول الله: أينا لم يظلم نفسه؟ قال: "ليس كما تقولون:
{الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ} بشرك، أولم تسمعوا إلى قول لقمان لابنه:
{
يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}.
أخرجه البخاري برقم (3360) ومسلم برقم (124).

ص -24- ذنب وهو ما تقبح عاقبته.
آمنوا:صدقوا بقلوبهم ونطقوا بألسنتهم، وعملوا بجوارحهم، ورأسُ ذلك التوحيد.
يلبسوا إيمانهم: يخلِطوا توحيدهم.
بظلم: بشرك –والظلم وضع الشيء في غير موضعه- سُمّي الشرك ظلماً لأنه وضعٌ
للعبادة في غير موضعها وصرفٌ لها لغير مستحقها.
الأمن: طمأنينة النفس وزوال الخوف.
مهتدون: أي موفقون للسير على الصراط المستقيم ثابتون عليه

المعنى الإجمالي للآية:
يخبر سبحانه أن الذين أخلصوا العبادة لله وحده لم يخلطوا توحيدهم بشرك هم الآمنون
من المخاوف والمكاره يوم القيامة، المهتدون للسير على الصراط المستقيم في الدنيا.


مناسبة الآية للباب:
أنها دلت على فضل التوحيد وتكفيره للذنوب.

ما يستفاد من الآية:
1- فضل التوحيد وثمرته في الدنيا والآخرة.
2- أن الشرك ظلمٌ مبطلٌ للإيمان بالله إن كان أكبَر، أو منقِص له إن كان أصغر.
3- أن الشرك لا يُغفر.
4- أن الشرك يسبب الخوف في الدنيا والآخرة.

ص -25- عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى
الله عليه وسلم-: "من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله،
وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق والنار حق،
أدخله الله الجنة على ما كان من العمل".
أخرجاه(1).


عبادة بن الصامت: هو عبادة بن الصامت بن قيس الأنصاريّ الخزرجيّ أحد النقباء
بدريٌّ مشهور توفي سنة 34هـ وله 72 سنة.

شهد أن لا إله إلا الله: تكلّم بهذه الكلمة عارفاً لمعناها عاملاً بمقتضاها ظاهراً وباطناً.
لا إله إلا الله: لا معبود بحق إلا الله.
وحده: حالٌ مؤكّد للإثبات.
لا شريك له: تأكيد للنفي.
وأن محمداً: أي وشهد أن محمداً.
عبده: مملوكه وعابده.
ورسوله: مرسله بشريعته.
وأن عيسى: أي وشهد أن عيسى ابن مريم.
عبد الله ورسوله: خلافاً لما يعتقده النصارى أنه الله أو ابن الله أو


(1) أخرجه البخاري برقم (3435) ومسلم برقم (28) والترمذي برقم (2640
وأحمد في مسنده (5/314).

ص -26- ثالث ثلاثة.
وكلمته: أي أنه خلَقه بكلمةٍ وهي قولُه: (كن).
ألقاها إلى مريم: أرسل بها جبريل إليها فنفخ فيها من روحه المخلوقة بإذن الله عز وجل.
وروحٌ: أي أن عيسى عليه السلام روحٌ من الأرواح التي خلقها الله تعالى.
منه: أي منه خلقاً وإيجاداً كقوله تعالى:
{وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ} [الجاثية: 13].
والجنة حق والنار حق: أي شهد أن الجنة والنار اللتين أخبر الله عنهما في كتابه ثابتتان لا شك فيهما.
أدخله الله الجنة:جواب الشرط السابق من قوله: من شهد... الخ.
على ما كان من العمل: يحتمل معنيين:
الأول: أدخله الله الجنة وإن كان مقصِّراً وله ذنوب؛ لأن الموحِّد لا بد له من دخول الجنة.
الثاني: أدخله الله الجنة وتكون منزلته فيها على حسب عمله.
أخرجاه: أي روى هذا الحديث البخاري ومسلم في صحيحيهما اللذين هما أصح
الكتب بعد القرآن.


المعنى الإجمالي للحديث:
أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- يخبرنا مبيناً لنا فضل التوحيد وشرفه: أن من نطق
بالشهادتين عارفاً لمعناهما عاملاً بمقتضاهما ظاهراً وباطناً وتجنب الإفراط والتفريط في
حق النبيين الكريمين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام – فأقرّ لهما بالرسالة

ص -27- وعبوديتهما لله وأنه ليس لهما شيءٌ من خصائص الربوبية –وأيقن بالجنة
والنار أن مآله إلى الجنة وإن صدر منه معاصٍ دون الشرك.

مناسبة الحديث للباب:
أن فيه بياناً لفضل التوحيد، وأنه سبب لدخول الجنة وتكفير الذنوب.

ما يستفاد من الحديث:
1- فضل التوحيد وأن الله يكفر به الذنوب.

2- سعة فضل الله وإحسانه سبحانه وتعالى.
3- وجوب تجنب الإفراط والتفريط في حق الأنبياء والصالحين، فلا نجحد فضلهم
ولا نغلو فيهم فنصرف لهم شيئاً من العبادة، كما يفعل بعض الجهال والضلال.
4- أن عقيدة التوحيد تخالف جميع الملل الكفرية من اليهود والنصارى والوثنيين
والدهريين.
5- أن عصاة الموحدين لا يخلَّدون في النار.

ص -28- ولهما في حديث عتبان:
"
فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله"(1).

عتبان: هو عتبان بن مالك بن عمرو بن العجلان الأنصاري من بني سالم بن عوف صحابي مشهور مات في خلافة معاوية.
ولهما: أي روى البخاري ومسلم في صحيحيهما هذا الحديث بكماله، وهذا طرف منه.
حرم على النار: التحريم: المنع أي منعَ النارَ أن تمسّه.
يبتغي بذلك وجه الله: أي مخلصاً من قلبه ومات على ذلك، ولم يقلْها نفاقاً.


المعنى الإجمالي للحديث:
أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- يخبر خبراً مؤكداً أن من تلفظ بكلمة "لا إله إلا الله"
قاصداً ما تدل عليه من الإخلاص ونفي الشرك عاملاً بذلك ظاهراً وباطناً ومات على
تلك الحال لم تمسه النار يوم القيامة.


مناسبة الحديث للباب:
أن فيه دلالة واضحة على فضل التوحيد وأنه يوجب لمن مات عليه النجاة من النار وتكفير السيئات.


(1) أخرجه البخاري برقم "425" ومسلم برقم "33" وأحمد في مسنده "4/44"، "449/5".


ص -29- ما يستفاد من الحديث:
1- فضل التوحيد وأنه ينقذ من النار ويكفر الخطايا.
2- أنه لا يكفي في الإيمان النطق من غير اعتقاد القلب كحال المنافقين.
3- أنه لا يكفي في الإيمان الاعتقاد من غير نطق. كحال الجاحدين.
4- تحريم النار على أهل التوحيد الكامل.
5- أن العمل لا ينفع إلا إذا كان خالصاً لوجه الله وصواباً على سنة رسول الله
–صلى الله عليه وسلم-.
6- أن من قال لا إله إلا الله وهو يدعو غير الله لم تنفعه كحال عباد القبور اليوم
يقولون لا إله إلا الله وهم يدعون الموتى ويتقربون إليهم.
7- إثبات الوجه لله تعالى على ما يليق بجلاله وعظمته.

ص -30- وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله
عليه وسلم- قال: "قال موسى: يا رب علِّمني شيئاً أذكرك وأدعوك به، قال: قل
يا موسى: لا إله إلا الله. قال: يا رب كل عبادك يقولون هذا. قال: يا موسى لو أن السماوات
السبع وعامرَهن غيري والأرَضين السبع في كِفَّة، ولا إله الله في كفة مالت بهن لا إله الله"
رواه ابن حبان والحاكم وصححه(1).

أبو سعيد الخدري: هو أبو سعيد الخدري سعد بن مالك بن سنان الخزرجيّ الأنصاريّ
الخدريّ نسبة إلى بني خدرة، صحابي جليل وابن صحابي روى عن النبي –صلى الله
عليه وسلم- أحاديث كثيرة مات سنة 74هـ.

موسى: هو موسى بن عمران رسول الله إلى بني إسرائيل وكليم الرحمن.
أذكرك: أثني عليك وأحمدك به.
وأدعوك به: أتوسل به إليك إذا دعوتك.
يقولون هذا: أي هذه الكلمة.
وعامرُهن غيري: من فيهن من العمار غير الله.
في كفة: أي لو وُضعت هذه المخلوقات في كفة من كفّتي الميزان ووُضعت هذه الكلمة في الكِفة الأخرى.


(1) أخرجه ابن حبان برقم (2324)، والحاكم في المستدرك (1/528) والنسائي في
عمل اليوم والليلة برقم (834، 1141) وصححه ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/82): رواه أبو يعلى ورجاله وُثِّقوا وفيهم ضعف.

ص -31- مالت بهن: رَجَحَت عليهن.

المعنى الإجمالي للحديث:
أن موسى عليه الصلاة والسلام طلب من ربه عز وجل أن يعلمه ذِكراً يثني عليه به
ويتوسل إليه به، فأرشده الله أن يقول: لا إله إلا الله فأدرك موسى أن هذه الكلمة كثيرٌ
ذكرها على ألسنة الخلق، وهو إنما يريد أن يخصه بذكر يمتاز به عن غيره، فبين الله عظم
فضل هذا الذكر الذي أرشده إليه، وأنه لا شيء يعادله في الفضل.

مناسبة الحديث للباب:
أن فيه بيانَ فضل كلمة التوحيد، وأنه لا شيء يعادلها في الفضيلة.

ما يستفاد من الحديث:
1- عظم فضل لا إله إلا الله، لما تتضمنه من التوحيد والإخلاص.

2- فضل موسى عليه السلام وحرصه على التقرّب إلى الله.
3- أن العبادة لا تكون إلا بما شرعه الله وليس للإنسان أن يبتدع فيها من عند نفسه،
لأن موسى طلب من ربه أن يعلمه ما يذكره به.
4- أن ما اشتدت الحاجة والضرورة إليه كان أكثر وجوداً، فإنَّ لا إله إلا الله لمَّا
كان العالَم مضطراً إليها كانت أكثر الأذكار وجوداً وأيسرها حصولاً.
5- أن الله فوق السماوات لقوله: "وعامرهن غيري".
6- أنه لا بد في الذكر بهذه الكلمة من التلفظ بها كلها، ولا يقتصر على لفظ
الجلالة (الله) كما يفعله بعض الجهّال.
7- إثبات ميزان الأعمال وأنه حق.
8- أن الأنبياء يحتاجون إلى التنبيه على فضل لا إله إلا الله.
9- أن الأرَضين سبعٌ كالسماوات.

ص -32- وللترمذي وحسنه
عن أنس -رضي الله عنه- سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "قال
الله تعالى؛ يا ابن آدم، لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك
بقرابها مغفرة"
(1).

أنس: هو أنس بن مالك بن النضر الأنصاري الخزرجيّ خادم رسول الله، صلى الله
عليه وسلم خدمه عشر سنين، وقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: "اللهم أكثِر ما له
وولده وأدخله الجنة" مات سنة 92هـ وقيل سنة 93هـ وقد جاوز المائة.


وللترمذي وحسّنه: أي وروى الترمذي في سننه الحديث المذكور، وحسّن إسناده.
قُراب: بضم القاف وقيل بكسرها، والضم أشهر: وهو ملؤها أو ما يقارب ملأها.
ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً: أي ثم مُتَّ حال كونك سالماً من الشرك، وهذا شرط في الوعد بحصول المغفرة.
مغفرة: الغفر: الستر، وشرعاً: تجاوز الله عن خطايا وذنوب عباده.

1- المعنى الإجمالي للحديث:
يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل أنه


(1) أخرجه الترمذي برقم (3534) والدارمي برقم (2791) وأحمد (5/172)
وحسنه الترمذي.


ص -33- يخاطب عباده ويبين لهم سعة فضله، ورحمته، وأنه يغفر الذنوب مهما
كثُرت ما دامت دون الشرك، وهذا الحديث مثل قوله تعالى:
{إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء}
[النساء: 48].

مناسبة الحديث للباب:
أن فيه دليلاً على كثرة ثواب التوحيد، وأنه يكفر الذنوب مهما كثُرت.

ما يستفاد من الحديث:
1- فضل التوحيد وكثرة ثوابه.

2- سعة فضل الله وجوده ورحمته وعفوه.
3- الرد على الخوارج الذين يكفرون مرتكب الكبيرة التي هي دون الشرك.
4- إثبات الكلام لله عز وجل على ما يليق بجلاله.
5- إثبات البعث والحساب والجزاء.



المصدر :


http://ia600304.us.archive.org/34/it...mskt2/mskt.pdf




التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 10-01-2015 الساعة 01:49PM
رد مع اقتباس