عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 19-01-2015, 12:55AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم



إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد

كتاب التوحيد

/ 1 ص -42- عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار، فقال لي: "يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟"، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: "حق الله على العباد: أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله: أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً"، قلت: أفلا أبشّر الناس؟، قال: "لا تبشرهم فَيَتَّكِلُوا" أخرجاه في الصحيحين.


فقول ابن مسعود رضي الله عنه: "من أراد أن ينظر إلى وصية محمد صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه" يعني: التي تعوِّض عن هذه الكتابة التي هَمّ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
"فليقرأ هذه الآيات" لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يوصي إلاَّ بكتاب الله، وأيضاً الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "إني تاركٌ فيكم ما إنْ تمسَّكْتم به لن تضلوا من بعدي: كتاب الله وسنتي".


فالحمد لله، عندنا ما أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم، لأنه أوصانا باتّباع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
ثم ساق الشيخ رحمه الله حديث معاذ والكلام عليه أن نقول:
في هذا الحديث العظيم: فضيلة لمعاذ رضي الله عنه، وفضائله كثيرة، وهو معاذ بن جبل الخَزْرَجي الأنصاري، أحد أَوْعِيَة العلم، وأعلم هذه الأمة بالحلال والحرام، وقد استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على مكة لما فتحها قاضياً ومعلِّماً، ثم أرسله- أيضاً- في السنة التاسعة أو العاشرة إلى اليمن قاضياً ومعلِّماً- كما سيأتي-، ثم جاء من اليمن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فأرسله عمر إلى الشام قاضياً ومعلِّماً، وتوفي هناك- رضي الله تعالى عنه- في الشام في طاعون عُمْوَاس المشهور.


قوله: "قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم"، يعني: راكباً معه.
"على حمار" هذا فيه: تواضع النبي صلى الله عليه وسلم وأنه يركب الحمار، مع أنه أشرف الخلق على الإطلاق، وتواضعه- أيضاً- صلى الله عليه وسلم في إرداف صاحبه معه، وفيه: جواز الإرداف على الدّابّة إذا كانت تُطيق ذلك، ولا يشق عليها.

"فقال لي: يا معاذ" أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمه هذا الحكم العظيم، ولكنه صلى الله عليه وسلمج / 1 ص -43- أراد أن يُلْقِيَه إليه بطريقة السؤال والجواب، ليكون ذلك أَدْعى إلى الانتباه والاهتمام، فإن التعليم عن طريق السؤال والجواب من أعظم الطرق الناجحة في تعليم العلم، لأنك لما تسأل الطالب عن شيء يجهله ثم يتطلع إلى الجواب، أحسن من أن تلقي إليه المسألة ابتداءً، وهو على غير انتباه واستعداد لاستقبالها، وهذه طريقة من طرق التعليم، وهي طريقة نبويّة، استعملها النبي صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحوال.


"أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله" هذه مسألة عظيمة.
قال معاذ: "قلت: الله ورسوله أعلم" هذا فيه: تأدب طالب العلم في أنه إذا سُئل عن شيء وهو لا يعرفه، أن يقول: الله ورسوله أعلم، ولا يدخل ويَتَخَرَّص في شيء لا يعرفه، بل يَكِلُ العلم إلى عالِمه، هذه- أيضاً- من طرق التعلُّم الناجحة، هي: أن الإنسان إذا سُئل عن علم لا يعلمه أو عن مسألة وهو لا يعرفها، لا يحمله الأنفة بأن لا يقول: لا أدري، بل يقول: لا أدري، أو يقول: الله أعلم، ولا غَضَاضة عليه في ذلك، بل هذا يدل على فضله وورعه وأدبه مع الله سبحانه وتعالى، وأدبه مع المعلم.


وقد سُئل الإمام مالك عن أربعين مسألة، فأجاب عن أربع مسائل منها، وقال عن البقيّة: لا أدري، فقال السائل: جئتك من بلاد كذا وكذا أسألك عن مسائل، وتقول لا أدري؟ فقال له: اركب راحلتك واذهب إلى البلد الذي جئت منه، وقل: سألت مالكاً وقال: لا أدري. هكذا أدب العلماء.


وهذا معاذ رضي الله عنه يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: "الله ورسوله أعلم"، ففي هذا: رَدُّ العلم إلى عالمه، وعدم تدخُّل الإنسان في شيء وهو لا يدري عن حكمه، والله- تعالى- يقول: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}، ويقول سبحانه وتعالى لما ذكر المحرّمات في قوله: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}، ختمها بقوله: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} وقال: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(144)}، والآيات والأحاديث في هذا كثيرة، فمن يريد النجاة لنفسه، ويريد السلامة، وأيضاً يريد السلامة للناس؛ فإنه لا يتدخل في شيء لا يعرفه،
ج / 1 ص -44- لأنه يُوَرَّطُ نفسه، ويُوَرِّطُ الآخرين معه، لأنه إذا أجاب بخطأ ضلّل الناس {لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ}، فهذه مسألة عظيمة، يجب علينا أن نتعقّلها، وأن الإنسان لا يتسرّع في الإجابة عن شيء، إلاَّ إذا كان يعلمه تماماً، وإلاَّ فليقف على شاطئ السلامة، ولا يدخل في لِجَّة البحر وهو لا يُحسن السباحة.



"قلت: الله ورسوله أعلم" هذا يُقال في حياة النبي صلى الله عليه وسلم: الله ورسوله أعلم، أما بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يقال: الله أعلم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد انتقل من هذه الدار إلى الرّفيق الأعلى إلى الدار الآخرة، فيُوكل العلم إلى الله سبحانه وتعالى لأن الله سبحانه وتعالى أعطى رسوله علماً عظيماً {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً}، فالرسول صلى الله عليه وسلم عنده علم عظيم من الله، ويجيب في حياته، ولكن بعد وفاته قد بلّغ البلاغ المُبين صلى الله عليه وسلم وأنهى مهمّته ورسالته، وانتقل إلى ربه عز وجل، فلا يجيب في مسألة.،

فلما تهيّأ معاذ للجواب وتنبّه وتطلع؛ ألقى عليه النبي صلى الله عليه وسلم الجواب، فقال: "حق الله على العباد: أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً" هذا هو حق الله سبحانه وتعالى على عباده، من أولهم إلى آخرهم، كما في الآية التي في مطلع الباب:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ(56)}، هذا هو حق الله على العباد، وهو أول الحقوق، وآكد الحقوق، لأن الإنسان منّا عليه حقوق، أعظمها: حق الله، ثم حق الوالدين، ثم حق الأقارب،


ثم حق اليتامى والمساكين والجيران والمماليك، كما في قوله- تعالى-: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} فهذه عشرة حقوق، ذكرها الله- سبحانه- في هذه الآية، أولها: حق الله سبحانه وتعالى وكما في الآيات في سورة الإسراء التي ذكر الله فيها خمسة عشر حقًّا، أولها: حق الله في قوله- تعالى-: {وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ}، ثم جاء بحق الوالدين {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا}، إلى قوله: {ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ}، ختم الآيات بما بدأها به وهو حق الله على عباده أن يعبدوه، ولا يكفي هذا، أن يعبدوه، بل ولا يشركوا به شيئاً، لأن العبادة لا تكون عبادة إلاَّ إذا خَلَصَتْ من الشرك، أما إذا خالطها شرك فإنها

ج / 1 ص -45- لا تكون عبادة لله، كما قال- تعالى-: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً}، لأن الشرك يُبطل العبادة، ويُبطل سائر الأعمال، ولا يصحُّ معه عمل، مهما كلّف الإنسان نفسه بالعبادات، إذا كان عنده شيء من الشرك الأكبر فإن عبادته تكون هباءً منثوراً: {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً}، قال- تعالى-:{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ(66)}، وقال- تعالى- لما ذكر الأنبياء في سورة الأنعام: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ} إلى آخر الأنبياء الذين ذكرهم الله،


قال- جلَّ وعلا-: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، فالشرك يُحبط الأعمال، ولهذا كثيراً ما يأتي الأمر بالعبادة مقروناً بالنهي عن الشرك: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} "أن يعبدوه ولا يُشركوا به شيئاً"، وهذا هو معنى لا إله إلاَّ الله، لأن لا إله إلاَّ الله تشتمل على النفي وعلى الإثبات، النفي: نفى الشرك، والإثبات: إثبات التّوحيد.


"أن يعبدوه" والعبادة- أيضاً- كما أنها لا تكون عبادة إلاَّ مع التّوحيد، كذلك لا تكون عبادة إلاَّ إذا كانت موافقة لما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم،


فالعبادة وسائر الأعمال لا تصح إلاَّ بشرطين:
الشرط الأول: الإخلاص لله عز وجل.
الشرط الثاني: المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم.
فلو أن الإنسان جاء بعبادات مُحْدَثة ليس فيها شرك أبداً كلها خالصة لله، ولكنها ليست من شريعة النبي صلى الله عليه وسلم، فهي بدع مردودة لا تُقبل، قال صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رَدْ" وفي رواية: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رَدْ"، فالعبادة لا تكون عبادة إلاَّ بشرطين: الإخلاص لله عز وجل، والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا هو معنى الشهادتين: شهادة أن لا إله إلاَّ الله، فمعناها: الإخلاص لله عز وجل، وشهادة أن محمداً رسول الله ومعناها: المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، فالعبادات لا يصلح أن يكون فيها شيء من الاستحسانات البشريّة، أو استدراكات العقول، أو غير ذلك، مهما حسُنت نية الفاعل ما دام أنه بدعة: فلو أن إنساناً- مثلاً- قال: الصلوات خمس،


ج / 1 ص -46- أنا أريد زيادة خير، أصَلِّي فريضة سادسة، زيادة خير، نقول: لا، هذا باطل، لأن هذا شيء لم يَشْرعه الله ولا رسوله، وإن كان قصدك حسناً، فهو عمل مردود وباطل، ولهذا لما جاء ثلاثة نفر من الصحابة إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم من أجل أن يقتدوا به، فذكر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لهؤلاء الرَّهْط عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فكأنهم تقالُّوها، ولكن اعتذروا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر، وقالوا: أين نحن من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فقال أحدهم: أنا أصلي ولا أنام، وقال الآخر: أنا لا أتزوج النساء- يعني: يريد التَّبَتُّل -، وقال الثالث: أنا أصوم ولا أُفطر،- وفي رواية: ولا آكل اللحم-، فلما بلغ ذلك رسول الله غضب غضباً شديداً، وقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأعلمكم بالله وأتقاكم له وأخشاكم له، وإني أصلي وأنام، وأصوم وأُفطر، وأتزوج النساء، ومن رغب عن سنتي فليس مني"، وهكذا، فالعبادة لابد أن تكون مطابقة لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيها بدع، ولا خرافات، ولا محدثات، ولا استحسانات للعقول، أو اقتداء بفلان أو علاَّن، ما دام أن هذا المُقتدى به ليس متبعاً للرسول صلى الله عليه وسلم فليس بقدوة، هذه هي العبادة،


ولهذا يقول العلامة ابن القيّم رحمه الله في "النونية":

حق الإله عبادة بالأمر لا بهوى النفوس فذاك للشيطان
حق الإله عبادة بالأمر، يعني: بالشرع، فالأمر المراد به: الشرع؛ فلا تحدث شيئاً من عندك.

لا بهوى النفوس فذاك للشيطان، فالذي يعبد الله باستحسان عقله، وشهوة نفسه بشيء لم يَشرعه الرسول صلى الله عليه وسلم ليس عابداً لله، وإنما هو عابد للشيطان، لأنه هو الذي أمره بذلك، فالشيطان يأمر بالبدع والخرافات.


وقال في موضع آخر:

وعبادة الرحمن غاية حُبّه مع ذُلِّ عابده هما قُطْبان
وعليهما فَلَك العبادة دائر ما دار حتى قامت القُطْبان
ومداره بالأمر أمر رسوله لا بالهوى والنفس والشيطان

ج / 1 ص -47- هكذا تكون العبادة، لابد أن تكون العبادة خالصة لوجه الله عز وجل، ليس فيها شرك، وأن تكون- أيضاً- على وفق ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم تماماً ليس فيها بدعة.


"وحق العباد على الله: أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً"، هذا الحق للعباد على الله ليس بحق واجب على الله، وإنما هو تفضُّل منه سبحانه وتعالى، لأن الله لا يجب عليه حق لأحد، ولا أحد يوجب على الله شيئاً، كما هو مذهب المعتزلة، فهم الذين يرون أن الله يجب عليه أن يعمل كذا، يوجبون على الله بعقولهم، أما أهل السنة والجماعة فيقولون: الله سبحانه وتعالى ليس عليه حق واجب لخلقه، وإنما هو شيء تفضَّل به- سبحانه- وتكرَّم به، كما قال- تعالى-: {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}، هذا حق تفضل به،

ونظم ذلك الشاعر بقوله:

ما للعباد عليه حق وجب كلا ولا سعي لديه ضائع
إن عُذِّبوا فبعد له أو نُعِّموا فبفضله وهو الكريم الواسع

فمعنى "حق العباد على الله" يعني: الحق الذي تفضل الله- تعالى- به، وأوجبه على نفسه، من دون أن يوجبه عليه أحد من خلقه، بل هو الذي أوجبه على نفسه، تكرّماً منه بموجب وعده الكريم الذي لا يُخلفه- سبحانه- {وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ}.


"أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً" فدلّ هذا على أن من سَلِم من الشرك الأكبر والأصغر فإنه يسلم من العذاب، وهذا إذا جَمعته مع النصوص الأخرى التي جاءت بالوعيد على العُصاة والفسقة، فإنك تقول: العُصاة من الموحّدين الذين لم يشركوا بالله شيئاً، ولكن عندهم ذنوب دون الشرك من سرقة، أو زنا، أو شرب خمر، أو غيبة، أو نميمة أو، إلى آخره، فهذه ذنوب يستحق أصحابها العذاب، ولكن هي تحت مشيئة الله إن شاء الله غفر لهم من دون عذاب وأدخلهم الجنة، وإن شاء عذبهم بقدر ذنوبهم، ثم يخرجهم بتوحيدهم، ويدخلهم الجنة، فالموحّدون مآلهم إلى الجنة، إما ابتداءً وإما انتهاءً، وقد جاء في الأحاديث أنه يُخرج من النار من في قلبه أدنى مثقال حبة من خردل من إيمان، ويُخرج من النار أُناس كالفحم، قد
ج / 1 ص -48- امتحشوا، ثم يُنبت الله أجسامهم بأن يُلقوا في نهر على باب الجنة، يُقال له نهر الحياة، فتنبت أجسامهم، ثم يدخلون الجنة، ويُخَلَّدون فيها، فأهل التّوحيد مآلهم إلى الجنة، حتى ولو عذبوا في النار فإنهم لا يخلدون فيها وذلك بسبب التّوحيد، أما الكفار والمشركون والمنافقون النفاق الأكبر، فهؤلاء مآهلم النار خالدين مخلَّدين فيها، لا يدخلون الجنة أبداً {لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ}.


فقوله صلى الله عليه وسلم: "أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً" هذا وعد من الله سبحانه وتعالى؛ إن شاء غفر هذه الذنوب، وإن شاء عذب أصحابها، ثم يدخلهم الجنة بعد ذلك، وقد يخرجهم الله من النار بشفاعة الشافعين، وقد يخرجهم برحمته سبحانه وتعالى، فحتى ولو عذَّبوا مآلهم إلى الجنة {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}، فالتّوحيد يَعصم من الخلود في النار، وإذا كان التّوحيد كاملاً فإنه يَعصم من دخول النار أصلاً، وإذا كان ناقصاً فإنه يَعصم من الخلود فيها، ولا يعصم من الدخول فيها، وإنما يَعصم من الخلود فيها، كما قال- تعالى- لما ذكر مناظرة إبراهيم الخليل عليه السلام مع عَبَدَة الأصنام قال: {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ}، المؤمنون أو المشركون، {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} قال الله- تعالى-: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}،


هؤلاء هم أهل التّوحيد، {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} يعني: بشرك، ولهذا لما نزلت هذه الآية شقَّتْ على الصحابة وقالوا: أيُّنا لم يظلم نفسه؟، فقال صلى الله عليه وسلم: "ليس الذي تَعْنُون، إنه الشرك، ألم تسمعوا قول العبد الصالح:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}، فالمراد بالظلم هنا: الشرك، فالذين سلِموا من الشرك لهم الأمن، إما الأمن المطلق، وإما مطلق الأمن، والأمن المطلق هو الذي ليس معه عذاب، وأما مطلق الأمن فهذا الذي قد يكون معه شيء من العذاب على حسب الذنوب، فالحاصل: أن أهل التّوحيد لهم الأمن بلا شك، ولكن قد يكون أمناً مطلقاً، وقد يكون مطلق أمنٍ، هذا هو الجواب الصحيح عن هذه المسألة.


بخلاف مذهب الخوارج والمعتزلة، فعندهم أن أصحاب الكبائر مخلّدون في

ج / 1 ص -49- النار- والعياذ بالله، من هذا المذهب الباطل، فعندهم أن متى دخل النار لا يخرج منها بزعمهم، ويغالطون النصوص الصحيحة من الكتاب والسنة التي تدل على أن أهل التّوحيد ولو كان عندهم ذنوب ومعاص فإنهم لا يخلدون في النار، قال الله سبحانه وتعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} يعني: هذه الأمة، والمراد بالكتاب: القرآن، {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ(32) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا}، انظروا كيف ذكر الظالم لنفسه مع المقتصد ومع السابق بالخيرات، ووعدهم جميعاً بالجنة: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ(33) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ(34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ(35)}، ذكر منهم الظالم لنفسه- بل بدأ به-؛ مما يدل على أن أهل التّوحيد يرجى لهم الخير، ويرجى لهم دخول الجنة، ولو كان عندهم ذنوب كبائر دون الشرك.


وسيأتي في الأحاديث: "من مات وهو يشرك بالله شيئاً دخل النار،. ومن مات وهو لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة"، "إن الله حرم على النار من قال لا إله إلاَّ الله يبتغي بذلك وجه الله"، إلى كير ذلك من الأحاديث التي فيها أن التّوحيد يعصم من دخول النار، أو يعصم من الخلود فيها، وسيأتي باب مستقل في هذا الكتاب المبارك اسمه "باب فضل التّوحيد وما يكفِّر من الذنوب".


ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "حق العباد على الله: أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً" فمعاذ الله استبشر بهذا الحديث الشريف، وفرح به غاية الفرح، وقال: يا رسول الله ألا أبشر الناس؟، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تبشرهم فيَتَّكِلُوا"، يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم خشي إذا سمعه الناس فإنهم يتّكِلون على جانب الرجاء ويتساهلون في المعاصي، ويقولون: ما دمنا موحّدين فالمعاصي لا تضرنا، لأن الرسول يقول: "أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً"، ونحن والحمد لله لسنا مشركين، ونحن لا نعبد إلاَّ الله، فيتساهلون في المعاصي، فيغلِّبون جانب الرجاء على جانب الخوف، فهذا من

ج / 1 ص -50- الحكمة؛ أن العلم لا يوضع إلاَّ في مواضعه، فإذا خيف من إلقاء المسائل على بعض الناس محذور أكبر، فإنهم تُكتم عنهم بعض المسائل من أجل الشفقة بهم، ورحمتهم من الوقوع في المحذور، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بكتمان هذا النوع من العلم عن عامة الناس،


وأخبر به معاذاً، لأن معاذاً من الجهابذة، ومن خواص العلماء، فدلَّ على أنه يجوز كتمان العلم للمصلحة، إذا كان يترتب على إيضاح بعض المسائل للناس محذور: بأن يفهموا خطأً، أو يَتَّكِلوا على ما سمعوا، فإنهم لا يُخبَرون بذلك، وإنما تلقى هذه المسائل على خواص العلماء الذين لا يُخشى منهم الوقوع في المحذور، فأخذ العلماء من هذا الحديث جواز كتمان العلم للمصلحة، وإنما أخبر معاذ رضي الله عنه بهذا الحديث عند وفاته، خشية أن يموت وعنده شيء من الأحاديث لم يبلِّغه للناس، كما في حديث علي رضي الله عنه: "حدِثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذَّب الله ورسوله"، يعني: لا يُلقى على كل الناس بعض المسائل التي فيها أمور يَخفى عليهم معناها، أو تشوِّش عليهم، وإنما يُلقى على الناس ما يفهمونه، ويستفيدون منه، أما نوادر المسائل، وخواص المسائل، فهذه تلقى على طلبة العلم، والمتفقهين المتمكِّنين، وهذا من الحكمة ووضع الشيء في موضعه، لمّا تكون أمام عُصاة يشربون الخمور، ويزنون، ويسرقون، وتقول: الله غفور رحيم، الله قريب مجيب، الله سبحانه وتعالى يغفر ويسمح، فيزيدون في الشرور، لكن حين تقول لهم: اتقوا الله، الله سبحانه وتعالى توعّد الزناة بالعذاب وتوعّد على السرقة، وعلى المعاصي بالعذاب الشديد، فتذكر لهم نصوص الوعيد، من أجل التوبة، ولو أتيت عند متمسِّكين وطيبين فذكرت لهم آيات الوعيد، فهذا ربما يزيدهم وسواساً، أو تشدّداً، فأنت تذكر لهم آيات التيسير، وأحاديث التيسير، والتسهيل، والرحمة، الفرج، إلى غير ذلك، من أجل أن لا يزيدوا ويشتدوا ويغلوا، فكل مقام له مقال، وتوضع الأمور في مواضعها، هذا هو الميزان الصحيح، والناس ليسوا على حد سواء، كل يخاطب بما يستفيد منه ولا يتضرر به، فلا تأتي بآيات الوعد والرجاء عند المتساهلين، ولا تأتي بآيات الوعيد عند المتشددّين، بل تكون كالطبيب تضع الدواء في موضعه المناسب، هكذا يكون طالب العلم، إذا كانت هناك أمور غامضة،


ج / 1 ص -51- لا يعرفها العوام، ولا تتسع لها عقولهم، من المسائل العلمية، فلا تُلقى على العوام، وإنما تُلقى على طلبة العلم، وعلى الناس الذين يستوعبونها، ولهذا يقول ابن مسعود: "ما أنت بمحدث قوماً بحديث لا تبلغه عقولهم إلاَّ كان لبعضهم فتنة" وقال علي رضي الله عنه: "حدثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله".


فالحاصل؛ أن طالب العلم والواعظ والمعلم يجب عليه أن يراعي أحوال الحاضرين وأحوال الناس، ويعطيهم ما يحتاجون إليه من المسائل، ولا يُلقى عليهم المسائل الغريبة التي لم يتوصلوا إليها، فلو أتيت عند طلبة علم مبتدئين، فلا تلق عليهم غرائب المسائل التي لا يعرفها إلاَّ الراسخون في العلم، بل تعلمهم مبادئ مبسطة سهلة يتدرّجون بها شيئاً فشيئاً، لا تطلب من طالب مبتدئ أن يقرأ في "صحيح البخاري"، لأنه لم يصل إلى هذا الحد لكن لَقِّنه "الأربعين النووية"، والأحاديث القريبة، وشروط الصلاة، وأحكام الطهارة، إلى آخره، وإنسان مبتدئ بعلم العربية، لا تأمره بقراءة كتاب سيبويه؟، لكن تأمره بقراءة "الأجرُّوميَّة"، ومسائل مبسطة، يدخل بها على اللغة العربية والنحو، شيئاً فشيئاً، ولذلك ألف العلماء المختصرات والمتوسطات والمطوّلات، من أجل إن طالب العلم يمشي مراحل، شيئاً فشيئاً، الحاصل: أن كل شيء له شيء، وكل مقام له مقال.


وقوله رحمه الله: "أخرجاه في الصحيحين" أخرجه البخاري: محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه "الجامع الصحيح"، الذي هو أصح كتاب عند المسلمين بعد كتاب الله عز وجل، وبالمنزلة الأولى من كتب السنة، ثم يليه "صحيح الإمام مسلم"رحمه الله، فالصحيحان: "صحيح البخاري" و "صحيح مسلم" هما أعلى شيء في كتب السنّة، وأصح الأحاديث ما اتفق عليه البخاري ومسلم، ثم ما رواه البخاري، ثم ما رواه مسلم، ثم بقية الأحاديث، لأن هناك صحاحاً غير الصحيحين: مثل: "صحيح ابن خزيمة"، وهذا يُثني عليه أهل العلم، و"صحيح الحاكم"، و"صحيح ابن حبّان"، وهذه يشترط أهلها الصحة، ولكن تصحيحهم دون تصحيح الإمامين البخاري ومسلم.



ج / 1 ص -52- فهذا الباب اشتمل على فوائد عظيمة:
الفائدة الأولى:
بيان تفسير التّوحيد، وأنه عبادة الله وحده لا شريك له، هذا هو التّوحيد، لأن كل الآيات التي في الباب تأمر بالعبادة وتنهى عن الشرك: "{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ(56)} {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}، {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ}، {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً}، فهذه الآيات تفسر التّوحيد بأنه العبادة.


الفائدة الثانية: أن الرسل بعثوا بالدعوة إلى توحيد العبادة، لا بالدعوة إلى توحيد الربوبية، فليس هناك آية واحدة قالت أقروا بالربوبية، أو أَقِرُّوا أن الله هو الخالق الرازق، لماذا؟، لأن هذا موجود في الناس. فهم مقرُّون بأن الله هو الخالق، الرازق، المحيي، المميت، المدبّر، فتوحيد الرُّبوبية موجود في غالب البشر، لأن الفِطَر تقتضيه، لأن العاقل من الناس يعلم أن هذا الخلق لابد له من خالق: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ(35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ(36)}، {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ(17)}، فالآيات ما جاء تطالب الناس بالإقرار بتوحيد الرّبوبية، لأن هذا موجود، والإقرار به لا يكفي في الدخول في الإسلام، وإنما جاءت كلها على نَسَق واحد تأمر بالعبادة، وإنما تذكر توحيد الربوبية للاستدلال به على توحيد الألوهية.


الفائدة الثالثة: في قوله: "{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ(56)}" هذه الآية فيها: أن الحكمة من خلق الجن والإنس هي عبادة الله سبحانه وتعالى، الآية الثانية: "{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}" فيها: أن الرسل كلهم من أولهم إلى آخرهم جاءوا بالأمر بعبادة الله، وترك عبادة ما سواه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}، فدلّ على أن التّوحيد هو الذي بُعثت به الرسل، كما أنه هو الذي خلق الخلق من أجله.


الفائدة الرابعة: أن العبادة لا تنفع مع الشرك، فمن أشرك بالله شيئاً فإنه لم

ج / 1 ص -53- يُؤَذِّ حق الله سبحانه وتعالى، فالذي لا يَعبد الله مطلقاً كالملاحدة، وكذلك الذي يعبد الله مع الشرك، كلهم سواء، الملحد والمشرك، إنما الذي يعبد الله حقاً هو الذي يعبده ولا يشرك به شيئاً، هذا هو الذي يعبد الله حق عبادته وهو الذي تنفعه عبادته.




المصدر :

كتاب :
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد

رابط تحميل الكتاب

http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/.../mostafeed.pdf


رد مع اقتباس